على إثر إعدام السعودية، مواطنين بحرينيين اثنين، صباح الاثنين الماضي، تظاهر المئات من البحرينيين في مناطق متفرقة من بلدهم البحرين، وبث مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للتحركات الاحتجاجية ضد تنفيذ القرار، ومراسم العزاء التي أقامها أهالي الشابين.
وأعلنت وزارة الداخلية السعودية، الاثنين، تنفيذ حكم الإعدام بحق الشابين صادق ثامر وجعفر سلطان، معلنة أنهما أقدما على الانضمام إلى خلية إرهابية يتزعمها مطلوب أمني لدى مملكة البحرين، تابعة لكيان إرهابي، تلقى أعضاؤها التدريب في معسكرات تابعة لجهات إرهابية تهدف إلى زعزعة أمن السعودية والبحرين.
الأرقام تثبت أن عمليات الإعدام في السعودية لا تزال على ارتفاعها. فمنذ بداية العام الحالي، نفذت السلطات السعودية 7 إعدامات بحق معتقلي الرأي، “من دون سابق إنذار أو إخطار لعائلاتهم، حيث تفاجأت العائلات بالخبر عبر بيانات وزارة الداخلية، التي أعلنت خلالها تنفيذ أحكام الإعدام” وفقًا لرصد أجراه معهد الخليج لحقوق الإنسان، وقال في بيان له “إن السلطات السعودية امتنعت عن تسليم جثامين ضحايا الإعدام لعوائلهم، وأخفت حتى أماكن دفنهم”.
ووفقا لتقرير المعهد، فإن الإعدامات الأخيرة تثير القلق المضاعف، خاصة وأن خمسة منها لم تتمكن أي جهة حقوقية من تسجيلها قبل إعلان الإعدام، أي أن الأرقام الحقيقية للمهددين بالإعدام يفوق بأضعاف تلك المرصودة من المنظمات الحقوقية، والتي تبلغ 63 شخصًا.
أحداث القضية
كررت السلطات السعودية توجيه تهمة الإرهاب إلى مواطنيها، والأجانب المقيمين لديها، وطالت الاتهامات العديد من المواطنين خارج الدائرة السياسية والنشطاء الحقوقيين، وكان ضمنها مواجهة أعضاء من قبيلة الحويطات عقوبة الإعدام؛ بسبب مقاومة إجلائهم القسري من أراضيهم من أجل بناء مدينة “نيوم”، كما اتخذت الرياض نفس السلوك ضد جنسيات أخرى.
ويأتي إعدام الشابين صادق ثامر وجعفر سلطان، ضمن سياسة التشديد والقمع التي تمارسها الرياض، وترجع أحداث القضية إلى توقيف الشابين خلال مايو/ أيار 2015، حين عبورهم من جسر الملك فهد الذي يربط السعودية والبحرين، واتهما بالتخطيط لعمليات إرهابية، عبر تهريب مواد وكبسولات تستخدم في التفجير.
تعرض المواطنان للاحتجاز بمعزل عن العالم، ودون حصولهما على الحق في الدفاع، وجرت التحقيقات معهما تحت ضغوط تضمنت ممارسة التعذيب وسوء المعاملة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حكمت عليهما المحكمة الجزائية المتخصصة بالإعدام، بتهم تتعلق بالإرهاب، والتخطيط لتفجير الجسر الذي يربط السعودية بالبحرين، وكذلك المشاركة في مظاهرات مناهضة للحكومة في البحرين، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم في إبريل/ نيسان 2022.
بينما نفى الشابان الاتهامات الموجهة إليهما، واعتبراها ذات دوافع سياسية، كما وثقت منظمات حقوقية انتهاكات طالت وقائع التحقيق والمحاكمة، منها التعذيب لانتزاع الاعترافات منهما.
