بينما زارت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، ونظيرها الهولندي مارك روته، مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، العاصمة التونسية أمس الأحد، خلال عطلة نهاية الأسبوع. سعيا لإحراز تقدم في تحرير قروض صندوق النقد الدولي للبلاد. أشار تحليل حديث تضمن آراء خبراء للمونيتور/ Al Monitor، إلى أن التدخل الأوروبي في محادثات إنقاذ صفقة الصندوق، والتعهد بتقديم المساعدة، لن يقلل من التدفق المستمر للمهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط؛ بحثًا عن ملاذ في أوروبا.
وتعثرت المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي منذ شهور وسط أزمة مالية، حيث رفض الرئيس التونسي قيس سعيد الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لتمكين القروض. بينما قال الاتحاد الأوروبي، إنه سيدعم تونس “بشرط أن تنتهي البلاد من خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي”.
ويشير التقرير إلى، أن هذه هي المرة الثانية التي يزور فيها زعيم يميني متطرف في إيطاليا تونس في غضون أسبوع.
يقول: إيطاليا هي الدولة الرئيسية في أوروبا التي يصل إليها المهاجرون من البحر الأبيض المتوسط على متن قوارب صغيرة من دول مثل، تونس والجزائر والمغرب وليبيا. وقد أفادت الحكومة الإيطالية، أنه من المتوقع دخول ما يصل إلى 400000 شخص إلى إيطاليا من شمال إفريقيا في عام 2023.
وأوضح التقرير، أنه “كان هناك ارتفاع في عدد الأشخاص الذين يقومون بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر هذا العام، وخاصة من تونس”.
الحد من المهاجرين
يلفت التقرير إلى، أنه في هذه الزيارة، كان الاهتمام الرئيسي للدول الأوروبية هو تحسين الظروف في تونس، حيث يأملون أن توقف الارتفاع الحاد في عدد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا.
وقالت فون دير لاين خلال الزيارة أمس الأحد، إن الاتحاد الأوروبي يدرس تقديم أكثر من مليار يورو كمساعدات لتونس، لإنقاذ ماليات البلاد ومساعدتها في التعامل مع أزمة الهجرة. وقالت، إن الأموال يمكن أن تكون جاهزة “بمجرد العثور على الاتفاق الضروري”، دون إعطاء جدول زمني دقيق لموعد توفرها.
وكجزء من هذه الحزمة، سيتم استثمار 105 مليون يورو أخرى في شراكة جديدة مع تونس؛ لمكافحة تهريب البشر والاتجار بالبشر، والعبور البحري غير القانوني.
وينقل التقرير عن غازي بن أحمد، مؤسس مبادرة التنمية المتوسطية -وهي مؤسسة بحثية تونسية مقرها بروكسل- قوله، إن مثل هذه الاتفاقية لن تفعل الكثير للحد من أعداد المهاجرين إلى أوروبا. لأنه لا يعتقد أن حكومة سعيد يمكنها السيطرة على المهاجرين غير الشرعيين.
يقول: شاهدنا بعض مقاطع الفيديو، حيث كان حرس السواحل التونسيون يضربون المهاجرين على قواربهم في وسط البحر. لذلك ربما يصبح الأمر أكثر وحشية في وقت ما.
وأضاف، أن استخدام الشرطة والجيش لردع القوارب الصغيرة، ليس هو الحل “حزمة التنمية الشاملة مع الاتحاد الأوروبي ستفعل بشكل أفضل لتقليل الأعداد. مثل هذه الاتفاقية ستشمل كيفية التعامل مع الهجرة غير الشرعية والقانونية، بالإضافة إلى التنقل والتعليم والتنمية”.
لذا، وفق ابن أحمد، يتعين على الاتحاد الأوروبي وتونس الجلوس حول الطاولة، ومناقشة حزمة شاملة “الهجرة لن تتوقف جزئيا، لأن ليبيا المجاورة غير مستقرة وربما لا تلوح الانتخابات في الأفق في أي وقت قريب”.
