بالرغم من حضور الخليج أكثر مما ينبغي في الشأن الداخلي المصري -سياسيا واقتصاديا وثقافيا- إلا أن ما بذل من جهد لفهم التغيرات العميقة التي تجري فيه منذ أكثر من عقد يكاد يكون ضئيلا. لا تزال النخبة المصرية وقطاع من مؤسسات الدولة تتعامل مع خليج قديم تبدلت كثير من ملامحه وستزداد، وتستدعي في التعامل معه خطابات قومجية أو شوفينية وطنية أو تاريخية ماضوية تجاوزها الزمن من قبيل الدور التاريخي ومسافة السكة والناتو العربي والأمن القومي العربي.. إلخ.
وهنا ملاحظة جديرة بالاعتبار وهي أن ما ادرك “الخليج الجديد” هو جزء من القطاع الخاص الكبير والشركات الناشئة. إن من يتابع حركة الاندماجات بين القطاعين الخاص المصري والخليجي والاستحواذات من الأخير علي الأول، والبحث عن تمويلات للشركات الناشئة المصرية -وهي بالمناسبة نشطة جدا بخلاف الركود الذي نلمسه في المجالات الأخرى- إن من يتابع هذا الحراك يلمس سرعة استجابة واستفادة من قطاع الأعمال لما يتوفر في الخليج من إمكانات تتعلق بالقدرة على الاندماج في الرأسمالية العالمية وليست مالية فقط -بغض النظر عن تقييمنا لهذه الاستجابة على الشأن المصري.
لأكثر من عقد، ركزت العلاقات الإقليمية في الخليج بشكل كبير على التنافس على الهيمنة الإقليمية بين إيران والمملكة العربية السعودية، والطبقات المختلفة لهذا التنافس. اليوم؛ بينما تظل السعودية وإيران قوتين إقليميتين رئيسيتين، يوجد تأكيد وبشكل متزايد داخل بعض جيرانهما الخليجيين الأصغر علي دور مستقل.
أثر هذا التغيير على الأمن الإقليمي والطريقة التي تتفاعل بها دول الخليج العربي فيما بينها ومع الهيمنة الإقليمية.
منذ عام 2011، أثّرت ثلاثة أحداث إقليمية رئيسية في هذا التغيير: الربيع العربي 2011، وإعلان الرئيس باراك أوباما أولوية “الاتجاه نحو آسيا”، والاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران.
خلقت هذه العوامل فرصًا ورسخت مخاوف قديمة جعلتنا بازاء عملية تغيير أكبر بكثير في المنطقة.
بحثت دينا اسفندياري في كتابها الذي صدر من أيام العوامل الثلاثة التي شكلت النظام الجديد للأمن الإقليمي في الخليج، ولكنها لم تشر إلي العامل الرابع وهو: الاستعداد لاقتصاد ما بعد النفط بما يستدعيه من تغير في طبيعة العقد الاجتماعي الذي ساد لعقود في علاقة المواطن الخليجي بدولته.
إن التركيز الاستراتيجي الأساسي والوحيد للرياض -علي سبيل المثال- هو تنويع اقتصاد البلاد بعيدًا عن الهيدروكربونات. ولتحقيق ذلك، ترى الرياض أن أمنها أمر بالغ الأهمية لضمان عدم تعطل التنقيب عن النفط والنقل والمبيعات، وأن يُنظر إلى البلاد على أنها مكان آمن للاستثمار الأجنبي المباشر طويل الأجل. كلاهما يمكن أن يقوض بسهولة من خلال الهجمات الإيرانية أو بالوكالة الإيرانية – وهو احتمال يقل من خلال الاتفاقية التي وقعتها قبل أيام مع إيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية.
ملامح خمسة لخليج جديد
أولا: من الخليج إلي الدول الخليجية: لم تعد دول الخليج تبحث عن أمنها تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي أو وفق نظام أمن إقليمي تهيمن عليه السعودية، بل تحركت كل منها منفردة لاستجلاب هذا الأمن وفق هوية وطنية نشهد عملية بناء لها وفق أسس جديدة.
