تهتم المؤسسات والحكومات باستطلاعات الرأي باعتبارها وسيلة لفهم رد فعل الجمهور فيما يتعلق بالمنتجات أو الخدمات أو السياسات، واستشفاف مجتمعات الأعمال المستقبلية وحجم الأداء.

من ذلك المنطلق، تحظى استطلاعات ثقة المستهلكين ومعنويات الشركات باهتمام كبير في الاقتصاد العالمي. خصوصا معنويات المستهلك باعتباره المحرك الأساسي للسوق عبر نشاطه الاستهلاكي بتخصيص جزء من دخله لاقتناء السلع والخدمات لإشباع حاجاته الشخصية.

ويسيطر على قطاع عريض من المصريين حاليًا نظرة متشائمة بشأن عام 2023 بعد مضي أقل من شهرين منها مع حالة من عدم اليقين بشأن أعمالهم خلال ستة أشهر فقط، بحسب استطلاع أجرته “إنتربرايز” خلال الشهر الحالي.

وأجرت شركة “إنتربرايز فنشرز” استطلاعين للرأي حول ثقة المستهلكين، لا يفصل بينهما سوى أربعة أشهر فقط، لكن نتائجها، تشير إلى الكثير من الدلالات. خاصة أن الفاصل الزمني بينهما شهد قرارات اقتصادية على غرار تراجع سعر صرف الجنيه بصورة أكثر حدة وتسارع التضخم.

في آخر استطلاع “شتاء 2022/2023″، أكد 38% من العينة المستطلعة آرائها إنهم يتوقعون تحسنًا لمجتمع الأعمال على مدار العام مقابل 48% قبل أربعة أشهر فقط “استطلاع خريف 2022″، فيما استبعد 37% آخرون إمكانية حدوث ذلك مقابل 20% في الاستطلاع السابق.

استطلاع إنتربرايز
استطلاع إنتربرايز

مشكلة العملة الصعبة

تراجعت مشكلة الحصول على العملة الصعبة بصورة طفيفة كأحد تحديات مجتمع الأعمال لتمثل 21% في استطلاع فبراير 2023 مقابل 22% في استطلاع سبتمبر 2022، كما انخفضت مشكلة البيروقراطية والإجراءات الحكومية من 19% إلى 10% فقط، بينما قفزت مشكلات الحصول على الائتمان “الاقتراض” والفائدة إلى 14% مقابل 10%.

وتوقع 26% فقط من المشاركين في الاستطلاع عودة الجنيه إلى ما دون مستوى 30 جنيها للدولار بنهاية عام 2023، بينما رجح 41% منهم إنهاء الجنيه العام بين مستوى 30.01 و35 جنيًها للدولار، و27% توقعوا وصوله لما دون مستوى 35 جنيهًا للدولار، في استطلاع فبراير/ شباط.

تختلف تلك النقطة تمامًا “أسعار الصرف” عن استطلاع الخريف إذ توقع فيه 64% تسجيل الدولار مستوى بين 21 و24 جنيهًا،  و8% تسجيله مستوى أعلى من 24 جنيهًا، وأقلية رجحت أن يظل الجنيه عند مستوياته أمام الدولار. وربما يتماشى ذلك مع خطوة البنك المركزي المفاجئة بتخفيض سعر الصرف في 4 يناير/ كانون الثاني الماضي.

التضخم والرواتب

ظلت قناعات المشاركين في استطلاعي الخريف والشتاء عن 2022 متقاربة، فـ 21% فقط من المشاركين في آخر استطلاع رأوا أنه كان عامًا جيدًا بشكل عام لممارسة الأعمال مقابل 23% في الخريف، قال 70% من المشاركين إن هذا العام لم يكن عاما جيدا للأعمال.

أكد 66% من المشاركين في استطلاع 2023 أن شركاتهم تخطط لزيادة الرواتب هذا العام، موزعة بين 24% تخطط لرفعها بنسبة زيادة تتراوح بين 11 و15%، و23% تستهدف زيادات بنسبة 6-10%ـ بينما يتوقع 20% من المشاركين زيادة الرواتب بنسبة 16-20% لتحرك تكلفة المعيشة حال ظل التضخم مرتفعًا.

اقرأ أيضًا: من يحدد أولويات الإنفاق في مصر؟

وفي استطلاع خريف 2022، قال نحو 64% من المشاركين إنهم تلقوا علاوات سنوية خلال العام، 47% منهم تلقوا زيادات تتراوح ما بين 10-14%، بينما شهد 26% من المشاركين زيادات بنسبة 15-20%. وربما يفسر ارتفاع النسبة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بارتفاع مستوى التضخم.

أكد 66% من المشاركين في استطلاع 2023 أن شركاتهم تخطط لزيادة الرواتب هذا العام (إنتربرايز)
أكد 66% من المشاركين في استطلاع 2023 أن شركاتهم تخطط لزيادة الرواتب هذا العام (إنتربرايز)

حالة اليقين بعيدة

في استطلاع الشتاء، أبدى 25% حالة عدم يقين بشأن ما يحمله لهم العام الحالي مقابل 33% في الاستطلاع السابق، ما يشير إلى أن قطاعا بات لديه رؤية أكثر لمستقبل مجتمع الأعمال بمصر في 2023.

من اللافت في الاستطلاعين ثبات نسبة غير المتأكدين من إمكانية حدوث تغيير بشأن المنافسة خلال الستة أشهر المقبلة عند 47%. وكذلك من يعتقدون بأن أعمالهم لن تقوى على المنافسة خلال فترة المقارنة عند 10%. وأيضًا من يعتقدون بأن الأعمال ستبلي بلاء حسنًا في مواجهة المنافسين عند 39%.

يخطط نحو 40% من المشاركين في الاستطلاع لضخ استثمارات جديدة في مصر خلال عام 2023، وهي نسبة ثابتة في الاستطلاعين وتتماشي مع مبدأ استثماري سائد لدى الكثير من المستثمرين المخاطرين مفاداه بأنه “في الأزمات تصنع الثروات”. بينما يرى 39% من المشاركين في الاستطلاعين أن الوقت ليس مناسبا للقيام باستثمارات جديدة.

ضرورة السياسية التوسعية

يرى نحو 20% من المشاركين في الاستطلاع أن البنك المركزي يحتاج إلى تبني سياسة نقدية توسعية بخفض أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس لإطلاق لعنان للإنفاق الرأسمالي، بينما يعتقد نحو 26% من القراء أن خفض أسعار الفائدة بنحو 300-500 نقطة أساس سيكون كافيا. وأبدى نحو 10% من المشاركين استعدادهم لضخ استثمارات بمجرد خفض الفائدة في حدود 50-200 نقطة أساس.

اللافت أن نحو 3% فقط من المشاركين يعتقدون أن بيئة التشديد النقدي الحالية “أي الإجراءات التي تتبعها البنوك المركزية لتقليل الطلب على النقود أي كبح جماح التضخم” تدعو للقلق، وأن 34% من المشاركين في الاستطلاع لا يعرفون النسبة التي يجب على البنك المركزي تخفيضها من أجل التوسع في استثماراتهم مقابل 21% في استطلاع خريف 2022 بزيادة قدرها 12%.

بحسب نتائج الاستطلاع يرى 90% أن أعمالهم تتأثر بشكل مباشر بالمشهد الاقتصادي الحالي في مصر، بينما استبعد 7% فقط من المشاركين وجود تأثير مباشر على أعمالهم، لكن النقطة الأهم كانت في اعتبار 88% من المستطلع آرائهم التضخم العدو الأول لأعمالهم مقابل 19% في الاستطلاع السابق.