نظّم المكتب الإعلامي الإقليمي لوزارة الخارجية الأمريكية في دبي، لقاء عبر تقنية زووم للمبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينج، حيث تحدث إلى عدد من الصحفيين، بينهم “مصر 360″، حول رحلته الأخيرة إلى المنطقة، وتحدث عن آخر الجهود الدبلوماسية لتحقيق سلام دائم في اليمن.

وشملت لقاءات ليندركينج في الأسبوع الماضي كبار المسئولين اليمنيين والعمانيين والسعوديين. حيث تناول حديثه المفاوضات الجارية لتأمين اتفاق أكثر شمولا تحت رعاية الأمم المتحدة، وهو ما تعتقد الولايات المتحدة أنه أفضل فرصة للسلام في اليمن منذ بدء الحرب.

وقال: أود أن أؤكد، كما أكدت لشركائنا في المنطقة، أننا في الولايات المتحدة عاقدو العزم على استمرار دعمنا لجهود السلام، وسنواصل لعب دور مركزي في هذا المجال.

وأضاف: لقد جعلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ اليوم الأول لتوليها، إنهاء حرب اليمن أولوية قصوى في السياسة الخارجية، ودفعت -من خلال العمل جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة- الجهود لتأمين هدنة مؤسسية، وبناء إجماع دولي، وحشد جهود السلام الإقليمية.

ناقلة النفط الخام العملاقة التي اشترتها الأمم المتحدةبديلا لناقلة النفط المتحللة صافر موجودة الآن في ميناء جيبوتي

وأوضح ليندركينج أن الهدنة وضمان فترة من التهدئة أرست الأساسَ للتقدم الذي نراه الآن، بما في ذلك زيارة الوفدين السعودي والعماني إلى صنعاء الشهر الماضي، وإطلاق سراح ما يقرب من 900 محتجز من جميع أطراف النزاع “وقد بات لدينا الآن فرصة للبناء على هذا التقدم لتحقيق سلام أكثر ديمومة واستدامة”.

وأكد أن المحادثات الأخيرة في صنعاء هي تطور حاسم “لكنها ليست سوى خطوة واحدة، ومن واجب الأطراف كافة اغتنام هذا الزخم الآن، وتكثيف جهودهم لسد الفجوات المتبقية بينهم للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً”.

وتابع: يجب أن يمهد هذا الاتفاق الطريق لعملية سياسية يمنية-يمنية شاملة تحت رعاية الولايات المتحدة، التي تشارك بنشاط لحشد الدعم للانتقال إلى مثل هذه العملية الشاملة بقيادة يمنية. وقد ضغطتُ من أجل ذلك خلال اجتماعاتي في المنطقة الأسبوع الماضي.

اقرأ أيضا: “مجموعة الأزمات”: المفاوضات الحوثية السعودية تفتح المجال لـ “مواجهة عسكرية أخرى”

وأشار المبعوث الأمريكي الخاص لليمن أنه بالتزامن مع الملف الدبلوماسي، تواصل الولايات المتحدة الضغط لتقديم إغاثة إنسانية ملموسة للشعب اليمني “ونحن لا نزال أكبر مانح إنساني، حيث ساهمنا بأكثر من 5.4 مليار دولار منذ بدء الصراع”.

ولفت إلى أنه في اجتماع التبرع للمانحين في جنيف في فبراير/شباط الماضي، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن عن أكبر تعهد فردي بمبلغ 444 مليون دولار.

وقال: يمكن القول إن الهدنة، مترافقة مع المساعدة الأمريكية، قد ساعدت على منع عشرات الآلاف من اليمنيين من الانحدار نحو المجاعة في عام 2022، وانزلاق الملايين إلى مستويات الطوارئ من انعدام الأمن الغذائي.

كما أكد أن ناقلة النفط الخام العملاقة التي اشترتها الأمم المتحدة لاستبدالها وتفريغ النفط إليها من ناقلة النفط المتحللة صافر موجودة الآن في ميناء جيبوتي وتستعد لبدء عملية نقل النفط في الأسابيع المقبلة “يضعنا هذا التقدم على طريق تجنب تسرب نفطي كارثي كان من الممكن أن يكون له عواقب إنسانية واقتصادية وبيئية مدمرة للمنطقة بأكملها لو لم نتصرف”.

