في البحث عن تعدد مصادر التمويل العالمية، أعلنت مصر: في 30 مارس/ آذار الماضي، الانضمام إلى بنك التنمية الجديد NDB التابع لتكتل دول بريكس BRICS حسبما نُشر في الجريدة الرسمية طبقًا للقرار الجمهوري رقم 628 لسنة 2022. سبق هذا الإعلان، موافقة بنك التنمية الجديد NDB، على قبول عضوية مصر كعضو مساهم في ديسمبر/ كانون الأول 2021.

وقدمت مصر طلب الانضمام إلى البنك كعضو مقترض ” borrowing member”، في آواخر عام 2021، بحسب الموقع الإلكتروني للبنك.

وتبحث مصر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها عن منفذ جديد تستطيع الحصول على التمويل من خلاله، بعيدًا عن مؤسسات التمويل التقليدية، لكن حتى الآن لم تفصح مصر عن آلية الاقتراض المتعلقة بانضمامها للبنك الجديد.

 

حصة مصر في البنك

وسوف تدفع مصر حصة تُقدر بنحو 1.2 مليار دولار في رأسمال البنك، ما يُمكّنها من تملّك حوالي 2.3% من أسهمه بحسب موقع البنك الإلكتروني. وسيكون لدى مصر خيار زيادة حصتها في رأسمال المقرّض متعدد الأطراف، وبالتالي ملكية أسهمها وحقوق التصويت في غضون السنوات القليلة المقبلة.

يأتي هذا في الوقت الذي تُعاني فيه البلاد من أزمة في تدبير العملة الأجنبية، مستمرة منذ أكثر من عام.

https://public.flourish.studio/visualisation/13401522/
https://public.flourish.studio/visualisation/13401522/

نافذة اقتراض جديدة لمصر

وستتمّكن مصر من الحصول على قروض من خلال بنك التنمية الجديد، كونها انضمت كعضو مقترض ” borrowing member”، وليس مقرّض، بحسب الموقع الإلكتروني للبنك؛ لكن سعر الفائدة في قروض بنك التنمية الجديد متغيرة وتصل في الإجمالي إلى ما يتراوح بين 2.2%، و2.55%، وتتوزع بين 1.30% و1.65% فائدة أساسية إضافة إلى 0.65% رسوم التزام، و0.25% رسوم إدارية.

وعلى ذلك، فإن معدل الفائدة من قروض بنك التنمية الجديد أعلى من سعر الفائدة على قروض صندوق النقد الدولي التي تتراوح بين 1.5 إلى 2%، بحسب الخبير الاقتصادي عبد المنعم السيد.

في المقابل، فإن قروض بنك التنمية الجديد تُوفر كفاءة من حيث التكلفة في الاستشارات، حسبما قال مسئول كبير: في قسم العلاقات الاقتصادية لصحيفة بيزنس ستاندرد، مضيفًا أن “القروض المرنة أصبحت باهظة التكلفة بشكل متزايد، وبالتالي يجب أن تكون هناك لجنة لفحص الائتمانات المرنة لبنك التنمية الجديد”.

إضافة إلى ذلك، سوف تسمح عضوية مصر في بنك التنمية الجديد في تقليل الطلب على الدولار، إذ يُمكن لأعضاء البنوك استخدام عملاتها الوطنية في التبادل التجاري، بحسب بيان صادر عن وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب محمد عبد الحميد.

حق التصويت وآلية حل الخلافات

بحسب القرار الجمهوري رقم 628، سيكون لمصر حق التصويت بما يُساوي عدد الأسهم المساهمة بها في رأسمال البنك البالغة نحو 2.3%؛ لكن في حال عجز مصر عن سداد أي جزء من المبلغ المُستحق بالمتعلق بالتزاماتها المُرتبطة بالأسهم المدفوعة، لن تكون باستطاعتها طوال استمرار هذا العجز ممارسة النسبة المئوية لحق التصويت، والتي تُوازي النسبة المئوية التي يتحملها المبلغ المُستحق غير المُسدد إلى إجمالي مبلغ الأسهم المدفوعة التي اكتتب فيها هذا العضو في أسهم رأسمال البنك.

