إسراء محسن حاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، انفصلت عن زوجها منذ 4 سنوات، ولم تحصل على نفقة رغم قرار المحكمة بإلزام الزوج دفع 600 جنيه شهريًا كنفقة لطفلها. حالة يمكن مقابلة آلاف مثلها في المحاكم يوميًا.

عانت إسراء من عجزها في إثبات دخل طليقها، والذي بدوره، قدم للمحكمة شهادة تثبت أنه “بلا عمل”، بالتالى لم تتمكن من إلزامه بمصاريف تعليم وسكن طفلها البالغ من العمر خمس سنوات.

في حفل عيد الأم 21 مارس/آذار الماضي، أعلن وزير العدل، المستشار عمر مروان عن قرب الانتهاء من قانون إنشاء صندوق رعاية الأسرة، وأشار إلى أن مشروع القانون أحد الأدوات التشريعية المكملة لمشروع قانون الأحوال الشخصية.

يأتي مقترح صندوق رعاية الأسرة، والذي وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بإعداده وتوفير موارد تمويله، في ظل استمرار أزمات اقتصادية متصاعدة، إلى جانب ارتفاع حالات الطلاق بشكل لافت فى السنوات الأخيرة، حسب ما تشير إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حيث ارتفعت بنسبة 14 % خلال عام2021 مقارنة بالعام السابق.

وفقًا للتقرير العالمي للسكان 2022، جاءت مصر في المرتبة العشرين في معدلات الطلاق حول العالم، بتسجيل 2.3 حالة طلاق لكل 1000 من السكان، ويترتب على ذلك مشكلات مستجدة تطول الأطفال، منها مشكلة النفقة.

المستهدفات والمستقبل

سواء كانت الأزمة نتاج التهرب من دفع النفقة أو العجز عن دفعها، فإن أزمة الأطفال خصوصًا تزداد، ما يهدد رعايتهم في ظل أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها الأسرة.

في هذا المشهد، يمثل مقترح صندوق رعاية الأسرة أهمية كبيرة إذ ما استطاع معالجة جزء من أعباء الإنفاق داخل الأسرة، لكن يبقى هناك عدة أسئلة تحتاج إلى إجابات وتوضيح تبدأ بتمويل الصندوق وتحديد مستهدفات واضحة محددة، وهل ستقتصر بنود الإنفاق على رعاية الأسر في حالات الطلاق؟ أم سيعالج مشاكل أعمق؟ مثل غياب إمكانيات رعاية أطفال الأسر التي لا تجد ما يكفيها أو تلك التي ليس لديها عائل.
يبدو مشروع صندوق الأسرة طموح لكن لم يحظ بنقاش مجتمعي رغم أنه يمس ملايين الأسر، ويعالج قضية غياب مصدر الإنفاق للأسرة والأطفال بعد حالات الطلاق، وهم يقدرون بالملايين، ويزداد عددهم مع ارتفاع معدلات الطلاق.

 

يبدو مشروع صندوق الأسرة طموح لكن لم يحظ بنقاش مجتمعي رغم أنه يمس ملايين الأسر

مصادر التمويل

أعلنت وزارة الصحة تحصيل  11 مليون جنيه رسوم مقابل إجراء الفحص الطبي لعدد 51 ألفاً من المقبلين على الزواج، وأشارت الوزارة إلى أن الحصيلة ستوجه إلى الصندوق المزمع إنشائه.

لكن الإعلان عن تحصيل رسوم الزواج قوبل باعتراضات واسعة، خوفًا من فرض مبالغ كبيرة، تزيد من أعباء المقبلين على الزواج فى ظل ارتفاع تكاليفه، ما دفع وزير العدل لإطلاق رسائل طمأنة، معلنًا الانتهاء من الدراسة الأكتوارية لصندوق الرعاية بالتعاون مع وزارة التضامن.

هل فكرة الصندوق جديدة؟

لم تكن فكرة صندوق رعاية الأسرة جديدة. وفقًا للقانون11 لسنة 2004 تم إنشاء (صندوق تأمين الأسرة المصرية) وهو ما يعتبر نظير لصندوق الرعاية، ويتبع بنك ناصر الاجتماعي، وضمن مهامه مساعدة الأسر التي هجرها عائلها، ويصرف صندوق تأمين الأسرة للزوجة النفقة وخلافه، سواء خلال مراحل التقاضي أو نتيجة تعثر الزوج، يصرف للمطلقة نفقة شهرية 300 جنيه قبل أن يعدلها وزير العدل عام 2008 لتصبح 500 جنيه.

اليوم، تواجه شريحة واسعة من المطلقات أزمة تهرب الطليق من دفع النفقة، وتواجه فى كثير من الأحيان صعوبة في إثبات الدخل الفعلي للزوج، ما يعصف بمصلحة ملايين الأطفال في الأسر التي شهدت حالات طلاق.