بالطبع يظل هناك تفاوت فيما بينها في مدى الاستقلالية عن السعودية في تحقيقه؛ إذ أضيف إلي عمان -التي ظلت بعيدة عن تفاعلات الخليج- كلا من الإمارات وقطر في البحث عن تحقيق الأمن منفردين مقارنة بالبحرين والكويت.
تطلق اسفندياري علي هذه الظاهرة “سياسة الحزم”. يشير الحزم إلى قرارات السياسة الخارجية الجريئة التي يتخذها بلد ما، والرغبة الواضحة في الانخراط بقوة أكبر في مختلف الساحات الدولية سعياً وراء مصالحها الخاصة، حتى عندما لا يتماشى ذلك مع مصالح أصدقائه وحلفائه.
يمكن أن نشير إلي العلاقة مع إيران كمثال من أمثلة عديدة علي تحرك كل دولة منفردة؛ ففي حين حافظت عمان علي علاقات تاريخية ودية معها وانضم إليها قطر -خاصة بعد الحصار الرباعي 2017، وتراوحت علاقة الكويت معها بين التوتر والتطبيع، أما السعودية وتابعتها البحرين فقد ظلت العلاقات متوترة علي مدار العقد الماضي حتي شهدت قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران 2016، أما الإمارات وبرغم مشاركتها في حرب اليمن بجوار السعودية فقد تصرفت منفردة في هذه العلاقة إذ تباعدت ثم تقاربت وفتحت قنوات متعددة للحفاظ علي أمنها -خاصة بعد هجوم الحوثيين علي أراضيها ٢٠٢١.
ما الذي يعنيه هذا؟
نحن بصدد مراكز قوة متعددة في المنطقة تتعاون في أحيان وتتنافس كثيرا [يمكن متابعة التنافس الجاري في مصر علي امتلاك الأصول]، ومن المحتمل أن تجعل مراكز القوة المتعددة المنطقة غير مستقرة، كما أن عملية صنع القرار بين الدول الخليجية باتت أكثر تعقيدا حيث أصبحت الدول الأصغر أكثر جرأة في الدعوة إلى مراعاة أهدافهم ومصالحهم. وأخيرا؛ فإن السعودية وإيران لم يعودا وحدهما مركز الخليج.
هل يمثل هذا التنافس فرصة لمصر؟ -سؤال يستحق المتابعة.
ثانيا: التنويع -وهي من الكلمات المفتاحية التي يمكن من خلالها فهم الخليج الآن حيث: تنويع في مصادر الأمن ودوله، وتنويع في الاقتصاد، وتنويع في مصادر السلاح بجوار الولايات المتحدة، وتنويع في الأساليب والأدوات المستخدمة لتوفيره، وتنوع في الاطراف الفاعلة في الخليج -كما قدمت- حيث يضاف إلي كلا من السعودية وإيران قطر والإمارات.
تزامن مع اندلاع الربيع العربي انطباع ناشئ بأن الولايات المتحدة تسعي إلى الحد من مشاركتها في المنطقة، وبالتالي لن تكون ملتزمة بشركائها العرب في الخليج كما كانت في السابق، مع تصاعد ملحوظ في التهديد الإيراني -خاصة بعد الاتفاق معها 2015.
إن مجموعة التهديدات والفرص التي أطلقها الربيع العربي عززت رغبة دول الخليج الأصغر في السعي لملء الفراغ الذي خلفته دولة كمصر بانشغالها بشئونها الداخلية، مع منحهم الفرصة للعمل بشكل أكثر حزمًا على الساحة الإقليمية بغية السعي إلى تحقيق أهدافها الخاصة.
أثار إعلان “الاتجاه نحو آسيا” تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها في الشرق الأوسط، أو على الأقل- كانت هذه هي الطريقة التي نظرت بها النخب الخليجية العربية إلى الوضع.
