في خطوة غير مسبوقة، قررت النقابة العامة للمحامين، الرد على قرار محكمة جنايات مطروح بالحبس سنتين مع الشغل وسنتين مراقبة لـ6 محامين في القضية المعروفة إعلاميا بـ”محاميي مطروح”، تعليق العمل في المحاكم أو الحضور أمام النيابة العامة إلى أجل غير مسمى كخطوة تصعيدية أولى، بحسب بيان النقابة.
اقرأ أيضا.. المحامون يهددون بالتصعيد ضد الفاتورة الإلكترونية.. و”الضرائب”: لا استثناءات
كما دعت النقابة العامة في بيانها رسميا، النقابات الفرعية إلى اجتماع عاجل، اليوم الجمعة لبحث الأزمة ومناقشة الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة، واتخاذ الإجراءات الواجبة حيال عدم التعامل مع الأمر، وتأكيد الحياد اللازم في إجراءات التحقيق والمحاكمة.
وأكد بيان النقابة اتخاذ الإجراءات المناسبة من مسارات قانونية بشأن جلسة نظر الطعن بالاستئناف على الحكم على محاميي مطروح والمحدد الأحد المقبل 22 يناير الجاري.
الأمر يعود إلى مشادة بين عدد من المحامين وموظفي وضباط تأمين أحد محاكم محافظة مطروح، أسفرت عن حكم بالحبس مع الشغل لمدة عامين ضد 6 من محاميي المحافظة.
حقوق وواجبات
يصف حسين الجمال الأمين العام للنقابة العامة للمحامين، تكرار الاعتداءات من قبل موظفي المحاكم على المحامين بأنها ظاهرة غريبة تحتاج إلى وقفة جادة، مطالبا بإحالة الموظفين للتأديب.
وقال الجمال لـ”مصر 360″: “ليس هناك مواطنين على راسهم ريشة، فكل فئة وفرد عضو في المجتمع له دور يؤديه بما يقتضيه طبيعة عمله وما ينظمه القانون”. واصفا قرار النقابة بتعليق العمل في المحاكم بـ”أبسط رد فعل” على تكرار الاعتداءات ضد المحامين وعرقلة عملهم في المحاكم والنيابات.
وأضاف “الجمال” أن تصعيد الموقف بمناقشة الدعوة إلى عقد جمعية عمومية طارئة، يأتي احتجاجا على التصرفات التي اعتبرها غير مسئولة من بعض الموظفين الذين يعتبرون أنفسهم لديهم حصانة من سكرتيري النيابة أو موظفي المحاكم، وأدت إلى شحن الأجواء ونقل الخلاف من دائرة الموظفين والمحامين إلى المحامين والمحكمة.
بينما قال عمر هريدي عضو مجلس نقابة المحامين، إن الاعتداءات في حق المحامين مجرد تصرفات شخصية في أماكن متفرقة أخذت صفة العموم، نتيجة الاحتكاكات اليومية بين الطرفين، موضحا: “لكن ما يؤججها من وقت لآخر، هو مدى مرونة الموظف مع المتعاملين من المحامين خلال ضغوط العمل اليومية، ورد فعل كل محامي واختلاف الثقافات بين الطرفين”.
بداية الأزمة
تعود وقائع الإحداث إلى يوم الخميس 5 يناير 2023 الجاري عندما ذهب المحامي سيد مؤمن الشهير “بسيد أبو سويطية”، إلى قاعة جنايات مطروح الدائرة الأولى، للتأكد من حكم خاص لأحد موكليه حيث لم يتم نطق الحكم خلال الجلسة فرفض الموظف إخباره وتعامل حسب شهود الواقعة من المحامين، بشكل غير لائق حتى تطور الأمر بينهما إلى اعتداء الموظف على “أبو سويطية” بالضرب ليصاب المحامي في وجهه.
وبعد تدخل عدد من موظفي المحكمة، وقع الصلح بين أطراف المشادة، لكن المحامي المعتدى عليه أصر على الحصول على حقه بالشكل القانوني وتقديم مذكرة في الموظف، وبالفعل تم تقديم مذكرة إلى النيابة العامة.
ووفقا لصفحة “صوت المحامين الأحرار” على موقع التواصل الاجتماعي “فيسوبك”، تدخل رئيس مأمورية الاستئناف العالي فى الأزمة لحلها وخلال جلسة عتاب مع سكرتير الجلسة والموظف صاحب الواقعة بغرفة المداولة، تعالت الأصوات وتجمع الحضور حول غرفة المداولة لتنتهي بطلب رئيس دائرة الجنايات بحضور الجميع في استراحته، ليفاجأ المحامون بتوجيهه اتهامات بالتعدي على الموظف واقتحام غرفة المداولة وممارسة أعمال البلطجة واستعراض القوة بناء علي مذكرة من عضو يسار دائرة جنايات مطروح، التي أكد فيها اتهام المحامين بمشاهدة واقعة البلطجة والتعدي على الموظفين.
