ضمن أنشطة مركز “دام”، صدرت مؤخرا ورقة بحثية حول “إسهامات منظمات المجتمع المدني في بناء قدرات الشباب للمشاركة السياسية”. حيث تتناول الورقة التي أعدها الباحث إبراهيم حمد، والتي شاركت في المسابقة البحثية للمركز، مظاهر المشاركة ومتطلباتها ودور المجتمع المدني فيها.

ويناقش الباحث عوامل تراجع المشاركة مؤخرا، وبين مؤشراتها المشاركة في الانتخابات البرلمانية، ويفند أسباب ذلك سواء ما يخص النظام السياسي، وعوامل أخرى تخص الشباب.

تتناول الورقة أيضا إشكالية ومعوقات مشاركة الشباب في الحياة السياسية، ودور المجتمع المدني في دعم وتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية.

وتأتي أهمية الورقة التي تناقش إشكالية المشاركة السياسية، نظرا للثقل الديموجرافي للشباب، وما ظهر مؤخرا من تراجع نسب المشاركة، وثالثا، دور المجتمع المدني الهام في دعم ثقافة المشاركة والتربية السياسية، وكونه إطار للعمل التطوعي وإحدى مؤسسات التنشئة والتدريب، بما يجعل دوره هاما في دعم المشاركة السياسية للشباب.

ومن هذا المنطلق، ركزت الورقة على رصد معوقات تواجه المشاركة وكذلك محفزاتها، وهدفت للخروج بتوصيات تحد من عزوف الشباب عن المشاركة السياسية.

وتقدم الورقة استنتاجات وتوصيات حول زيادة فاعلية المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ودور منظمات المجتمع المدني؛ لدعم المشاركة السياسية للشباب.

فئة الشباب -بحكم الوزن الديموجرافي الأكبر بين فئات المجتمع- هم الأكثر امتلاكا لفرص المشاركة السياسية

لقراءة الورقة كاملة:

لماذا الشباب؟

ترى الورقة، أن فئة الشباب -وبحكم الوزن الديموجرافي الأكبر بين فئات المجتمع- هم الأكثر امتلاكا لفرص المشاركة السياسية، كما يتصفون بالديناميكية والفاعلية، ما يؤهلهم بدرجة كبيرة للمشاركةوالتي تمثل أحد الحقوق المدنية والسياسية.

كما توفر المشاركة القدرة على أحداث التغير، والتأثير في اتخاذ القرارات، وعبر المشاركة يمكن التصدي لأوجه الفساد والاستغلال والحد منها.

الشباب والمشاركة السياسية

ينظر للمشاركة على كونها عملية سياسية تطوعية، أو رسمية ينجم عن اتجاه عقلاني وفهم عميق لحقوق المواطنة وواجباتها، وفهم واعٍ لأبعاد العمل الوطني وفاعليته، ومن خلال المشاركة يباشر المواطنون أدوارا وظيفية فعالة ومؤثرة في ديناميات الحياة السياسية.

كما تعرف بأنها “الجهود التطوعية المنظمة التي تتصل بعمليات اختيار القيادات السياسية ووضع السياسيات على مستوى المحلي أو القومي (لمياء عبد الهادي: 2004، ص 27)

وتشمل منظمات المجتمع المدني، مجموعة من التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، وهي وفقا لسعد الدين إبراهيم، تتضمن الجمعيات والروابط والنقابات والأحزاب والأندية والتعاونيات، أي كل ما هو غير حكومي أو كل ما هو غير عائلي وموروث ” (سعد الدين إبراهيم، 1995، ص 42).

تحديات المشاركة

يسرد الباحث، تحديات المشاركة السياسية، ويقسمها إلى ما يخص الشباب، وأخرى تخص المجتمع والنظام السياسي، والبنية الاجتماعية والثقافية.

يقول الباحث، على الرغم مما يتضمنه الدستور، والقوانين من مبادئ الديمقراطية التي تشجع على ممارسة المشاركة السياسية، إلا أن استقراء واقع هذه المشاركة للشباب يشير إلى ضعف مستواها، استنادا على مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية كمثال..

ويشير إلى، أن المناخ السياسي العام، يعد ضمن عوامل عزوف الشباب عن المشاركة، هذا بجانب عوامل تخص التنظيمات والمؤسسات وطبيعة النظام الحزبي (عبد الهادي الجوهري: 2001، ص 33: 333)، كما هناك معوقات أخرى سياسية واجتماعية وثقافية.

ما بين المعوقات السياسية والاجتماعية، يأتي النمط السلطوي والذي يهيمن على التنشئة في مصر، مما يؤثر على الممارسة السياسية للفرد مستقبل (محمد البصراتى، 2011، ص 9).

وضمن عوامل ضعف المشاركة، عدم اهتمام المواطن بالتنشئة السياسية لأبنائه، والذي يعوق عملية المشاركة السياسية (محمود حسن إسماعيل، 1991). كما أن ضعف الاتصال بين الجماهير والنظام السياسي، يمثل عائقا وتحديا آخر.

