مساء الخميس الماضي، ألقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن اللوم على إدارة سلفه دونالد ترامب، بسبب طريقة خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، وأقرت بأنه كان ينبغي أن تبدأ عملية الإخلاء في بداية عام 2021 بدلا من منتصف العام، وهو الأمر الذي وصف بـ “المميت والفوضوي”.
وفي وثيقة من 12 صفحة تم إصدارها للصحفيين، تلخص جوانب المراجعة الحكومية الشاملة للانسحاب، أشار مسئولو الإدارة، إلى حد كبير، بأصابع الاتهام إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، لمنحه طالبان موعدًا محددًا لسحب القوات الأمريكية ووضع شروط أخرى “أدت إلى رحيل إدارة بايدن المتسرع من البلاد”.
وقد تصدر الانسحاب الأمريكي، الذي جاء بعد ثمانية أشهر من تولي إدارة الرئيس جو بايدن، بصور لأفغان معلقين على معدات هبوط طائرة، وقصف مميت عند بوابة آبي بمطار كابول، أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 أفغانيًا. كان العديد منهم يحاولون الهروب من حركة طالبان التي بُعثت من جديد.
وجاء وصف إدارة بايدن للانسحاب، الذي كتبه مجلس الأمن القومي، في وقت قدمت فيه وزارة الخارجية ووزارة الدفاع “البنتاجون” إلى الكونجرس دراساتهما المطولة والمصنفة حول رحيل الولايات المتحدة السريع بشكل غير متوقع عن البلاد في أغسطس/ آب 2021، مع السيطرة المتسارعة لمسلحي طالبان على الجيش الوطني الأفغاني، والتي جاءت بشكل أسرع مما توقعه محللو المخابرات الأمريكية.
اقرأ أيضا: في السياسة العالمية.. بعض القواعد تهم أكثر من غيرها
وتلفت مجلة تايم/ TIME الأمريكية، في تقرير، إلى أنه “لن يتمكن المشرعون من قراءة هذه الدراسات إلا داخل غرف مؤمنة للغاية في قبو الكابيتول”.
انسحاب كارثي
تشير المجلة الشهيرة إلى أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، والذي دوما ما تصفه وسائل الإعلام الأمريكية بـ “الكارثي”، استمر في كونه أحد أكبر العلامات السوداء في سجل بايدن كرئيس.
ويلفت التقرير إلى أن هذا الانسحاب “قوض أحد وعوده الرئيسية للناخبين، وهو أنه سيعيد اتخاذ القرار السليم والمهنية إلى البيت الأبيض بعد أربع سنوات من اضطراب فوضوي في عهد ترامب”.
يقول التقرير: مع استعداد كل من بايدن وترامب لمبارزة عودة محتملة في عام الانتخابات الرئاسية 2024، من المؤكد أن الانسحاب من أفغانستان سيعود إلى الظهور كنقطة تركيز لخطوط الهجوم. حيث يحاول كل منهما إلقاء اللوم على الرحيل القبيح، على الآخر.
أقر تقرير البيت الأبيض بأن عدم بدء عمليات الإجلاء من أفغانستان في وقت سابق كان خطأً، فضلاً عن عدم مشاركة المعلومات الاستخباراتية على نطاق أوسع حول تدهور الوضع الأمني على الأرض وعدم القيام بالتخطيط الكافي لأسوأ سيناريو في أفغانستان.
بينما تقول إدارة بايدن إنها “تعلمت دروسًا من التجارب التي طبقتها في مناطق صراع أخرى بعد فترة وجيزة”.
تقرير البيت الأبيض يقول: “نحن نعطي الأولوية الآن لعمليات الإجلاء السابقة عندما نواجه وضعًا أمنيًا مهينًا”، مشيرًا إلى عمليات الإجلاء اللاحقة في إثيوبيا وأوكرانيا مع تصاعد التهديدات في هذين البلدين”.
ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وسط تصاعد العنف حول العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، سحبت الولايات المتحدة معظم موظفي السفارة، بسبب اعتراضات من الحكومة الإثيوبية.
وفي أوكرانيا، سحبت الولايات المتحدة أفرادها قبل حوالي أسبوعين من بدء روسيا في تحريك الدبابات نحو كييف.
وقد أثرت تجربة الانسحاب من أفغانستان على كيفية تعامل الإدارة مع المعلومات الاستخبارية وسط تصاعد التهديدات.
لوم ترامب
تقول مراجعة البيت الأبيض: “في بيئة أمنية مزعزعة للاستقرار، نخطئ الآن في جانب التواصل العدواني بشأن المخاطر”. أما عن درس التجربة، ففيما يتعلق بأوكرانيا، أصدرت الإدارة معلومات استخباراتية في وقت مبكر للحلفاء. وفي النهاية، أعلنت مخاوفها قبل أسابيع من الغزو الروسي.
وقد اعترض مسئولو الحكومة الأوكرانية على هذا النهج في ذلك الوقت، حسبما ذكرت المراجعة، بسبب مخاوف من أنها ستثير الذعر داخل البلاد. لكن، فعلها بايدن على أي حال، وكان يعتقد أنها ساعدت في حشد الحلفاء ودعم أوكرانيا.
أيضًا خلال تلك الفترة، في أوائل عام 2022، عندما كانت القوات الروسية تتجمع على حدود أوكرانيا، ألهمت التجربة في أفغانستان إدارة بايدن لإنشاء مجموعة صغيرة من الخبراء أطلقوا عليها اسم “فريق النمر” لوضع خطط لأسوأ السيناريوهات.
كما احتفظ تقرير البيت الأبيض بأكثر تقييماته قسوة لإدارة ترامب، وألقى باللوم على سلف بايدن في الموافقة على الانسحاب الأمريكي في المقام الأول وترك الأمر للإدارة التالية لتنفيذه.
وقال التقرير إن ترامب أبلغ طالبان أن الجيش الأمريكي سيغادر البلاد في عام 2021، لكن ترامب “لم يترك أي خطط لكيفية إجراء الانسحاب النهائي أو إجلاء الأمريكيين أو الحلفاء الأفغان”.
وعندما تولى بايدن منصبه، ذكر التقرير أن “طالبان كانت في أقوى وضع عسكري منذ عام 2001، حيث كانت تسيطر على نصف البلاد أو تنافس عليها. وكان لدى الولايات المتحدة 2500 جندي فقط على الأرض، وهو أقل عدد من القوات في أفغانستان منذ عام 2001”.
كما انتقد التقرير الإدارة السابقة لإفسادها عملية الحصول على تأشيرة الولايات المتحدة. وبالتالي، خلق تراكم ضخم أدى إلى إعاقة مغادرة آلاف الأفغان، الذين عملوا مع الأمريكيين، وكانوا بحاجة إلى البحث عن الأمان من طالبان خارج البلاد.