4 أشهر الآن تمضي على اعتقال المصري الشاب أحمد ضيوف في السعودية، دون حراك واضح من المثقفين المصريين أو الناشرين الذين اختطف أحمد من وسطهم، أو الدولة المصرية.

كل ما فعله ضيوف هو ريتويت لخبر عن واشنطن بوست عن مقتل جمال خاشقجي، وخبرا آخر عن اعتقال الشيخ سفر الحوالي على يد أفراد الأمن السعودي، بسبب كتابه “الإسلام والحاضرة الغربية”، ومنشور آخر عن اعتقال ثلاثة من أفضل ممن كتبوا في الرقائق القرآنية على يد السلطات السعودية.

كان ذلك في العام 2018، أي قبل 4 سنوات من اعتقاله. وقد كتب تلك التغريدات على حسابه على تويتر غير النشط، والذي لا يجمع سوى متابعين قلائل، كما أنه كتب تلك التغريدات وهو داخل أرض مصرية كمواطن مصري، وأغلبها لا يخرج عن أخبار متداولة في الصحف العالمية، كما أنه ليس معروفا بأي نشاط سياسي، وينصب اهتمامه على الأنشطة المتعلقة بالثقافة والنشر.

فوجئ أحمد بمواطن سعودي ينبش في حسابه غير النشط، ويطالب بمنعه من المشاركة في المعرض.

رغم أن أحمد أغلق الحساب بعد تهديد المواطن السعودي، إلا أنه جمع سكرين شوت لتغريداته وأعاد نشرها، في بلاغ للسلطات في السعودية بالتزامن مع إعلان أحمد مشاركته في معرض الرياض الدولي.

ظن ضيوف أن الأمر انتهى عند هذا الحد، لكنه فوجئ في أثناء وجوده في المعرض بأفراد من الأمن السعودي يطلبون منه المغادرة معه، حيث توجهوا به إلى الفندق الذي أقام فيه، وفتشوا أغراضه وصادروا حاسوبه، وهاتفه المحمول كأحراز، ثم اقتيد لجهة غير معلومة، ثم قضى شهرا ونصف في زنزانة حبس انفرادي بدون عرض على النيابة أو تحقيق رسمي أو اتهام واضح، ثم نقل لاحقا إلى سجن الحائر في جنوب الرياض، بدون عرض على نيابة أو إخطار بالسفارة وأيضا دون توجيه اتهام.

وهي المعلومات التي لم تعرفها أسرة ضيوف وزملائه في دار النشر من السفارة المصرية، أو من الخارجية المصرية، رغم تواصلهم مع تلك الجهات، بل عبر توسل شاق للمعلومات نجحوا فيه بعد توكيل محام سعودي.

منذ ذلك الحين، لم يتخذ اتحاد الناشرين المصري أو العربي أي موقف سوى الصمت المخزي، ولم يكتب حرفا واحدا عن ضيوف في وسائل الإعلام المصرية، سواء في الصحف أو المواقع أو البرامج.

ما حدث هو عار علينا جميعا، ليس فقط كمثقفين، فضيوف بالدرجة الأولى هو مواطن مصري له حق على مؤسسات الدولة.

وهل السعودية مثلا هي ثقب أسود يختفي فيه مواطنون قدموا إليها ليس كأجانب مقيمين، بل مشاركين في أنشطة وفعاليات تصرف عليها المملكة المليارات من أجل تحسين صورتها وتغيير مناخها إلى مناخ من حرية الرأي والانفتاح بعد عقود طويلة من التزمت.

وهل تتكرر تلك الواقعة مع أي مشارك مصري في أنشطتهم، دون أن يتوقع رد فعل من المؤسسات الرسمية المصرية، وهل دولة بحجم مصر يمكن أن يهان أحد مواطنيها إلى هذا الحد، دون موقف قوي، بل ودون حتى قدرة على تحسين ظروف الاعتقال أو الحبس أو ضمان محاكمة مفهومة وعادلة له.

هل الشيء الوحيد الذي أستطيع فعله، هو مقاطعة فكرة السفر من أجل المشاركة في أي نشاط على الأراضي السعودية، ليس فقط من أجل التضامن مع أحمد، لكن خوفا من رأي عابر قد أكون كتبته في غفلة مني، طالما أني لا أطمع حتى في بضع كلمات في بيان يصدر عن ناشرين مصريين، ولا أقول الناشرين العرب.