زينب مصطفى ويوسف عقيل
عام ويزيد، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، كان أكثر ما يظهر من مؤشراتها هو الحديث عن عمليات “التسليح”، من يملك السلاح ومن يدعم من بالسلاح ومن يبيع أكثر ومن يشتري؟ تغيرت خريطة التسليح كليًا، وبدأت دول في دراسة ترتيبها على مؤشر التسلح العالمي وما يستتبع ذلك من متغيرات على وزنها العسكري وخريطة القوى الدولية وما يجره ذلك من توسع في رصد ميزانيات كبيرة وربما فلكية لشراء السلاح.
ومع الحرب الأوكرانية، انتقلت التهديدات الأمنية شمالًا وشرقا إلى أوروبا وآسيا، إذ تسبب الانكشاف الأمني الذي تعرضت له الدول الأوروبية في أعقاب الحرب الروسية في أوكرانيا، واعتمادها على المظلة الأمنية الأمريكية في وضعها في موقف حرج أمنيًا. دفع هذا الوضع دول أوروبا إلى تأمين وزيادة إنفاقها العسكري، سعيا لتوسيع هامش الاعتماد الأمني الذاتي.
وفي الشرق الأوسط، تشهد المنطقة خلال العقد الأخير تفاقما في المخاطر الأمنية، ما رفع من مشتريات السلاح، وجعلها سوقًا رائجا للسلاح خاصة القادم من الولايات المتحدة الأمريكية.
الأرقام تقول، إن منطقة الشرق الأوسط حققت ارتفاعًا فى واردات السلاح. وشكلت واردات كل من السعودية ومصر وقطر والإمارات ما مجموعه 53 % من إجمالي واردات السلاح في الشرق الأوسط.
وفى تقريره الجديد حول “التسلح والسلام”، أشار معهد ستوكهولم إلى مبيعات الأسلحة عالميًا والمستوردين، والدول التي تهيمن على سوق التسلح. تقرير ستوكهولم الذي يصدر كل 4 سنوات، يساهم فى تشكيل صورة أوضح عن حركة وسباق التسلح بما فيه من مؤشرات حول نوع الأسلحة والمشترين والموردين.
الشرق الأوسط
شهد العقد الأخير ارتفاعًا فى مستوى التسلح والعسكرة على مستوى دول العالم، مدفوعة بتزايد حجم التهديدات الأمنية، بينما استحوذت دول الشرق الأوسط على القدر الأكبر من الاهتمام الأمني، ارتباطًا بأحداث الربيع العربي والفوضى الأمنية التي تلتها، والمواجهات مع التنظيمات الإرهابية على رأسها تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا ومصر.
[iframe src=”https://flo.uri.sh/visualisation/13375203/embed?auto=1%27″ width=”100%” height=”600″]
كما ذكر التقرير أن واردات الشرق الأوسط العسكرية سجلت ارتفاعًا بين عامي 2007 و2011 بنسبة 86%، مدفوعة باتساع نطاق المواجهات في شمال إفريقيا.
أيضا فإن الصراع الذي استمر في اليمن سنوات إلى جانب توترات إيران ومحيطها، دفع السعودية إلى زيادة وارداتها من الأسلحة بنسبة 27% مستحوذة وحدها على 11% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية، ما يجعلها ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم بعد الهند مباشرة.
وتساهم الولايات المتحدة بنسبة 82 % من واردات السعودية من الأسلحة.
أيضًا، نمت واردات قطر من الأسلحة بنسبة 227 % خلال الفترة بين 2017-21، وحصلت الدوحة على 46% من وارداتها من الأسلحة من الولايات المتحدة ونحو 36 % من فرنسا.
مصر الثالثة
مصر جاءت في المرتبة الثالثة عالميًا كأكبر مستورد للأسلحة في العالم في 2017-21، وهو ما انعكس على ترتيب القوة العسكرية المصرية وتصدرها في منطقة الشرق الأوسط.
[iframe src=”https://flo.uri.sh/visualisation/13387338/embed?auto=1%27″ width=”100%” height=”600″]
ويلاحظ من خلال التقرير أن مصر طورت علاقاتها مع موردي السلاح بحيث لا تقع تحت احتكار أي من القوى العظمى. فبحسب مؤشرات التقرير، شكلت روسيا 41 % من واردات الأسلحة للقاهرة، تليها فرنسا (21 %) وإيطاليا (15 %) وألمانيا (11 %).
بينما انخفضت واردات الأسلحة من الولايات المتحدة بنسبة 70٪، أي تساهم بنسبة 6.5 % فقط من واردات السلاح إلى مصر.
إسرائيل
زادت واردات الأسلحة لإسرائيل بنسبة 19٪ بين 2017-21 عن الفترة 2012 و2016، واستحوذت الولايات المتحدة على 92 % من واردات الأسلحة لتل أبيب، أبرزها طائرة مقاتلة من طراز F-35 التي تم استخدامها في غارات جوية على أهداف في غزة ولبنان وسوريا.