وعلى إثر مذكرة المستشار جمال عبدالناصر، أمرت نيابة مطروح العامة بضبط وإحضار المحامين المتهمين، وقررت حبسهم احتياطيا 7 أيام. ثم جددت حبسهم 15 يوما في جلسة 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، حتى تم الحكم ضدهم بالحبس عامين مع الشغل، ومراقبة عامين آخرين.
قال هريدي لـ”مصر 360″ إن القضية لم تشهد مخالفات من الناحية الإجرائية، مضيفا أنه بحسب قانوني الإجراءات الجنائية والمرافعات المدنية، أُحيل المحامين المتهمين إلى المحاكمة الجنائية بشكل إجرائي صحيح، وبالفعل حضر المحامون المتهمون، ورفضوا الترافع وحٌجزت القضية للحكم، وبالفعل تم الحكم لأن قضايا الجنح تتميز بسرعة الإجراءات”.
ويرى عمر هريدي، عضو مجلس النقابة العامة، أن مجلس النقابة تعجل في رد فعله، مضيفا أن البيان خرج بدون استشارة كل أعضاء المجلس.
الفاتورة الإلكترونية
“هريدي” أكد عدم وجود أي علاقة بين الأحداث الأخيرة الخاصة بموقف المحامين من الفاتورة الإلكترونية، قائلا: “الدولة لا تدخل صدام مع أفراد ولا تأخذ مواقف ضد مواطن، وليس من المنطق أن تحرض أو تتفق مع الموظفين على ارتكاب هذه التصرفات الاستفزازية تجاه بعض أعضاء النقابة”.
وقال إن المحامين خرجوا للتظاهر، مثلهم مثل أي فئة أخرى، تعبر عن تحفظها من قرار الفاتورة الإلكترونية، وأنها تظل أثر من أثار ضريبة القيمة المضافة، وأصبح من الضروري التسجيل فيها، لكن النقابة طعنت عليها أمام المحكمة الدستورية، وأوصى تقرير مفوضي الدولة بعدم دستورية القرار.
ومن ناحية أخرى، قال الأمين العام للنقابة العامة للمحامين، إن الأمر الآن في يد مفوضي الدولة، موضحا أنه في حالة صدور حكم بعدم الدستورية، سيكون قرار فرض الفاتورة الإلكترونية باطلا.
أجواء احتقان
بالعودة إلى قضية محاميي مطروح، يقول الأمين العام لنقابة المحامين، إن الوضع الحالي غير مرضي ويثير غضب جموع المحامين، خاصة عندما تم الإفراج عن الطرف الثاني فى القضية من الموظفين المتهمين بالتعدي على المحامين، رغم أن الواقعة مثبتة بالكاميرات والشهود، معتبرا أن ما حدث، استهداف وانحياز في تطبيق القانون.
لكنه أكد العلاقة الطيبة بين المجلس الأعلى للقضاء وعموم القضاة، وبين المحامين، في إطار علاقة ينظمها القانون، لكن تتبع الأحداث والاعتداءات وربطها والدخول في إضراب سيؤثر على الدولة ككل ويؤدي إلى إهدار ملايين الجنيهات يوميا بسبب وقف العمل في المحاكم.
نقيب المحامين يعلق
من ناحيته، يقول نقيب المحامين عبد الحليم علام، إن كل أزمة لها ظروفها الخاصة ومقتضيات معالجتها تختلف عن الأحداث السابقة، ولا يوجد منهج في الأزمات متبع ضد المحامين، لكنها أحداث وليدة اللحظة تنتج بسبب مجموعة من الإجراءات الإدارية التي يمارسها المحامي في ظل منظومة عمل معقدة.
وصرح نقيب المحامين لـ”مصر 360″ أن هناك تواصل مع وزارة العدل بتدخل من رئيس محكمة استئناف الإسكندرية ووزارة الداخلية لتدارك الأزمة وحلها قريبا، مضيفا: “نحتاج إلى آلية مشتركة للتعامل بشكل واضح ومحدد مع مؤسسات الدولة المختلفة يتم التوافق عليها لاحتواء مثل هذه الأحداث اليومية المتكررة في العمل والتي تنتج مثل هذه المشكلات، وبدأنا مع وزارة المالية في تشكيل لجنة دائمة بين النقابة والوزارة لاحتواء كافة الأزمات الضريبية التي تحدث أثناء تطبيق الضريبة”.
كما أعلن النقيب أنه خلال اجتماع مجلس النقابة الطارئ سيتم طرح مبادرة محددة تختص بطلبات وإجراءات المحامين في المحاكم وتسهيلها لتخفيف الضغوط، كما أكد حصول النقابة على وعود قاطعة من وزارة العدل لتحقيق ذلك.