عشر قواعد يمكن استخلاصها من الخبرة المصرية على مدار العقد الماضي في الاقتراض. تلك الخطوات العشر تتبعتها ورقة بحثية أصدرها المعهد الألماني للشئون الدولية والأمن منتصف ديسمبر 2022 بالتفصيل.

اقرأ أيضا.. حُمى الاستحواذات والزمن الخليجي

وبحسب الورقة فإن أهمية الخبرة المصرية تكمن في أنها تقدم إجابة على السؤال التالي: “كيف تمكنت حكومة بلد مثقل بالديون مثل مصر من الحصول على قروض بهذا الحجم الكبير -بلغت أكثر من 150 مليار دولار- والتصرف فيها إلى حد كبير وفقًا لتقديرها الخاص؟”.

كانت هناك زيادة كبيرة في الاقتراض الخارجي لمصر؛ فبين يونيو/حزيران 2013 ومارس/آذار 2022، ارتفع الدين الخارجي للقاهرة من حوالي 43 مليار دولار أمريكي إلى أكثر من 157 مليار دولار أمريكي، كما ارتفع نصيب الديون من الناتج المحلي من 15% إلى أكثر من 35% تقريبًا.

وقد جري ذلك وفق القواعد التالية:

1- طهر المجال العام من المعارضين الحاليين والمحتملين: “بمقدار قدرتك على بناء نظام تسلطي كلما زدات إمكانيات الاقتراض بلا قيود داخلية كبيرة على القرار”.

عزز النظام المصري سيطرته على السلطة، وترافق ذلك مع زيادة كبيرة في الدين الخارجي، والذي تضاعف أكثر من ثلاثة مرات بين يونيو/حزيران 2013 ومارس/آذار 2022، وزادت نسبة خدمة الدين في الموازنة العامة لتصل إلى قرب 45%؜ بعد أن كانت قرب الثلث فقط في عهد مبارك (1981/2011).

تمكنت الحكومة من التغلب على التحديين الموجودين في البداية. أولا، مكنت القروض المقدمة من المؤسسات المالية الدولية والبلدان المانحة ومستثمري المحافظ الأجانب، البلاد من إعادة تمويل نفسها. ثانيًا، لم تقدم القيادة السياسية أي تنازلات جوهرية من شأنها أن تتعارض مع هدف ترسيخ حكمها.

وهنا نقطة جديرة بالاعتبار، وهي أنه إذا كان تحرير قرار الاقتراض مرهون بالقضاء على أو إضعاف المعارضة والصحافة المستقلة إلخ..، إلا أن مزيدا من الاقتراض أيضا يؤدي إلى تعزيز النظام التسلطي؛ لقدرته على توفير الموارد التي يمكن إعادة تخصيصها لمؤيديه؛ سواء من أجهزة الدولة أو الفئات الاجتماعية المساندة له.

وهكذا؛ فقد تستخدم الديون لتوسيع نطاق الحكم، لذا: “في بداية تأسيس نظامك لا تثقل المواطنين بالضرائب حتى يؤيدوك”.

تسمح الديون لحكومة لا تتمتع بشرعية ديمقراطية، بتوليد إيرادات على المدى القصير دون الاضطرار إلى فرض ضرائب على مواطنيها، وهو وضع ملائم خاصة في عملية توطيد السلطة. رغم ذلك من الصعب عادة، بسبب العقبات المؤسسية لوجود برلمانات قوية وصحافة حرة، أن تستخدم الحكومات في الأنظمة الديمقراطية الائتمان من أجل البقاء السياسي للقيادة، إلا أنه لا توجد مثل هذه القيود في الأنظمة التسلطية.

وهكذا فإن: “استغلال سياسة الديون كأداة لسياسات القوة والقمع المفرط لأجهزة الدولة يعزز كل منهما الآخر”.

تخلق سياسة الديون الفسحة المالية للحفاظ على جهاز الدولة القمعي، وعدم وجود فصل بين السلطات يعطي القيادة السياسية حرية الاقتراض والإنفاق، وفي هذه الأنظمة فإن النقاشات العامة حول سياسة الديون مستحيلة لأن أي منظمات مجتمع مدني مستقلة يتم قمعها، والصحافة يتم ضبطها إلى حد كبير. وأخيرا، فإن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، التي تطالب بها الدول والمؤسسات المانحة، لا يمكن مراقبتها بشكل كافٍ من الخارج.