الدول المصدرة للسلاح
سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وفرنسا، الصين، وألمانيا على سوق السلاح كأكبر مصدرين في العالم بنسبة 77% من إجمالي صادرات السلاح عالمًيا.
وشكلت صادرات الأسلحة من أمريكا الشمالية وأوروبا معًا 87 % من جميع صادرات الأسلحة في 2017-21، بينما ساهمت 5 دول من أوروبا الغربية بنسبة 24% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية في 2017-21.
[iframe src=”https://flo.uri.sh/visualisation/13374410/embed?auto=1%27″ width=”100%” height=”600″]
أمريكا التاجر الأول
مازالت حصة الولايات المتحدة تتوسع في سوق السلاح، إذ نمت الصادرات بنسبة 14% خلال 2017-21، مقارنة بالفترة ذاتها خلال 2012-2016، ما ساهم في زيادة حصتها العالمية من 32% إلى 39%.
ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة تبيع الأسلحة إلى 103 دولة، ويستحوذ الشرق الأوسط على 43 % من إجمالي مبيعات الأسلحة الأمريكية.
كما يذهب ما مجموعه 33 % من الأسلحة الأمريكية إلى آسيا وأوقيانوسيا في حين تتلقى أوروبا 18% من السلاح الامريكي.
[iframe src=”https://flo.uri.sh/visualisation/13386051/embed?auto=1%27″ width=”100%” height=”600″]
* لمطالعة التغير وفقًا للسنوات.. اضغط على زر “play” بالمخطط
وعربيًا، ارتفعت صادرات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية بنسبة 106%، وشكلت وحدها 23% من إجمالي صادرات الأسلحة الأمريكية في 2017-21.
كما زادت صادرات الأسلحة الأمريكية إلى أستراليا بنسبة 78 %، بينما زادت صادرات الأسلحة إلى كوريا واليابان بنسبة 66 % و173 % على التوالي.
ومن حيث أنواع الأسلحة، ذكر التقرير أن الطائرات الأمريكية تمثل السلاح الرئيسي الأول في قائمة صادرات الأسلحة الأمريكية، مشكلة 62% من مجموع صادراتها، تليها الصواريخ (17%) ومدرعات المركبات (10%).
[iframe src=”https://flo.uri.sh/visualisation/13374889/embed?auto=1%27″ width=”100%””]
تراجع روسي
تتنافس روسيا مع أمريكا في العقيدة العسكرية ومحاولة احتكار سوق السلاح، ولكن شهدت الفترة الأخيرة تراجعًا في مستوى المبيعات الروسية نظرًا للاحتياجات الأمنية داخليًا.
يشير التقرير إلى انخفاض صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 26% خلال 2017 – 21، ذلك بالمقارنة بين عامي 2012 و2016، وبالتالي انخفض نصيبها من صادرات الأسلحة العالمية من 24% إلى 19%.
باعت روسيا أسلحة رئيسية إلى 45 دولة في 2017-21. أبرزها الهند، الصين ومصر والجزائر، بما يمثل 73% من إجمالي صادرات الأسلحة الروسية.
وحسب مؤشرات التقرير، ذهب ما مجموعه 61% من صادرات الأسلحة الروسية إلى آسيا، بينما نسبة المبيعات الموجهة إلى الشرق الأوسط بلغت 20 %، في حين حصلت إفريقيا على نسبة 14%. ويعد سلاح الطائرات هو الأبرز.
في أوروبا، تعتبر فرنسا مورد الأسلحة الأول في القارة العجوز، وشكلت صادرات الأسلحة الفرنسية 11% من الإجمالي العالمي، وتلقت آسيا وأوقيانوسيا ما مجموعه 47 % من صادرات الأسلحة الفرنسية في 2017-21.
بينما حصلت بلدان الشرق الأوسط على 37% من الأسلحة الفرنسية، وشكلت الطائرات السلاح الرئيسي لمبيعات فرنسا، بنسبة 56 % من إجمالي صادرات الأسلحة.
وتمثل مشتريات كل من الهند وقطر ومصر نسبة 56% من صادرات الأسلحة الفرنسية.
بالنسبة للصين، شاركت بنسبة 4.6% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية، وسلمت الصين أسلحة رئيسية إلى 48 دولة، وذهب ما مجموعه 79% من صادرات الأسلحة الصينية إلى آسيا وأوقيانوسيا، واستحوذت باكستان على 47% من الأسلحة بسبب تدهور العلاقات الباكستانية مع الموردين الآخرين، لا سيما الولايات المتحدة.
ألمانيا وإيطاليا
شكلت صادرات الأسلحة الألمانية 4.5% من الإجمالي العالمي في 2017-21، ووردت ألمانيا أسلحة رئيسية إلى 53 دولة، وذهب ما مجموعه 40% من صادرات الأسلحة الألمانية إلى دول آسيا وأوقيانوسيا، وصدرت نسبة 29 % إلى دول في الشرق الأوسط و18% إلى دول أوروبا.