تستعد النخبة في دول الخليج إلي عصر متعدد الأقطاب؛ فالولايات المتحدة تمر بفترة تقلب في أولوياتها الدولية، مما يترك لشركائها القليل من التأكيد على أن الأماكن أو القضايا التي تركز عليها واشنطن اليوم ستلفت انتباهها غدًا ، أو أن دعم الولايات المتحدة في قضية معينة سوف يكسب المعاملة بالمثل مع الولايات المتحدة على الآخرين. نتيجة لذلك، يسعى عدد متزايد من شركاء الولايات المتحدة إلى تجنب اختيار أي طرف تمامًا والحفاظ على العلاقات مع جميع القوى العظمى في وقت واحد.
يعتبر السعوديون الولايات المتحدة أكبر شريك أمني لهم. إن الاضطرار إلى اختيار علاقة واحدة على الأخرى – أو حتى تقليصها بشكل كبير – سيكون مكلفًا ، لذا فإن المملكة العربية السعودية ، مثل العديد من البلدان الأخرى متوسطة وصغيرة الحجم كالإمارات وقطر، تسعى بدلاً من ذلك إلى الحفاظ على كليهما.
وبدلاً من بناء نظام منافس، فإن عددًا متزايدًا من الدول ترفض ببساطة – أو على الأقل تسعى للهروب من قيود وعواقب – نظام عالمي ثنائي من خلال إبقاء قدم واحدة في المعسكر الذي تقوده الولايات المتحدة بينما تزرع الأخرى في المؤسسات المتعددة الأطراف بقيادة روسيا والصين.
نحن بصدد سياسات تحوط تسعي لامتلاك تأثير علي عملية صنع القرار لدي القوي العظمي، واستمتاع ببعض فوائد سياسات عدم الانحياز التي اكتسبت معاني جديدة. هذه السياسات قد تفرض قيودا علي الحركة؛ ففي أحيان مارست الولايات المتحدة حق النقض علي بعض الاتفاقات التي عقدتها بعض دول الخليج مع الصين -كما في الجيل الخامس مع الإمارات أو شراء الأسلحة من السعودية، وبرغم ذلك تظل القدرة علي المناورة قائمة -كما جري في الموقف من الحرب الأوكرانية.
أوضح أحد المسئولين الخليجيين -كما في كتاب اسفندياري: “نحن ننوع شركائنا، لدينا مصالح مختلفة مع دول مختلفة. لسنا مضطرين للاختيار بين الجانبين، لكننا سنكون دائما شفافين. ستظل الولايات المتحدة أحد حلفائنا الرئيسيين، لكننا سنعتمد الآن على شركاء مختلفين في قضايا مختلفة.”
استدعت هذه الاستراتيجية التحدث إلي روسيا والصين بشكل مباشر، وبشكل ثنائي وليس من خلال مجلس التعاون الخليجي، مع الحفاظ علي علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة.
ومما هو جدير بالاعتبار أن مصر ليست مكونا اساسيا من مكونات الأمن في الخليج -بخلاف ما يتصور البعض في وطننا العزيز؛ فهي ليست حاضرة بشكل مباشر ولكن وفق ترتيبات أوسع ومن خلال أطراف دولية أخري -كما في القوة ١٥٣ متعددة الأطراف لأمن البحر الأحمر والتي تبنتها الولايات المتحدة، أو من خلال تقديم بعض الخدمات الاستراتيجية المؤقتة والمحدودة -كما في ليبيا، بل هناك سعي محموم لتحجيم دورها في بعض المناطق -كما في البحر الأحمر والسودان.
ثالثا: تكامل الأدوات مع اعتناء خاص بالقوة الناعمة:
أدركت دول الخليج أهمية القوة الناعمة فراكمت منها الكثير. تنوعت المجالات والقطاعات التي يمكن بها بناء صورة إيجابية على المستوى الدولي ولدى أطراف عديدة. كانت الرياضة وشراء الأندية أحدٍ الأدوات التي أضيف إليها الإعلام والفن وإنتاج المحتوى الإبداعي والترويج للتسامح الديني والاستثمار في الألعاب الإلكترونية بالإضافة إلى مجالات تكنولوجية متقدمة، والمساهمة في القضايا الدولية الملحة مثل تغير المناخ، وأخيرا وليس آخرا إبراز التغير في أوضاع المرأة.