لكن قبل أن تشرع في بناء نظامك: “ابحث عن راعي إقليمي أو دولي”

قدمت دول الخليج الثلاث، السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، دعما حاسما بعد إعلان النظام في يوليو/تموز 2013، وتعهدوا بتقديم 12 مليار دولار كمساعدات مالية وسلعية، ما يضمن قدرة مصر على سداد ديونها، وهذه الضمانة استمرت لسد الفجوة التمويلية عند الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام  2016.

2- أمن ولاء أنصارك وتحالف الحكم المساند لك بالقروض.

يلجأ القادة في البلدان النامية -في كثير من الأحيان- إلى أداة الدين الخارجي لترسيخ ولاء تحالف مؤيديهم، أو لشراء ولاء جديد من المعارضين السابقين، أو لتمويل قمع الدولة البوليسية ضد الجماعات المعارضة والمعارضين.

وعادة ما يستفيد تحالف الحكم الضيق ومؤسساته على وجه الخصوص من سياسة الديون هذه، وتتمكن من توسيع مكانتها بشكل كبير في الاقتصاد، ويكون هذا عاملا حاسما في توطيد رأس النظام لسلطته.

لكن هذه النظم تعاني من نقاط ضعف خطيرة؛ فاستمرار قدرتها على توفير الأموال بهذه الطريقة يضمن لها استمرار ولاء تحالف الحكم ومؤسساته، وأي تقصير أو قصور في ذلك معناه أن مستقبل قيادة النظام على المحك.

3- اربط قرار الاقتراض مباشرة بمركز السلطة الرئاسي؛ فلا يجب أن يكون سداحا مداحا أو نهبا مباحا في متناول الجميع.

ومبرر ذلك أنه: (يجب أن يكون دعم الميزانية خاليًا من الشروط الصارمة التي من شأنها أن تعرض توطيد السلطة للخطر. علاوة على ذلك، من المهم تجنب خلق تبعيات سياسية قوية للجهات الخارجية. وهكذا يصبح الاقتراض من الخارج عملا متوازنا يتطلب رقابة صارمة من قبل مركز القرار السياسي).

لتحقيق ذلك: “اختر دائرة ضيقة لإدارة الديون”

كانت سياسة الديون تخضع لسيطرة كاملة من قبل السلطة التنفيذية، والتي تخضع فعليًا لسيطرة مركز السلطة الرئاسي في البلاد. كان الأمر متروكًا لدائرة صغيرة من التكنوقراط لاتخاذ قرار بشأن زيادة الديون الجديدة والنهج الاستراتيجي للمفاوضات مع الدائنين.

الانسجام بين البنك المركزي ووزارة المالية والقيادة السياسية مكّن الإطار المؤسسي المصمم للسلطة التنفيذية، واستبدال المناصب الرئيسية في وزارة المالية والبنك المركزي المصري في 2015/2016 مكن الحكومة في عهد الرئيس السيسي من اتباع سياسة ديون جيدة التنظيم.

كان قرار الاقتراض في أيدي تكنوقراط ذوي خبرة وذوي علاقات دولية جيدة والذين كانوا على صلة وثيقة بمركز السلطة الرئاسي.

مركز القرار هو الذي يحدد أولويات الإنفاق بما يضمن استمراره، كما أن الخوف من الاضطرابات الشعبية، دفع النظام إلى جعل صنع القرار الاقتصادي والسياسي مركزيا بشكل أكبر.

4- ابحث عن العراب المحترف ليدير لكم الاقتراض بكفاءة.

تشير دراسة المعهد الدولي السابق الإشارة إليها إلى اثنين من كبار المسؤولين في عهد مبارك اللذين نفذا سياسة الديون الخاصة بالنظام المصري بعد 2013؛ ليس فقط من خلال سنوات الخبرة العديدة والشبكات الدولية، ولكن أيضًا من خلال شيء آخر يشترك فيه الاثنان وهو علاقتهما -بحكم الامتداد العائلي- بأجهزة الدولة السيادية؛ وهو شرط مهم لتحوز الثقة في النظام المصري.

يعتبر كلا من طارق عامر -محافظ البنك المركزي السابق- ومحمود محي الدين -وزير الاقتصاد في عهد مبارك- أبناء أخ لأعضاء مشهورين لما يسمى بالضباط الأحرار – وهم الذين خلعوا الملك في عام 1952، وبالتالي مكّنوا من ظهور جمهورية مصر اليوم.