“التمويل” ومصادره

المحامية مها أبو بكر المتخصصة فى قضايا الأحوال الشخصية تقول أن الهدف من إنشاء الصندوق هو تخفيف العبء عن بنك ناصر الاجتماعى، خاصة وأن البنك لم يستطع الوفاء بقضايا النفقة، إلى جانب أن قيمة المبالغ التى يصرفها للأسر ضعيفة.

وبحسب “أبو بكر” فإن مصادر تمويل الصندوق غير واضحة حتى الآن، كما لم يطرح  مشروع القانون للنقاش المجتمعي قبل عرضه على مجلس النواب.

وشددت بكر على أهمية أن يتوسع الصندوق في أهدافه، ومن ذلك صرف إعانات إلى الأطفال الأيتام.

إلى ذلك، يؤكد عبد الناصر قنديل نائب رئيس مركز جسور للدراسات،  على أهمية أن يُصرف الدعم  لرعاية المطلقة وصغارها، ومن ليس لهم عائل  أو مصدر دخل ثابت ومعلوم للإنفاق، ويشير بذلك إلى  حد الكفاية الذي تحتاجه الأسرة أو الحد الأدنى المقرر للأجور.

ورغم ما تتحدث عنه من “غموض” فقد نصت المادة 98 من المشروع على أن تتكون موارد الصندوق من 7 مصادر، تشمل حصيلة الاشتراكات في نظم التأمين والمساهمات المالية للدولة، عائد استثمار أموال وأصول الصندوق، المنح والهبات والإعانات والتبرعات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق. كما تمول الضرائب الصندوق.

ووفقا لمشروع القانون فإنه سيتم تمويله من القروض التي تُعقد لصالحه بما لا يتعارض مع أغراضه، وكذلك الغرامات الناتجة عن الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون مثل زواج الأطفال أو التلاعب بقواعد الزواج أو التضليل فيما يتعلق بالدخل أو الزواج المتعدد.

كما ستم فرض ضريبة لأغراض التضامن والمشاركة المجتمعية ولدعم ورعاية الأسرة المصرية منها  طابع قيمته خمسة جنيهات على الأوراق والمستندات التي تصدرها الجهات والهيئات العامة وكذلك تذاكر حضور المباريات الرياضية والحفلات والمهرجانات الغنائية إذا كانت قيمة التذكرة خمسين جنيها فأكثر.

وأيضًا، تشمل عمليات التمويل فرض رسوم على طلبات الالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية والشرطية وكراسات شروط المناقصات والمزايدات الحكومية وفقًا لأحكام قانون تنظيم التعاقدات رقم (182) لسنة 2018.

يٌضاف إلى ذلك، عقود المقاولات والتوريدات الحكومية، وطلبات حجز قطعة أرض أو وحدة سكنية من الأراضي والوحدات التي تتيحها الدولة بالمدن العمرانية الجديدة، وطلبات الاشتراك في النوادي وتجديد العضوية السنوية فيها، وتذاكر الرحلات الجوية.

مزايا الصندوق

يرى قنديل قرار إنشاء الصندوق أحد الأوجه المضيئة لأنه سيعالج مثالب الوضع القائم الذي تعاني فيه السيدة المطلقة من أعباء الإنفاق، خاصة مع مصاعب الوضع الاقتصادي الذي يحول في العديد من الحالات دون تنفيذ الأحكام القضائية نتيجة تعثر الزوج.

وفى سياق رفض مقترحات التمويل والتخوفات يقول قنديل:” لا يجب الانسياق خلف شائعات وأقوال مرسلة تضمنت معلومات كاذبة وأرقامًا مختلقة لا وجود لها ضمن نصوص مشروع القانون رغبة في إثارة اللغط، وأشار قنديل إلى أن هناك أسر تدفع ثمنًا فادحًا في قاعات المحاكم.

فيما تعطي مى صالح رئيس الوحدة القانونية بمؤسسة المرأة الجديدة الأهمية لتعديل الشق الإجرائى في قانون الأحوال الشخصية، ذلك بهدف تحقيق عدالة ناجزة فى تقدير حجم النفقة وفقا لمعايير عادلة، حيث يتم التحايل على القانون، بحسب تقديرها.

تضيف صالح أن آلاف المطلقات تتحملن تكاليف التقاضي وأجرة السكن ونفقة الأطفال لسنين لحين أن تقرر المحكمة النفقة بناء على شهادة مفردات المرتب والتى تقول إنها كثيرا لا تعكس الحقيقة. ما تكون غير دقيقةمزورة، وبناءً على رؤية القاضى للمنطقة السكنية التى تسكن فيها المطلقة سواء كانت (شعبية أو راقية أو فقيرة).

وتشير صالح إلى وجود ميزة بمشروع القانون متعلقة بمخصصات الإنفاق المرتبطة بقضايا الأسرة. حيث من المقرر أن يغطي الصندوق، النفقة للسيدة المطلقة خلال الفترة التي تنتظر فيها حكم الطلاق وقرار المحكمة بإثبات النفقة، حيث لا يتحرك “بنك ناصر”، المسئول حتى اليوم عن “قضايا النفقة”،  إلا بعد قرار المحكمة وبطلب من المتضررة بتحويل النفقة على البنك.