بعد قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي برفع الأجور بنحو ألف جنيه شهريًا للعاملين في الجهاز الإداري للدولة، ضمن حزمة حماية اجتماعية، طرح العاملون بالقطاع الخاص الأسئلة حول التزام أصحاب الأعمال الحرة بهذا القرار إسوة بالعاملين بالجهاز الإداري، وتحديدًا مع دخول الأسواق موجة تضخمية طالت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير.

يعمل بالقطاع الخاص ما يقارب 26 مليون عامل، ينتظرون تعديل هيكل الأجور بما يواكب زيادة الأسعار، وتحديدًا في السلع الغذائية مع غياب عملية الرقابة وضبط الأسعار في الأسواق.

حزمة الحماية الاجتماعية التي أعلنها مجلس الوزراء تضمنت زيادة أجور العاملين بالجهاز الإداري للدولة وأصحاب الكادرات الخاصة بـ 1000 جنيه اعتبارًا من أول إبريل/ نيسان 2023، وزيادة المعاشات بنسبة 15%، ورفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه ليكون بقيمة 30 ألف جنيه سنويًا.

يعيش العمال في ظل معادلة صعبة، تبحث عن حل، كيف يمكن سد العجز بين الدخل وارتفاع متواصل في أسعار السلع؟، وبسبب ذلك، من المقرر أن يعقد المجلس القومي للأجور اجتماعًا عقب انتهاء شهر رمضان المقبل لبحث مسألة الرواتب والعلاوات في القطاع الخاص، وفق عماد حمدي عضو المجلس.

مجلس لتحديد الأجور

يتشكل المجلس القومي للأجور حسب قانون العمل من ثلاثة أطراف، ممثلي الحكومة وأصحاب الأعمال وممثلين عن لنقابات العمالية، وتقوم الأطراف الثلاثة بدراسة أوضاع الأجور ومدى تناسبها مع معدلات التضخم، لوضع تصورات ومحددات واضحة للأجور الملائمة للأوضاع الاقتصادية.

الدكتور نيازي مصطفى خبير التشريعات العمالية ومستشار وزير القوى العاملة الأسبق (وكالات)
الدكتور نيازي مصطفى خبير التشريعات العمالية ومستشار وزير القوى العاملة الأسبق (وكالات)

ووفق القانون، تكون قرارات المجلس ملزمة لأصحاب العمل. يشير إلى ذلك الدكتور نيازي مصطفى خبير التشريعات العمالية ومستشار وزير القوى العاملة الأسبق، والذي يتحدث لـ “مصر 360″، فيقول محذرًا من أن “عملية فرض الحد الأدنى للأجور من الحكومة بشكل منفرد على القطاع الخاص دون نقاش مع أصحاب الأعمال ستحدث صدام، وأنه من الأفضل الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على الأجر”.

ويضيف مصطفى أنه يمكن اعتبار الزيادات في القطاع الحكومي مؤشرًا يمكن القياس عليه، وتستطيع وزارة القوى العاملة متابعة تنفيذه من خلال التفتيش على المؤسسات للتأكد من تطبيقه بعد إقراره.

ومن زواية أخرى، فإن المادة 247 من قانون العمل المعمول به اليوم، تعطي الحق للحكومة بفرض غرامات متعددة بتعدد العمال التي تقع بشأنهم مخالفات تطبيق الحد الأدنى للأجور، تبدأ الغرامة من 100 جنيه إلى 500 جنيه عن كل عامل.

وتستطيع وزارة القوى العاملة التفتيش على مواقع العمال وتحرير مخالفات على المنشآت المخالفة، ويسمح المجلس باستثناء تطبيق الحد الأدنى على المؤسسات غير القادرة، شرط أن تقدم أسبابا لعدم التطبيق، لتتم دراستها من جانب المجلس، كما يمكن إعفاؤها لمدة محددة حتى تتعافي.

عادل عبد الفضيل رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب
عادل عبد الفضيل رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب

 سرعة الحسم

طالب عادل عبد الفضيل رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، في حديثه لـ”مصر360″ بضرورة مراجعة الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص وزيادته، أسوة بقرارات رسمية تجاه العاملين بالجهاز الإداري للدولة.

وبحسب عبد الفضيل، فإن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، يعطي المجلس القومي للأجور صلاحيات بمتابعة قرارات رفع الأجر وتنفيذه بالمؤسسات وشركات القطاع الخاص، وناشد النائب، مجلس الأجور بسرعة الاجتماع والفصل في مطالب العمال، وذلك في مواجهة التداعيات الاقتصادية الراهنة، خاصة وأن الدولة تدعم القطاع الخاص بحوافز غير مسبوقة، بحسب حديثه.