بين عامي 2015 و2022، كان الاثنين شكلا فعلا السياسة الاقتصادية والمالية للبلاد وكان لهما مستوى حاسم من التأثير تعزز من خلال القاعدة التالية: “مكن لتلامذتك وتابعيك في الحكومة حتى تضمن تنفيذ سياستك”.

يبدو أن محيي الدين كان يدعم بالفعل النظام في مصر بخبرته الاقتصادية واتصالاته الدولية في السنوات السابقة. لا يُشار إلى هذا فقط من خلال ظهوره في الأحداث الرسمية في البلاد، لكن أيضًا من خلال حقيقة أن الاقتصاديين الشباب المرتبطين به وصلوا إلى مناصب حكومية مهمة من الناحية الاستراتيجية. على وجه الخصوص، رانيا المشاط التي تشارك بصفتها وزيرة التعاون الدولي في المفاوضات مع مانحين خارجيين، وأحمد كوجك الذي كان منذ بداية عام 2016 نائب وزير المالية للسياسة المالية والإصلاحات المؤسسية، وبالتالي فهو مسؤول عن ملف الديون.

5- عزز قدرتك على تقديم خدمات استراتيجية لحلفائك أو داعميك الخارجيين؛ فهذا يجعل من القروض أو الدعم يتم على أسس غير اقتصادية.

سياسة الجزرة هذه يمكن أن تخلقها: “بالتنازل الاستراتيجي أو الوطني أو تقديم تسهيلات لأصحاب المصلحة الخارجيين وشبكات امتيازهم”.

استفادت الدولة المثقلة بالديون -في فترة مبارك- من تخفيف عبء الديون على نطاق واسع مقابل مشاركة القاهرة في التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق في أعقاب حرب الخليج الثانية 1991.

كانت هذه الإجراءات -حقيقة- جزءًا لا يتجزأ من سياسة مصر الخارجية والإقليمية، وبالتالي فهي ليست جديدة بأي حال من الأحوال. كان الرئيس مبارك يعرف بالفعل أنه يستخدم الوضع الإقليمي للبلاد لجذب الدعم المالي من الشركاء الغربيين والعرب علي السواء.

ركز نظام 3 يوليو 2013 على تقديم الجزرات والتهديد بالمخاطر إلى مؤيديه الأجانب أكثر من التركيز على تصحيح أوجه القصور في الاقتصاد، واتخذ ذلك شكل الخدمات الدبلوماسية المقدمة، كما هو الحال في غزة بين إسرائيل وحماس أو ليبيا، وحتى في مناطق أبعد في اليمن وسوريا، بالإضافة إلى تنويع التعاقدات مع الشركات الكبرى في بلدان مختلفة.

سهّلت الحكومة المصرية أيضًا على المستثمرين الخليجيين حيازة الأراضي والاستحواذ على الشركات المصرية. أصبح هذا واضحًا بشكل خاص في بداية عام 2022، عندما جمعت دول الخليج بين المساعدات المتجددة والالتزامات الاستثمارية المكثفة.

بعد تغيير العرش السعودي في بداية عام 2015، أصبحت العلاقات بين البلدين متحفظة إلى حد ما، لذلك رأى النظام نفسه مضطرًا لاتخاذ خطوة ما في إبريل/نيسان 2016. فمن أجل تأمين حزمة دعم جديدة بقيمة 22 مليار دولار أمريكي، وافق على التنازل عن جزيرتين استراتيجيتين في البحر الأحمر للسعودية كانتا تحت السيطرة المصرية.

أما بالنسبة للأوربيين؛ فقد كرر ممثلو مصر الرسميون هذه الرواية عن “مرتكز الاستقرار الإقليمي” كأنها تعويذة تقريبًا. كانت هذه السردية بمثابة تبرير أساسي لأي تعاون مع مصر.

ربطت الإدارة المصرية بذكاء مسار الديون ليس فقط بقضايا السياسة الخارجية والإقليمية، ولكن أيضًا بسياسة الهجرة والمناخ.

