أيام قليلة، وتُكمِل الناشطة مروة عرفة عامها الثالث قيد الحبس الاحتياطي في سجن القناطر للنساء، وتقدمت أسرتها بعدد كبير من الالتماسات والطلبات للنائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان ولجنة العفو الرئاسي لإخلاء سبيلها، ولم يؤكد أحد احتمالية خروجها ضمن قوائم الإفراجات التي بدأت منذ الإعلان عن الحوار الوطني رمضان الماضي.

عرفة، المدونة والمترجمة، قررت تكريس جزء كبير من حياتها للعمل التطوعي، ووضعت ضمن أولوياتها مساعدة أسر السجناء ممن فقدوا عائلهم ولا يجدون من يوفر لهم احتياجاتهم الحياتية، في وقت ترتفع فيه أسعار كل شيء، زيادات لا يمكن معها الحياة دون دخل ثابت كبير، لكنها وفي غمضة عين أصبحت هي ضمن “قائمة المحبوسين” تاركة خلفها طفلة رضيعة.

وفي غمضة عين أصبحت عرفة ضمن “قائمة المحبوسين” تاركة خلفها طفلة رضيعة

ومنذ هذه اللحظة، تحملت والدتها مشقة “الجري” وراء ابنتها في السجون والمحاكم، إضافة لتحملها مسئولية حفيدتها، وفاء، الرضيعة التي حرموها من والدتها.

تقول والدتها، الدكتورة وفاء عرفة لـ “مصر 360″ لا توجد أي بادرة بالإفراج عنها حتى أمر التجديد يتم دائمًا في غيابها ولم تحضر أمام القاضي.

بعد غياب 14 يومًا، لا يعرف أحد مكان اختفائها، ظهرت عرفة في نيابة التجمع الخامس في 4 مايو/أيار 2020، ووجهت لها نيابة أمن الدولة عليا طوارئ، تهمة مشاركة جماعة إرهابية أغراضها، وتم حبسها على ذمة القضية رقم 570 لسن 2020 أمن دولة. وهنا بدأ فصل جديد في حياة عرفة، التي تعمل في مجالي السياحة والترجمة وتدريس اللغة الإنجليزية.

التحقت بالجامعة الأمريكية عام 2010، وبدأت في دراسة الاقتصاد والعلوم السياسية، ثم حولت وجهتها إلى دراسة طب الأسنان، ثم دراسة القانون بجامعة القاهرة، ومنها حصلت على ليسانس حقوق.

وفي السجن تبدأ رحلتها في الدراسات العليا.

فى الجامعة الأمريكية، كانت مروة محبة للمسرح، بجانب ذلك كانت تشارك في كتابة موضوعات شبابية وإنسانية في عدد من الإصدارات الصحفية.

اليوم تكتب مروة من داخل محبسها:” حافظوا على طاقتكم، الحياة مراحل، وما فيش حاجة للأبد، لا بد الحال يتغير ويتعدل! ولا بد من يوم تترد فيه المظالم”.

بحسب قانون الإجراءات الجنائية، فإن أقصى مدة مسموح بها للسجن الاحتياطي، عامين، وفقا للمادة 148، بعدها يكون قرار الإفراج وجوبياً. لكن في 14 من الشهر الجاري، جددت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، حبس عرفة 45 يومًا آخرين،  ذلك دون تحقيق في الاتهامات الموجهة إليها، لتقترب من استكمال ثلاث سنوات قيد الحبس الاحتياطي.

يقول مختار منير محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير لــ مصر 360، إنه منذ أول جلسة تحقيق في 4 مايو أيار 2020 لم تمثل مروة أمام النيابة، لاستكمال التحقيق معها ومواجهتها بأي أدلة اتهام، حول نشر وإذاعة أخبار كاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية أهدافها مع العلم والترويج لأغراضها.

زيارة تجمع عرفة بطفلتها

طالبت والدة عرفة، التي تحمل مسئولية الطفلة، بإيجاد مكان آمن وملائم لزيارة الأطفال لأمهاتهم السجينات خاصة وأن هناك حضانة داخل سجن القناطر للنساء، يمكن استخدامها، والسماح للحاضنات باستقبال أطفالهن بها أثناء الزيارة، مراعاةً لمصلحة الطفل.

المدوِنة التي تخضع للحبس بسجن القناطر للنساء في ظروف سجن قاسية، حُرمت من متابعة حالة ابنتها الصحية والنفسية التي ساءت كثيرًا بسبب طول مدة الحبس، وتعاني بسبب غياب والدتها من مشكلات صحية بدنية ونفسية.

“وفاء” التي قاربت على بلوغ خمس سنوات، ومع طول فترة سجن والدتها، تأثرت نفسيًا، انعطف بها المسار الصحي والنفسي، وهي تتابع رحلة العلاج مع جدتها ما بين مراكز التخاطب والصحة النفسية.

بدأت وفاء تشعر بالفقد وتعاني آثاره منذ القبض على والدتها، صراخ دائم لمدة 6 أشهر، ثم فقدان الرغبة في الكلام، ما دفع معلموها في الحضانة بنصح الجدة للتوجه إلى أحد مراكز الصحة النفسية، وبعد خضوعها للاختبار اتضحت آثار تعرضها لصدمة عصبية.

على مدار ثلاث سنوات لم تتجاوب الطفلة مع والدتها أثناء زيارتها بسجن القناطر، اعتقدت الأسرة أن الطفلة نست أمها، لكن الطبيب أكد لهم أنها لم تنسها بل ترفضها “زعلانة منها”، ومؤخرًا، أكدت الجدة أن الطفلة بدأت في التجاوب، وسمحت لأمها بلمسها واحتضانها ولأول مرة تبكي عند مغادرتها.