يتضمن مشروع تعديل قانون الضريبة على الدخل الذي حولته وزارة المالية إلى مجلس النواب أخيرًا، استحداث شريحة جديدة تستهدف الأفراد الذي يزيد دخلهم على 800 ألف جنيه بنسبة 27.5%، وهي فئة يتم حسابها في القانون الحالي عند 25%، في وسيلة لتعزيز الإيرادات الضريبية.

قدمت وزارة المالية مشروع القانون لمجلس النواب قبل ساعات من إجازة المجلس التي بدأها في 22 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، ومن المتوقع مناقشتها قبل نهاية العام الجاري في ظل تخمة المشروعات المقدمة للمجلس الذي استأنف جلساته العامة في 4 ديسمبر/كانون أول الحالي، ويناقش الأحد المقبل مشروع قانون مُقدم من الحكومة يتعلق بالضرائب أيضًا، بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 206 لسنة 2020.

اقرأ أيضا.. الفاتورة الإلكترونية.. نموذج لتعامل السلطة مع النقابات المهنية

القانون الحالي لضريبة الدخل  26 لسنة 2020 (هو آخر تعديل للقانون 91 لسنة 2005) ويتضمن شرائح ضريبة تصاعدية على الأفراد لكنه توقف عند 25% لمن زاد دخلهم عن 400 ألف جنيه أيًا كان المبلغ، بينما يتضمن مشروع القانون الجديد تقسيمها لفئتين الأولى من 400 ألف جنيه حتى 800 ألف جنيه، وتظل كما هي دون تغيير عند 25%، والفئة الثانية ما يزيد على 800 ألف جنيه بنسبة 27.5%، بحسب وثيقة كشفت عنها وكالة بلومبرج مساء الأربعاء.

الصندوق في الصورة

وزير المالية ومديرة صندوق النقد
وزير المالية ومديرة صندوق النقد

تحمل التعديلات الجديدة ارتباطًا بقرض صندوق النقد الدولي، فجهاد أذعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، تطرق إلى تلك النقطة تحديداً في دراسة نشرها بعنوان الشرق الأوسط في حاجة إلى ضرائب أكثر عدالة للمساعدة على تحقيق النمو والحد من عدم المساواة، حينما قال إن مصر تهدف إلى إصلاح قانون ضريبة الدخل لديها لتبسيط إطارها القانوني وترشيد الإعفاءات منها.

تنص المادة 38 من الدستور المصري على أنه: يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، ولا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون. ويراعى في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر، وتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية”.

أذعور عزا، في الدراسة التي نشرها موقع صندوق النقد، ضعف تحصيل الضرائب في المنطقة منها أن استخدام الضرائب المباشرة  وخاصة على الدخل الشخصي محدود، واقترح إمكانية فرض ضرائب أكثر تصاعدية. وتتباين ضرائب الدخل الشخصي في المنطقة من حيث مدى ارتفاع متوسط معدل الضريبة مع زيادة الدخل وقدرتها على إعادة التوزيع من الأسر الأغنى إلى الأسر الأفقر.

الضريبة التصاعدية

جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي
جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي

يقول أذعور إنه من خلال إصلاحات النظم الضريبية، كإعادة تصميم ضريبة الدخل الشخصي وضريبة القيمة المُضافة، ومواصلة تطوير ضرائب العقارات، يمكن إعطاء دفعة لتحصيل الإيرادات، وجعل النظم الضريبية أكثر تصاعدية، ودعم الشمول.

كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لـ”صندوق النقد الدولي” أيدت تلك الآراء أيضًا، فمن وجهة نظرها فإن “فرض الضرائب التصاعدية” أمر مطلوب بهدف معالجة عدم المساواة المالية التي تنتج عنها مراكمة الثروات من قبل فاحشي الثراء حول العالم، ما يجعل فرض الضرائب بشكلٍ تصاعدي عنصراً أساسياً في السياسة المالية الفعالة.

بحسب جورجييفا، فإنه يمكن زيادة معدّلات الضرائب الهامشيّة على أعلى هرم توزيع العائدات دون التضحية بالنموّ الاقتصادي ما يحسّن جمع الضرائب ويزيد الثقة في الحكومة، فضلاً عن تأمين المصادر الضرورية للاستثمار عبر زيادة الفرص ضمن المجتمعات الفقيرة ووسط الأفراد المعدمين.