حددت الحكومة المصرية هاتين القضيتين باعتبارهما رافعة لتلقي أكبر قدر ممكن من المساعدات المالية من الأوروبيين. يبدو أن حقيقة حصول مصر على قروض جديدة مرتبطة بإغلاق حدودها البحرية أمام المهاجرين.

عندما هدأت أزمة اللاجئين في أوروبا، أتاحت قضايا المناخ والاستدامة للحكومة المصرية فرصة جديدة لربط سياسة الديون بقضية ذات صلة كبيرة بالمؤسسات المالية الدولية والدول الغربية المانحة. بعد أن كلف الرئيس السيسي الحكومة بتوسيع التمويل الأخضر والمستدام بشكل كبير، أصبحت مصر أول دولة في شمال إفريقيا تصدر “سندات خضراء” بقيمة 750 مليون دولار أمريكي في عام 2020.

6- “حد من سلطة البرلمان والمجتمع المدني والصحافة على الموازنة، وأكثر من خلق موازنات الظل”.

حتى قبل عام 2013، كان الإطار المؤسسي لتسخير سياسة ديون الدولة لسياسات القوة موجودًا إلى حد كبير في مصر.

في سبعينيات القرن الماضي، طوّر النظام إطارًا تشريعيًا معقدًا حد بشكل كبير من مراقبة الميزانية الرسمية للهيئة التشريعية، وبالتالي حدت كلمتها في الاقتراض، وبسبب الافتقار إلى تقييم تأثير الأثار المالية طويلة الأجل للمبادرات التشريعية، لم يكن لدى الهيئة التشريعية سوى القليل من التبصر في تطوير الدين العام.

ساهم التعديل الدستوري لعام 2014 بأن مثل هذه التدخلات لا ينبغي أن تثقل كاهل المواطنين. جعل هذا الشرط من المستحيل على البرلمانيين إدخال تعديل في الضرائب أو الجبايات كبديل للاقتراض.

حرص النظام على ألا يصبح البرلمان المصري لاعبا مستقلا في هيكل السلطة السياسية في البلاد. ظل البرلمان مؤسسة تفتقر -إلى حد كبير- إلى الكفاءات و/أو الرغبة في مراقبة السلطة التنفيذية”.

7- “اقترض واقترض ثم استمر في الافتراض مع إخفاء واقع الديون الفعلي؛ فاستمرار هذه الحلقة يعتمد على توليد دولارات جديدة، وكسر حلقة الاقتراض سيكشف موقفك المالي”، ولكن: “احرص على شهادة صندوق النقد الدولي فهي الباب الملكي لمزيد من القروض”.

كانت الإجراءات المتخذة من الحكومةالمصرية في اتفاق 2016 كافية لصندوق النقد الدولي لمنح الحكومة علامات ممتازة. كانت لهجة تقارير الحالة الدورية إيجابية باستمرار. أشاد المديرون التنفيذيون مرارًا بـ”الملكية القوية” للإدارة. وفي بيان صحفي في ختام البرنامج 2019، شدد المدير التنفيذي آنذاك، ديفيد ليبتون، على أن الإصلاحات نجحت في “تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتعافي النمو والتوظيف، ووضع الدين العام في مسار هبوطي واضح”. قال التقرير النهائي نفسه إن “السياسات الحكيمة للسلطات “ساعدت على تعزيز” قدرة مصر على الصمود في مواجهة حالة عدم اليقين المتزايدة في البيئة الخارجية التي نتجت عن جائحة كورونا.

وبناءً على ذلك، كان من السهل على الحكومة المصرية الحصول على مساعدات جديدة من صندوق النقد الدولي في عام 2020. وفي مايو/آيار من ذلك العام، مُنحت الدولة قروضًا بقيمة 2.8 مليار دولار أمريكي بموجب أداة التمويل السريع وفي يونيو/حزيران 5.2 مليار دولار أمريكي بموجب قرض احتياطي.

من ناحية أخرى ، تمكنت القاهرة من استعادة ثقة المستثمرين الدوليين. بالنسبة لهم ، كان لبرنامج صندوق النقد الدولي تأثير هام في قرارهم باقراض مصر.

لاستمرار الاقتراض: “زد من احتياطاتك النقدية حتى ولو بالقروص، وتلاعب بالمعلومات بحرفية”.

