الصباحات الجميلة التي يُشاركك فيها رجل بكلمات أو اتصال، يلون به يومكِ، يجعلكِ تشعرين أنكِ ملكة، أن هناك من تتغير خارطته عندما تفتحين عينيكِ، أنتِ شمس اليوم وقمره، وأنتِ درة الوقت المبعثر في الضغوط.

تلك الصباحات مبهرة، تلون حيوات الكثير بالفرح، كم نحن مساكين، تتحول الحروف لهواء يمد فينا الحياة، ونهرًا يروي الجدب، إنها صباحات بمذاق مختلف، ولحظات لها القدرة أن تشحن قدراتنا لوقت طويل فنمرر ثقل الأيام، أمام مثل تلك اللحظات الحلوة لا ترى المرأة ما قد يُحاك لها من زيف، في حالات كثيرة هي ليست أكثر من رقم في قائمة، وبالطبع لن تعرف.

منذ سنوات حكت لي صديقة أنها كانت في علاقة حب مع رجل، ولأنها كانت تخاف أن يعرف أحد، فكانت بعيدة كل البعد عن محيطه الاجتماعي ودوائره، وعندما تحكي عنه بيننا تتحول لشخص آخر، كأنها تصف ملاكًا هابطًا من الجنة، رسائله الصباحية، خوفه عليها، وكثير من التصرفات التي كانت تعني لها كل الحب، لنا صديقة تعرف عنه أنه متعدد العلاقات، حاولنا أن نحذر صديقتنا الحالمة، لكنها لم تسمع وربما دارت الظنون بها أننا حاقدات، ليكن، وبعد فترة من السعادة المتخيلة، اكتشفت أنه في أكثر من علاقة في نفس الوقت، وعندما جمعت الشواهد، انفصلت عنه وهي تخبئ الوجع ظنًا منها أننا شامتات أو سنلومها بعد أن قمنا بتحذيرها كثيرًا، والحقيقة أن الموقف الذي تعرضت له تلك المرأة موقف فردي، وهذا ليس حقيقيًا، هو موقف متكرر بشكل قد لا يصدقه الكثير.

الرجل الدنجوان حاليًا

قديمًا كان الرجل متعدد العلاقات، هو رجل وسيم، ثري، لديه من المؤهلات الشكلية والاجتماعية ما تجعله صيدًا لنساء كثيرات، وكان هو مستمتعًا بكونه هارون الرشيد، وحوله نساء في الأغلب طامعات، ذلك أن مفهوم الكلمة الحلوة لم يكن هو السائد بل الأفعال، فكان الرجل في ذلك الوقت يُعبر عن اهتمامه بامرأة بأن يهاديها، ونرى ذلك في العديد من الأفلام، مثل فيلم فتاة الاستعراض، حيث يقوم أحمد بك بتوزيع الهدايا الألماس على صديقاته.

الآن الأمر مختلف، الضغوط متنوعة والأولويات مختلفة، ومع مفاهيم النسوية وتحقق المرأة، باتت فكرة الهدايا تحتاج إلى سياق مختلف، ولذا فإن الكلمات الحلوة وتفاصيل الاهتمام، التي لا تحتاج سوى الجهد الذهني هي البطل في القصص، وهذا الدنجوان لن يكون رجل أعمال، في كثير من الأحيان يكون منتميًا للطبقة الوسطى، يعزز للمرأة تحققها، فهذا التحقق في صالحه، لأنها لن تفكر مثل العاديات وتطلب أفعالًا دالة على الحب.

هذا الرجل أيضًا متوسط الجاذبية، فتراه بعضهن جذابًا، وأخريات تراه عاديًا، هو متوسط في كل شيء غالبًا، لديه قائمة بالنساء وأخرى بالأفعال، أفعاله لا تتمتع بأي خصوصية للمرأة التي يتحدث إليها، بل هي أفعال تخصه هو، تفسر ما يمكنه عمله، وقدراته، واحتياجاته، هو الآن في ضيق فيحكي عن ضيقه، لديه فائض من الرومانسية فيقوم بتوزيعه على نساء القائمة، ومن ثم يا سيدتي عندما تكتشفين أنكِ مجرد رقم في القائمة ستجدين أن تلك الكلمات أو المكالمات أو الرسائل، أو حتى المقابلات تتشابه في محتواها مع الأخريات، الحقيقة  أنتِ لستِ ذات خصوصية، هو أمر مؤلم لكنه حقيقي للأسف.

