سلطت نشرة MED This Week، الضوء على الزلزال الهائل الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين الماضي، ٦ فبراير/ شباط الجاري، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف وخلف آثارا هائلة للدمار في البلدين.

طرحت النشرة، الصادرة عن المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية عدة أسئلة، منها: ما هي التداعيات المحتملة لمثل هذه الكارثة؟ كيف يتحرك المجتمع الدولي للتعامل مع تداعيات ذلك؟ ما هي التحديات التي تنتظرنا؟ بينما استطلعت آراء عدد من محللي المعهد حول إجاباتها.

مشاكل اقتصادية ضخمة

يقول جوني يلدز، زميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا فقيرة. حيث توجد الصناعات الرئيسية في ملاطية وغازي عنتاب. هذه المنطقة -التي وقع فيها الزلزال- هي موطن لعدد كبير من اللاجئين الأكراد والعرب والسوريين، وتعتبر غازي عنتاب عاصمة للاجئين السوريين في تركيا.

وهو يرى أن ضائقة اقتصادية طويلة الأمد ستعقب خسارة الآلاف من الأرواح وتدمير البنية التحتية والمنازل في مناطق الزلزال. وأنه علاوة على ذلك، تواجه هذه المجتمعات بالفعل مآس متعددة ستتفاقم مع نقص الوصول إلى الاحتياجات الأساسية.

وقد تجاوزت الخسائر الاقتصادية المقدرة للكارثة 35 مليار دولار. وهو رقم يمكن أن يوضح مدى كارثية الوضع على الاقتصاد التركي الهش بالفعل. لذلك، فإن التكلفة البشرية للزلزال مع مرور الوقت ستتجاوز الخسائر الفورية والهائلة حاليا في الأرواح.

وفي ظل هذه الخلفية، من غير الواضح كيف يمكن إجراء الانتخابات القادمة -رئاسية وتشريعية- والمقرر لها 14 من مايو/ أيار القادم في المدن العشر المتضررة من الزلزال. ما يجعل من المحتمل جدًا تأجيلها، على حد قوله.

جوني يلدز
جوني يلدز

صحفي مقيم في لندن وباحث في قضايا تركيا والأكراد والشرق الأوسط مع المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ومعهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن العاصمة.

تحديات سياسية

ووفق فاليريا تالبوت، رئيسة مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد الإيطالي، فإن الكارثة التي حلت بإحدى المناطق الأقل نموًا في البلاد (تقصد في تركيا)، والتي تضررت بالفعل من تداعيات الحرب الأهلية في سوريا المجاورة، مقدر لها أن تترك أثرًا طويل الأمد.

هنا، سيتعين على الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” الحاكم أن يظهرا أنهما قادران على تلبية احتياجات السكان المتضررين من الزلزال. لا سيما في ضوء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد.

وتضيف تالبوت أنه في الواقع، حدث الزلزال في الوقت الذي تعاني فيه البلاد بالفعل من توتر بسبب الصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدل التضخم في أعقاب ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية بعد حرب أوكرانيا.

فاليريا تالبوت
فاليريا تالبوت

زميلة أبحاث أولى ورئيسة مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمعهد ISPI، وهي مسئولة عن دراسات الشرق الأوسط. وهي أيضًا محاضرة في ماجستير دراسات الشرق الأوسط في ASERI – الجامعة الكاثوليكية، وفي جامعة IULM في ميلانو.

الدمار السوري

لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتشاتام هاوس، تقول إن هذه الزلازل دمرت السكان المحليين في سوريا؛ في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون والنظام أيضًا.

لكن تبقى مسألة الحصول على المساعدة واحدة من أكثر القضايا الخلافية في هذه الأزمة. إذ أن هناك معبرا حدوديا واحدا  فقط، وهو باب الهوى. وهو مفتوح حاليًا بين تركيا وسوريا. ما يحد من كمية ووتيرة المساعدة التي تصل إلى شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.

كذلك، قصف نظام الأسد منطقة مارع في المنطقة بعد وقت قصير من وقوع الزلزال. وهناك مخاوف من استمرار مثل هذه التفجيرات. ما يزيد من حجم الدمار ويعوق عمليات الإنقاذ. ولهذا سلطت منظمة الدفاع المدني من الخوذ البيضاء الضوء على تأثير الزلازل على القائمين بأعمال الإنقاذ، كونهم من سكان شمال غرب سوريا.

ويظهر من البيانات والأخبار أن حجم الدمار أقل في المناطق التي يسيطر عليها النظام، كونها واقعة على مسافة أبعد من مركز الزلازل. حيث يتم بالفعل توزيع المساعدات المرسلة من دول عربية مثل الإمارات العربية المتحدة ومصر إلى دمشق على تلك المساحات من الأراضي.

ومع ذلك، فإن الطبيعة الفاسدة لنظام الأسد تعني أنه حتى هؤلاء السكان لا يمكن ضمان وصولهم الكامل للمساعدات القادمة. كما تصر السلطات هناك على أن أي مساعدة يُقصد بها العبور من مناطق النظام إلى المناطق غير التابعة للنظام يجب أن يتم إيصالها إلى الحكومة السورية والتعامل معها.

وبحسب تجارب السنوات السابقة فإنه خلال الأعوام العشر الماضية، لم يتم إرسال مثل هذه المساعدات عبر خطوط مناطق النظام إلى المناطق غير التابعة للنظام. فيما زادت الزلازل من تفاقم الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون بالفعل في جميع أنحاء البلاد.

لينا الخطيب
لينا الخطيب

مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس. كانت سابقًا مديرة مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت والرئيسة المؤسسة لبرنامج الإصلاح العربي والديمقراطية في مركز الديمقراطية والتنمية وسيادة القانون بجامعة ستانفورد.