تحاول الحكومة إرضاء القطاع الخاص حاليًا بكل السبل من أجل الاعتماد عليه كمقوم أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي، والقضاء على “اتهام مستمر” لها بوجود منافسة غير عادلة في السوق، فبعد وثيقة ملكية الدولة، جاءت قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، وأخيرًا مشروع لإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية وغيرها من المعاملة التفضيلية للشركات، والجهات المملوكة للدولة.

تخلي الحكومة عن المعاملة التفضيلية لشركات جاء القرار بد مطالبات من جمعية لرجال الأعمال المصريين، في الحوار الوطني، بحرية المنافسة والعدالة في مشاركة القطاع الخاص في التنمية، وثانيا عرض كافة القضايا المؤثرة على مستقبل الاستثمار والنمو الاقتصادي بمنتهي الشفافية والحسم ومن أهمها البيروقراطية بالجهاز الإداري بالدولة من خلال تشريعات وضوابط صارمة لحماية القطاع الخاص وتعزيز دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في ندوة لمجلس الأعمال «المصري- الكندي» مساء الأربعاء، وجه الدكتور محمد معيط، وزير المالية، رسائل للمستثمرين، تطرقت إلى قرارات المجلس الأعلى للاستثمار التي تضمن العدالة التنافسية بالسوق المصرية، لكن أهم ما فيها كان الكشف عن تعديل تشريعي بإلغاء الإعفاءات الضريبية والجمركية وغيرها من المعاملة التفضيلية للشركات والجهات المملوكة للدولة.

يقول الوزير إن الحكومة تُراهن على القطاع الخاص في تمويل التنمية، وتحقيق النمو المستدام، وتوفير فرص العمل المنتجة، موضحًا أنه متحمس جدًا للصناعة والزراعة، وجاهز لتنفيذ أي أفكار يطرحها مجتمع الأعمال، تُعزز الإنتاج المحلى والتصدير، على نحو يُؤدى إلى تعظيم القدرات الإنتاجية، ومن ثم زيادة الكميات المعروضة بالأسواق، وتوازن العرض والطلب، والإسهام في تحقيق استقرار الأسعار.

يوظف القطاع الخاص فـي شقيه الرسمي وغيــر الرسمي نحو 12.65 مليون فرد في 3.7 مليون منشأة. مقابل ما يزيد على 5 ملايين فرد في القطاع الحكومي والمؤسسات الرسمية. ما يعني أن القطاع الخاص هو مصدر الوظائف الأساسية، لكنه انكمش للشهر التاسع والعشرين على التوالي في أبريل/ نيسان/ نيسان/ نيسان، في ظل استمرار القيود المفروضة على الواردات والعملة وارتفاع الأسعار، وهي أمور تجعل الثقة في مناخ الأعمال عند أدنى مستوى لها على الإطلاق.

بلغ مؤشر مديري المشتريات لمصر الصادر عن “ستاندرد آند بورز جلوبال” 47.3 في أبريل/ نيسان/ نيسان مقابل 46.7 في مارس/ آذار، لكنه لا يزال أقل بكثير من مستوى الخمسين نقطة الذي يفصل بين النمو والنشاط، كما سجل التصنيع وتجارة الجملة والتجزئة والخدمات انخفاضًا في الإنتاج والأنشطة الجديدة. وهبط المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج المستقبلية لأدنى مستوى له على الإطلاق عند 51.4 نقطة من 54.2 في مارس/ آذار.

وجه الدكتور محمد معيط وزير المالية رسائل للمستثمرين في ندوة لمجلس الأعمال «المصري- الكندي» مساء الأربعاء

اقرأ أيضا: الخبراء يجمعون على التثبيت.. لماذا لا يُستبعد رفع الفائدة باجتماع “المركزي”؟

صندوق النقد حاضرًا في إلغاء المعاملة التفضيلية

تعهدت الحكومة في وثائق الاتفاق على قرض صندوق النقد الدولي باتجاهها نحو مزيد من الرقابة المركزية على الشركات المملوكة للدولة، بإلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة على شركات القطاع الخاص، وموائمة قواعد مشتريات الشركات المملوكة للدولة مع قانون المشتريات الحكومي، وإزالة الإعفاءات الضريبية للشركات المملوكة للدولة، وتعزيز معاملتها بموجب قانون المنافسة، على أن يتم تفويض جهاز المنافسة المصري للعمل بشكل مستقل ضد الممارسات المناهضة للمنافسة.