صحيح أنه تظل قضايا العمالة وحقوق الانسان والركود السياسي بالاضافة إلى مدى الجدية في الموضوعات السابقة مما يفرض حدودا علي الامتلاء بالقوة الناعمة؛ ولكنهم يستثمرون كثيرا فيها بما يضمن لهم حضورا قويا في مراكز صنع القرار على المستوى الدولي -خاصة إذا تكامل معها القيام ببعض الأدوار الاستراتيجية لقوي دولية مؤثرة.
شاركت الإمارات بشكل دائم ومستمر مع الغرب في العمليات العسكرية المختلفة التي يقوم بها من البلقان إلي أفغانستان، وساهمت قطر بدور كبير في الوساطة بين الولايات المتحدة وطالبان وكذا إيران، ولعبت دورا في إجلاء كثير من الرعايا الغربيين وغيرهم بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان 2021.
كان التدخل الاقتصادي عاملاً رئيسيًا للربط بين أهداف السياسة الخارجية المتعددة للدول الخليجية. لم تكن العديد من استراتيجيات الاستثمار الإقليمي لدوله مربحة اقتصاديًا، لكنها كانت منطقية عندما يتم الجمع بين التأثيرات السياسية والعسكرية والدبلوماسية والرمزية والاقتصادية والنظر إليها على أنها تكمل بعضها البعض، ويخدم كل منهم الآخر ويعززه، مما يجعل الاتجاه أكثر رسوخًا واستمرارية.
رابعا: مراجعة وتقييم دائم مع قدرة علي المرونة والتكيف:
أدركت كلا من الإمارات وقطر ضرورة مراجعة نهجهما الذي اتبعاه بعد الربيع العربي. ساندت قطر التغيير في المنطقة باعتباره تعبيرا عن حقبة جديدة، ولكن بعد تعاظم الثورة المضادة وتحقيقها لقدر من الانتصارات ودخول بعض دول المنطقة في حروب أهلية ممتدة؛ رأت أنها تمددت أكثر من اللازم فأعادت صياغة دورها ليتكيف مع الأوضاع الجديدة.
كذلك فعلت الإمارات؛ فقد غذت كثيرا من صراعات المنطقة عسكريا وماليا خاصة بعد نجاحها في التدخل في مصر 2013 واكتسابها ثقة أكبر في قدراتها، ثم رأت أن تتحول إلي سياسة صفر مشاكل؛ فتقاربت مع كلا من إيران وتركيا وفتحت قنوات علي أعلي المستويات مع سوريا، وامتد هذا النهج ليصل إلي التطبيع الكثيف مع الكيان الصهيوني.
وهكذا فعلت السعودية بفك الحصار عن قطر 2021 وبتقاربها معها، كما استطاعت أن تعيد العلاقات مع تركيا وتحل أزمة مقتل خاشقجي معها، وأخيرا الاتفاق مع إيران علي استئناف العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع استمر سبع سنوات.
القدرة علي التكيف والتقييم المستمر يصاحبها بناء توجهات مستقبلية مع جسارة في تنفيذها بغض النظر عن موقف الحلفاء. يتضح ذلك في اصرار السعودية علي عدم تخفيض إنتاج النفط برغم الحاح إدارة بايدن علي ذلك، ويمكن أن نشير أيضا إلي استعداد الإمارات الجاري للإعمار في مرحلة ما بعد الصراعات الأهلية في المنطقة -كما في سوريا.
خامسا: صدام النماذج الاقتصادية
مما لم تلتقطه النخبة المصرية في التوتر الحاصل بين السعودية ومصر هو تباين الأنماط الاقتصادية بين الدولتين.
دعنا نرصد بعضا من الملامح الجديدة للاقتصاد السعودي:
في عام 2016، شرعت المملكة العربية السعودية في تجربة سياسية واقتصادية جذرية، ففي أبريل من ذلك العام ، أعلن ولي ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن سلمان عن مبادرة الإصلاح الاقتصادي -رؤية 2030 ، والتي قدمها جنبًا إلى جنب مع نقد لاذع لاعتماد البلاد على النفط. جادل الأمير بأنه للتكيف مع تحديات القرن الحادي والعشرين، ستحتاج المملكة العربية السعودية إلى التخلي عن وضعها كدولة ريعية تعتمد على عائدات تصدير النفط. وبدلاً من ذلك ، ستدمج المملكة اقتصادها في الأسواق المالية العالمية كوجهة ومصدر للاستثمار.