في حين بلغت صادرات الأسلحة الإيطالية 3.1٪ من الإجمالي العالمي في 2017-21، واستحوذ الشرق الأوسط على ما مجموعه 63 % من الأسلحة الإيطالية.
وكانت بريطانيا سابع أكبر مصدر للأسلحة في العالم في الفترة من 2017 إلى 21 وقدمت 2.9 % من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية.
مستوردو السلاح
حدد معهد ستوكهولم، الهند والسعودية ومصر وأستراليا والصين كأكبر 5 مستوردين للأسلحة، حيث تلقت معًا 38 % من إجمالي واردات الأسلحة العالمية في 2017-21.
واستحوذت آسيا وأوقيانوسيا على 43 % من واردات الأسلحة، يليها الشرق الأوسط (32%)، أوروبا (13%)، وإفريقيا (5.8%) والأمريكتان (5.5%).
إفريقيا.. انخفاض
كانت إفريقيا سوق سلاح رئيسيا لسنوات متوالية؛ نظرًا لزيادة الصراعات القبلية والطائفية وزيادة الانقلابات العسكرية، وتغلغل التنظيمات الإرهابية.
ومع ذلك، وحسب مؤشرات التقرير، انخفضت واردات الأسلحة إلى إفريقيا في الفترة من 2012–16 و2017–21 بنسبة 34 % ذلك لأسباب، منها حظر توريد السلاح لبعض الدول، وانخفاض الموارد المالية عند دول أخرى.
وتأتى روسيا كأكبر مورد للسلاح في الفترة من 2017 – 21 ذلك بحصة 44% من إجمالي واردات الأسلحة إلى المنطقة، تليها الولايات المتحدة الأمريكية (17%)، الصين (10%) وفرنسا (6.1%).
وكانت البلدان الأكثر استيرادا للأسلحة في إفريقيا، أنجولا ونيجيريا وإثيوبيا ومالي وبوتسوانا، ولعبت الأسلحة المستوردة دورًا رئيسيًا في النزاعات المسلحة في ثلاث دول إفريقية: نيجيريا وإثيوبيا ومالي.
القارة العجوز
برزت أوروبا كأهم مستورد سلاح في الفترة الأخيرة بفعل المتغيرات الأمنية المرتبطة بالحرب الروسية، والأخطار التي تهدد حلف الناتو.
وارتفعت واردات الدول الأوروبية من الأسلحة بنسبة 19% خلال 2017-2021 عما كانت عليه في الأربع سنوات السابقة، وتشكل الولايات المتحدة 54% من واردات أوروبا من الأسلحة في 2017-21.
تصدرت المملكة المتحدة والنرويج وهولندا كأكبر ثلاث دول مستوردين للأسلحة الرئيسية في أوروبا في 2017-21.
وبالنسبة لأوكرانيا، لا تمثل سوى 0.1% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية بسبب محدودية مواردها المالية، والقلق من الانجرار في مواجهة مباشرة مع روسيا.
الأمريكتان
انخفضت واردات الأسلحة في الأمريكتين بنسبة 36 % بين 2012–16 و2017–21، وتعتبر الولايات المتحدة وكندا أكبر مستوردي الأسلحة الرئيسية بنسبة 43 % و15 % على التوالي.
بينما جاءت البرازيل (37%) وشيلي (21%) من أكبر مستوردي الأسلحة في أمريكا الجنوبية.
آسيا
انخفضت واردات الأسلحة في دول آسيا بنسبة 4.7 % بين 2012–16 و2017–21.
وتستحوذ آسيا وأوقيانوسيا على 43% من واردات الأسلحة العالمية على رأسها الهند، أستراليا، الصين، كوريا الجنوبية، باكستان واليابان. وجاء ما مجموعه 30% من واردات الأسلحة لآسيا من الولايات المتحدة الأمريكية، و26% من روسيا و12% من فرنسا.
كانت الهند أكبر مستورد للأسلحة الرئيسية في العالم في 2017-21 وشكلت 11% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية، وتعتبر روسيا أكبر مورد للأسلحة الرئيسية للهند بحصة إلى 46%.
وتعتبر آسيا مسرح عمليات بين الولايات المتحدة، وحلفائها من جانب والصين من الجانب الآخر، وحددت الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الأخيرة، الصين كتهديد مباشر، كما تمضي الولايات المتحدة في تشكيل تحالفات عسكرية مثل تحالف كواد الذي إلى جانب واليابان وأستراليا والهند.
أستراليا
ارتفعت واردات أستراليا من الأسلحة بنسبة 62% خلال الفترة بين 2012 و2016 و2017-21، مما يجعلها رابع أكبر مستورد للأسلحة على مستوى العالم.
وتساهم الولايات المتحدة بنسبة 67% من واردات أستراليا من الأسلحة الرئيسية، تليها إسبانيا بنسبة 24%، وارتفعت حصة الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة؛ نتيجة إلغاء أستراليا صفقة الصواريخ مع فرنسا، واختيار بريطانيا والولايات المتحدة بديلا لتوريد 12 غواصة فيما يسمى تحالف أوكوس (AUKUS).