شروط اختيار الفريسة/ المرأة

يعيش مثل هذا الرجل وتنمو علاقاته في بيئة شديدة الخصوصية، بمعني أن الإعلان أو العلانية تُفسد عليه متعته، ولذا هو يميل إلى النساء اللواتي لا يرغبن في علانية علاقاتهن، فهي لا بد أن تكون لديها مخاوف من ظهورها مع رجل، قد تكون تلك المخاوف ناتجة من عائلة، أو طليق أو أبناء.

كما أن هذه المرأة لا بد أنها تعاني من الأعباء والضغوط، بالطبع الجميع يعاني، لكنها كامرأة وحيدة لديها ضغوطها وانشغالاتها، ومن ثم ليس لديها الوقت الكافي لتتبعه، فمثل هذا الرجل لن يدخل في علاقة مع امرأة لا تعمل، أو ربة منزل، وإذا حدث واختار واحدة منهن لكونها مميزة بشكل لافت، وصعب عليه تجاوزها، فهو يسوق لها انشغالاته، وأعماله بحيث يكون دومًا لديه المبررات الكافية للغياب والاختفاء، فلا تملك هي سوى الدعاء له والانتظار أن تمنحه الظروف بضع دقائق لتراه أو تسمع صوته.

امرأة وحيدة، مثقلة بالأعباء، تخاف العلانية في العلاقات، هذا هو النموذج المثالي لهذا الرجل، ولأن المجتمع مشبع بمثل تلك النماذج من النساء، فستجد أن هذه النوعية من الرجال وهم كثر أيضًا، كل منهم لديه قائمة تضم أكثر من امرأة في ذات الوقت، ومثل هؤلاء النساء ليست مزعجة عند الهجر، فهي ستخبئ خيباتها بداخلها، وأقصى فعل يمكنها أن تقوم به هو البلوك، لأن أي كلام عليه سيرد عليها، ولأن الفضائح تطال النساء وتلتصق بهن طيلة العمر، في حين أنها للرجال قد تصنع ضجيجًا في البداية سرعان ما يخبو، ويعود الرجل لممارسة كامل أنشطته وحياته، ويمكنه تكذيب أي شيء، ولن تخرج الضحية لتقول أي شيء فهي تعرف جيدًا طبيعة المجتمع.

الاكتشاف

محظوظ جدًا هذا النوع من الرجال، ذلك أنهم نادرًا ما يتم اكتشافهم، بل أنه يدخل في العلاقة ويخرج منها، دون أن تعلق به أية آثار، في حين تتكبد الضحايا أحزانها ومشاعر الفقد والهجر، وفي أحيان نادرة تكون الضحية تلعب مثل لعبته، لكن أغلب النساء لا تُجِدن لعبة التعدد، فهي فطرية أكثر للرجل، في حين أنها استثنائية عند النساء.

الصدفة وحدها من تقود للكشف، حين تقرر إحداهن أن تبوح لأخرى بغرامها السري، ويحدث أن تكون الأخرى في ذات العلاقة مع الشخص، وهذا أمر قلما يحدث، ورغم ندرة حدوثه فقد يقع، لكنه حتى مع وقوعه فلن تتمكن المرأة من فعل شيء، لأن الظروف التي قادتها لتكون في شرك هذه النوعية من الرجال هي ذاتها الظروف التي ستكمم فمها، وتجعلها تكتم غيظها وربما انتهى الأمر بسباب والحسبنة، فهذه حيل الضعفاء، لا تملكن سواها.

النجاة من الفخ

من حق كل امرأة أن تجد من يهتم بها ويدعمها، الحب حق للجميع، لكنكِ يا عزيزتي لا بد أن تعرفي جيدًا، أن الحب لا يتوقف عند الكلمات الحلوة، والتفاصيل المجانية للاهتمام، وليس المطلوب هنا أن يدفع الرجل، ولكن أن يكون الاهتمام حقيقيًا، يُساندكِ في مشكلاتكِ بشكل حقيقي، يبذل جهدُا تجاهكِ، لا يترككِ في الشارع بعد أن تلتقيا.

نحن رجال ونساء نحافظ على تلك الأشياء والعلاقات التي بذلنا فيها جهدًا حقيقيًا، أما تلك التي توفرت بسهولة فإنها أيضًا تفلت من حياتنا بسهولة، وأيا كانت ظروفكِ الاجتماعية عندما تدخلين في علاقة عليكِ ألا تشعري بالضعف، وألا تقبلي الحد الأدنى، فربما ساهمتِ في تقليل ما تشعرين به من وجع عند الفقد.