طرح بيان محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، عن الانتخابات الرئاسية القادمة، وأهمية اتفاق القوى السياسية على الدفع بمرشح أو أكثر لخوضها في 2024، أسئلة عن قدرة التيار المدني المعارض على بلورة مشروع يُمكِنه من المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري، كما حدث في الانتخابات الرئاسية التي تلت ثورة يناير مباشرة عام 2012. ولكن “الراهن والحالي” الذي ورد في بيان السادات بشأن الدعوة لا نتخابات رئاسية مبكرة هو الذي استدعى من القوى السياسية موقفا ورأيا. وهنا نبسط حيثيات مواقف القوى السياسية من هذه الدعوى.
فبالأمس، أصدر “السادات” بيانًا، يرفض فيه “دعوات خارجية” طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. حيث أكد على شرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي الدستورية القائمة. وشدد على “عدم جدوى مطلب إجراء انتخابات مبكرة. خاصة وأن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية العام المقبل “2024”. في حين لا يجب إرباك المشهد السياسي الحالي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المصريون جميعًا، على حد وصف البيان.
وقد خاطب السادات -في بيانه- القوى المدنية، قائلًا إن المنطق والعقل يحتمان على الأحزاب والشخصيات المستقلة التفكير جديًا بـ”استعراض فرص إعداد مرشح رئاسي تتوافر فيه الشروط الدستورية والقانونية من كفاءة وخبرة حتى يمكن أن ينافس من خلال حملة انتخابية على مستوى عال”.
وتساءل: “هل تستطيع القوى السياسية والشعبية ومعهم جماعة المثقفين الاتفاق على مرشح أو أكثر يتم المفاضلة بينهم والدفع بهم لعمل استطلاع رأي بشأنهم من خلال تلاحم شعبي ومؤسسي من الآن، ووضع برنامج وخطة عمل متميزة للتنفيذ حال نجاحهم حتى نشهد مرة أخرى انتخابات حرة ونزيهة على نمط الانتخابات الرئاسية 2012 غير معروف نتائجها سلفا ويظل الجميع ينتظر ويترقب الفائز حتى لحظة إعلان النتيجة ويتم احترام نتائج الانتخابات وشرعيتها للتوجه نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة؟”.
زهران: السلطة لا تفتقد للشرعية
“السلطة الحالية لا تفتقد إلى الشرعية الدستورية حتى ندعو لانتخابات مبكرة”؛ يؤكد فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي. وهو يتفق مع السادات في رفض دعوة الانتخابات تلك أو الدعوة لإسقاط شرعية السلطة الحالية، رغم -وبحسب كلامه- الاختلاف معها في مواقف ومنعطفات مهمة، على رأسها اتفاقية “تيران وصنافير”، والتعديلات الدستورية، والموازنة العامة، وأولويات الإنفاق على المشروعات الكبرى.
وبحسب “زهران”، فإن جميع القوى السياسية بالداخل تعمل بكل طاقتها في إطار من الشرعية الدستورية على المشهد الانتخابي القادم. يقول: “في حال توافرت الشروط والإمكانات الدستورية لإجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية نزيهة في 2024، فإن كل القوى السياسية ستشارك”.
الزاهد: الأولوية للإصلاح السياسي والاقتصادي
كذلك، يعطي مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الاشتراكي، أولوية للاهتمام بالإصلاح السياسي والاقتصادي في الوقت الراهن، والضغط من أجل تحقيق هذه الإصلاحات؛ لتجاوز الأزمة الراهنة.
ويعتبر “الزاهد” الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة تعقد المشهد وتعطل الإصلاحات التي تنادي بها الأحزاب المدنية. “هناك مشكلات وقضايا هامة حاليا.. نريد أن نكون جزءًا من الحل وليس جزءًا من الأزمة”؛ يقول.
