أخيرا وبعد 11 شهرًا تقريبًا من الاجتماعات التحضيرية، أعلن مجلس أمناء الحوار الوطني عن تقدمه باقتراح لتحديد الثالث من شهر مايو/ أيار المقبل، موعدًا لبدء جلسات الحوار، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إبريل/ نيسان 2022، خلال حفل إفطار “الأسرة المصرية” في رمضان الماضي.

وفي بيان صدر فجر اليوم الاثنين، أوضح المجلس أنه سيواصل انعقاده الدائم حتى الموعد المشار إليه (3 مايو)، مستكملًا توافر كل عناصر المناخ الإيجابي، الذي يضمن بدء الحوار واستمراره بنجاح.

كذلك، أشار المجلس إلى استمرار مجلس الأمناء والأمانة الفنية -خلال هذه الفترة- في تلقي الأسماء والمقترحات من مختلف القوى المشاركة في الحوار، لوضعها في جلسات الحوار المناسبة لها. والاتصال بكل الشخصيات المشاركة في الجلسات لإبلاغهم بالمواعيد التفصيلية لجلساتهم وجداول أعمالها.

الإشراف على الانتخابات

وقد أعلن المجلس أنه استخدم صلاحياته وكذلك تعبيره عن مختلف القوى المشاركة في الحوار، في رفع اقتراح مشروع قانون يختص بالانتخابات والاستفتاءات، لرئيس الجمهورية، بالنظر في عرضه على البرلمان لمناقشته. حيث أوضح المجلس أن هذا الاقتراح يعبر عن إجماع كامل بين كل أطراف الحوار الوطني.

وينص الاقتراح على تعديل تشريعي في قانون الهيئة الوطنية للانتخابات يُدخل على نص المادة (34) يوجب إتمام الاقتراع والفرز، في الانتخابات والاستفتاءات التي تجري في البلاد، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية بنظام قاض لكل صندوق. وذلك في ضوء أن المادة المشار إليها تحدد مدة الإشراف القضائي الكامل بعشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، في 18 يناير/ كانون الثاني 2014، والتي تنتهي في 17 يناير/ كانون الثاني 2024.

اقرأ أيضًا: 15 توصية من “دام” حتى لا يتحول الحبس الاحتياطي إلى عقوبة

وفي يوليو/ تموز 2017، وافق مجلس النواب، على إلغاء الإشراف القضائي الكامل بدءًا من 2024، على أن يحق لـ”الهيئة الوطنية للانتخابات” المنظمة للاقتراعات بعد ذلك التاريخ انتداب من تراه مناسبًا للإشراف من موظفي الدولة من المدنيين وبينهم قضاة وليس جميعهم.

إلا أن بيان مجلس أمناء الحوار -الصادر اليوم- شدد على أن “ذلك كله ضمن النص الدستوري وقانون الهيئة الوطنية للانتخابات، واللذان يعطيانها، باعتبارها هيئة مستقلة دون غيرها الاختصاص بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية”.

مؤشرات تهدئة

خلال الفترة القليلة الماضية، شهد الوضع السياسي في مصر حراكًا مختلفًا، بدا عليه التهدئة والترقب، وقد التقى ممثلون عن مجلس أمناء الحوار الوطني -وفق عديد من المصادر- عددًا من شباب الحركة المدنية والمهتمين بالعمل السياسي وبعض المفرج عنهم في قضايا سياسية مؤخرًا، في محاولة لإشراكهم في الحوار في سبيل الخروج بمشروعات وتوصيات يمكن العمل عليها مستقبلًا.

الحركة المدنية الديمقراطية (وكالات)
الحركة المدنية الديمقراطية (وكالات)

ملف السجناء

لطالما كان ملف سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا الأهم في تشابكات أوضاع حقوق الإنسان بمصر. الأمر الذي شهد تحسنًا نسبيًا مع الدعوة للحوار.

فخلال العام الماضي، تم إطلاق سراح المئات من المحبوسين احتياطيًا وآخرين قضوا فترات سجن في قضايا ذات طابع سياسي تلقوا عفوًا رئاسيًا، فيما بدا أنه مؤشر حسن نية من الدولة لخلق مناخ سياسي مختلف. وكان من بين الذي استفادوا بهذه الانفراجة وكيل مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي زياد العليمي، وعضو حزب الكرامة حسام مؤنس، والمنسق العام للحركة المدنية يحيى حسين عبد الهادي.

اقرأ أيضًا: ماكينة الحبس الاحتياطي ومحاولات إسكات الجميع

إلا أن هذا الملف لم يسر بوتيرة واحدة. بل وشهد تباطؤًا اشتكى منه مشاركون بجلسات الحوار التمهيدية وأعضاء بلجنة العفو، أبرزهم كمال أبو عيطة وزير القوي العاملة السابق وعضو لجنة العفو الرئاسي، الذي قال -في تصريحات سابقة- إن معدلات الإفراج عن المحبوسين “لا تفي بالأعداد الكبيرة التي تتبناها لجنة العفو الرئاسي وتطالب بخروجها، سواء من المحبوسين احتياطيًا عن طريق إخلاء سبيلها أو المحكوم عليهم عن طريق صدور عفو رئاسي عنها”.

إذ لا يزال من بين هؤلاء من لم تتحرك ملفاتهم، سواء من صدرت ضدهم أحكام مثل النشطاء السياسيين علاء عبد الفتاح وأحمد دومة ومحمد أكسجين، أو المحبوسين احتياطيًا، مثل عضو حركة 6 إبريل محمد عادل، والمترجمة مروة عرفة، والناشطة نرمين حسين، والمصور الصحفي حمدي الزعيم. وهو ما دعا “أبو عيطة” إلى إعلان رغبته في انسحاب الحركة المدنية من الحوار، في حال رفض السلطة الإفراج عن سجناء الرأي.

الحركة المدنية والحوار

إلى الآن لم يصدر تعقيب رسمي من الحركة المدنية -تضم 12 حزبًا- على بيان مجلس أمناء الحوار الوطني بتحديد موعد انطلاق الحوار. لكنها (الحركة) قد أشارت في بيان سابق في أوائل يناير/ كانون الثاني هذا العام، إلى عدد من المطالب، تضمنت أن يحدد الحوار أولويات العمل الوطني اللازمة للتحول إلى دولة مدنية حديثة تقوم علي نظام حكم دستوري ديمقراطي يضمن استقلال السلطات والتوازن بينها، ويحقق الرقابة والمحاسبة ويلزم المؤسسات بالتصرف والعمل على أساس من احترام الدستور، وعلى الأخص تفعيل مواده المتعلقة بالحريات والحقوق.

وقد شدد بيان يناير الصادر عن الحركة على ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه بخصوص سرعة الإفراج عن سجناء الرأى من المعارضين السلميين واستكمال الخطوات المتفق عليها، وتوفيق أوضاع المفرج عنهم بالعودة لحياتهم الطبيعية شاملة بما في ذلك الحق في العمل والتعليم والتعويض والسفر. مع الكف نهائيًا عن مطاردة أصحاب الآراء المعارضة. وكذلك، الكف عن توجيه التهم المستحدثة وغير الدستورية لهم، والكف عن تقييد حركة الأحزاب ومؤتمراتها في المحافظات والأحياء، ورفع الحجب عن المواقع الإعلامية المعارضة والكف عن احتكار الإعلام.