نقل تقرير عن صحيفة فايننشال تايمز/ Financial Times البريطانية، إعلان الرئيس الصيني شي جين بينج عن “حقبة جديدة” في علاقة بكين بدول الخليج العربي. بعد لقاؤه مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان في الرياض، أمس الخميس، حيث وقع الجانبان اتفاقيات شراكة.
ورافقت طائرة الرئيس الصيني، بشكل احتفالي، طائرات عسكرية سعودية، قبل أن تهبط مساء الأربعاء، في أول زيارة له منذ عام 2016. وكان في استقباله الأمير وحرس الشرف، قبل أن يعود ليلتقي ولي العهد ومساعديه.
وأشار التقرير إلى أن الزيارة، التي تستغرق ثلاثة أيام، والتي ستشهد حضور الزعيم الصيني للقمة العربية والخليجية، تأتي عند نقطة متدنية في العلاقات الأمريكية- السعودية. بعد أن قادت المملكة (أوبك +) في تخفيضات إنتاج النفط، مما أثار تحذيرات واشنطن من أنها قد تعيد تقييم علاقاتها مع الرياض.
وقبل استقباله في الرياض “من قبل الحاكم اليومي للمملكة”، كما وصفت الصحيفة البريطانية الأمير محمد بن سلمان. أوضح شي أن المملكة العربية السعودية والصين “تحترم كل منهما سيادة الآخر ومسار التنمية. وتحترم كل منهما تاريخ الآخر وتقاليده الثقافية”.
اقرأ أيضا: ماذا تريد السعودية من زيارة الرئيس الصيني؟
احترام السيادة
كتب الرئيس الصيني، في مقال رأي نشرته وسائل إعلام سعودية: “الزيارة ستمضي قدما في صداقتنا التقليدية، وتفتح عهدا جديدا في علاقات الصين مع العالم العربي، ودول الخليج العربي، والمملكة العربية السعودية”.
وأكد شي أن الصين ستعمل مع السعودية من أجل انتهاز الفرصة لهذه الزيارة في سبيل تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما. وأضاف: “سنتبادل معها الفهم والتأييد بعزيمة لا تتزعزع، وندعو معها سويا إلى الاستقلال ورفض التدخل الخارجي”.
وبدا من مقال “شي” أن بكين تركز في خطابها مع الدول العربية على مسألة “رفض التدخل الخارجي”. وهو ما بدا أيضا عندما كتب سفير الصين في المملكة مقالا في صحيفة سعودية بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. أشار فيه إلى أن القوى الغربية تعاملت مع السعودية بـ “غطرسة”، ومقارنة ذلك بما وصفه بـ “احترام الصين لشركائها العرب”.
وتبدو أن هذه العلاقة بين الصين والمملكة على وجه التحديد تناسب الطرفين. حيث تصمت الرياض عن الانتهاكات ضد مسلمي الإيجور في شينجيانح على الرغم من إدانة عشرات الدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية. كما لم ينتقد المسؤولون الصينيون الحكومة السعودية أثناء إثارة قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، متقبلين التفسير الرسمي بأنه “كان ضحية” لما وصفته الحكومة السعودية بـ “عملية مارقة”.
اتفاقات مشتركة
نقلت الصحيفة البريطانية عن وسائل إعلام سعودية وصينية، ذكرهم أن الجانبين وقعا اتفاقية شراكة استراتيجية من شأنها أن تشهد لقاء قادة البلدين كل عامين. كما قاموا بصياغة 34 صفقة استثمارية، في قطاعات تشمل التكنولوجيا والطاقة. تم تقدير قيمتها بـ 30 مليار دولار.
وتضمنت الصفقات مذكرة تفاهم بين شركة هواوي الصينية العملاقة ووزير الاتصالات السعودي، لإنشاء إنترنت متنقل بسرعة 10 جيجابت في الثانية، ومنشأة للحوسبة السحابية في المملكة. فضلاً عن صفقات بناء لـ 300 ألف وحدة سكنية. وذلك في وقت تعرضت تعاملات هواوي التجارية في الغرب للتدقيق، بسبب مخاوف أمنية.
كما اتفقت شركة Enovate Motors المصنعة للسيارات الكهربائية الصينية على مذكرة تفاهم مع شركة قابضة سعودية لإنشاء مصنع سيارات في البلاد، من شأنه أن ينتج 100000 سيارة سنويًا.
اقرأ أيضا: لماذا يغازل حلفاء أمريكا روسيا والصين؟
غضب أمريكي
أكد التقرير أن الولايات المتحدة “عارضت توسع هواوي في المنطقة”. وحذرت مؤخرًا بعض القطاعات من أن التعامل مع الصين “قد يؤثر على التعاون بين الولايات المتحدة والدول العربية”.
وقالت واشنطن إنها تراقب الزيارة، التي تأتي بعد أشهر من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية. والتي أخبر خلالها بايدن القادة العرب أثناء مشاركته في “قمة جدة للأمن والتنمية” أن الولايات المتحدة لن تترك “فراغًا” في المنطقة لتملأه الصين وروسيا وإيران.
ونقل التقرير عن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، قوله بشأن زيارة شي: “نحن ندرك التأثير الذي تحاول الصين تنميته حول العالم. الشرق الأوسط هو بالتأكيد أحد تلك المناطق التي يريدون تعميق مستوى نفوذهم فيها.”
وقال كيربي إنه في حين أن أمريكا لم تطلب من الدول الاختيار بين واشنطن وبكين. فإن السياسات الأمريكية “كانت أكثر ملاءمة للحفاظ على الازدهار والأمن للبلدان في جميع أنحاء العالم، من تلك التي تظهرها الصين أو تروّج لها”.
وعلى الرغم من تعهد بايدن، نقل التقرير عن مسؤولون خليجيون -لم تسمهم الصحيفة- قولهم إن الولايات المتحدة، الشريك الأمني الرئيسي للمملكة العربية السعودية ومورد الأسلحة، قد نظرت بعيدًا، حيث تركز على مناطق أخرى. موضحا أن الصين بالفعل أكبر شريك تجاري للمملكة، في حين أن السعودية هي أكبر مورد لها من النفط الخام.
وأضافوا أن المسؤولون السعوديون “امتنعوا عن استغلال القوتين العظميين”، قائلين إنهم يريدون تنويع علاقاتهم الخارجية.
ويقول محللون إن بكين لا تسعى إلى استبدال الولايات المتحدة في المنطقة، ولن تتمكن بأي حال من القيام بذلك، لكنها تهدف إلى توسيع تجارتها ونفوذها.