وهو أيضًا يرى أن الوضع الحالي يستوجب من القوى السياسية تقديم بدائل عملية للأزمات المتراكمة التي تواجهها البلاد، وأن تعمل على خطة إنقاذ وطني. ويضيف أنه على من يرغب في الترشح للانتخابات القادمة أن يستعد. إذ يجب بلورة برنامج توافقي وطرح مرشحين. خاصة وأن الانتخابات الرئاسية باتت أقرب ما يكون.
داود: لا نتفاعل معها
ويؤمن خالد داود، المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية التي تضم 12 حزبًا، بأن عملية إجراء الانتخابات الرئاسية مرتبطة بمواعيد محددة ستجرى في حينها “2024”. وقد نفى إمكانية أن تتفاعل الحركة المدنية بأي مواقف سياسية مع الحركات التي تدعو من الخارج لانتخابات مبكرة. خاصة وأنها دعوات من تيارات مجهولة غير ممثلة على أرض الواقع. وقد أكد -في الوقت ذاته- على أن النقاش حول الانتخابات المقبلة في 2024 داخل الحركة غير مطروح حاليًا.
عمرو هاشم ربيع: لا توجد رغبة شعبية
ويرى الكاتب السياسي الدكتور عمرو هاشم ربيع، عضو مجلس أمناء “الحوار الوطني”، أن ما يجعل الحديث عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أمرًا غير مطروح في الوقت الراهن، هو عدم وجود رغبة شعبية في ذلك.
ويضيف أن المشهد يعاني من عدم وجود بدائل متنوعة حتى لانتخابات 2024، بسبب ضعف الأحزاب السياسية في طرح برنامج رئاسي بديل، والالتفاف حول شخصية عامة وتقديمها للشارع.
وهو يرجع ذلك إلى ما تتعرض له الأحزاب المصرية منذ تأسيسها عام 1976 من ضغوط في الداخل، مرتبط بهشاشة التنظيم، وقلة التمويل، ودكتاتورية القيادة، وسطوة الأمن، وإعمال قانون الطوارئ والملاحقة الأمنية لكوادرها، بدءًا من التأسيس وصولًا للعمل.
ويقول “ربيع” وهو نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن من بين العوائق التي تُحِد من قدرة الأحزاب على تقديم مرشح رئاسي بديل، هو عدم قدرتها هي نفسها على تطوير ذاتها داخليًا، بوضع أسس ضامنة لتداول السلطة داخلها، عوضا عن الوضع الحالي المتعلق باستبداد القيادات وسلطوية اتخاذ القرار.
ويشدد على ضرورة أن يكون لدى الأحزاب الرغبة في تجديد دمائها، بأن تكون المناصب الحزبية بالانتخاب، ويتم تداول السلطة في المواقع القيادية داخلها. بل والأهم أن تكون تلك الخطوات هي آليات لتدريب المواطن عضو الحزب أو من هم خارج العضوية الحزبية لكسب المصداقية، على حد قوله.
أيضًا، يشير “ربيع” إلى أزمة استمرار الشكل الانتخابي القائم على “القائمة المطلقة”، التي وصفها بأنها تجعل التمثيل في البرلمان أقرب إلى التعيين المقنع. خاصة مع الأحزاب القريبة من دوائر صنع القرار. وهو من المؤيدين للنظام النسبي. ذلك لأنه يعطي الفرصة للأحزاب في الحصول على مكان ويدعم تواجدها، ومن ثم وصولها للمجتمع.
كذلك، يلفت “ربيع إلى دور الدولة في تشجيع الأحزاب على طرد فكرة الخوف من المشاركة في الانتخابات. وهو الأمر الذي لن يتحقق إلا بفتح المجال العام والإفراج عن المعتقلين وإطلاق حرية الإعلام ووجود قضاء مستقل ومجتمع مدني متطور، كما يقول، مضيفًا: “على سبيل المثال بلغت القضايا التي ناقشها الحوار الوطني 129 قضية. ليس من بينها قضية الانتخابات الرئاسية. هذا أمر يبين أن هناك حاجة ملحة وضرورية لفتح الأفق السياسي والمجال العام أمام مناقشة كل القضايا بحرية، إذا كانت هناك رغبة حقيقية في الإصلاح”.