في إبريل عام 2010 بلغ استئساد دول منابع النيل (بوروندي والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا) قمته، حين تم إصدار بيان رسمي أكدت فيه أنها ستبدأ في 14 مايو 2010 إجراءات التوقيع على الاتفاقية الإطارية منفردة دون مصر والسودان على ألا تزيد مدة صلاحية هذا التوقيع على عام واحد. وكان من الواضح أن دول حوض النيل تنقسم إلى معسكرين، الأول يضم دولتي الممر (السودان) والمصب (مصر)، أما الثاني فيضم دول المنبع وهي إثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي واريتريا، ما يضع كل من السودان ومصر أمام معسكر إفريقي قوي، يرفض الاعتراف باتفاقيتي توزيع مياه النيل الأولى في عام 1929 (والتي أعطت مصر النصيب الأكبر “51 مليار متر مكعب”، والسودان “18 مليار متر مكعب” من المجموع الكلي لمياه النيل التي تقدر بحوالي 82 مليار متر مكعب). والثانية في عام 1959.

قد يطول الحديث عن أهمية مياه النيل لمصر والسودان. ولكن في الحقيقة سنكون في غاية السذاجة لو جلسنا “ولطمنا الخدود”. لأننا نعرف منذ زمن طويل أن “النيل في خطر” وهو عنوان كتاب للراحل كامل زهيري نوقش بشدة في زمنه. ولما لم يصدق أحد آنذاك كلام زهيري، فقد أجبرنا الزمن على التصديق مع تغير النظام الدولي وموازين القوى الدولية، والتغيرات السياسية والافتصادية والجيوسياسية. والأخيرة بالذات هي الأهم لتعلقها بنفوذ مصر الإقليمي الذي انحسر أمام مد آخر ليس فقط لإسرائيل في المنطقة الإفريقية. فهناك نفوذ بريطاني وفرنسي وأمريكي تاريخي. لكن النفوذ المصري لم يكن استعماريا أو استعماريا استيطانيا. بل كان نفوذا وتأثيرا على أرضية الشراكة التاريخية في قارة إفريقيا التي تنتمي إليها مصر. وكان نفوذا يستند إلى المصالح وآفاق توسيعها وتجذيرها.

النفوذ الإسرائيلي في إفريقيا

اليوم توجه الإدانات والاتهامات لإسرائيل فقط. فهل نلوم إسرائيل على إمعانها في تحقيق مصالحها؟! إذن، أين نحن من تحقيق مصالحنا القومية والاستراتيجية، إذ يعتير النيل أحد أهم عناصر الأمن القومي والاستراتيجي المصري؟! إلى أين ذهب النفوذ المصري في إفريقيا، ولصالح من؟ قد تكون مصر “عظيمة” بحد ذاتها ولذاتها. ولكن هذا الكلام يقال في كتب التاريخ والروايات والأشعار. أما السياسة والمصالح الأمنية والاستراتيجية بعيدة المدى فلها مواصفات وعوامل أخرى تتطلب المزيد من اليقظة ومد النفوذ والتأثير ليس بالطرق العسكرية، بقدر توسيع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والاهتمام بالشأن الإفريقي. بل وبوضعه على سلم أولويات السياسة الخارجية المصرية في تواز كامل مع المتجه العربي.

هل تمكنت إسرائيل في لحظة واحدة من السيطرة على دول منابع النيل؟! أشك في ذلك. هل استطاعت الاستثمارات الصينية (حيث توظف بكين 40٪ من استثماراتها الإفريقية في السودان وحده!) أن تنتشر هكذا في لحظة واحدة في كل إفريقيا؟ إن رجال الأعمال الإسرائيليين منتشرين في كل دول إفريقيا كإسرائيليين وكرجال أعمال يحملون جنسيات أخرى. بل ويسافر مواطنون ينتمون إلى دول أوروبية ضمن وفود هذه الدول وكل رؤوس أموالهم تعمل في إسرائيل. لقد تمكنت تل أبيب من اختراق غالبية وفود الدول الأوروبية عن طريق السياسة. والمعادلة واضحة: “لنلعب معا في إفريقيا (والسودان مثال واضح لذلك)، لكي نوفر لكم دورا ما في حلحلة قضية الشرق الأوسط”. هذه المعادلة موجودة وسارية المفعول.

