في سبتمبر/أيلول 2016 ألقي القبض على الصحفي حمدي مختار وشهرته “حمدي الزعيم” أثناء دخوله مقر نقابة الصحفيين في شارع عبد الخالق ثروت بوسط القاهرة، قضى في الحبس الاحتياطي ما يقرب من عامين، قبل أن يخرج منه بتدابير احترازية استمرت لعامين ونصف آخرين، إذ كان عليه الذهاب إلى قسم الأميرية حيث محل إقامته، ثلاثة أيام في الأسبوع.
مجددا في 5 يناير/كانون الثاني 2021 ألقي الأمن القبض على “الزعيم” واقتيد إلى جهة غير معلومة، بقي فيها 12 يوما كاملة، قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة طوارئ على ذمة القضية رقم 955، متهما ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
اقرأ أيضا.. 34 شهرًا في انتظار قوائم إفراج تخلو من اسم “أحمد علام”
ابنته ضمن الدفاع
ابنة “الزعيم” الكبرى “ميرنا” التي تخرجت قبل عامين في كلية الحقوق وتعد رسالة ماجستير، قررت أن تكون أول قضية تترافع فيها كمحامية، هي قضة والدها المحبوس. قرار الترافع عن والدها سبقه قرار آخر بتأجيل الارتباط إلى أجل غير مسمى لحين الإفراج عن “الزعيم”.
“ميرنا” قالت لـ”مصر360″: “أصعب لحظات تمر عليا في حياتي العملية، هي أثناء الوقوف أمام هيئة المحكمة للدفاع عن والدي، حاولت مقاومة الشعور بالعجز وقلة الحيلة. أمام القاضي الذي ينظر القضية، والدي قال لي (احتفلت بعيد ميلادك في السجن يا ميرنا).. وكأنه يريد الاحتفال بي مجددا أمام المحامين وهيئة القضاء”.
أضافت “ميرنا” أن والدها تجاوز مدة الحبس الاحتياطي، إضافة إلى أنه يعاني أمراضا مزمنة تقتضي الإفراج الصحي عنه في أسرع وقت، منها إصابته بجلطة في الساق.بالإضافة إلى كونه عائل وحيد لأسرته المكونة من 4 أبناء. تقول: “طالبت وباقي فريق الدفاع عنه في آخر جلسة بتاريخ 17 يناير/كانون الثاني الماضي، بإخلاء سبيله بأي ضمان تراه هيئة المحكمة”.
7 سنوات سجن و”تدابير”
“الزعيم” اقترب من سبعة أعوام في الحبس الاحتياطي وما يسمى التدابير الاحترازية دون محاكمة. أسرته وهيئة الدفاع عنه تقدموا بعدة طلبات أكثر من مرة، للإفراج عنه أو نقله على الأقل للعلاج بعد تدهور وضعه الصحي، لكنهم لم يتلقوا أي استجابة حتى اليوم، وفقا لزوجته أماني عبد العزيز، ما أدى إلى مزيد من التدهور في وضعه الصحي.
وبحسب زوجته أيضا، تضيّق إدارة سجن أبو زعبل ثان على أسر المحبوسين وتمنع وصول الطعام إليهم، كما تمنع وسائل التدفئة كالمراتب والبطاطين، فقط يمكنهم الاطمئنان عليه من خلال الزيارة الرسمية. تقول “عبد العزيز”: “في كل قائمة إفراج جديدة ننتظر أن يكون اسمه من بينها، لكن للأسف يصاب أبناؤه بخيبة الأمل عند كل مرة من كثرة الانتظار”.
“الزعيم” 44 سنة، ولديه من الأبناء “ميرنا” خريجة كلية الحقوق، و”ملك” طالبة في كلية التجارة، و”فارس” تلميذ في الصف السادس الابتدائي، و”مالك” وعمره 6 سنوات.
عمل “الزعيم” مصورا صحفيا بعد حصوله على ليسانس الآداب من قسم الاجتماع جامعة القاهرة، وبدأ مشواره بالعمل في جريدة “الشعب” قبل إغلاقها، ثم مصور في عدد من القنوات والمواقع الإخبارية.
“فارس” التلميذ في الصف السادس الابتدائي، وجه رسالة إلى لجنة العفو يطالب فيها بإطلاق سراح والده عبر حسابه في “فيسبوك”: “أنا فارس ابن المصور الصحفي حمدي مختار.. بابا بقاله سنتين محبوس. أنا شوفتك في التلفزيون بتقول إن الصحفيين كلهم هيخرجوا.. ليه بابا مخرجش لغاية دلوقتي.. عايز ألعب معاه وعايزه يوديني المدرسة”.
الأسرة من ناحيتها حريصة على عدم إخبار ابن “الزعيم” الأصغر “مالك”، بحقيقة الأمر أو تفاصيل القبض على والده، وتفسر دائما غيابه بالسفر خارج البلاد للعمل. تسأل الأم: “إلى متى يمكنني إخفاء الأمر عنه؟”.
تجديد وراء تجديد
يواجه حمدي الزعيم في حبسته الثانية الحالية “القائمة سابقة التجهيز” من اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وهي نفس التهم التي وجهت له في حبسته الأولى. كما أنها ذات التهم التي توجه “تلقائيا” في العادة لغالبية المحبوسين احتياطيا.
حساب “الزعيم” في “فيسبوك”، كتب الجمعة 3 فبراير/شباط 2023: “السنة الثالثة حبس احتياطي، ادعو لحمدي بالعودة قريبا”.
تقول زوجته إنه للسنة الثالثة يتم التجديد له دون وجود أحراز أو أدلة أو حتى تحقيق. تضيف: “زوجي مستقبله مجهول وأولادي محتاجين أبوهم. حياتهم معطلة. بيمر عليا مواقف مش بعرف أتصرف فيها محتاجة زوجي أتسند عليه. ويجوز بناته اللي كبروا. كل الشباب اللي بيتقدموا لميرنا برفضهم، ماهو يعني هيحطوا أيدهم في أيد مين”.
تناشد زوجته وأبناؤه، أعضاء لجنة العفو الرئاسي، والجهات المختصة بفحص حالة “الزعيم” وإخلاء سبيله صحيا خاصة وأن فريق الدفاع أخبرهم أنه على غير المعتاد وقبل انقضاء مدة التجديد الأخيرة، التجديد يتم كل 45 يوما، وسيكون له جلسة تجديد بعد غد الاثنين 13 فبراير/شباط الجاري. تختتم زوجته: “يارب يحصل المرة دي ويخرج”.