وتأتي صورة السياسة أحيانا بوصفها “تهديد لحياته الخاصة، حيث يسود اعتقاد بأن المشاركة السياسية تؤثر على علاقاته بالأصدقاء والجيران، وتؤثر على مركزه المهني، وربما أيضا تهدد سلامته”.

تتمسك بعض القيادات بالسلطة وتغلق باب الحوار مع الصف الثاني وهذا يساهم في انخفاض معدل التراكم المعرفي

لقراءة الورقة كاملة اضغط هنا

مشكلات المجتمع السياسي

تتمسك بعض القيادات بالسلطة، وتغلق باب الحوار مع الصف الثاني، وهذا يساهم في انخفاض معدل التراكم المعرفي واكتساب الخبرة لدى قيادات الصف الثاني، ودخول عناصر غير مؤهلة وغير قادرة على تحمل المسئولية.

وكلما زادت المشاركة كان ذلك دليلاً على صحة المناخ السياسي (ناصر محمود- 2008) بينما التغيب أو العزوف عن المشاركة يكون أحيانا مقصودا، ويمثل موقفا سياسيا للممتنع، ولا تقتصر معالجة أزمة ضعف مشاركة الشباب سياسيا على إزالة المعوقات، لكنها تتضمن أيضا زيادة محفزات المشاركة، وضمن ذلك الاهتمام بالتنشئة السياسية وزيادة الوعي.

المجتمع المدني وتحفيز المشاركة السياسة

عرفت مصر العمل التطوعي منذ تاريخ بعيد، حيث تلعب الجمعيات الأهلية دور وسيط بين الفرد والدولة، وتساهم في نشر المعرفة والوعي وثقافة الديمقراطية.

كما تقوم بدور في تعبئة الجهود الفردية والجماعية؛ بغرض التأثير في السياسات العامة وتعميق مفهوم التضامن الاجتماعي، ويدخل ضمن المجتمع المدني أيضا حسب بعض التعريفات، النقابات العمالية والمهنية، وكلها يمكنها أن تلعب دورا في تنمية المشاركة السياسية..

لكن، فرضا على المجتمع المدني العديد من القيود، ووجهت إلى بعض منظماته عددا من التهم مثل، نشر الإشاعات الكاذبة والتحريض علي التظاهر وغيره من التهم.

وعلى الرغم من ذلك، استطاعت مؤسسات المجتمع المدني، أن تمارس دورًا في العديد من الأحداث السياسية بما يدعم فكرة المشاركة السياسية (محمد سيد عبد الحميد- 2017).

ويمكن للمجتمع المدني المساهمة في مشاركة الشباب سياسيا، ذلك عبر عدة آليات وأنشطة منها عقد الدورات التدريبية، واستخدام الإعلام للترويج للمشاركة السياسية، هذا إضافة إلى إجراء الأبحاث والدارسات حول المشاركة السياسية، ويمكن لمنظماته القيام بأنشطة وبرامج للشباب بشكل دوري، تستهدف تفعيل دور الشباب وتختص بالجانب التربوي والسياسي.

وكذلك تساهم أدوار الشباب في منظمات المجتمع المدني والتي تشمل التدريب، والتكليف بمهام وحضور الاجتماعات وإبداء الرأي والحصول على المعرفة المنظمة إلى دعم المشاركة السياسية، خاصة وأن جزءا من الشباب يساهمون في إدارة عمل المنظمات الأهلية.

نتائج وتوصيات

تنتهي الورقة البحثية بتقديم عدد من النتائج والتوصيات، حيث ترى من المهم توافر مساحات من الحريات، وثقافة مجتمعية داعمة للمشاركة، وتشير إلى متطلبات أساسية لتنمية المشاركة السياسية، منها تهيئة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية الداعمة للمشاركة، وتطبيق مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.

وتقترح الورقة ضرورة أن تجرى حوارات سياسية بين قادة الأحزاب السياسية، والشباب، وأن تساهم وسائل الإعلام المختلفة لوضع حلول للقضايا المجتمعية.

كما توصى بتشجيع مشاركة الشباب خلال القنوات الشرعية، كالمشاركة في العضوية بالأحزاب والتنظيمات السياسية، أما على المستوى الاجتماعي فهناك ضرورة لتوعية الوالدين بكيفية تربية أبنائهم سياسيا، وتأهيلهم وتوجيه طاقتهم نحو الانفتاح على العالم والتعامل مع الحضارات والثقافات المختلفة.

وتقترح الورقة، إجراء حوارات سياسية بين قادة الأحزاب، والشباب ضمن خطوات تشجيع مشاركة الشباب، إضافة إلى تطبيق مبادئ الديمقراطية والحرية، والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص كشرط لدعم المشاركة، هذا بجانب إزالة معوقات المشاركة السياسية.