الدول الإفريقية في حاجة ماسة إلى مشاريع زراعة وري ومد شبكات طرق ومواصلات وكهرباء. والسودان الشقيق على سبيل المثال في حاجة ماسة إلى كل ذلك أيضا. هذا الكلام ليس به أي جديد، ولكنه يتكرر اليوم لأننا أصبحنا أمام أمر واقع ولا مفر من وضع تصور أو استراتيجية قابلة للتحقيق على الفور قبل أن نساوم فيما بعد على أقل ما يمكن.

ممر بحيرة فيكتوريا- البحر المتوسط

في نوفمبر 2022، أكد وزير النقل المصري كامل الوزير أن مصر تولي اهتماما كبيرا على أعلى المستويات لمشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط. وأوضح أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجه بالعمل على تدشين الاجتماع الوزاري الأول لوزراء النقل بدول حوض النيل في ضوء الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع ودوره المهم في تحقيق التكامل الإقليمي ومساهمته في أجندة إفريقيا 2063 لبرامج البنية التحتية، بإطلاق أنشطة الجزء الأول من المرحلة الثانية من دراسة الجدوى لمشروع “VICMED”، والاتفاق على خطة العمل للخطوات التالية المتعلقة بالمشروع، وذلك للاستفادة من المميزات التنافسية الكبيرة للنقل النهري في توفير الوقود وخفض تكلفة صيانة الطرق وتقليل الاختناقات وخفض الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، والعمل على فتح أسواق جديدة للاستثمار، خاصة وأن المؤشرات المبدئية لدراسات ما قبل الجدوى للمشروع تؤكد إيجابيته من الناحية الإقتصادية والبيئية والاجتماعية.

وأشار إلى أن مشروع إنشاء طريق ملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يأتي في إطار المبادرة الرئاسية للبنية التحتية بمشاركة مصر كدولة راعية للمشروع، ويسعى إلى تمكين الملاحة على طول نهر النيل من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط مما يتيح للدول المتشاطئة الوصول إلى البحر المتوسط ويعزز التكامل الإقليمي، ويعتبر أقصر الطرق لربط دول الحوض والدول الحبيسة داخل القارة تلك التى لا تطل على بحار أو محيطات.

والربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط ليس فقط ممرا ملاحيا، ولكنه مشروع تنموي متكامل، سيتضمن العديد من المشروعات والخدمات على طول الممر، مثل طريق سريع، “كابل بيانات– إنترنت” بين الدول المشاركة، وخطوط للربط الكهربائي، وخطوط للسكك الحديدية، وإقامة فنادق، وتوفير خدمات تموين السفن والسيارات، وإقامة منتجعات سياحية تطل على المناظر الطبيعية الخلابة في إفريقيا، مما سيحدث انتعاشا اقتصاديا لدول القارة المشتركة في المشروع. وسيتيح المشروع للدول المتشاركة تجارة المحاصيل الزراعية، والزراعة خارج الحدود، حيث يمكن لدول المشروع، الزراعة في السودان أو أوغندا أو بروندي على سبيل المثال، بدلا من زراعة محاصيل في المناطق شحيحة المياه مثل مصر.

إن مشروع الممر الملاحي لربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط يوضح الفرق بين مشروع أحادي ومشروع جماعي، هناك دول حبيسة في حوض النيل مثل جنوب السودان ورواندا وبوروندي وأوغندا وإثيوبيا، عندما يتم عمل منفذ لها على البحر من خلال النهر سيغير الكثير فيها.