لا توقعات

أعرب ليندركينج صراحة أنه لا يتوقع -ولا يمكننا توقع- حلا دائما يحدث بين عشية وضحاها للصراع المستمر منذ ما يقرب من ثماني سنوات في اليمن.

يقول: ستستغرق العملية السياسية وقتا، وستواجه -على الأرجح- العديد من الانتكاسات. ومع ذلك فأنا لا أزال متفائلا بأن أمامنا فرصة حقيقية لتحقيق السلام. ولسنا وحدنا من يشعر بذلك، بل إنني أسمع من الشركاء الإقليميين مثل هذا الرأي أيضا.

وأضاف: يجب اغتنام الفرصة. يجب أن يقرر اليمنيون في نهاية المطاف دولة اليمن المستقبلية. ليس لنا ولا للسعوديين ولا للإمارات أن تتخذ هذه القرارات نيابة عنهم، ولا المجتمع الدولي أيضا. يجب أن يتخذ اليمنيون أنفسهم هذه القرارات. وهذا في نظرنا يشمل مسائل مثل قضية الجنوب، والتمثيل في المؤسسات، وتخصيص الموارد.

وأكد: ستقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وراء حل سياسي يتم إنشاؤه في منتدى يتسم بالشفافية والشمول بقيادة يمنية.

في الوقت نفسه، أشار المبعوث الأمريكي لليمن إلى ما وصفه بـ “وجود تقدم هائل”.

أوضح: أكثر من عام قد مر الآن، ونحن في عام 2023، بدون هجمات عبر الحدود بين اليمن والسعودية، وهذا تغيير كبير عما كان الحال عليه قبل الهدنة في إبريل/نيسان من العام الماضي. إذا نظرنا إلى الرحلات الجوية التجارية داخل وخارج مطار صنعاء، فستجد أن المطار مفتوح لأول مرة منذ عام 2016، وقد تمكن أكثر من مائة ألف يمني من السفر في الرحلات الجوية التجارية إلى عمّان للحصول على الرعاية الطبية ولم شمل الأسرة.

أضاف: هناك الآن المزيد من الوقود الذي يأتي إلى السوق من المواني في الغرب، وبات اليمنيون قادرين على التنقل بسهولة أكبر مما كانوا عليه، خلال هذه الفترة بأكملها، ما يعني أن البضائع الإنسانية يمكن أن تتدفق أيضا. لذلك أعتقد أن هذا أمر إيجابي للغاية.

ولفت ليندركينج إلى أن هناك أطراف صراع رئيسية -مثل السعوديين والحوثيين- منخرطون في الحوار، ومن ذاك تأتي فوائد مثل إطلاق سراح السجناء “طبعا لا يزال هناك سجناء محتجزون من قبل مختلف الأطراف، ونريد أن نرى إطلاق سراح كل هؤلاء السجناء. لكن هذا النوع من التقدم يصبح ممكنا عندما يكون لديك مناخ من التهدئة وقدرة الأطراف على العمل بشكل بناء معا”.

يشير ليندركينج إلى أن بعض السلوكيات التي أظهرها الحوثيون تجاه موظفين محليين لدى البعثة الدبلوماسية الأمريكية “محبطة للغاية”

اقرأ أيضا: كارنيجي: السعودية فشلت باليمن و”أفشلته”

الأزمة الإنسانية وإيران

أشار ليندركينج إلى أن الولايات المتحدة قلقة وملتزمة للغاية بتحسين الوضع الإنساني في اليمن.

قال: هذا هو أحد التوجيهات التي وجهها لي الرئيس بايدن عندما عينني كمبعوث، وهو أن أعمل على عملية سياسية وتحسين الأزمة الإنسانية في اليمن. وأكد أن قطر “كانت سخية للغاية” على مر السنين في دعمها للأزمة الإنسانية.

وأضاف: رغم تعهدنا الأخير بـ 444 مليون، أي أننا منحنا أكثر من 5.4 مليار منذ بدء الصراع. لكن مع ذلك، لا يزال اليمنيون يعانون. لا توجد قوة شرائية كافية، ولا يوجد وصول كاف حتى الآن للعاملين في المجال الإنساني.

وحول الرؤية المشتركة للولايات المتحدة وحلفائها من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، والتحدي الرئيسي الذي يواجه ذلك. يشير ليندركينج إلى أن الولايات المتحدة ساعدت في تعزيز إجماع دولي، وليس فقط إجماعا إقليميا.

