الأحد الماضي، ذكر موقع بلومبرج/ Bloomberg، أن إيران وصلت إلى مستوى 84% من اليورانيوم المخصب ، وهو تقدم كبير عن نسبة 60% المعلنة سابقًا. لتقترب طهران من الرقم السحري المطلوب لصنع قنبلة ذرية، وهو 90%. ما يؤكد على أن نظام الملالي، رغم الاضطرابات الشعبية الحالية، لا يزال قادرا على تحقيق تقدمًا جديدًا ومثيرًا للقلق في برنامج البلاد النووي.

تم اكتشاف الرقم الجديد من خلال معدات المراقبة التي تديرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن، في الوقت نفسه، لم يكشف تقرير بلومبرج عن كمية اليورانيوم المخصب إلى الحد الذي أنتجته إيران.

لم يكشف تقرير بلومبرج عن كمية اليورانيوم المخصب إلى الحد الذي أنتجته إيران

في تحليله للقفزة الإيرانية الجديدة، يشير سايمون هندرسون، زميل بيكر ومدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. إلى أن الكمية اللازمة لصنع قنبلة نووية، تبلغ قيمتها حوالي حجم ثمرة الجريب فروت، والتي تزن حوالي 33 رطلاً. باعتبار أن معدن اليورانيوم أكثر كثافة من الرصاص.

يؤكد هندرسون أن هذا الكشف الأخير يأتي بعد أيام قليلة فقط من ظهور أنباء تفيد بأن إيران غيرت الأنابيب، وضمت مجموعتين من أجهزة الطرد المركزي في مصنع فوردو/ Fordow، وهو تغيير سيسمح بتخصيب أسرع إلى مستويات أعلى.

اقرأ أيضا: “عش النسر” الفارسي.. إيران تستثمر في قوتها الجوية لردع أمريكا

نسبة التخصيب

يلفت الكاتب الأمريكي في مقاله المنشور في موقع ذا هيل/ THE HILL، إلى أنه، وفقا لتقرير الوكالة الاقتصادية الأمريكية، تم اكتشاف هذا التغيير بالصدفة.

يضيف: يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء ثلاثة أنواع من عمليات التفتيش: “مُعلَن” (أي مُخطَط مسبقًا بالتعاون مع إيران)، و “غير مُعلن عنه” (المفتشون فجأة يطالبون بالوصول)، و “عشوائي” (وهو نوع غير مُعلن عنه ولكنه نادر جدًا). جذب تغيير الأنابيب في فوردو انتباه مفتش متمرس في مثل هذا الفحص العشوائي. وهو تفصيل ربما فاته زملاؤه المؤهلون جيدًا، ولكن الأقل خبرة.

يشير تقرير بلومبرج إلى أن مستوى التخصيب الأعلى “قد لا يكون نهائيًا”. هنا، يتساءل هندرسون: هل تم الوصول إليها عن قصد أم تراكمت عن طريق الصدفة؟

يقول: زعم عالم نووي إيراني، بشكل صحيح، أنه من طبيعة عملية التخصيب أن تنتج أجهزة الطرد المركزي -التي تدور دوما- مجموعة من قيم التخصيب أعلى وأسفل المستوى المستهدف. لكن، حتى عند نسبة 6% الأقل من المستوى المطلوب لصنع قنبلة نووية، فإن نسبة 84% مقلقة.

يضيف: إن تخصيب اليورانيوم 101 هو أن العملية تدور حول فصل اثنين من نظائر اليورانيوم، نظير U235 الأخف قليلاً من نظير U238 الأثقل ولكن الأكثر عددًا. وتبلغ نسبة هذه النظائر في اليورانيوم الطبيعي 993 يورانيوم 238 إلى 7 ذرات يورانيوم فقط.

وأوضح أن عملية التخصيب تغير النسبة. حيث يكون مستوى 90 % عندما تكون النسبة 1: 7 فقط. أي أنه تم تجريد 992 ذرة من اليورانيوم 238، تبلغ نسبة 84% تقريبًا. لذا، قد تحتاج القنبلة العملية إلى رطل أو اثنين أكثر من U235 لتعمل.

تابع: ويذكرنا موقع تويتر، الذي تداول قصة بلومبرج، أن القنبلة الأمريكية الأولى، التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في عام 1945، استخدمت مواد بنسبة 84 % تقريبًا.

الخط الأحمر

يوضح هندرسون أن المستوى الجديد الذي قيل إن إيران وصلت إليه هو أبعد بكثير من “الخط الأحمر” الذي يثير قلق معظم الناس.

يقول: لا يعني ذلك بالضرورة أن إيران على وشك صنع قنبلة نووية. يقول المسؤولون إن إيران لا تزال تواجه تحديًا عندما يتعلق الأمر بصنع غاز سادس فلوريد اليورانيوم المستخدم في أجهزة الطرد المركزي إلى معدن صلب وصبّه، واللذان عند وضعهما معًا على شكل كرة، يمكن أن تكون النواة المتفجرة لقنبلة نووية.

لكن المسؤولين يعترفون أيضًا بأن مستوى ثقتهم في معرفة ما تفعله إيران بشأن تصميم الأسلحة “هو أقل بكثير من أنشطة التخصيب. وإذا كانت إيران ستقبل بقنبلة تسلمها طائرة، بدلاً من صاروخ بعيد المدى، فإن تعقيد التصميم المطلوب قد يكون أقل”.

يضيف: بالطبع، إذا اختبرت إيران جهازًا في منطقة صحراوية نائية، فقد يكون ذلك أكثر فظاظة من قنبلة يمكن إطلاقها”.

أيضا، ثمة مصدر قلق إضافي جديد للمسؤولين، يتمثل في أن الجيش الروسي قد يتخلى لإيران عن كتلة حرجة أو اثنتين من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 %، كما فعلت الصين لإطلاق برنامج باكستان في أوائل الثمانينيات.

تابع: كان سجل موسكو التاريخي ضد مثل هذا الانتشار نموذجيًا. لكن حرب أوكرانيا وإمداد إيران بطائرات بدون طيار لروسيا، قد يدفع بعض العناصر إلى منح طهران “شكرًا” خاصًا.

 

سايمون هندرسون

هو زميل بيكر ومدير برنامج بيرنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو متخصص في شؤون الطاقة ودول الخليج العربي.

بدأ هندرسون حياته المهنية مع هيئة الإذاعة البريطانية قبل انضمامه إلى الفايننشال تايمز/ Financial Times، وتشمل خبرته العمل كمراسل أجنبي في باكستان في 1977-1978، وكتب عن إيران خلال الثورة الإسلامية عام 1979 والاستيلاء على السفارة الأمريكية.