هنا لا يمكن تجاهل الدور المصري في بناء سد “جوليوس نيريرى” الضخم في تنزانيا. وهو ما يعكس حرص مصر على تنمية دول حوض النيل عبر المساهمة في مشاريع البنية التحتية ومشاريع توليد الكهرباء في القارة الإفريقية. وبالفعل شارك وفد مصري ضخم في 22 ديسمبر 2022، في الاحتفال ببدء ملء بحيرة سد “جوليوس نيريري” على نهر روفيجي في تنزانيا، وقد تم تشييد المشروع بسواعد مصرية وتنزانية بإجمالي تكلفة نحو 2.9 مليار دولار، ومحطة توليد للطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميجاواطا.

إن الفرصة لا تزال سانحة لعقد اتفاقيات اتحاد جمركي، وإقامة مناطق للتجارة الحرة، وتدشين مشاريع طويلة الأمد وواسعة النطاق. قد تكون هذه التصورات البسيطة– التقليدية أفضل بكثير من تصورات “الوحدة” وأوهام “الحدائق الخلفية والأعماق الاستراتيجية”. غير أن انغلاق رؤوس الأموال المصرية وتقوقعها وقصر نظرها يحرمها من اكتساب الخبرة التاريخية والتطور ومن ثم الدور التاريخي. ويفقد الدولة النفوذ والتأثير حتى على المستوى المحلي والإقليمي. وإذا كان الأمر كذلك، فغياب مشاريع الدولة في الخارج هو انعكاس طبيعي لغياب مشاريعها في الداخل. ومع ذلك فالحلقة ليست مغلقة والدائرة ليست مفرغة رغم صعوبة المعادلة وتعقيدها. هناك وقت وإن كان قليلا، إلا أن التعامل الجدي والمسؤول مع الملف الإفريقي عموما، والملف السوداني على وجه الخصوص، سيعكس مدى المهنية في التوجهات الخارجية للسياسة المصرية، ومدى الحرص على مصالح الوطن وعلى مستقبله بناسه وأرضه.

قناة السويس

من الواضح أن النيل، كمصدر لحياة المصريين وكأحد عناصر الأمن القومي للدولة المصرية، لم يعد الوحيد الذي في خطر. فقناة السويس هي الأخرى تتعرض لمخاطر قديمة/ جديدة من نوع آخر، حيث بدأت روسيا بإجراء تجربة بحرية في سبتمبر 2010 بإنزال سفينة نقل ضخمة لقطع الطريقِ البحري الشمالي من أوروبا إلى جنوب شرق آسيا، ما يمكنه أن يتيح تقليص زمن نقل البضائع بما لايقل عن أسبوع. علما بأن فصل الصيف في هذا الجزء من المنطقة القطبية الشمالية يبدأ في سبتمبر. وأكد وزير النقل الروسي آنذاك إيجور ليفيتين أن هذه التجربة ستثبت الجدوى الاقتصادية لاستخدام مسار بديل عن المسار الجنوبي عبر المحيط الهندي الذي أصبح محفوفا بالمخاطر. أما الخبراء فيرون أن أفضلية استخدام هذا المسار لن تتحقق إلا إذا تجاوزت كمية البضائع المنقولة عبره 30 مليون طن سنويا.

هناك سيناريوهات كثيرة طرحت على مدار النصف الثاني من القرن العشرين بشأن الاستغناء عن خدمات مصر. تم ذلك بطرق عديدة، من بينها الحروب المتوالية مع إسرائيل، والحجج بأن قناة السويس لا تتسع للناقلات العملاقة، وعشرات الأسباب والحجج الأخرى. ولكن لأن العالم كان ولا يزال بحاجة إلى ممر قناة السويس البحري الحيوي لم يتم تنفيذ أي من السيناريوهات التي كانت تهدف قبل كل شيء للضغط على القاهرة في ملفات كثيرة. غير أن روسيا التي تلعب دوما على التناقضات، تنجح كثيرا في قلب الموازين بنتيجة ما تملكه من مؤهلات وإمكانيات قد لا ترفعها إلى مستوى اللاعب الرئيسي المتنفذ ولكنها مع ذلك تجعلها تلعب مع الكبار. إن روسيا بالذات هي التي تطرح بين الحين والآخر مثل هذه السيناريوهات، وهي التي طرحت مثا هذا السيناريو.

