كشفت تقارير حكومية عن ارتفاع قيمة الواردات المصرية من السولار لتسجل 3.5 مليار دولار خلال 2022 مقابل 2.2 مليار دولار خلال 2021 بزيادة بلغت 1.3 مليار دولار، وبنسبة ارتفاع قدرها 58.8%..
وتصدرت السعودية قائمة أكثر الدول تصديراً للسولار إلى مصر خلال عام 2022، حيث بلغت قيمة واردات مصر منها 1.5 مليار دولار، يليها الكويت في المرتبة الثانية 931.9 مليون دور، ثم الإمارات 530.2 مليون دولار، ثم الهند 420.9 مليون دولار، وأخيراً اليونان 111.5 مليون دولار.
ووفق خبراء فإن أي تحرك على مستوى أسعار الوقود يأتي بنتائج سلبية على السوق سواء فيما يتعلق بأسعار بيع المنتجات البترولية أو تكلفة النقل والشحن، فلماذا ارتفعت قيمة واردات مصر من السولار؟ وكيف سيتأثر السوق خلال 2023؟ وما هو حجم الدعم الذي تتحمله الحكومة بالنسبة للسولار؟
اقرأ أيضا: زيادة الحد الأدنى للأجور.. ما تمنحه الحكومة باليمين تلتهمه اليد الأخرى (تقرير مدفوع بالبيانات)
إنتاج واستهلاك السولار
ووفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد ارتفع إنتاج مصر من السولار ليصل إلى 10.9 مليون طن خلال العام الماضي مقابل 9.7 مليون طن خلال 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 12.4%.
ورغم هذه الزيادة في الإنتاج إلا أن الاستهلاك العام من المنتجات البترولية قد استحوذ على تلك الزيادة في الإنتاج. حيث بلغت كمية استهلاك مصر من السولار 14.1 مليون طن خلال عام 2022 مقابل 13.3 مليون طن خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 6%.
وبقدر تنامى استهلاك السولار في السوق بسبب عدد المركبات المرخصة العاملة بالسولار في مصر والتي بلغت نحو 1.5 مليون مركبة خلال عام 2022 بنسبة 14.8% من إجمالي المركبات البالغ عددهم 9.8 مليون مركبة مرخصة.
واحتلت سيارات النقل المرتبة الأولى بقائمة المركبات العاملة بالسولار في مصر خلال عام 2022، والتي سجلت 1.1 مليون سيارة نقل بنسبة 75% من إجمالي المركبات، يليها الأتوبيسات 138.9 ألف أتوبيس بنسبة 9.5%، ثم سيارات الأجرة 126.2 ألف سيارة بنسبة 8.6%، ثم سيارات الخدمة العامة 69 ألف سيارة بنسبة 4.7%، وأخيراً المركبات الأخرى 9.3 ألف مركبة بنسبة 0.6%.
لماذا ارتفعت قيمة واردات السولار؟
تسبب الفارق بين الإنتاج وحجم الاستهلاك المحلي من السولار في الاتجاه مباشرة لإبرام عقود استيراد خارجية للوفاء بحجم الطلب المحلي، ومنع لحدوث أزمات داخلية على مستوى توافر الوقود بشكل عام والسولار بوجه خاص. كما يقول رمضان أبو العلا الخبير البترولي.
واصل أبو العلا: هناك عوامل خارجية وأخرى داخلية تسببت في ارتفاع فاتورة واردات مصر من السولار؛ فالارتفاع العالمي في أسعار الوقود – نتيجة الأزمات العالمية المتتالية وآخرها الحرب الروسية الأوكرانية- رفع بشكل واضح من فاتورة واردات الدول المستهلكة ومن بينها مصر “جميع الدول التي تستورد الوقود عانت الفترة الماضية من ارتفاع فاتورة الاستيراد بسبب تجاوز خام برنت لمستوى الـ 80 و90 دولارًا للبرميل”.
هناك حالة من عدم الاستقرار في السوق العالمية بالنسبة لسعر خام برنت خاصة تجاه عدد من الدول المنتجة للبترول لإجراء خفض طوعي في الإنتاج ما سيزيد من سعر خام برنت بنهاية 2023، وبالتالي ارتفاع شحنات المنتجات البترولية الموردة إلى الدول المستوردة ومنها مصر. وفق أبو العلا.
أما محليًا فتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار تسببت بشكل واضح في أزمة حقيقية على أرض الواقع فقد ارتفعت فاتورة الاستيراد من الخارج نتيجة هذا التذبذب الواضح في سعر الصرف خلال 2022/2023 وبالتالي استمرار الأمر قد يزيد من ضبابية دعم الطاقة خلال العام المالي المقبل 2023/2024.
ولفت إلى حتمية السير في أكثر من اتجاه لتفادي التأثر بالتقلبات العالمية والمحلية ومنها تقليص الاعتماد على المركبات العاملة بالسولار لخفض الاستهلاك، بجانب ترشيد الاستهلاك اليومي إضافة إلى محاولة تعزيز حجم إنتاج السولار من البترول الخام الذي يتم الاعتماد عليه في تكرير المنتجات البترولية وعلى رأسها السولار.
