من اللافت أن تعريف حياة منى زكي الفنية على منصة ويكبيديا العربية يقتصر على هذا:

“ساهمت مع عدد من الممثلين في جيلها في صياغة ما عرف بمفهوم السينما النظيفة، أو سينما الأسرة حيث حرصت على تقديم أدوار الفتاة ذات الوجه الملائكي البريء والابتعاد عن الأدوار الحسية، أو التي تحمل بعض الصفات الأخلاقية السيئة.

صنعت شعبيتها عبر اختيارها أداء شخصية فتاة الطبقة الوسطى أو الشعبية في مصر، حيث زاد عدد المعجبين خصوصا من شباب وشابات الطبقة الوسطى المصرية، أجمع عليها سبعة أطباء من أصل اثني عشر طبيبًا متخصصين في التجميل على أنها “أجمل ممثلة مصرية”.

حتى أنها شاركت الفنان نايف الزعبي في فيديو كليب أغنية “ابن الأصول”، عام 1997، وكانت أيضًا تظهر في إعلانات التلفزيون فبدأت مع “صابون لوكس”، و”سيارات الشيفروليه”، مع زوجها الفنان أحمد حلمي و”شامبو بانتين”، وأيضا شاركت الفنان أحمد السقا في إعلان “رقائق البطاطا شيبسي المنتج المصري”.

وبغض النظر عن فقر المحتوى العربي على الإنترنت، فالمذكور على ويكبيديا يحمل تفسيرا واضحا للحملات التي تواجهها منى زكي، تحديدا كلما ازدادت سنوات نضجها الفني، للتمرد على صورة الفتاة ذات الوجه الملائكي البريء؛ لتختار شخصيات أكثر جرأة وحسية، بعيدا عن فتاة الأحلام الخجولة البريئة، التي يحلم بها الشاب زوجة سهلة الإخضاع، حتى أن تمردها الكبير في فيلم مثل، تيمور وشفيقة ينتهي باستسلامها لإرادة الذكر الذي سيمنحها الأمان مقابل الطاعة، أما التمرد فلم يتجاوز مفهوم المشاغبة.

لعبت منى زكي مع حنان ترك لفترات طويلة ذلك الدور الذي نجحت به، في عصر كان وصم السينما النظيفة في رأيي قد تجاوز حتى مفهومه الأخلاقي الساذج؛ ليتحول إلى سينما نظيفة من الأفكار أو القضايا، وكان من الضروري أن يتوهج نجم منى الموهوبة في تلك الفترة، وأن تصل حنان ترك إلى قناعة بحرمانية الفن من الأساس، لذا ربما تأخرت نجومية منة شلبي لفترة؛ لأن عينين يملكان من الجرأة التي تصل إلى حد الوقاحة من منظور “حراس الفضيلة”، كان عليهما أن يتسللا من بوابة نضجها الفني.

صدمات منى زكي لجمهورها لا تبدأ من الأزمة المفتعلة لحواجبها في برومو مسلسل “تحت الوصاية”، بل تعود لفيلم احكي يا شهرزاد من تأليف وحيد حامد وإخراج يسري نصر الله، والتي كسرت فيها الصورة النمطية لفتاة الأحلام لجماهير قد لا ترى السحر إلا في فتاة خاضعة، وإن كانت بلغت ذروتها مع دورها في فيلم “أصحاب ولا أعز”؛ بسبب مشهد اعتبره البعض جريئا، رغم أنه ركز على ملامح وجهها، وطالتها اتهامات شخصية هي وزوجها الفنان أحمد حلمي، إلى حد مطالبات البعض له بطلاقها.

ورغم أننا محظوظون بوجود منى زكي كممثلة معاصرة شديدة الحساسية والموهبة، إلا أنه لو قدر لي أن أختار لاخترت نسختها الأخيرة، خاصة في مسلسلي لعبة نيوتن وتحت الوصاية، واللذين نجحا في الوصول للجماهير، إذ يشتركان في الفكرة نفسها: امرأة حرمت من منابع الخبرة التي تتاح لعالم صنعه الرجال، ثم تضطرها الظروف إلى أن تهبط وحدها إلى جحيم ذلك العالم، لكن الفارق بين الشخصيتين هو نفسه الفارق بين النسخة الأولى من منى زكي ونسختها الناضجة، إذ تظهر الأولى كمترددة، تتخذ نتيجة لعدم خبراتها العديدة من القرارات الخاطئة المستفزة، تجعلها تحتاج إلى الرجال طيلة مسيرتها؛ لتنتهي رحلتها وقد تغيرت من قلة الخبرة والنظرات الحالمة البريئة إلى النضج الكامل، لقد كانت الرحلة تستحق كل هذا الجحيم، أما في شخصيتها الثانية في “تحت الوصاية”، فانسلاخها عن شخصيتها القديمة كان واضحا منذ بداية الرحلة، إذ تبدو أكثر جرأة وتصميما وذكاء.

في المرتين نجحت منى زكي في أن تضع قضيتين هامتين على طاولة الاهتمامات والنقاشات الوطنية، قضية الطلاق الشفوي وقضية وصاية الأم، رغم أن القضية أو الرسالة في رأيي ليست هي المعيار؛ لتقييم عمل فني، وما يميز العملين هو حيوية السرد، حتى لو كان هناك بعض الملاحظات أو الأسئلة المتعلقة بالدراما.

اللافت أيضا، أن نذكر باحترام مواقف أحمد حلمي الداعمة لزوجته، والتي أثبت فيها نضجا ووعيا كفنان وكزوج، وليحميهما الله من ” حراس الفضيلة”.