لم يسمح الأستاذ ضياء رشوان بما سماه “كلام الشوارع والحواري بين النخب” لكنه سمح بكلام المتطرفين والمتعصبين والرجعيين، وأوسع لهم المجال للحضور وطرح أفكارهم خلال مناقشة القضاء على مختلف أشكال التمييز في لجنة حقوق الإنسان، والحريات العامة بالحوار الوطني، بما يكشف النوايا حول ما هو المسموح والمقبول في الجمهورية الجديدة وما هو ممنوع.
جاءت أبرز تصريحات الدكتور طلعت مرزوق، مساعد رئيس حزب النور للشؤون القانونية كالآتي:
1ـ تمصير” مصطلح التمييز ويقصد به وضع تعريف منضبط في ضوء “حاكمية” المادة الثانية من الدستور.
ولفهم الحاكمية عند حزب النور يمكن الرجوع لتعريفها عند سيد قطب بأنها “السلطة والتحكم في الناس وتسييرهم وفق المنهج الإلهي في جميع شؤونهم، وإرغامهم على ذلك فوفقا لرؤية حزب النور فأنت عزيزي المواطن/ة إما أن تكون امرأة ناقصة عقل ودين أو تارك للصلاة كافر أو ملحد مرتد أو حليق اللحية فاسق أو مسيحي ذمي، أو مختلف الميول الجنسية شاذ، ولكل من هؤلاء عقوبته التي ينتظر الحزب الفرصة لتطبيقها على الجميع”.
أما “تمصير مصطلح التمييز” فيمكن فهمه وتفسيره في مطالب حزب النور المتكررة بتزويج الطفلات، وختان البنات وضرب الزوجات وأفكارهم المتعلقة بتطبيق حد الردة والرجم وقطع الأيدي….
في المقابل يطالب حزب النور:
2- بأن تكفل الدولة الحق “الشرعي” والدستوري لمن له سمت ديني وإن كان يزيد قليلا أو كثيرا عن النمط السائد ما دام لم يرتكب جريمة بل لم يغل في الدين وإنما فعل بعض ما شاع عدم الاهتمام به.
فببنما يرى حزب النور أن من يحلق لحيته فاسق ومن لا ترتدي النقاب متبرجة فهو يطالب بأن تكفل الدولة لمن له سمت ديني الحرية الكاملة.
كما طالب حزب النور بـ:
3ـ بضرورة مراعاة القيم الدستورية الجوهرية المصرية، عند نقل تجارب الدول الأخرى في إنشاء مفوضية التمييز قاصدا ألا نهتم بتجارب الدول التي سعت لتحقيق المواطنة الكاملة، والمساواة، لكن يمكننا نقل التجربة الأفغانية في حرمان البنات من التعليم وتجربة إيران في فرض الحجاب على النساء وقمع الحريات.
وحتى لا يخرج قانون لتجريم خطابات الكراهية والحض على التمييز، طالب حزب النور بـ:
4- بضرورة ضبط ودقة المصطلحات المستخدمة في هذه المسألة، بحيث تكون واضحة أمام القضاء عند تطبيقها، والفقه القانوني عند تفسيرها، مثل الحض علي الكراهية والحض علي التمييز، وغيرها من الألفاظ. وذلك حتى يتمكن شيوخه أمثال وجدي غنيم وأبو إسحق الحويني والبرهامي بالتحريض وبث الكراهية بلا أي مساءلة قانونية.
هذا في الوقت الذي جاء حضور الحقوقيين/والحقوقيات والقوى السياسية بسقف طموحات منخفض ومطالب أساسية لإخلاء سبيل المقبوض عليهم في قضايا الرأي.
حوار وطني يسمح فيه لأعضاء حزب النور الحديث عن مساندتهم لزواج الطفلات، أو حتى تأييدهم للختان وهذه جرائم إنسانية تكاد تجمع البشرية على بشاعتها، لكن يبحث الحقوقيون المشاركون فيه عن كلمات دبلوماسية غامضة المعاني رمادية الموقف في دفاعهم عن حقوق الإنسان، وخاصة ما يتعلق بالحق في حرية الدين، والمعتقد. إذا جاء الحديث عن اختيار الإنسان الإلحاد، أما الحق في المساواة وعدم التمييز والخصوصية فسيتبرأ منه الجميع إذا طُرح التمييز ضد مجتمع “الميم ع”.
بعبارات مثل “نحن لا ندافع عن المثلية”، “نحن لا ندعو للإلحاد” حاول بعض الحقوقيين الإفلات من ابتزاز حزب النور.
كرد فعل انهزامي من بعض الحقوقيين على محاولات ابتزازاهم، والمزايدة عليهم من قوى محافظة تعادي منظومة حقوق الإنسان سمح لهم بكل حرية وترحيب بعرض أفكارهم وتسويقها.
هذه الانهزامية لن تمنحهم قبول القوى الرجعية أو حتى صكوك غفرانهم، ولن تؤجل معارك قادمة شئنا أم أبينا للحريات، فالأجدى أن تكون إجاباتنا في مواجهتهم:
نحن نحترم الإنسان وحقوقه وندافع عنه مهما كان اختلافه وتنوعه أو كانت اختياراته فيما يتعلق بحقوقه، وحرياته ونرفض أي تمييز ضد أي إنسان أو اعتداء على حق من حقوقه.