قبل أيام، شهدت مدينة السادس من أكتوبر في مصر حادثًا مؤلمًا، أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة.ذلك بعد اصطدام سيارة نقل تحمل مقطورة بسيارة ميكروباص تعمل بالغاز الطبيعي، مما أدى إلى اشتعال النيران في السيارة.
يعاني الكثير من المصريين من مخاطر حوادث السير بشكل يومي، فوفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن حوادث السيارات، يصاب شخص كل دقيقة، بينما هناك 20 حالة وفاة تقع يوميا.
كثير منهم ينتقلون من المحافظات سعيا وراء لقمة العيش، وتموت فى أحيان أخرى عائلات كاملة فى حوادث الطرق.
رغم الجهود المبذولة؛ لتحسين البنية التحتية من الطرق والجسور والمحاور والتي رفعت كفاءة الطرق بشكل ملحوظ، إلا أن الحوادث المرورية ما زالت تشكل تحديًا كبيرًا للحكومة، خاصة أن عددها لم ينخفض بالشكل المتوقع نتيجة لهذا التحسن كما تشير الإحصاءات الرسمية.
في هذا التقرير المدفوع بالبيانات سنجيب على مجموعة من الأسئلة، هل انعكست مشروعات تطوير الطرق على تقليل وفيات ومصابي الحوادث أم لا، وما توزيع المصابين والوفيات حسب المحافظات؟وما مدى التغيرات فى حوادث الطرق خلال آخر عامين؟، وهل وضعت شبكة الطرق وسائل الأمان في حسبانها عند التصميم؟ وكذلك عرض وتحليل لتوزيع مراكز الإسعاف.
شبكة الطرق
أنشأت مصر 27629.3 كم طرقا مرصوفة في الفترة من بداية 2014 حتى 30 يونيو 2020، وقد نفذت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة 6323.8 كم ما نسبته 23% من إجمالي الطرق المرصوفة.
فيما نفذت الهيئة العامة للطرق والكباري ومديريات الطرق، والمحليات وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ما نسبته 77% من إجمالي الطرق المرصوفة، وفقًا لنشرة حصر الطرق والكباري الصادرة في سبتمبر 2021.
بحسب البيانات ذاتها، فإن الهيئة الهندسية نفذت 298 “كوبري” منها 242 خاص بالسيارات و56 للمشاة خلال الفترة نفسها.
وكان لمحافظة القاهرة النصيب الأكبر منها بواقع 155″كوبري” كما نفذت 80 نفقًا وهو ما نسبته 33.2% من إجمالي أعداد الأنفاق على مستوى الجمهورية.
انخفاض أعداد المصابين وزيادة الوفيات
انخفضت أعداد المصابين خلال ثلاث سنوات من 91595 عام 2018 إلى 51511 عام 2021، ومع ذلك فإن عدد الوفيات أصبح يتزايد سنويًا من 6760 عام 2018 إلى 7101 في 2021 ، ما يعني إن الحوادث أصبحت أكثر قسوة.
زاد معدل قسوة الحادث-((عدد المتوفين/عدد المصابين )*100) من 7.4 متوف لكل 100 مصاب عام 2018 إلى 14 متوفيا لكل 100 مصاب عام 2021.
بحسب توزيع بيانات المصابين شهريًا، فقد انخفضت أعداد المصابين في شهور يناير وفبراير وأغسطس وأكتوبر ونوفمبر وديسمبر عام 2021 مقارنة بالشهور ذاتها من العام السابق.
وزادت أعداد المصابين فى الفترة من مارس إلى يوليو، ، بمعنى آخر يمكن القول: حسب مؤشرات هذه الفترة، أن الحوادث انخفضت في فصل الشتاء وزادت في الشهور الصيفية.
وفيات الطرق
وفقا لأحدث تقرير من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد المتوفين من حوادث الطرق في مصر 7101 عام 2021 مقابل 6164 متوفيا عام 2020 بنسبة ارتفاع بلغت 15.2 %، وفقا للبيانات المسجلة في دفاتر مستشفيات وزارة الصحة.
لكن البيانات التي تسجلها المستشفيات الخاصة أو المستشفيات التابعة للتأمين الصحي والعيادات الخاصة غير متاحة، بما في ذلك بيانات مستشفيات محافظة بورسعيد، والتى أصبحت تابعة لهيئة التأمين الصحي.
البيانات تشير، إلى تركز حالات الوفاة الناتجة عن الحوادث بشكل كبير في محافظتي القاهرة والجيزة، إذ يموت 3 أشخاص من أصل 10 أشخاص في مجمل حالات الوفاة في المحافظتين.
بينما تأتي محافظة الإسكندرية في المركز الثالث من حيث الوفيات، وهي ضمن المحافظات التي شهدت زيادة عدد المصابين والوفيات فى السنوات السابقة.