اقرأ أيضا: الصراع على القمح.. تسريب المحصول للتجار يضرب مُستهدَف الحكومة
ارتفاع أسعار وتحريك في التعريفة
لعبت الزيادة في فاتورة واردات مصر من السولار، دورًا محوريًا في قرار لجنة تسعير الوقود الأخير بتحريك سعر بيع لتر السولار إلى نحو 8:25 جنيه، والذي أثر في تحريك أسعار بعض المنتجات وكذلك تعريفة المواصلات على مستوى الجمهورية.
يقول مدحت يوسف الخبير البترولي، إن لجنة تسعير الوقود تجنبت تحريك أسعار السولار في قرارها للربع الأول من 2023، لكن مع استمرار ارتفاع الأسعار عالميًا وكذلك أزمة سعر الصرف اتجهت اللجنة إلى إجراء تحريك في سعر بيع لتر السولار في اجتماعها الأخير لتجنب تحميل الموازنة العامة للدولة مزيدًا من الأعباء خلال العام المالي الجاري.
أضاف أن تحريك سعر السولار عائد بتأثيرات سلبية على عدد من المنتجات وكذلك تعريفة النقل والمواصلات التي جرى تعديلها بما يتلاءم مع نسبة الزيادة في سعر لتر السولار، موضحًا أن استمرار التأثيرات الداخلية والعالمية قد يدفع الحكومة إلى إجراء تحركات مستقبلية في تسعيرة السولار ومن ثم تأثر باقي القطاعات المستهلكة له.
برامج الحماية الاجتماعية لابد أن تأخذ حيزًا كبير من جهود الحكومة الفترة القادمة بالتزامن مع تحركات أسعار الوقود، لمنع تفاقم الضغوط على الطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل. خاصة مع تراجع القوة الشرائية بالسوق تأثرًا بارتفاع الأسعار الذي بات مسيطرًا على غالبية القطاعات حاليًا.
دعم السولار يصل لـ 80 مليار جنيه
وتسببت التداعيات العالمية والمحلية الخاصة بصناعة النفط في تأثر السوق المصرية، حيث ارتفعت تكلفة توفير اللتر الواحد من السولار علي الدولة لتصل إلى 12.25 جنيه بينما يباع محليا للمستهلك بسعر 8.25 جنيه للتر، حيث أصبحت الدولة تتحمل هذا الفارق في التكلفة في صورة دعم بعد أن كانت تكلفة بيعه معادلة لتكلفة توفيره.
وكشفت وزارة البترول أن الدعم الموجه للسولار فقط وصل قبل قرار الزيادة إلى 222 مليون جنيه يوميا، بما يعادل 6.7 مليار جنيه شهريا، أي بإجمالي 80 مليار جنيه كمتوسط سنوي لمنتج السولار وحده، موضحة أنه بعد تطبيق قرار الزيادة بواقع جنيه واحد للتر فإن السولار لازال يكلف الدولة دعما يوميا قيمته 178 مليون جنيه بدلا من 222 مليون جنيه أي ما يعادل 5.3 مليار جنيه شهريا بإجمالي 64 مليار جنيه سنويا.
ولفتت الوزارة إلى أن سعر السولار ظل ثابتا ولم يتغير على المستهلك طيلة الفترة من يوليو/ حزيران 2019 حتى يوليو/ حزيران 2022 لمدة 3 أعوام بسعر 6.75 جنيه للتر ثم تم زيادة السعر بواقع 50 قرشا في يوليو/ حزيران الماضي، ليباع بسعر 7.25 جنيه للتر خلال الفترة يوليو/ حزيران 2022 إلى أبريل/ نيسان 2023.
وكان من ضمن أهداف برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري منذ عام 2016، هو إصلاح دعم الطاقة وتصحيح أسعارها من خلال برنامج زمني تدريجي، حيث تم الوصول لنقطة التعادل في يونيو/ حزيران 2019 التي يتساوى فيها سعر البيع مع التكلفة للسولار والبنزين والمازوت الصناعي مع مراعاة التشوهات السعرية بين المنتجات. لكن التقلبات التي حدثت أثرت على هيكل الدعم من جديد.
هل تتأثر موازنة 2023/2024؟
بالتبعية وتأثرًا بحركة الأسعار العالمية واتساع الفجوة بين سعر بيع السولار وحجم الدعم الذي تتحمله الدولة، فإن دعم المواد البترولية خلال العام المالي المقبل من المتوقع أن يتضاعف حال استمرار مسببات ارتفاع الأسعار بنفس معدلاتها الحالية -وفق رمضان أبو العلا-.
حجم الدعم لقطاعات الدولة تأثر بسعر الصرف خلال الشهر الماضية، وبالتالي استمرار الأوضاع كما هي قد يؤدي إلى مزيد من الارتفاع على مستوى حجم الدعم بالموازنة العامة للدولة خلال 2023/2024.
قطاع البترول بدوره لن يستطيع الاستمرار في توفير المنتجات البترولية بأسعار أقل بكثير من تكلفتها الفعلية، وبالتالي سيكون هناك تحميل جزء من هذا الفارق على المستهلك النهائي في السوق خلال العام المالي المقبل.