كان يُنظر إلى التوسع الهائل في احتياطيات النقد الأجنبي على أنه مفيد. ونتيجة لذلك، تمكنت البلاد من استعادة قدرتها على سوق رأس المال. بين عامي 2016 و2022، تم إصدار العديد من سندات اليوروبوند، وارتفعت حصة السندات الحكومية في الدين الخارجي وفقًا لذلك من أقل من 3% إلى أكثر من 20%.

من أجل التمكن من الدخول في التزامات قروض جديدة، كان على الحكومة المصرية تزويد دائنيها بمعلومات حول وضع ديون البلاد. وعليه، كان من الضروري أن يقوم البنك المركزي المصري بنشر إحصاءات الديون بشكل دوري. كانت هذه بمثابة معيار مهم للقدرة على تحمل الديون، سواء في تقارير الحالة الخاصة بصندوق النقد الدولي، والتي تم نشرها بانتظام منذ عام 2016 كجزء من البرامج المعنية، وفي النشرات الإلزامية لإصدار السندات والأذون الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام الإحصائيات أيضًا في اتخاذ القرارات الحكومية في البلدان الدائنة الفردية، على الأقل لتقييم المخاطر التي ينطوي عليها إصدار ضمانات ائتمان الصادرات بشكل مناسب.

كانت الحكومة قادرة على توسيع نطاق الاقتراض بشكل كبير دون أن تظهر في الإحصاءات الرسمية.

بشكل أساسي، ليس من الواضح مدى مصداقية الإحصاءات الحكومية في مصر. وفقًا للبنك الدولي، تتمتع الدولة بقدرة عالية على جمع البيانات، لكن شفافية البيانات محدودة.

التسجيل الإحصائي للقروض الأخرى موضع تساؤل بشكل كبير. يتعلق هذا، على سبيل المثال، باتفاقية قرض بقيمة 25 مليار دولار أمريكي تم إبرامها بالفعل مع روسيا في عام 2016 كجزء من مخطط بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر. حتى عام 2022، تم إدراج جزء صغير فقط، إن وجد، من المسؤولية في إحصاءات البنك المركزي المصري. في السنوات المقبلة، قد يرتفع الدين الخارجي للبلاد بشكل كبير نتيجة لهذه الاتفاقية وحدها.

لضمان تدفق القروض: “نوع المقترضين ولا تجعلهم طرفا واحدا”.

كان التعامل غير الشفاف مع الالتزامات الطارئة التي تتكبدها الدولة من خلال اقتراض الشركات العامة أو سلطات الدولة “السلطات الاقتصادية”في مارس/آذار 2021، قدرت الحكومة أن إجمالي الديون المضمونة من قبل الحكومة بلغ 19.9% من الناتج المحلي الإجمالي، ووفقًا للإحصاءات الحكومية القديمة، فإن أكثر من نصف هذا المبلغ يتم حسابه من خلال ضمانات خارجية عامة، والتي تؤمن القروض الموقعة بين المؤسسات العامة أو الخاصة والدائنين الأجانب.

8- ورط الحكومات الضامنة والمفترضة معك لضمان استمرار الاقتراض، لتحقيق ذلك: “إبرم عقود حكومية مع الشركات الأجنبية ممولة بالاقتراض الخارجي ومضمونة من حكومات هذه الشركات”.

في حين حصلت دول الخليج على وصول تفضيلي إلى قطاع الشركات المصرية، اعتمدت القاهرة على العقود الحكومية الممولة بالائتمان مع الدول الأوروبية الدائنة. حصلت الشركات الأوروبية الكبرى على عقود عامة لمشروعات البنية التحتية، والتي تم تمويلها بقروض من اتحادات مصرفية دولية.

لكن لتحقيق هذه القاعدة: “لا يجب أن يكون التعاقد مع أية شركات ولكنها شركات ذات أهمية ووزن في بلدانها الأصلية” -فأهمية الشركة في موطنها الأصلي يجعل الدول الدائنة من مصلحتها أن تحافظ على السداد.

نظرًا لأهميتها الاقتصادية في بلدانها الأصلية، وجدت الشركات المعنية أنه من السهل نسبيًا الحصول على هذه المعاملات من قبل وكالات ائتمانات التصدير المعنية، والتي بدورها جعلت التمويل من خلال القروض المصرفية المواتية ممكنًا في المقام الأول.

