ضمن الأعمال الفائزة في مسابقة مركز التنمية والدعم والإعلام (دام)، كتب الباحث حازم حسانين، ورقة بحثية حول “التمكين الاقتصادي للمرأة في الاقتصاد المصري: الواقع والتحديات والآليات”، هدفت الورقة إلى تحليل التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية، بدءًا من بيان التحديات وصولًا إلى اقتراح آليات للتمكين الاقتصادي.
اتبعت الورقة منهج الوصف التحليلي، وتناقش التحديات التي تواجه تمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا، وتطرح أسئلة حول مدى تحسن المؤشرات الاقتصادية للنساء.
للاطلاع على الورقة
ضمن نتائج توصل إليها الباحث، يتكشف وجود تحديات عميقة للتمكين الاقتصادي على المستوى المحلي، منها تحدي يتعلق بالمشاركة في سوق العمل، وامتلاك الموارد هذا بالإضافة إلى وجود فوارق بين التمكين السياسي والاقتصادي للنساء.
حسب المؤشرات، هناك ارتفاع في نسبة المشاركة السياسية للنساء في مصر، بينما ما تزال حالة التمكين الاقتصادي منخفضة، تدل عليها مؤشرات الفجوة بين الجنسين اقتصاديًا.
المفهوم والأهمية
خلال العقود الأخيرة، أصبح هناك اعتراف متزايد بأن التمكين الاقتصادي للمرأة أمر ضروري؛ لإعمال حقوق المرأة وتحقيق أهداف إنمائية أوسع مثل النمو الاقتصادي، والحد من الفقر، والصحة، والتعليم، والرفاهية.
كما التزمت مجموعة واسعة من المنظمات بهدف التمكين الاقتصادي للمرأة كمكسب للجميع، حيث يحد من فقر الأسرة، ويساهم في زيادة النمو الاقتصادي والإنتاجية، وفي زيادة الكفاءة.
يشير التمكين الاقتصادي إلى قدرة المرأة على المشاركة على قدم المساواة في الأسواق القائمة، والحصول على عمل لائق، والتحكم في وقتها وحياتها وجسدها، وزيادة الصوت، والوكالة والمشاركة الهادفة في صنع القرار الاقتصادي على جميع المستويات من الأسرة إلى المؤسسات الدولية.
أهداف التنمية
ينطلق تمكين المرأة من النهوض بالمساواة، ويتعلق هذا الهدف بحقوق الإنسان والعدالة والإنصاف، كما أنه ضرورة استراتيجية تقلل الفقر وتعزز النمو الاقتصادي، وتزيد من الوصول إلى التعليم، وتُحسن النتائج الصحية، وتُعزز الاستقرار السياسي والديمقراطية.
ولن يؤدي التمكين الاقتصادي إلى تعزيز النمو الاقتصادي الشامل فحسب، بل سيعود بالفائدة أيضًا على الأعمال التجارية من خلال زيادة الفعالية التنظيمية والنمو.
تتضمن أهداف التنمية المستدامة المعلنة في نهاية عام 2015 من جانب قمة الأمم المتحدة حينذاك، النص على المساواة بين الجنسين، التي تعتبر محركًا حاسمًا للتمكين، الذي يساهم بدوره في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومنها تعزيز العمالة، وإنهاء الفقر، والأمن الغذائي.
وتعمل أكثر من 740 مليون امرأة في جميع أنحاء العالم في القطاع غير الرسمي، كعمالة منخفضة الأجر، والتي غالبًا ما تفتقر إلى الحماية من الاستغلال والتحرش.
واقع التمكين الاقتصادي في مصر
جاء هدف التمكين الاقتصادي ضمن “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030″، التي تسعى إلى زيادة المشاركة في قوة العمل، وتحقيق تكافؤ الفرص، وتقلد المناصب، وذلك من خلال تهيئة الفرص لمشاركة أكبر، ومنع الممارسات التي تكرس التمييز، سواء في المجال العام أو داخل الأسرة.
وتسعى مصر إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة؛ لتصل إلى 35% مع خفض معدلات البطالة بين النساء إلى 24% من 36%، ومضاعفة أعداد النساء اللواتي يمتلكن حسابات مصرفية من 9% إلى 18%.
كما تضع “رؤية مصر 2030“، تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا على رأس أولوياتها. مع محاولة تحديد ما يمكن أن يجنيه الاقتصاد المصري من تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة، وذلك استنادًا على مبادئ “التنمية المستدامة الشاملة”، و”التنمية الإقليمية المتوازنة”.
التحديات التي تعرقل تمكين المرأة
من الناحية السكانية “الديموجرافية”، تمثل النساء 49.5% من إجمالي عدد السكان. بينما يعيش 3% من السكان في فقر مدقع، وهناك 53% ينفقون 4 دولارات في اليوم أو أقل.
وفي ظل هذه الظروف، تتواضع مساهمة المرأة اقتصاديًا في مصر، كما تواجه تحديات منها تواضع نسب وجودها في سوق العمل، إضافة إلى وجود قيود مجتمعية أو ثقافية سواء ضد عمل المرأة أو ضد توليها مناصب إدارية عليا أو قيادية.
ترتفع في مصر معدلات البطالة بشكل عام، وتزيد عن 10%، بينما تبلغ بطالة الإناث ضعف بطالة الذكور تقريبًا، حسب بيانات البنك الدولي، الذي يشير إلى أن الفجوة بين الجنسين تسبب ضررًا ببلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كما تقع رعاية أفراد الأسرة في معظمها على عاتق المرأة، ما يمنعها في كثير من الحالات من المشاركة في قوة العمل والأنشطة الاقتصادية.
آليات تمكين المرأة في مصر
رغم جهود تمكين المرأة في مصر لا يزال التقدم يعوقه الافتقار إلى التنفيذ الصارم للقوانين، وعدم المساواة بين الجنسين، وبعض المعتقدات الثقافية، هذا فضلًا عن المعوقات الاقتصادية.
لذا، فإن التمكين الاقتصادي للمرأة يتطلب -حسب توصيات قدمها الباحث- عددا من السياسات والإجراءات على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي، منها تعزيز المشاركة السياسية، ومواجهة ثقافة رفض وجود النساء في المجال العام، وأيضًا مواجهة التمييز والعنف.
وبين ما يخص الخدمات التي تدعم التمكين الاقتصادي للنساء، يجب توفير خدمات رعاية الطفل بتكلفة معقولة، وتيسير انتقالات العمالة النسائية من وإلى مقار العمل، هذا إلى جانب زيادة فاعلية برامج للتدريب والإرشاد النسائي والأسري.
ويبرز ضمن آليات التمكين الاقتصادي ضرورة تعزيز الحقوق الصحية للنساء، مع مراعاة هشاشة وضعهن في المناطق الريفية، ما يتطلب مزيدًا من الموارد البشرية والمالية لدعم الحقوق الصحية للنساء وأطفالهن.
كما يأتي تعزيز وصول النساء إلى الإنترنت كجزء أساسي في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهن. وكذلك حتمية إشراكهن في تصميم، وبناء وقيادة المستقبل الرقمي، بما يساهم في دمجهن في مجتمعات المعرفة المتطورة.
وبين توصيات الورقة أيضًا ضرورة وجود إطار قانوني وتشريعي فعّال، يضمن المساواة وتكافؤ الفرص وضمان وصول خدمات الضمان الاجتماعي، ومنع التمييز، والحماية من جميع أشكال العنف بأطر قانونية. كما من المهم تسليح النساء بالمهارات الملائمة عبر الاستثمار المبكر فيهن بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.