الإدارة بالمشاركة جملة تليق بمنهج تدريس الإدارة في إحدى الكليات المتخصصة، أو حتى تلك المعنية بدراسة الإدارة ضمن مقرراتها، وقد تُشير إلى فكرة المشاورة، وقد تبدو فكرة صالحة، لكن عند مناقشتها في إطار العلاقات، فإن هذا يعني أن العلاقة بين طرفين، وهناك ثالث يتدخل، وعادة تكون العواقب وخيمة، فتفسد علاقات العمل والصداقة والحب، وليس الزواج ببعيد عن ذلك، الإدارة بمشاركة الخارج في علاقات الزواج كثير منها مؤذي فكل زوجين لديهما عدد من الاحتمالات للمشاركة في إدارة حياتهما الزوجية

أهل الزوج

تقول (ص. ح) أن زوجها لا يفعل شيئا دون الرجوع لأخته، وأن تلك الأخت كثيرًا ما تتخذ القرارات بل أنها، تتصل بها وتُبلغها ما يجب عليها فعله، وهنا يجعلنا نلتفت إلى إحدى النكات المنتشرة عبر السوشيال ميديا تقول أنه لا رجل وحيد، فأي رجل هو أن يكون بتاع ستات، أو بتاع أمه أو بتاع أخته، في إشارة أن الرجل دومًا هناك أخرى تحرك حياته، وإذا ناقشنا علاقة الزوج بعائلته سنجد أن هناك فئة من الرجال مرتبطون ارتباط مرضي بعائلتهم (الأم- الأخت- الأخ) والارتباط بالعائلة المفترض أنه شيء صحي وإيجابي، إذا كان مقتصرًا على صلة الرحم، والتعاون الأسري.

لكنه يُصبح مُفسدا إذ كان الزوج من هؤلاء الذين يشاركون تفاصيل حياتهم الشخصية مع عائلتهم، فنجد الجهة المشاركة تبدأ في وضع مواصفاتها وأحكامها، بما يقود الزوج نحو التصرف السليم من وجهة نظرهم، ففي حال كانت الأم هي المشارك، فإن الأم المرتبطة بابنها بشكل مبالغ فيها تتعامل مع الزوجة بوصفها منافس، وتعيد تأويل سلوكياتها، ودوافعها.

كذلك قد تفعل بعض الأخوات، فتمارس الأخت دورًا سلطويًا على الزوجة كما في حالة (ص.ح) التي تشعر بتهديد لسلطتها في المنزل، ويكون تدخل أهل الزوج في الحياة الزوجية مصدر دائم للمشاكل، ويؤصل لفقد الثقة في الزوج الغير قادر على اتخاذ قرار بنفسه، فمجرد دخول الأم أو الأخت في حياة الزوجين يتحول الأمر لنهر متدفق من المشاكل والنكد، بالإضافة إلى أن بعض الزوجات قد تستخدم هذا الأمر في التقليل من الزوج والسخرية من قدرته على الحسم واتخاذ القرار.

وتتحدد مساحة التدخل وما ينتج عنها من مشكلات حسب شخصية كل من الأم أو الأخت وكذلك شخصية الزوج، ومدى الترابط بينه وبين أفراد عائلته، أما في حالة تدخل أخو الزوج أو والده فإن التدخل يأخذ شكلًا سلطويًا وبه كثير من التنكيل والاستقواء على الزوجة، فيُصبح مثل هذا النوع من المشاركة هو أداة هدم تعمل بجد لهدم العلاقة الزوجية، وتستمر في مشاكل ما بعد الانفصال.

بالطبع هناك استثناءات وهناك عائلات تتعامل مع زوجة الابن بوصفها ابنة انضمت للعائلة، ويتم مراعاة حقوقها، لكن ذلك هو الاستثناء، في مجتمع تُربي كثير من نسائها أولادهم من الذكور على الأفضلية، وكونه الأكثر أهمية، وإن كانت التغيرات الاجتماعية قد قللت من نسبة هؤلاء النساء، إلا أن المجتمع لديه ميراث كبير من التعامل مع الذكر بكونه الأفضل والأحق، فكثير من الحقوق المكتسبة تكون للرجل، والحديث عن أهمية النساء ودورهن وما إلى ذلك يقف عند حدود الخطب والتداول عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ولعل مثال بسيط كتحرش أحد الذكور بفتاة وما يتبعه من محاولات من شهود العيان لإلصاق المسئولية بالفتاة والسعي لتخليص الذكر وتهريبه أحيانًا، حتى لا يلحق به ضرر قانوني، كما أن الحضور يدفعون بالاتهام نحو الضحية التي يرونها هي سبب ومحرض على التحرش بها، ويكون مبعث الحزن والقهر وجود نساء بين المدافعين عن الذكر، مثل هذا الموقف المتكرر يُشير إلى أنه ما زال هناك وقت ليس قصيرا حتى تنعم المرأة بمواطنة حقيقية، بكل ما يترتب عليه فعل المواطنة من حقوق.