وجدت الحكومات الأوروبية نفسها في وضع دائن إضافي غير مباشر، لأنها تحملت مخاطر التعويض مقابل الشركات الوطنية المعنية أو البنوك التجارية الوسيطة. وبناءً على ذلك، ربما زاد اهتمامهم بالحفاظ على قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية.

في القرارات المتعلقة بدعم الميزانية الثنائية والإقراض من قبل المؤسسات المالية متعددة الجنسيات أو الدولية، والتي يكون للأوروبيين رأي كبير فيها، ربما كان هذا الظرف وثيق الصلة بالموضوع.

بالإضافة إلى الشركات الأوروبية، استفادت الشركات الصينية المملوكة للدولة بشكل متزايد من العقود العامة وفرص الاستثمار في مصر. بلغت قيمة الاستثمار والبناء مع الصين 12.8 مليار دولار أمريكي في الفترة من 2014 إلى 2019، أي ما يقرب من 80 في المائة أعلى مما كانت عليه في الفترة من 2008 إلى 2013.

9- اتبع نهج شامل للاقتراض.

النهج الشامل ضروريً لأسباب ليس أقلها أن الحكومة المصرية كانت بحاجة إلى عدة مصادر للتمويل في وقت واحد، من أجل تغطية الاحتياجات الرأسمالية الهائلة للبلاد. كانت القروض من المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية متعددة الجنسيات، وأولاً وقبل كل شيء: “صندوق النقد الدولي”، وثانيًا: “الدعم المالي الثنائي من مختلف البلدان المانحة”، وثالثًا: “الأموال من المستثمرين الدوليين”.

10- “افصل بين المشروطية الاقتصادية وتلك السياسية، فقد تقبل الأولى ولو بإصلاحات شكلية لكن يجب أن ترفض الثانية أو على الأقل ناور معها”.

الإصلاحات الشكلية تحقق معدلات نمو مرتفعة وتزيد من احتياطاتك الأجنبية ولو كان ذلك على حساب الناس أغفلت إصلاحات القاهرة بشكل منهجي المشكلات الهيكلية- ومع ذلك، تلقى النظام علامات ممتازة من صندوق النقد الدولي. تضمنت التنازلات التي تم تقديمها في النهاية إلى صندوق النقد الدولي قبل كل شيء التخفيض الهائل لقيمة العملة المصرية، وزيادة الضرائب، وخفض الدعم. كانت هذه تدابير مصحوبة بتكاليف اجتماعية كبيرة للقطاعات الأفقر من السكان، لكنها ساهمت في استقرار الاقتصاد الكلي للبلد في وقت قصير جدًا.

أخفت الخطوات المتخذة نحو استقرار الاقتصاد الكلي حقيقة أن الحكومة أغفلت بشكل منهجي إصلاحات مهمة، على سبيل المثال، لم يتم استنفاد خيارات السياسة الضريبية لتوليد الإيرادات بأي حال من الأحوال. على وجه الخصوص، لم يبذل النظام سوى القليل من الجهد لزيادة مساهمات الشرائح الأكثر ثراءً في تمويل نفقات الدولة. تخلت عن ضريبة دخل تصاعدية أقوى، وتم تأجيل إدخال ضريبة أرباح رأس المال، المخطط لها بالفعل لعام 2014، مرارًا وتكرارًا. وفوق كل شيء، لم تتم معالجة نقاط الضعف الهيكلية المتعلقة بالقطاع الخاص. وبسبب عدم استقلالية القضاء، استمر عدم كفاية اليقين القانوني وكذلك رغبة الحكومة في مكافحة الفساد المستشري بجدية.

“من المهم الفصل بين الديون وشروطها السياسية أو المعيارية التي تتضمنها” -وهذا يتطلب منك التنويع فيها مع تقديم خدمات استراتيجية لمن يفرض شروطا معيارية -كما قدمت.

“لا تقلق فان المساعدات الخارجية لا يشترط فيها الأنظمة الديموقراطية” وفق نتائج إحدى الدراسات؛ ذهب ما يقرب من ثلثي (64%) من صافي المساعدة الإنمائية الخارجية من جميع المانحين إلى بلدان لا تعتبرها مؤسسة فريدوم هاوس ديمقراطية بالكامل، في عام 2006. كانت الولايات المتحدة مؤشرا على هذا الاتجاه، حيث إن 67% من المساعدات الأمريكية في ذلك العام ذهبت إلى دول لا تعتبر ديمقراطية بالكامل.