وأكد مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ـ، في مؤتمر صحفي، أن هناك بعض المواد القانونية التي كانت تمنح معاملة تفضيلية لبعض الشركات والجهات التابعة للدولة، عن القطاع الخاص، وتم التوافق على أن يتم التعديل بحيث يكون الكل متساويا، ويكون القطاع الخاص مثله مثل كل كيانات الدولة يعامل ذات المعاملة، دون معاملة تفضيلية لأحد.

شركات القطاع العام ملتزمة بالضرائب

لكن حنان رمسيس، محللة أسواق المال، ترى أن شركات القطاع العام والجهات الحكومية بالفعل الأكثر التزاما بالوفاء وصاحبة الرقم الأكبر في الحصيلة الضريبة بدليل هيئتي قناة السويس والبترول، مضيفة أن الحكومة لا تطبق اشتراطات صندوق النقد الدولي إلا فيما يلبي مصلحة الاقتصاد ويواكب الوضع الاقتصادي وتفاضل بين الاختيارات.

وأسهمت الهيئة العامة للبترول وشركاؤها الأجانب بنحو 54% من إجمالي الضرائب على الشركات فى الفترة (2008-2012) بواقع 13% من إجمالي إيراد الدولة ونحو 20% من إجمالي الحصيلة الضريبية. وأتت هيئة قناة السويس والشركات التابعة لها فى المرتبة الثانية فى الفترة نفسها حيث أسهمت بـ16% من حصيلة الضرائب على شركات الأموال، ونحو 6% من إجمالي حصيلة الضرائب و4% من إجمالي إيرادات الدولة.، بحسب دراسة لرضا عيسى باحث في جامعة ستانفورد وعمرو عادلي الباحث بمركز كارنيجي.

يتبع وزارة قطاع الأعمال العام حاليًا نحو 6 شركات قابضة “الصناعات الكيماوية، والصناعات المعدنية، والقطن والغزل والنسيج، والتشييد والبناء، والسياحة والفنادق، والأدوية”، و75 شركة تابعة و263 شركة مشتركة تعمل في قطاعات التشييد والتطوير العقاري والسياحة والصناعة والتجارة والخدمات المالية غير المصرفية، بالإضافة إلى34 نشاط اقتصادي يشمل مختلف المجالات، ويبلغ حجم الأصول التابعة حاليًا 400 مليار جنيه، ولكن القيمة العادلة لتلك الأصول تتخطى 1,5 تريليون جنيه.

تضيف رمسيس أن الـ 22 بندًا التي اقرها المجلس الأعلى للاستثمار تتضمن إعفاءات جمركية وضريبية للقطاع الخاص ووثيقة ملكية الدولة تتيح المجال أمام القطاع الخاص فرص كبيرة بتخارج الدولة من 79 نشاطًا وبالتالي لا يوجد مبرر لشكوى القطاع الخاص من المزاحمة خاصة أن القطاع العام حاليا مُكبد بخسائر كبيرة بسبب تغير التكاليف وأسعار مستلزمات الإنتاج.

دعم مستمر للقطاع الخاص.. هل تنتهي الشماعة؟

قرر المجلس الأعلى للاستثمار تحديد مدى زمني محدد لكافة الموافقات بـ 10 أيام عمل، ولمرة واحدة عند التأسيس، وتعزيز الحوكمة والشفافية والحياد التنافسي في السوق المصرية، وتسهيل استيراد مستلزمات الإنتاج، وتخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، وتوسيع اختصاص المحاكم الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم حزمة متكاملة، وتنافسية، من الحوافز والتسهيلات في القطاع الزراعي، والصناعي.

تسعى الحكومة للاعتماد على القطاع الخاص في التوظيف مع توقف التعيينات الحكومية حالياً فمصر تستقبل ما بين 650 و750 ألف خريج يفترض انضمامهم لسوق العمل سنويًا. بجانب تراكمات البطالة الهيكلية الموجودة بالفعل ما يعني الحاجة لتوفير ما يزيد على مليون وظيفة. الأمر الذي يحتاج تكلفة كبيرة إذا كانت تكلفة خلق فرصة عمل جديدة. تتكلف ما بين 25 و30 ألف دولار سنويًا. ولذلك لا بديل عن دور للقطاع الخاص.

وأطلقت وزارة المالية المرحلة السادسة من مبادرة السداد النقدي الفوري لدعم الحكومة للمصدرين، ليبلغ إجمالي ما تم صرفه أكثر من 42 مليار جنيه للشركات المصدرة، مُنذ بدء مبادرات سداد المستحقات المتأخرة للمصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات في أكتوبر 2019 وحتى الآن.