تستهدف الحكومة المصرية زيادة حصيلتها الضريبية خلال السنة المالية الحالية 2022-2023 بنحو 18.8% إلى 1.1 تريليون جنيه، كما تسعى لزيادة إيراداتها من الضريبة على الرواتب بنسبة 18.6% لتصل إلى 107.3 مليار جنيه لعام ذاته.

الضرائب.. ملف شائك

تثير ملف الضرائب تحديدًا أزمة بالنسبة للحكومة وربما يكون ذلك السبب في عدم انتشار التعديلات المستهدفة في مشروع القانون الجديد، خاصة أن الوزارة نفت في نهاية نوفمبر الماضي أنباء عن إقرار زيادة جديدة على ضريبة الدخل تزامناً مع الأزمة الاقتصادية العالمية، مؤكدة حينها أن الدولة تسعى إلى استقرار السياسات الضريبية بما يضمن دعم جهود تهيئة بيئة ومناخ الأعمال، وتبسيط الإجراءات من خلال التوسع في الحلول التكنولوجية، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية، على النحو الذي يسهم في توسيع القاعدة الضريبية، دون الاعتماد على إضافة أعباء ضريبية جديدة على المواطنين.

مسئول بوزارة المالية يقول لـ مصر 360″، إن التغيير في الشرائح لا يمثل إخلال بالاستقرار الضريبي فالقوانين تتضمن ما هو ثابت ومتغير جزء الفصل بينهما، والمتغيرات في الشرائح وليس الفلسفة، مضيفا أن الوزارة تستهدف زيادة الحصيلة من خلال حصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، والاستمرار في مكافحة التهرب الضريبي، ودمج الاقتصاد غير الرسمي ورفع كفاءة التحصيل الضريبي، والحفاظ على حقوق الخزانة العامة للدولة.

تدرج يراعي العدالة

مصلحة الضرائب المصرية
مصلحة الضرائب المصرية

وأعلنت وزارة المالية، مارس/آذار الماضي، رفع حد الإعفاء من ضريبة الدخل على الرواتب إلى 30 ألف جنيه سنويًا، بدلاً من 24 ألف جنيه سنويًا، وتعفي بذلك الحكومة الشريحة الأولى ضمن شرائح الضريبة على الدخل وتفرض ضريبة بنسبة 2.5% على الشريحة من 15 إلى 30 ألف جنيه سنويًا، بخلاف حد الإعفاء الشخصي.

تصل الضريبة على الشريحة من أكثر من 30 حتى 45 ألف جنيه إلى 10%، والضريبة على الشريحة أكثر من 45 ألفًا حتى 60 ألف جنيه إلى 15%، كما تصل الضريبة على الشريحة أكثر من 60 ألفًا حتى 200 ألف جنيه إلى 20%، وعلى الشريحة أكثر من 200 وحتى 400 ألف جنيه إلى 22.5%، وعلى الشريحة أكثر من 400 ألف جنيه إلى 25% بخلاف حد الإعفاء الشخصي.

الدكتور وليد جاب الله، أستاذ التشريعات الاقتصادية، إن التشريع الضريبي المصري يعتمد على التدرج في الشرائح الضريبية ويراعي العدالة الاجتماعية، بما فيها رفع الحد الإعفاء 30 ألفًا، وهناك شرائح مختلفة لدخل النشاط الفردي.

أضاف أن الضابط للضرائب هو معيار اتفاقها مع معدلات الضرائب لدى الاقتصاديات الناشئة والمنافسين الإقليميين حتى لا تكون طاردة للاستثمار، أو بمعنى آخر دراسة الفرص البدلة للمستثمرين في الأسواق الخارجية، وحتى يؤتي ثماره في تعزيز إيرادات الدولة دون أن يضر بالاستثمار، مضيفا أن تلك الشريحة ستلقى قبولا شعبيًا على اعتبار أن أصحاب الإيرادات الكبرى هم الذين يجب أن يتحملوا الجانب الأكبر من تكلفة الظروف الاقتصادية.