قال: استطعنا -من خلال دبلوماسيتنا النشطة- جذب الأوروبيين ودول الخليج إلى اتفاق مشترك ورؤية مشتركة راسخة لما يمكن أن يبدو عليه السلام في اليمن. وهذا يعني أن دول المنطقة يجب أن تكون داعمة للعملية السياسية كما وصفتها.

وأضاف: يجب على الدول الإقليمية أن تشارك في عبء التمويل ودعم الاحتياجات الإنسانية لليمن، ويجب على الجميع أن يتحدوا حول عملية الأمم المتحدة، التي تدفع الوضع الحالي إلى الأمام. ولكن، لم نصل بعد إلى خط النهاية، وإنما أمام وقف دائم لإطلاق النار لدفع عملية سياسية بقيادة يمنية-يمنية.

وأعرب المبعوث الأمريكي لليمن، بوضوح، عن قلقه من التحركات الإيرانية في المنطقة.

وقال: أنا ما زلت قلقا من دور إيران. رغم أننا رحبنا باتفاق بين السعوديين والإيرانيين، كونهم خلال فترة الحرب قاموا بتسليح وتدريب وتجهيز الحوثيين للقتال والهجوم على السعودية.

واستدرك: نعلم يقينا أن هذه الهجمات لم تحدث منذ أكثر من عام، ولكن الإيرانيين استمروا في تهريب الأسلحة والمخدرات إلى مناطق الصراع، ونحن قلقون جدا من أن هذا سيستمر على الرغم من الفوائد التي يمكن أن تأتي من الاتفاق السعودي- الإيراني، وعلينا أن نراقب ذلك.

وأكد: إننا بحاجة إلى أن يؤمن اليمنيون أنفسهم بالعملية وأن يتحدوا ويأتلفوا، كما فعلوا أثناء الحوار الوطني قبل بدء هذه الحرب. لكي يكون لهم هدف مشترك لدفع القرارات المهمة بشأن مستقبل اليمن.

سلوكيات الحوثيين المحبطة

أكد ليندركينج أن واشنطن، حتى الآن، ليست لديها أية خطط لوجود بعثة دبلوماسية ثابتة في صنعاء.

قال: ليس لدينا أي خطط لفتح سفارتنا في صنعاء في هذه اللحظة. نعم، نريد العودة إلى هناك. نريد إعادة تأسيس بعثتنا الدبلوماسية. لكن من المؤكد أن بعض السلوكيات التي أظهرها الحوثيون تجاه موظفينا المحليين محبطة للغاية.

أضاف: احتجزوا 11 من موظفينا المحليين على مدار العام ونصف العام الماضيين، وفقط مؤخرّا سمحوا لهم بإجراء مكالمات هاتفية مع عائلاتهم. هؤلاء مواطنون يمنيون. هؤلاء ليسوا حتى مواطنين أمريكيين. نحن نهتم بهم، فقد عملوا معنا، وكانوا موظفين مخلصين للغاية.

وأكد: لم يكونوا جواسيس بأي معنى من المعاني. لم يرتكبوا أي خطأ. يجب إطلاق سراحهم فوراً ودون قيد أو شرط وإعادتهم لأسرهم. لا ينبغي احتجازهم بهذه الطريقة بمعزل عن العالم الخارجي وبعيداً عن عائلاتهم. لقد كنا حازمين للغاية بشأن هذا الأمر مع الحوثيين، وفي الواقع، مع الشركاء الدوليين الذين أثاروا هذه القضية أيضا.

وأوضح أن “مثل هذه الأمور لا تشجع الولايات المتحدة على إعادة فتح سفارتها، بل هي تثني أي دولة عن إعادة فتح سفارتها في صنعاء”.

تابع: لكنني سأقول إنه بينما تتكشف العملية الإيجابية الجارية، يمكن أن تكون هناك لحظة في المستقبل، ونأمل بالتأكيد في ذلك، حين يمكن للولايات المتحدة العودة وإعادة فتح سفارتنا وتشجيع الآخرين على القيام بذلك. لكن علينا أن نكون واثقين وقتها من أن الحرب قد انتهت، وأننا بدأنا بالفعل في عملية سياسية يمنية حازمة للغاية ولا رجوع فيها.