في أكتوبر عام 2009 تمكنت سفينتان ألمانيَّتان من الإبحار بمفردِيهِـما من أحدِ مؤانئ كوريا الجنوبية إلى ميناء روتردام الهولندي عبر بحر الشمال بمحاذاة الحدود الروسية الشمالية، ما اعتبره الكثيرون في روسيا سابقة، لأن رحلات كهذه كانت دائما تتم بمساعدة كاسحات الجليد. ورأى بعض المختصين أن هذا الحدث يكتسب أهمية بالنسبة للملاحة الدولية، لأنه يختصر المسافة بين أوروبا والشرق الاقصى. إذ كان على السفن التي تنطلق من الموانئ الأوروبية إلى اليابان أن تَعبُر قناة السويس وتقطع مسافة 20 ألف و500 كلم. أما إذا سلكت هذه السفن طريق بحر الشمال، فإن عليها أن تقطع 1200 كلم فقط. وهذا الاختصار في المسافة يُوَفِّر على كل باخرة 10 أيام كاملة، ومن الأموال 300 ألف دولار.

يكتسب هذا الحدثُ أهميةً خاصة بالنسبة لروسيا لأنه يَمُر عبر مياهها الإقليمية. ما يعني أن الخزينة الروسية سوف تَحْصَل على مَصْدَر إضافي للدخل. إضافة إلى أهميته للاقتصاد العالمي لأنه يُسَهِّل استغلالَ الثرواتِ الهائلة الكامنة تحت جليد القطب الشمالي والتي تساوي، حسب تقديرات الخبراء 25٪ من احتياطيات العالم من النفط والغاز.

من جهة أخرى تتزايد تحذيرات علماء البيئة من مشكلة الاحتباس الحراري وآثارَه على العالمِ أجمع وروسيا بشكلٍ خاص. فقد رأى رئيس هيئة الأرصاد الجوية والرقابة البيئية ألكسندر بيدريتسكي أن متوسط درجة الحرارة العالمية ارتفع بمعدل74 من مائة درجةً مئوية خلال السنوات المئة الماضية. وأن ذوبان الثلوج الناتج عن ذلك يشكل تهديداً جدياً لروسيا، لأن ارتفاع مستوى سطح المحيط العالمي يجعل المياه تلتهم 10 كيلومترات مربعة سنويا من الأراضي الروسية. ويلفت الخبراء النظر إلى أن الاحتباس الحراري يؤدي إلى ذوبان جليدِ طبقاتِ التربة في مناطق الصقيع الدائم التي تشكل 65٪ من مساحة روسيا، ما سيؤدي بدورة إلى تدمير جزءٍ كبير من البنية التحتية في تلك المناطق. من هنا تحديدا بدأت روسيا بالتفكير جديا في استغلال كوارث التغيرات المناخية لصالحها.

يقول مدير إدارة التسويق في مجموعة “سوفرخت” الروسية لتأجير السفن كارين ستيبانيان الطريق البحري في القطب الشمالي يمر بمحاذاة روسيا. أما ما يخص محاولات استخدامه، فهي ليست جديدة، لأنه يستخدم أصلا من تلاثينات القرن الماضي. وكان الأسطول البحري والتجاري السوفيتي يستخدمه. ويمر عبره سنويا ستة مليارات ونصف المليار طن من الحمولات. ويؤكد ستيبانيان أن الخبر الهام في هذا الموضوع، يتلخص في أن السفينتين الألمانيتين هما أول سفينتين غير روسيتين تمران عبر هذا الطريق، لأنه في الحقيقة كان دوما مغلقا أمام السفن الأجنبية. من جانب آخر إذا استمرت التغيرات المناخية، وعمليات ذوبان الجليد، فقد تتغير تركيبة جميع الطرق البحرية في العالم وتتحول الحركة لتصبح عبر طريق القطب الشمالي.