بدأت تجربة المملكة العربية السعودية الأخيرة في عملية إعادة توجيه الاقتصاد. لقد أدركت قيادة البلاد أن النموذج القديم للمملكة ، الذي يعتمد بشكل أساسي على دولة الرفاهية الممولة بالنفط والفصل الصارم بين الجنسين ، لم يعد مستدامًا.
أدرك صناع القرار السعوديون أنهم بحاجة إلى تحويل الاقتصاد في اتجاه جديد. وكجزء من هذا الجهد ، رفعت الرياض ضريبة القيمة المضافة الجديدة من 5٪ إلى 15٪ في صيف 2020، مما زاد الإيرادات غير النفطية بأكثر من 30٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021. الضرائب على السلع والخدمات الآن تبلغ نحو 70 مليار ريال سعودي ، أو حوالي نصف المبلغ المتولد من الدخل النفطي.
على النقيض من ذلك ، تقلص الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية الرئيسية بشكل كبير، كما يتوسع القطاع الخاص السعودي ، حيث قفز بنسبة 7.5 في المائة في النصف الأول من عام 2021، وتمثل محاولات الحكومة لتحويل الخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم إلى القطاع الخاص جزءًا من هذا التوسع. يدفع السعوديون الآن من أموالهم الخاصة للرعاية الصحية أكثر مما يدفعه أقرانهم في دول الخليج. وفقًا لبيانات البنك الدولي لعام 2018 ، تغطي الحكومة السعودية حوالي 60 بالمائة من الإنفاق على الرعاية الصحية ، وهي نسبة منخفضة نسبيًا وفقًا للمعايير الخليجية.
يمتد شد الحكومة للأحزمة أيضًا إلى نفقات القطاع العام والنفقات العسكرية، فبرغم تفشي الوباء ، تراجع الإنفاق على رواتب القطاع العام من مستوى مرتفع يقارب 510 مليار ريال بنهاية 2019 إلى نحو 490 مليار ريال بنهاية 2021. وتراجع الإنفاق العسكري من جانبه من 540 مليار ريال في 2019. إلى 440 مليار ريال في نهاية عام 2021.
أخيرًا، بإلحاح من الحكومة ، يقترض السعوديون الآن الأموال لتلبية توقعات نمط حياتهم بدلاً من الاعتماد على الدولة في الدفع. كان أحد أهداف رؤية 2030 هو توسيع الوصول إلى الرهون العقارية وتطوير قطاع خدمات مالية يسهل الوصول إليه من خلال تشجيع المواطنين على الاستثمار محليًا وزيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة المحلية. السعوديون انتهزوا الفرصة. باعت البنوك السعودية رقما قياسيا من الرهون العقارية الجديدة بلغ 46.7 مليار ريال في الربع الأول من 2021 ارتفاعا من 31.2 مليار في العام السابق.
يواكب ذلك كله؛ شروع في الخصخصة -كما جري في ارامكو درة التاج السعودي- وقد تكون الخطوة التالية للحكومة هي الخصخصة التي طال انتظارها لشركة الكهرباء الوطنية السعودية ، إلى جانب محاولات لتوليد ما لا يقل عن 30 في المائة من إمدادات الطاقة المحلية للبلاد من الطاقة الشمسية والمتجددة.
يمكن عزيزي القارئ أن تقارن بين هذه السياسات وما تتخذه مصر في هذا الصدد من اجراءات تبدو أنها متناقضة في أحيان مع هذا النموذج، ومترددة في أحيان كثيرة، وبطيئة في أخري، وليست جسورة بما يكفي، ولا تريد أن تتحمل عبء ذلك وتكاليفه حفاظا وخوفا من أصحاب المصالح -كما نصت الإتفاقية مع صندوق النقد الدولي نوفمبر الماضي.