تراهن وزارة السياحة على “التأشيرات الاضطرارية” التي يمكن الحصول عليها مباشرة من منافذ الوصول، لتحقيق استراتيجيتها الرامية لجذب 30 مليون سائح خلال خمس سنوات، وذلك بعدما قررت التوسع في عدد الدول المستفيدة منها إلى 185 دولة.
وضعت وزارة السياحة الدول ذات الكثافات السكنية الضخمة، على قائمة المستفيدين من تسهيل التأشيرات مثل: الصين والهند، وبات بمقدور مواطني الأولى الحصول على تأشيرة دخول من المنافذ والمطارات المصرية، وزيارة المقاصد السياحية بمصر حتى لو بشكل فردي دون أفواج.
أول من أمس السبت، التقى أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، نظيره الصيني هو هيبنج، في أول زيارة للمسئول الصيني خارج بلاده، منذ أزمة فيروس كورونا وبعد تخفيف قيود السفر. وقد جاءت الزيارة متزامنة مع استقبال مصر وفد صيني يضم 22 من مُنظمي الرحلات وممثلي المنظمة الصينية لخدمات السياحة، للقيام بزيارة تعريفية لعدد من المقاصد السياحية بمصر.
تعتبر بكين أكبر سوق لتصدير السياحة عالميًا، بعدما ارتفع عدد مسافريها للخارج من 4.5 مليون مسافر عام 2000 إلى 150 مليون عام 2018، وفقًا لتقرير منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، وأضحت الصين منذ عام 2018 رابع أكبر مصدر للسياح لمصر، زارها في عام 2018 أكثر من نصف مليون سائح صيني، بحسب السفارة الصينية بالقاهرة.
وتستهدف وزارة السياحة أيضًا الهنود الذين بات باستطاعتهم الحصول على تأشيرة من المنافذ، والمطارات المصرية إذا كانوا من حاملي التأشيرات “شنجن” التي تسمح بدخول الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك تأشيرة دخول دول مجلس التعاون الخليجي، وأمريكا والمملكة المتحدة وكندا ونيوزيلاندا واليابان وأستراليا.
ويُعد السياح الهنود من بين الأكثر إنفاقًا في العالم أثناء السفر إلى الخارج، مع توقع بارتفاع حجم إنفاق السفر، والسياحة الخارجية بالهند من 21.4 مليار دولار عام 2018 إلى 39.3 مليار بحلول 2024.
تعتبر “نيودلهي” أكبر مصدر للسياح بإمارة دبي التي استقبلت وحدها نحو: مليون هندي خلال النصف الأول من عام 2019. بينما من المتوقع ارتفاع عدد السياح الهنود بمنطقة الخليج، من 5.4 مليون سائح عام 2018 إلى 9.8 مليون سائح بحلول عام 2024، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 10%.
بحسب آخر إحصائية رسمية، فإن عدد السائحين الهنود الذين زاروا مصر 120 ألف سائح عام 2016، وهو رقم هزيل مقارنة بحجم السائحين الهنود عالميًا الذي يعادل 18 مليون نسمة.
إيران في المقدمة
منحت وزارة السياحة أيضًا، تأشيرة اضطرارية لمواطني (إيران والعراق وإسرائيل وتركيا والمغرب والجزائر) عند دخول مصر ببعض المطارات المصرية، وبسعر موحد بقيمة 25 دولاراً تستخدم زيارة مرة واحدة لمدة 30 يومًا.
يُسمح للإيرانيين القدوم إلى مصر، ولكن عن طريق شركات السياحة، وليس كزيارة فردية، ويسمح لهم زيارة جنوب سيناء فقط حاليًا، والأمر ذاته ينطبق على السياح الإسرائيليين ،الذين تم السماح باستقدام أفواج منهم إلى الغردقة بكفالة الشركات السياحية أيضًا.
كما يُسمح للأتراك بالحصول على تأشيرة دخول اضطرارية من المنافذ، والمطارات المصرية المختلفة دون التقيد بسن محدد وكذلك الحال بالنسبة للمغاربة والجزائريين، أما العراقيين فالحصول على تأشيرة اضطرارية من المنافذ، والمطارات المصرية اشترط نفس شروط الهنود، مع تحديد السن ليكون بين 16 و60 عامًا.
فيزا متعددة الدخول
استحدثت وزارة السياحة فيزا متعددة الدخول لمدة 5 سنوات بسعر 700 دولار وسيتم الإعلان عن تفاصيلها قريبًا، مع الإبقاء في الوقت ذاته على سعر تأشيرة الدخول لمصر والمقدرة بـ ٢٥ دولارًا لكنها لم تكشف حتى الآن موعد إطلاق التأشيرة السياحية الجديدة.
وتمثل تركيا حاليا، المستقبِل الأول للسائحين الإيرانيين الذين سجلوا نحو 2.5 مليون زيارة للمدن التركية عام 2017، ويبلغ معدل إنفاق الواحد منهم 180 دولارًا يوميًا، وهو أعلى من ضعف الإنفاق اليومي لبعض الجنسيات الأوروبية دائمة الزيارة لمصر، التي لا يتجاوز إنفاقها 70 دولارًا للأربعة أيام في بعض الأفواج.