أهل الزوجة وأصدقاؤها

وحتى لا تكون كل الاتهامات نحو الرجل فالزوجة مرشحة أكثر من الزوج لفكرة إدارة الحياة عبر وسطاء، فالنساء أغلبهن يملن إلى حكي التفاصيل، والتعامل بحميمية حتى مع الصديقات حديثات المعرفة، وحتى مجموعات الصداقة على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات النساء، حيث نجد بعض الزوجات متبرعات بالحكي عن تجارب شخصية وطلب المشورة في موقف، كما أن الزوجة في كثير من الحالات تُشارك أمها وربما أخواتها أيضًا تفاصيل الحياة الزوجية، وصولًا لحكايات الفراش، ويأخذ الوسطاء في تقديم النصائح للزوجة سواء كانت النصائح بإهمال الزوج أو التوقف عن فعل شيء، أو أي نوع آخر من النصائح والتي قلما تكون في صالح الزواج.

وإذا افترضنا أن الأهل دومًا يقدمون نصائحهم أو تدخلاتهم في الحياة الزوجية انطلاقًا من المحبة، فإن الأمر يحتاج إلى مراجعة إذا كانت النصائح قادمة من الأصدقاء أو الإخوة ذلك أنه ربما تفعل الغيرة فعلتها، فقد يرى الطرف البعيد (الصديق/الصديقة – الأخ/الأخت) أن الزوج أو الزوجة حسب موضع من يحكي ومن ينصح، قد يرى الناصح أو يستكثر على صديقه زوجته، فمثلًا تتزوج فتاة من رجل في مكانة جيدة وميسور الحال، فتري صديقاتها أنها لا تستحق مثل هذا الرجل، وأنه كثير عليها، ومن هنا تخرج النصائح من شخص هو يرى أن ما لديك كثير عليك، وبالطبع ستكون النصائح في الغالب نحو التعالي  والاستغلال، ولن تتضح نوايا الآخرين لفترة قد تطول أو تقصر حسب المواقف وملاحظة صاحب الشأن، والخبرات متنوعة في هذا الصدد، فستجد سيدات كثيرات تقول أن سبب خراب بيتها هو صديقة أو أخت، لكننا نسمع الحكايات ولا نتعلم منها.

من يحق له المشاركة

في الحقيقة أنه لا يحق لأحد إدارة حياة غيره، وأن مشاركتك تفاصيل حياتك مع أحد أفراد عائلتك أو أحد أصدقائك سواء كنت أنت الزوج أو الزوجة، فإن مثل هذه المشاركة هي عرجاء، بمعني أنك تحكي من وجهة نظرك محملًا بمشاعر وضغوط، ومهما كانت سلامة النية والمحبة عند المستمع فهو لا تتوفر له أوجه المشكلة كافة، ومن ثم فرأيه ليس صحيحًا تمامًا، وأحيانًا ليس صحيحا على الإطلاق، فحين يرغب الزوجان في استشارة أحدهم أيا كانت صلته بالزوجين، عليهما أن يحكيان له كل من وجهة نظره، فحتى مع انحياز السامع لأحد الطرفين، قد تأتي النصائح مفيدة، ولكن أن يتطوع أحد الزوجين ويذهب لحكي تفاصيل حياته لشخص لا يشاركهم ضغوط الحياة ومسئولياتها، فإنه يضرب بفأس في جدار العلاقة، ويهدد العلاقة الزوجية.

وهكذا كل العلاقات التي تعتمد على طرفين، تدخل طرف ثالث بالرأي في موقف لم يعشه ولم يسمع من الطرفين، في الغالب يكون رأيا يجانبه الصواب، فإن لم تكن قادر/ة على إدارة علاقاتك بنفسك لا تدخل في علاقة.