مذ وافق مجلس النواب على تعديل أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، والتي قضت بإنشاء صندوق استثماري لهيئة قناة السويس، يحق له بيع أو شراء أو استئجار أو استغلال أصوله الثابتة أو المنقولة، فُتح باب كبير للمخاوف والتساؤلات والجدال حول مصير أهم الأصول المصرية على الإطلاق، جدال وصل إلى الرأي العام. خاصة وأنه تزامن مع الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي، وموجة الاستحواذات الخليجية على الأصول المصرية في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.
ولم يستدع هذا الجدال فقط تساؤلات الاقتصاديين حول نصوص المشروع ومضامينه ودلالات توقيته وجدوى ومبررات الصناديق الخاصة وحدود خضوعها للرقابة والمحاسبة والعلاقة مع الموازنة العامة للدولة. بل امتد إلى طرح النخب السياسية مخاوف حول مدى مساس مشروع القانون بالسيادة ومصالح الأمن القومي والكرامة الوطنية.
هذه المخاوف والتساؤلات حول الجدوى والسيادة ومخاطر المساس بقناة السويس، التي تمثل رمزية تاريخية راسخة في وجدان المصريين حول الاستقلال والتحرر الوطني، طرحها موقع “مصر 360” في ملف خاص تحت عنوان “صندوق قناة السويس“، تناول فيه تقارير وآراء مختلفة، نشرت عبر الموقع لكتاب مصريين بارزين.
للاطلاع على الملف كاملًا :
دوافع تأسيس الصندوق
يناقش المحرر الاقتصادي بـ “مصر 360” محمد سيد أحمد، دوافع تأسيس صندوق، في تقرير يتناول فيه تفاصيل التعديلات الخاصة بإنشاء الصندوق، فيذكر أن طبيعة التشكيل المفترض لمجلس إدارة الصندوق تظهر فحوى تأسيسه، الذي يتضمن شقًا استثماريًا كبيرًا. بينما يتناول مهامه المفترضة، ودوره في سياسة التحوط التي تحاول الحكومة اتباعها لتقليل أضرار الأزمة الاقتصادية العنيفة الحالية.
كذلك، يستعرض المحرر التحديات التي واجهتها القناة خلال السنوات الماضية، وكان أخطرها جنوح السفينة “إيفرجيفن” في مجرى القناة في مارس/آذار 2021، حين تعطلت الملاحة البحرية 6 أيام حتى نجحت جهود تحريكها وعودة فتح الممر للسفن المحتجزة خلفها. كما يستند إلى آراء خبراء اقتصاديين فيما يتعلق بتقييم الدور المفترض أن يناط إلى الصندوق المزمع إنشاؤه.
اقرأ أيضًا: «صندوق قناة السويس».. الضرورات لا تبيح محظورات الأمن القومي
جدل ومخاوف على السيادة
وفي استعراضها لحالة الجدل، تتناول محررة “مصر 360” ألفت كامل، ما أثارته بعض أبرز الرموز السياسية والاقتصادية والأحزاب المصرية من مخاوف حول سيادة مصر على أهم أصولها.
وعرضت المحررة لتبريرات الحكومة لمشروع القانون بإعلان الصندوق الجديد، وتأكيدات رئيس مجلس النواب، المستشار الدكتور حنفي جبالي، على أن قناة السويس مال عام لا يمكن التفريط فيه، وأن مشروع القانون المقدم من الحكومة لا يتضمن أي أحكام تمس قناة السويس. ذلك كونها من أموال الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو بيعها.
وكذلك، استعرضت المحررة ما نص عليه الدستور في شأن حماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممرًا مائيًا دوليًا مملوكًا لها. كما يلزمها بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزًا اقتصاديًا متميزًا.
للاطلاع على الملف كاملًا.. اضغط هنا
تساؤلات حول الموازنة العامة للدولة
يطرح الكاتب محمد سالم هذه الأزمة عبر محاولة تفسير أسباب التخوف من إنشاء الصندوق. وهو يرى أن هذه الحساسية المفرطة تجاه هذا المشروع سببها الغموض الذي شاب بنوده، وعدم إتاحته لوقت كاف من النقاش العام كما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه، فضلًا عن حالة القلق والضيق العام جراء ضغوط الأزمة الاقتصادية الراهنة التي نعيشها منذ شهور.
ويقدم الكاتب عرضًا مدعومًا بالبيانات حول أهمية القناة كمصدر ثابت وتاريخي للنقد الأجنبي في البلاد. وكذلك يتناول أهميتها في الموازنة العامة للدولة، التي ستتقلص حصتها من إيرادات القناة لصالح الصندوق الجديد. وهو أمرأثار اعتراض الكثيرين، يقول الكاتب إنها اعتراضات لها وجاهتها، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن معظم هذه الإيرادت المدفوعة للموازنة تخصص لدعم السلع التموينية.