أشارت المنظمة الأوروبية السعودية، لتعرض الشابين للتعذيب وسوء المعاملة، كما ظل صادق ثامر مخفيًا قسريًا منذ لحظة اعتقاله لعدة أشهر، حيث لم تعرف العائلة باعتقاله إلا من خلال وسائل الإعلام المحلية السعودية.
الإعدامات الأعلى رقما منذ 3 عقود
سجلت السعودية 196 حالة إعدام خلال العام الماضي فقط، وفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، وهو أعلى رقم إجمالي سنوي؛ لعمليات الإعدام يُسجَّل في المملكة منذ 30 عامًا.
وكانت السعودية أيضا، ضمن أكثر الدول التي توسعت في استخدام عقوبة الإعدام بشكل ملحوظ، وكان في مقدمة الجرائم التي تم رصدها في هذا السياق قضايا اتهم فيها مواطنون سعوديون وأجانب بالإرهاب وحيازة المخدرات.
وكانت المنظمة الأوروبية السعودية، قد رصدت في ديسمبر 2022 إعدام يمنيين اثنين، وآخرين من دون نشر خبر الإعدامات بشكل رسمي، فيما لم تنشر وزارة الداخلية السعودية على موقع وكالة الأنباء الرسمية أخبارًا سوى عن تنفيذ 25 حكما، يضاف ذلك إلى معلومات سابقة، كانت قد أشارت إلى تنفيذ أحكام إعدام من دون نشرها.
“جرائم ولي العهد”
أصدرت عدة منظمات حقوقية، وسياسية بيانات إدانة لحكم الإعدام بحق الشابين البحرينين؛ معتبرة الحكم جريمة قتل خارج إطار القانون وغير عادلة ومسيسة.
وسبق، وطالبت منظمة العفو الدولية، قبل تنفيذ الحكم بأيام (24 مايو الجاري) بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المواطنين، وفي بيان لها قالت المنظمة، يجب على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أن يوقف تنفيذ حكم الإعدام الوشيك لكل من جعفر سلطان وصادق ثامر.
وفي بيان مشترك لثلاث منظمات، معهد الخليج للديمقراطية، وحقوق الإنسان، ومنتدى البحرين لحقوق الإنسان، وسلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، قالت المنظمات، إنَّ “السلطات السعودية أقدمت على تنفيذ حكم الإعدام التعسُّفي بعد اعتقال دام لأكثر من 8 سنوات، ومحاكمة غير عادلة وجائرة شابتها الكثير من التجاوزات القانونية”.
وأضافت المنظمات، “جاءت المحاكمة في ظل قضاء مُسيَّس وغير عادل ولا يتمتَّع بأبسط معايير ضمانات المحاكمة العادلة في القضايا ذات الشأن السياسي”.
وتعقيباً على الحكم قال يحيى الحديد، رئيس معهد الخليج، عبر تويتر: “ما قامت به حكومة السعودية من إعدام شابين بحرينيين، هو قتل خارج إطار القانون. هذه الجريمة تضاف إلى جرائم ولي العهد السعودي، الذي لم يتوقف منذ بداية هذا العام عن إعدام المحكومين بقضايا ذات خلفيات سياسية ومذهبية”.
في سياق متصل، وضمن جهود الحد من الانتهاكات التي تمارسها السلطات السعودية، طالبت 18 مجموعة حقوقية في بيان مشترك صدر في 23 مايو/ أيار، شركة مايكروسوفت بتعليق خططها للاستثمار في مركز جديد للبيانات السحابية في السعودية.
وقالت المجموعات خلال بيانها، إن هناك خطرا كبيرا من أن تتمكن السلطات السعودية من الوصول إلى البيانات المخزنة في مركز البيانات السحابية الخاص بـ مايكروسوفت، ووصفت ذلك بأنه يشكل تهديدات مباشرة لحقوق الإنسان والخصوصية التي تنتهكها سلطات الرياض، حيث يُعاقب المواطنون فيما يعرف بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية في وقت تقوم السلطات بأعمال التجسس والمراقبة، والتضييق على النشطاء الحقوقيين والمعارضين.