كشف تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال/The Wall Street Journal، عن عزم مسئولين سعوديين كبار لقاء قادة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، يوم الأحد، لمناقشة تجديد العلاقات الدبلوماسية التي اتسمت بالبرود منذ عام 2007.
ولفت التقرير إلى أن الزيارة “جزء من حملة دبلوماسية قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي شجعت الرياض على التقارب أكثر مع إيران”.
ووصف التقرير إعادة العلاقات بين حماس -المدعومة من إيران- والمملكة، بإنه من شأنه أن يمثل “انتكاسة لجهود الولايات المتحدة وإسرائيل لإقامة تحالف عسكري بين إسرائيل والدول ذات الأغلبية السنية الأخرى ضد إيران وحلفائها”.
كما أنها “تعقد هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتمثل في تطبيع العلاقات مع الرياض بمواجهة إيران، باعتبارها المصلحة المشتركة الأساسية بينهما”.
وقال مسئولون من حماس إن قادة سعوديين دعوهم لزيارة المملكة. لذلك، من المتوقع أن يهبط قادة كبار للحركة في جدة في وقت متأخر من يوم الأحد.
وأشار مسئولون سعوديون إلى أن جهود إعادة العلاقات بين الحركة والمملكة “تدفعها إيران وسوريا”.
وكجزء من المحادثات، يأمل مسئولو حماس في إطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين المحتجزين في السعودية، والذين تم سجنهم عندما كان الطرفان على خلاف، وفقًا لمسئولين سعوديين ودبلوماسي مطلع على الأمر.
وكتب موسى أبو مرزوق رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس وعضو المكتب السياسي والذي سيحضر الاجتماع غدا الأحد “نسعى لإقامة علاقات مع كل القوى في المنطقة والعالم، وليس لدينا عداوة لأي أحد باستثناء العدو الصهيوني”.
اقرأ أيضا: الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله في حوار لـ ”مصر360″: إيران تظل أكبر مهدد لأمن الخليج رغم سياسة خفض التوتر المتبعة خليجيًا حاليًا
في الوقت نفسه، لم يرد ممثلو الحكومة السعودية على طلب للتعليق أرسلته الصحيفة الأمريكية، بينما رفض مكتب نتنياهو التعليق.
أيضا، وفق التقرير، يعتزم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، زيارة جدة هذا الأسبوع، وسيلتقي ولي العهد في رحلته، وفقًا لمسئولين سعوديين وفلسطينيين.
بين حماس والسلطة
يشير التقرير إلى أن حماس قد ابتعدت عن الرياض منذ عام 2007، بعد أن انتزعت -بعنف- السيطرة على قطاع غزة من حركة فتح التي تسيطر على السلطة الفلسطينية، والمدعومة من الولايات المتحدة.
ويلفت إلى أن العلاقات المتنامية بين حماس وإيران، أدت إلى إضعاف علاقتها مع الرياض، التي بدت أيضًا مرتبكة في التعامل حماس لكونها فرعًا من جماعة الإخوان المسلمين. وهي حركة اعتبرتها الرياض في كثير من الأحيان تهديدًا.
يقول: بينما كانت المملكة ذات يوم داعمًا قويًا للسلطة الفلسطينية، تراجعت مساعدتها لرام الله في السنوات الأخيرة. تدهورت العلاقات بين الجانبين مع اقتراب المملكة من إسرائيل وتحالفتها مع إدارة ترامب السابقة، التي تصادمت في كثير من الأحيان مع القيادة الفلسطينية.
ونقل التقرير عن مسئولين سعوديين قولهم إن التوسط في اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية في نهاية المطاف، هو “هدف طويل الأجل” لولي العهد.
ولفت إلى فشل الجهود السابقة المتعددة للتوسط في المصالحة بين الفصائل الفلسطينية. بما في ذلك من قبل الرياض، بسبب الخلافات حول الانتخابات الفلسطينية المحتملة، والتي لم تحدث منذ عام 2006، وما إذا كان بإمكان حماس الاحتفاظ بكتائبها المسلحة.
اقرأ أيضا: التطبيع الإسرائيلي-الإماراتي.. محاولات تشكيل شرق أوسط جديد
النفوذ في منطقة مضطربة
من المقرر أن يحضر إسماعيل هنية، زعيم حماس، الاجتماع مع مرزوق وخالد مشعل، وهما من كبار المسئولين السياسيين في الحركة.
ووفقًا لمسئولين سعوديين مطلعين على الزيارة، فإن جهود التقارب التي تبذلها المملكة مع حماس هي جزء من حملة أكبر لإظهار النفوذ الدبلوماسي لولي العهد.
وأوضح التقرير “يعيد اللاعبون الإقليميون العلاقات مع سوريا، وتتحدى دول مثل الصين وروسيا، هيمنة الولايات المتحدة، من أجل الحصول على النفوذ في المنطقة المضطربة”.
في الوقت نفسه، تعيد السعودية والإمارات وبعض الدول العربية الأخرى إحياء العلاقات مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي الشهر الماضي، أعادت السعودية أيضا العلاقات مع إيران، في صفقة توسطت فيها بكين.
وأشار مسئولون سعوديون للصحيفة الأمريكية، إلى إن الاتفاق السعودي لتجديد العلاقات الدبلوماسية مع إيران “مهد الطريق أمام حماس لإعادة فتح الحوار مع السعوديين”.
اللعب على جميع الأطراف
في السنوات الأخيرة، انقسمت قيادة حماس حول مدى ارتباطها الوثيق بإيران.
وبينما دعا هنية إلى توثيق العلاقات مع طهران وحلفائها، حذّر كبار القادة الآخرين من أن الحركة قد تفقد دعم دول الخليج السنية إذا اختارت القيام بذلك. كما قال مسئولون إسرائيليون ومحللون سياسيون.
ونقل التقرير عن يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي -مقره تل أبيب- قوله إن “التقارب الإيراني السعودي فتح الباب على نطاق أوسع لهذا الاجتماع”.
وقال عن الجهود الدبلوماسية الأخيرة للمملكة العربية السعودية: “إنها تكتونية”. في إشارة إلى الطبقة التي تكون سطح الكرة الأرضية، وهي المسئولة الأولى عن حدوث الزلازل والبراكين على سطح الأرض.
في الوقت نفسه، بينما قال نتنياهو بعد فترة وجيزة من توليه منصبه في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. إن أحد أهم أهدافه هو تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية. أعرب مسئولون إسرائيليون، في وقت سابق من هذا العام، عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق في غضون بضعة أشهر.
وأكد التقرير أنه “بينما يستمر التعاون الهادئ بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية في مجالات الأمن والاستخبارات والعلاقات التجارية، تباطأت الجهود المبذولة لتوسيع العلاقات مع المملكة الخليجية والدول الإسلامية الأخرى، وفقًا لأشخاص مطلعين على هذه الجهود”.
ونقل التقرير عن جاكوب ناجل، الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات -مقرها واشنطن- قوله إن التواصل مع حماس يظهر أن السعوديين “يحاولون اللعب على جميع الأطراف، وليس وضع الأوراق في سلة واحدة”.