وأكد، أن تونس لا تستأنف نموها الاقتصادي “الحكومة الحالية والرئيس غير قادرين على تنشيط الاقتصاد. لذلك سيستمر الوضع في التدهور مع المزيد والمزيد من القروض الباهظة التي ستأخذها تونس، ووضع ديوننا الخارجية عند مستويات باهظة تصل قريبًا إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي”.
وقال، إنه على الرغم من أن هذه الظروف ليست مستدامة، إلا أن سعيد يخطط للإبقاء عليها على هذا النحو، على الأقل حتى الانتخابات التونسية نهاية العام المقبل.
تأمين المتوسط
أيضا، نقل التقرير عن سفيان مخلوفي، النائب التونسي السابق في الانتخابات البرلمانية عام 2019، أن حل أزمة الهجرة يجب أن يشمل إصلاح الأمن في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك التعاون على حدود البحر الثلاثة -الشمال (جنوب أوروبا والأناضول) والجنوب (شمال إفريقيا) والشرق (بلاد الشام) – لكنه لم يستطع رؤية حدوث ذلك قريبًا.
وقال مخلوفي: لكن على الأوروبيين أن يفهموا أيضا، أنهم عندما يدعمون ديكتاتورية مثل نظام قيس سعيد، فإنهم لا يساعدوننا في إيجاد حل على المدى المتوسط والطويل.
وتابع: السؤال ليس ما إذا كان سيكون لدينا 15000 أو 20000 عبور هذا العام أو العام المقبل. المشكلة هي بالفعل في غضون من 10 إلى 30 عاما. موضحا، أنه لا يعتقد أن عروض الاتحاد الأوروبي الحالية لحكومة سعيد ستمنع القوارب من القدوم إلى شواطئ أوروبا.
وأضاف: منح سعيد بضعة ملايين من اليورو لا يحل مشاكل تونس.
ويلفت التقرير إلى، أنه في عام 2020، عندما قال الرئيس قيس سعيد، إن تونس أكثر ديمقراطية، كان هناك 10 آلاف عملية عبور غير شرعية في البحر المتوسط سنويا. لكن هناك أكثر من 30 ألف شخص يعبرون المتوسط كل عام على متن قوارب صغيرة.
على غرار تركيا
يلفت التقرير إلى، أن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خفضت يوم الجمعة، تصنيف الديون التونسية إلى منطقة “غير مرغوب فيها”، محذرة من احتمال تخلف البلاد عن سداد قروضها، مما قد يعمق الأزمة الاقتصادية.
في الوقت نفسه، تشعر الدول الأوروبية بالقلق من أن الانهيار الاقتصادي، قد يؤدي إلى تفاقم الهجرة إلى أوروبا من البلاد. بينما حذر سعيد من أن التخفيضات في الدعم الحكومي وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة -والتي اقترحتها تونس على صندوق النقد الدولي لطمأنة المقرضين، بأنه سيتم سدادها- يمكن أن يشعل التوترات الاجتماعية في البلاد.
وقبيل زيارة القادة الأوروبيين لتونس أمس الأحد، قال سعيد يوم السبت، إن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا لن تقبل أن تصبح حرس حدود لدول أخرى.
مع هذا، ينقل التقرير عن ابن أحمد رؤيته أن المسودة الأولى لاتفاقية حدودية على غرار تركيا، ستكون متاحة في المجلس الأوروبي في بروكسل في نهاية هذا الشهر.
قال: ربما كان خطاب سعيد كان يستهدف ناخبيه. لكنه في الواقع سيوافق في النهاية على صفقة مع صندوق النقد الدولي، وترتيب على غرار تركيا.
ففي مارس/ آذار 2016، وقعت تركيا “بيان تعاون” مع الاتحاد الأوروبي لمنع اللاجئين -معظمهم من السوريين- من القدوم إلى اليونان مقابل تمويل بمليارات اليورو من الكتلة الأوروبية. حيث يتم إعادة أولئك الذين يصلون إلى اليونان أو دول أوروبية أخرى من تركيا إلى هناك.
ومقابل كل سوري عاد من الجزر، تقبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاجئا سوريا واحدا كان ينتظر داخل تركيا.