مبررات الصناديق الخاصة
في مقاله، يتناول الكاتب مدحت نافع الصناديق الخاصة من زاوية مبرراتها وأهميتها. فيقول إن اللجوء إليها دومًا يكون وليد الحاجة، لتمكّين الكيانات والهيئات ذات الطبيعة المتفردة من التحرّك بمرونة أكبر، بعيدًا عن جمود القانون العام وتقييده.
لكنه يشير إلى أن توافر المرونة لا يجب أن يتعارض مع متطلبات الحوكمة. بل ربما يتهيأ لتلك الصناديق قواعد حوكمة أكثر اتساقًا مع أنشطتها وأهدافها من تلك التي تحكم أبواب الموازنة العامة على اتساعها وتنوعها.
وهو يرى أن من الصناديق الخاصة ما ساعد الكيانات المصدِرة لها على إعادة استخدام جانب من مواردها في مشروعات للبحث والتطوير تضن بها أبواب الموازنة العامة. ومن تلك الصناديق ما أمكن تخصيصه لاستقطاب المهارات الاستثنائية التي لا يناسبها هيكل الأجور والرواتب الحكومية الزهيدة. من هنا كانت الصناديق تتسع لتلقي مساعدات عبر منظمات ومؤسسات معتبرة، لتغطية جانب من تكاليف تلك الرواتب والأجور.
كذلك يتطرق الكاتب إلى مشكلة فرط المركزية في اتخاذ القرارات التنموية في مصر. وهو وإن كان من مؤيدي فكرة الصناديق الخاصة لحل الأزمات، يشدد على أن الضبط والرقابة عليها ضرورة يمكن أن تتحقق عبر نظم مراجعة داخلية وخارجية، وإدارة مخاطر مؤسسية متعددة المستويات، وبأداء أكثر تخصصًا وفهمًا لطبيعة النشاط من أداء كثير من نواب الشعب.
للاطلاع على الملف كاملًا.. اضغط هنا
القناة وضعف الذاكرة
وفي مقال يحمل عنوان “بين نقص المناعة وضعف الذاكرة”، يربط الكاتب عبد العظيم حماد بين فكرة إنشاء الصندوق وغياب الوعي المكاني والزماني الحكومي حول أهمية القناة في الذاكرة الوطنية والسياسية. وهو ينتقد انعدام التمهيد السياسي -ومن ثم الإعلامي الجاد- من خلال حوار مجتمعي شامل حول المشروع الجديد.
كذلك يشير الكاتب إلى أن المخاوف التي أثارها الصندوق إنما منبعها في الأساس إهمال الحكومة إطلاع الرأي العام على تفاصيل ما يتخذ من قرارات ومشروعات تمس حياتهم. ويستشهد بتصريحات وزير المالية محمد معيط حول عرض سابق بالاستثمار الأجنبي في القناة رفضته مصر، دون أي تفاصيل حول مقدمي هذا العرض وتوقيته.
اقرأ أيضًا: صندوق قناة السويس.. إطفاء الحرائق لا إشعال المزيد منها
قبل أن تنفتح بوابات الجحيم
محذرًا من فتح بوابات الجحيم، يقول الكاتب عبد الله السناوي إن قضية صندوق قناة السويس الجديد ليست اقتصادية أو استثمارية بقدر ما هي مسألة مصير وأمن قومي.
ويتناول الكاتب النصوص الواردة بالتعديلات التي أدخلت على القانون. ويقول إنها تفتح الباب بشكل صريح للمخاوف حول أصول القناة ومحاولة بيعها. طارحًا عددًا من التساؤلات حول الخطوات التالية التي تعقب تمرير القانون: مَن الشركاء المحتملين في شركات الصندوق؟.. بأية شروط وحسابات في مسائل تدخل بطبيعتها في اعتبارات الأمن القومي وسيادة مصر على قرارها؟.. ما علاقة ذلك كله بالمفاوضات التي جرت مع صندوق النقد الدولي؟!.. وهل هناك احتمالات لاستصدار صكوك بضمان قناة السويس أو طرح أسهمها في البورصات الدولية؟.
وبينما يستعرض -في مقاله- تاريخ القناة وما قدمه المصريون من تضحيات في سبيل حمايتها، يختتم بضرورة أن تتدبر الحكومة مصير هذا الشريان الحيوي بتعقل، وأن تتحدث ما يسميه قوى البلد الحية بوضوح، وأن تضغط وتلح على سحب القانون لسلامة البلد كله بعيدا عن بوابات الجحيم.