وأرجعت وزارة السياحة تحديد جنوب سيناء والبحر الأحمر فقط ،أمام السياحة الإسرائيلية والإيرانية إلى دراسة مسبقة تمت بالتعاون مع القطاع الخاص، والجهات المعنية (وزارة الخارجية والجهات الأمنية).
يقول عاطف عبد اللطيف، عضو جمعيتي مستثمري جنوب سيناء ومرسى علم، إن منح الفيزا لمدة خمس سنوات من شأنه خدمة العاملين الأجانب من الكفاءات الفنية بقطاع السياحة المحلي، وكذلك المستثمرين الأجانب دائمي التردد على مصر، والذين لا يسمح وقتهم بالحصول باستمرار على تأشيرة دخول.
يضيف عبد اللطيف أن الوزارة قصرت مدن جنوب سيناء على الإيرانيين والإسرائيليين لاعتبارات أمنية في المقام الأول على أن تكون بمثابة اختبار للسماح لوفود كبيرة بالحصول على تأشيرات اضطرارية لباقي المناطق الأثرية المصرية، مضيفًا أن السياحة الإيرانية تمثل فرصة كبيرة في ظل وجود الملايين منهم الراغبين في زيارة مساجد وأضرحة آل البيت بالقاهرة.
كانت أول رحلة طيران بين القاهرة وطهران قد انطلقت في 4 إبريل/ نيسان 2013 لأول مرة منذ الثورة الإسلامية الإيرانية قبل 34 عامًا، واعتبرت حينها بداية لتدشين خط طيران بين مصر وإيران، لنقل السياح الإيرانيين إلى مصر لكن لم يتم الإعلان رسميًا عن عدد الرحلات القادمة من طهران وإجمالي عدد سائحيها.
تنافسية سعر التأشيرة
طالب قطاع من الخبراء بخفض سعر التأشيرة لأقل من السعر المحدد البالغ 700 دولار، لمنحها تنافسية في ظل وجود أسواق سياحية كبرى، تصدر تأشيرات بأقل من هذه القيمة.
يقول الدكتور صلاح الدين فهمي، الخبير الاقتصادي، إن خطوة التأشيرات الاضطرارية جيدة لكن يجب وضع نظام متنوع لها يمتد من 6 أشهر وحتى سنوات، وتقليل التكلفة فـ 700 دولار لا يزال مبلغا كبيرا مقارنة بدول المنطقة، فتركيا تبلغ سعر التأشيرة إليها 60 دولارا لمدة 6 أشهر ما يعادل 600 دولار في الخمس سنوات.
يضيف أن السعودية تضع تأشيرة متعددة الزيارات بـ 480 ريالا ولا تستخدم وقت الحج، كما أن قضاء أسبوع في تركيا أرخص من أسبوع في الغردقة، وهو أمر يجب دراسته واستغلال انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار من أجل تنشيط السياحة المحلية.
“الفيزا متعددة الدخول” كانت اقتراحا لوزارة السياحة في عهد وزيرها السابق خالد عناني وناقشه مجلس الوزراء، في اجتماعه يوم 2 مارس/آذار 2020، واشترِط حينها ألا يزيد المدى الزمني للزيارة عن 3 أشهر في كل مرة دخول، لكن لم يتم تفعليه، قبل أن يصدر قرار من وزارة السياحة بالتطبيق أخيرًا مع زيادة المدة لـ 6 أشهر وليس 90 يومًا فقط.
وبحسب مصدر بوزارة السياحة، فإن المبلغ الذي تم وضعه جيد مقارنة بالأسواق المنافسة مثل الإمارات التي تبلغ الرسوم 3 آلاف درهم (819 دولارًا) لمدة 3 أشهر فقط، علاوة على اشتراط وجود كشف حساب بـ 4000 دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية في آخر 6 أشهر.
يضيف المصدر أن التأشيرات الاضطرارية تجربة تسعى الوزارة لتوسعتها بعد تجربتها منذ عامين، مشيرًا إلى أن بعض الدول لا تزال حاليًا مستثناة من تلك الخدمة مثل: فلسطين، وأفغانستان، وباكستان، والصومال، واليمن، وسوريا، ولبنان، وسريلانكا، وإندونيسيا، وبنجلاديش، ونيجيريا، وإثيوبيا، ومالي، والنيجر”.
بحسب خبراء يجب تحويل مصر أيضًا لدولة ترانزيت عبر المزيد من التأشيرات، خاصة وأن الإجراءات الميسرة قد تدفع بملايين السائحين لقضاء أيام بها بدلًا من الانتظار بالمطار عدة ساعات قبل استئناف الرحلة للخارج خاصة مع رخص المقصد المصري حاليًا بسبب ضعف الجنيه أمام الدولار.