شعبان خليفة رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص
شعبان خليفة رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص

بينما يشير شعبان خليفة رئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، في تصريحه لـ”مصر 360″إلى أن العمال وأسرهم يعيشون أوضاعًا اقتصادية واجتماعية غاية في الصعوبة في ظل الأجور المتدنية، والتي لا تكفي متطلبات الحياة الأساسية.

مرفوض

يقول خليفة إن التمييز في الأجور بين العاملين بالقطاع الخاص والعام، أمر مرفوض، ويطالب بتطبيق الحد الأدنى للأجور على العاملين بالقطاع الخاص بواقع 3500 جنيه أسوة بالعاملين بالجهاز الإداري للدولة.

ويشير شعبان إلى ضرورة تطبيق العلاوة السنوية الدورية للقطاع الخاص بما لا يقل عن 3% من أجر الاشتراك التأميني المنصوص عليه في قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، بحد أدنى 100 جنيه، ويرى أن الامتناع عن ذلك يعد مخالفة للمادة الثانية والمادة 34 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ويمثل انتقاصا من الحقوق المادية للعمال.

العلاوات

من جانبه يرى الدكتور نيازي مصطفى خبير التشريعات العمالية أن إضافة العلاوات والمنح للعاملين في القطاع الخاص، تثير أزمات بين المجلس القومي للأجور وأرباب العمل، مشيرًا إلى أنها لم تطبق منذ 2017.

يضيف “مصطفى” أن تطبيق العلاوات والمنح بالقطاع الخاص تتطلب الدخول في مفاوضات جماعية يشارك فيها اتحاد العمال والغرف التجارية والسياحية واتحاد الصناعات، بحيث يمكن إقرار علاوة لعمال القطاع الخاص تماثل علاوة للعاملين بجهاز الدولة.

ومن ناحيته طالب شعبان خليفة مديريات وزارة القوى العاملة، بمتابعة تنفيذ الكتاب الدوري رقم (6) لسنه 2023، بشأن تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور في منشآت القطاع الخاص، وتنفيذ قرار وزارة التخطيط رقم (103) لسنة 2022 لكي يصبح الحد الأدنى لأجر العامل المنصوص عليه في عقد العمل لا يقل عن 3500 جنيه شهريًا.

مجدي البدوي نائب رئيس الاتحاد العام لعمال مصر
مجدي البدوي نائب رئيس الاتحاد العام لعمال مصر

البدوي: مراعاة الظروف

مجدي البدوي، نائب رئيس الاتحاد العام لعمال مصر، قال إن عمال القطاع الخاص فى انتظار صدور قانون العلاوة الذي يناقش فى البرلمان الآن، والذى سيتم تطبيقه على القطاع الخاص. ويشير البدوي إلى أنه يجب التفرقة بين منشآت القطاع الخاص التي تسمح ظروفها المالية بتطبيق الحد الأدنى للأجور ولكنها ترفض تطبيقه وبين منشآت ظروفها المالية لا تسمح بزيادة الأجور، مؤكدًا أن الأولى، يجب معاقبتها إذا لم تطبق الحد الأدنى، لكنه يرى أيضًا أن التصادم سيؤدى إلى علاقات عمل فاشلة بالنهاية.

وفي هذا الصدد، يلفت البدوي في حديثه مع “مصر 360″ إلى أنه سبق وتم استثناء بعض القطاعات، مثل الغزل والنسيج والسياحة من تطبيق الحد الأدني للأجر لظروف تعثر هذه القطاعات. مبينًا أن وزارة القوى العاملة أصدرت كتابًا نصت فيه على أن الشركات التي لا تستطيع إقرار الزيادات والعلاوة والحد الأدنى من بنود الأجور عليها تقديم ما يثبت ذلك، ويتم صرف إعانة لها من صندوق الطوارئ التابع لوزارة القوى العاملة لحين تصحيح أوضاعها المالية.

ويطالب البدوي بمراجعة الغرامات الحالية التي تُفرض على المؤسسات التي تتهرب من إقرار الزيادات، يقول:” الغرامة المقررة حاليًا غير رادعة”.

ووفقا لمصدر بوزارة القوى العاملة، فإن الحد الأدنى للأجور السابق 2700 جنيه تم إقراره على القطاع الخاص في آخر اجتماع للمجلس منذ شهرين فقط، والتزمت به كل المؤسسات، إضافة إلى أنه حتى الآن لم ترد للوزارة أي شكوى من أصحاب الأعمال تفيد تعثرهم، حتى يتم دعمهم من صندوق الطوارئ، كاشفًا أن الوزارة صرفت مليارا و200 ألف جنيه في قطاع السياحة خلال أزمة كورونا لدعم المرتبات فقط.