إن منطقة جنوب البحر الأحمر واجهت في عام 2010 عدة مخاطر، كان على رأسها القرصنة. وتحدثنا في حينه عن إمكانية سيطرة نوع من أنواع الإرهاب والجريمة المنظمة فيها وحولها. ما جعلنا نتساءل آنذاك بجدية عن الأسباب الحقيقية حول تصاعد موجات القرصنة. وكذلك الاهتمام غير المبرر بموضوع التغيرات المناخية التي تسببت فيها بالدرجة الأولى الدول الكبرى، ومن بينها بطبيعة الحال روسيا والصين اللتان تطمحان إلى احتلال مساحة نفوذ وتأثير اقتصادية في إفريقيا ومنطقة جنوب البحر الأحمر.

في عام 2004 تحدث سكرتير الاتحاد الروسي البلاروسي بافل بورودين عن فكرة قومية أوروأسيوية، معتبرا أن قناة السويس تفصل روسيا عن فكرتها القومية. ودعا إلى استبدال قناة السويس بممر من بريست إلى فلاديفستوك. هذه الفكرة قريبة من الفكرة السابقة. وأحد أهدافهما هو تحويل روسيا إلى ممر بحري عالمي يدفع بقناة السويس إلى النسيان. إضافة إلى أهداف سياسية وجيوسياسية واقتصادية أخرى.

ورأى بورودين أن أراضي روسيا هي أقصر الطرق من أوروبا إلى جنوب شرق آسيا، ولا يوجد أي داع لنقل أي شئ عبر قناة السويس. وبالتالي يجب بناء هذا الممر القصير من “بريست” إلى “فلاديفستوك”، وتعبيد طرق السكك الحديدية والسيارات، ومد أنابيب النفط وشبكات الكهرباء.

ورأى أيضا أن هذا الممر سيكون طريقا كاملا للحياة، وإحياء الاقتصاد الروسي، وحل لمشكلة البطالة، وإعادة مساحات واسعة من الأراضي إلى الحياة، وحافز لتنمية وتطوير الفروع والمجالات الأخرى لأن هذا الممر سوف يمر عبر 42 إقليما روسيا، وهو ما يمثل استثمارات بمئات المليارات من الدولارات. إن بورودين يرى ببساطة أن “الفكرة الأوروأسيوية” هي المنقذ الوحيد لروسيا”.

والحكومات الروسية المتعاقبة بدأت تنتبه لذلك مؤخرا وتأخذه بعين الاعتبار أثناء التعامل مع أي قضية. ولكن تحولات السياسة الدولية والتوازنات الاستراتيجية لا تزال تعوق هذا المشروع، ومن ضمن ذلك الأزمة الأوكرانية والمواجهات التي أسفر عنها الغزو الروسي لأوكرانيا. إضافة إلى معوقات من نوع آخر. ولكن لا توجد ضمانات لاستمرار تلك المعوقات أو لحلها، إذ إن المستقبل يحمل الكثير من المفاجآت والحلول.

وبالتالي، فأمام مصر فرصة تاريخية لتدشين “فكرة قومية” لمئة عام مقبلة. وهذه الفكرة قابلة للتطوير وفق القدرات الموجودة على أرض الواقع، بعيدا عن الأحلام والأوهام. وإذا كانت مصر قوة إقليمية، فمن الطبيعي أن تمتلك خططا بحجمها. وبالتالي فالفكرة “الأفروأسيوية” قد يمكنها أن تصبح هنا موجها لخطط ومشاريع كثيرة، ودرع أمان لا لحماية قناة السويس فقط على خلفية ما يجري الآن حول مياه النيل، بل وأيضا دافعا للتطوير المستمر لقناة السويس والإسراع في تدشين البنية التحية حولها. أما المشاريع الأضخم فهي متعلقة بكيفية التعامل مع ضفتي البحر الأحمر وجنوبه.