وفي حال نشأ خلاف بين البنك ومصر حال توقف عضويتها، يُقدم هذا الخلاف إلى التحكيم بموجب هيئة تحكيم مكونة من ثلاثة محكّمين على أن يعين البنك المحّكم الأول، وتعين الدولة ذات الصلة “مصر” المحكّم الثاني، وتعين إحدى السلطات ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك المحكّم الثالث، وتصدر القرارات بأغلبية أصوات المحكّمين الثلاثة.

الدكتور مدحت نافع
الدكتور مدحت نافع

يرى الدكتور مدحت نافع أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة القاهرة، أنه من المبكر الآن الحكم على الآلية التي سيعمل بها هذا البنك في مصر، خاصة مع شيوع فكرة إصدار عملة موحدة لتكتل بريكس، والتي لن تكون في أي وقت قريب، إذ إنها تحتاج للكثير من الإجراءات.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، كشف أن القمة المقبلة لمجموعة دول بريكس التي ستعقد في نهاية أغسطس/ آب القادم، ستناقش إنشاء عملة موحدة لدول المجموعة “البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا”.

ويقول نافع لمصر 360: إن مصر انضمت إلى عضوية بريكس بلس أو “بريكس الموسعة”، التي تسعى إلى اجتذاب بعض الاقتصادات الكبرى في مناطق موسعة من العالم، في إطار استراتيجية بريكس لكسر هيمنة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي.

ويُضيف نافع : أن هذه الاستراتيجية تسعى لجذب دول مثل: السعودية والإمارات وأوروجواي وبنجلادش لتنفيذ ما يُسمى بـ”الإقليمية الجديدة”، والتي لها محدداتها مثل: التحكم في المعروض النقدي، والتعامل مع العملات المحلية، وتبادل العملات وتنظيمها.

وحول آلية اقتراض مصر من بنك التنمية الجديد، يعتقد أستاذ الاقتصاد والتمويل، أنه لن تختلف عن الآليات المُتبعة في أي مؤسسات تمويل دولية مثل: البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن مصر ستسدد جزءا معينا من الأموال؛ كي تكون جزءا من هذا البنك، وتحصل على قروض بمضاعفات قيمة حصتها المسددّة في رأسمال البنك، أو وفقًا لآليات ولوائح بنك التنمية الجديد في إعطاء قروض لمشروعات البنية التحتية.

تأسيس البنك

تأسس بنك التنمية الجديد من قبل دول “البريكس”، على أساس اتفاقية حكومية دولية، تم توقيعها في قمة البريكس السادسة في مدينة فورتاليزا البرازيلية في يوليو 2014، وهي مكونة من الهند والبرازيل والصين وروسيا وجنوب إفريقيا، بغرض تمويل مشروعات البنية التحتية في الدول الأعضاء.

ويصل رأسمال بنك التنمية الجديد المصدر 100 مليار دولار، ورأسمال مدفوع 50 مليار دولار، مقسمة على الدول الخمسة الأعضاء المؤسسين بموجب اتفاقية التأسيس، بحيث تساهم كل دولة بمبلغ 10 مليار دولار في رأسمال البنك، بحسب الموقع الإلكتروني للبنك.

وكان مجلس محافظي البنك، قد فوض الإدارة في إجراء محادثات رسمية مع الدول الأعضاء الجديدة المحتملة في نهاية عام 2020. وفي سبتمبر 2021، انضمت الإمارات وأوروجواي وبنجلاديش، وحازت جميع هذه الدول باستثناء الأوروجواي على العضوية بشكل رسمي في البنك بعد استكمال الإجراءات اللازمة، بحسب موقع البنك الإلكتروني.