رفضت محكمة فيدرالية أمريكية، أمس الثلاثاء، دعوى قضائية ضد الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، بشأن مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي كان يعيش في ولاية فيرجينيا بالولايات المتحدة.

ووفق ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية/ The New York Times، فقد جاء قرار المحكمة بالرفض، بعد أن قررت وزارة الخارجية الأمريكية أن الأمير “يتمتع بالحصانة بصفته رئيس دولة”.

في سبتمبر/ أيلول الماضي عين الملك سلمان ابنه رئيسًا للوزراء ليضفي الطابع الرسمي على دوره كحاكم للمملكة

ووصفت الدعوى المرفوعة نيابة عن خطيبة الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، خديجة جنكيز، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بأنه “المتهم الأبرز”. فيما قُتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين، أثناء زيارته للقنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018، للحصول على وثائق من أجل زفافه القادم.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، عين الملك سلمان، والد الأمير محمد، ابنه رئيسًا لوزراء المملكة العربية السعودية “وقد أضفت هذه الخطوة الطابع الرسمي على دوره كحاكم للمملكة، على الرغم من أن الملك لا يزال رأس الدولة”، وفق إداوارد وانج، المراسل الدبلوماسي للصحيفة.

اقرأ أيضا: الحصانة الأمريكية لـ “بن سلمان”.. مقتل جمال خاشقجي للمرة الثالثة

خطوة ملكية

نقل وانج عن بعض المسئولين والمحللين الأمريكيين قولهم إن الملك “اتخذ -على ما يبدو- قرار ضم رئاسة الوزراء لنجله، لضمان تمتع الأمير بالحصانة في القضية”.

وقال: أعلن الملك سلمان هذا القرار قبل ستة أيام من الموعد النهائي الذي حددته المحكمة في أكتوبر/ تشرين الأول للحكومة الأمريكية، للإبلاغ عما إذا كان الأمير محمد يتمتع بالحصانة. بعد فترة وجيزة من حصوله على لقبه الجديد، أخبر الأمير المحكمة أنه يتمتع بحصانة على أساس سابقة قانونية.

وأضاف: طلبت وزارة الخارجية من المحكمة تمديدها لاتخاذ قرار قانوني. ثم قدمت بيانًا إلى وزارة العدل في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني جاء فيه أن الأمير محمد يجب أن يكون “محصنًا أثناء وجوده في منصبه”.

وقالت الرسالة إن وزارة الخارجية “لم تتخذ موقفا بشأن الدعوى نفسها”. وفي الوقت عينه، كررت “إدانتها القاطعة للقتل الشنيع للسيد خاشقجي”.

وقالت المحكمة في ملفها المكون من 25 صفحة، أمس الثلاثاء: “على الرغم من عدم ارتياح المحكمة. إذن، في ظل ظروف تعيين بن سلمان، والمزاعم الموثوقة بتورطه في مقتل خاشفني، أبلغت الولايات المتحدة المحكمة بأنه ومن ثم فإن بن سلمان “يحق له حصانة رئيس الدولة أثناء بقائه في المنصب”.

وأضافت المحكمة أنه “بناءً على ذلك، سيتم رفض الدعاوى المرفوعة ضد بن سلمان بناءً على حصانة رئيس الدولة”.

خيبة أمل

لم يؤثر قرار تولي بن سلمان رئاسة وزراء السعودية على مسار وجوده في القضية فحسب. بل، رفضت المحكمة أيضا الدعوى المرفوعة ضد سعود القحطاني وأحمد عسيري -وهما من كبار المسئولين السعوديين وقت أن قتل خاشقجي- والذين ورد ذكرهم كمتهمين في الدعوى. قائلة إن “المدعين لم يثبتوا بشكل كاف أن المحكمة يجب أن يكون لها اختصاص بالقضية”.

تعقيبا على الحكم، كتبت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية في العالم العربي الآن -وهي مجموعة مناصرة رفعت الدعوى نيابة عن السيدة جنكيز- على تويتر، أن قرار المحكمة كان “أخبارًا حزينة للمساءلة”.

وقالت إن المجموعة تتشاور مع المحامين بشأن الخطوات التالية وأن “نضالنا من أجل العدالة مستمر”.

ونقل تقرير نيويورك تايمز عن السناتور الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، تيم كين، قوله ليلة الثلاثاء، إنه “يشعر بخيبة أمل شديدة” بسبب إجراء المحكمة. وانتقد مسئولي إدارة بايدن بسبب النتيجة القانونية الشهر الماضي.

وقال في بيان مكتوب: “قرار الإدارة المتعمد والقاسي يتعارض مع التزامات الرئيس بايدن المتكررة لأسرة جمال خاشقجي. وهو يبعث برسالة مروعة إلى الطغاة في جميع أنحاء العالم. يجب أن يحاسب مهندسو القتل الوحشي لخاشقجي على جريمتهم البشعة. عائلته وأحبائه يستحقون العدالة “.

ولي العهد السعودي خلال استقبال الرئيس الأمريكي في الرياض في يوليو/ تموز

اقرأ أيضا: أمريكا والسعودية و”أوبك +”.. انتكاسة في العلاقات أم بحث عن مقايضة جديدة؟

بايدن والمملكة

كان خاشقجي، المعارض السعودي الذي كتب أعمدة في صحيفة واشنطن بوست تنتقد الأمير وحكومة المملكة، قد تعرض للخنق من قبل عملاء سعوديين ثم تم تقطيعه، وفق تقارير صحفية.

وخلال الحملة الرئاسية لعام 2020، تعهد الرئيس بايدن بجعل السعودية “منبوذة” بسبب القتل وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان. لم يكتف بايدن وقتها بالحديث. بل، كواحد من أولى إجراءاته في السياسة الخارجية في منصبه، أذن بإصدار تقرير استخباراتي أمريكي، أفاد أن الأمير الشاب وافق على عملية القتل.

يقول وانج: حافظ بايدن على مسافة من المملكة، وانتقد سجلها في مجال حقوق الإنسان، لكنه رضخ هذا الصيف لاقتراحات من كبار مساعديه للأمن القومي، بأنه ينبغي عليه محاولة إصلاح العلاقات مع الأمير محمد. بالفعل، زار المملكة على مضض في يوليو/ تموز، وتبادل السلام ضاربا قبضته مع الأمير، الأمر الذي أثار إدانة واسعة النطاق من كبار المشرعين الديمقراطيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وبينما اعتقد كبار مساعدي بايدن أنهم توصلوا إلى اتفاق سري مع المسئولين السعوديين في مايو/ أيار لزيادة إنتاج النفط حتى نهاية هذا العام، على الرغم من نفي المسئولين في الرياض مثل هذه الوعود. في أكتوبر/ تشرين الأول، قاد الأمير مجموعة أوبك بلس -وهي تجمع للدول المنتجة للنفط- للإعلان عن خفض حاد في الإنتاج.

هذا الأمر أغضب الرئيس بايدن، وخلق قطيعة جديدة في العلاقات الأمريكية- السعودية. حيث اتهم بايدن الأمير بالوقوف إلى جانب روسيا، التي تعتمد على ارتفاع أسعار النفط لدعم إنفاقها خلال حربها على أوكرانيا.