يعزو البعض زيادة عدد الوفيات إلى ارتفاع عدد المركبات من 9.8 ملايين مركبة عام 2017 إلى 10.9 ملايين مركبة عام 2021. إلا أن البيانات تشير إلى ارتفاع عدد الوفيات لكل 100 ألف مركبة، إذ كانت 57 حالة وفاة عام 2020 وزادت إلى 65.1 عام 2021.
فيما البعض يعزوها إلى زيادة عدد السكان من 95 مليونا عام 2017، إلى 102 مليون عام 2021، إلا أن البيانات لا تثبت هذه الفرضية فوفقًا للبيانات والإحصائيات الرسمية، ارتفعت نسبة أعداد وفيات الحوادث من 6 لكل 100 ألف من السكان في عام 2020، إلى 7 في عام 2021.
القاهرة أقل مصابين وأكبر وفيات
في محافظة القاهرة، اعتاد المواطنون على رؤية حوادث مرورية مميتة بين الحين والآخر، ومع أنها الأقل في عدد المصابين من الحوادث، وفقا لبيانات وزارة الصحة في آخر 4 سنوات، إلا أنها أكبر محافظة شهدت عدد وفيات.
وهو ما يشير إلى دموية الحوادث فى العاصمة، فوفقًا للبيانات فقد شهدت المحافظة 1399 حالة وفاة من إجمالي 7101 حالة في عام 2021. هذه الأرقام تعني وفاة ما يقارب 4 مواطنين كل يوم في محافظة القاهرة فقط.
ووفقا للبيانات، القاهرة هي الأكبر في معدل قسوة الحوادث، ففي الوقت الذي يصاب فيه شخصان في المتوسط اليومي، يتوفى 13 مواطنًا من حوادث السيارات، وهو رقم يشير بكل وضوح، أن محافظة القاهرة هي الأكثر دموية بين المحافظات.
يزداد عدد الوفيات عن أعداد المصابين في الحوادث في العاصمة بنسب كبيرة، تليها محافظة الجيزة، والتي تشهد حالتي وفاة تقريبًا مقابل كل مصاب.
بينما تنخفض نسبة الوفيات من ضحايا الطرق في باقي المحافظات، لكن ما يثير الدهشة، هو أن أكبر محافظتين (القاهرة والجيزة) شهدا تطوير الطرق بداخليهما هما أكثر محافظتين طرقهما مميتة.
اقرأ أيضا :كفاية “تطوير”
ضحايا التعليم
يُمنى ماجد طفلة 14 عامًا، فقدت أمها وانتقلت للعيش مع جدتها بعد سفر والدها إلى السعودية، كانت يمنى ضحية حادث انقلاب أتوبيس المدرسة، بينما أصيب 9 من زملائها في أكتوبر الماضي.
هذا فى الوقت الذى تشير البيانات، أن هناك 3 أسر تفقد طفلها الأقل من 15 عامًا يوميًا، وتفقد أسرة واحدة يوميًا طفلها الأقل من خمس سنوات.
تظهر البيانات، أن الأطفال والشباب في فترة التعليم هم الأكثر وفاة عن باقي الفئات العمرية، وتزداد الحوادث أمام المدارس والجامعات بشكل كبير.
يقول علي يوسف وهو خريج كلية الإعلام جامعة الأزهر “خلال فترة دراستي في كلية الإعلام جامعة الأزهر، شهدت أكثر من 10 حالات وفاة وعشرات الإصابات أمام الجامعة”.
ويكمل:” كنا نجبر على عبور طريق النصر السريع أمام الجامعة، لعدم وجود كباري مشاة أو أنفاق أمام بوابات الجامعة، أو حتى إشارات مرور، وما زاد الطين بلة، هو إنشاء كباري للسيارات أمام الجامعة، بحيث تكون نزلتها أمام البوابات مباشرة”.
ويضيف: “كنت أعبر الطريق في أكثر من نصف ساعة في واحدة من تجارب الموت التي كنت أراها يوميًا، ورغم احتجاج الطلاب على موت أصدقائهم بعد كل حالة وفاة، كانت الجامعة تكتفي بصرف تعويض بسيط لأسرة المتوفي.
يتذكر علي إحدى وقائع الموت التي طالت معيدا في كلية الطب، بعدها تكررت وعود الجامعة بحل هذه المسألة، لكن قرار الجامعة كان غلق البوابة الرئيسية التي شهدت تكرار حوادث الموت، هذا إضافة إلى برقية عزاء لأسرة المتوفي.
ويختم: “واستمرت الجامعة على هذا الوضع حتى عام تخرجي في 2020 وحنت علينا وعملت إشارات مرور وكباري أمام البوابات الرئيسة”. يذكر أن البنك الدولي أصدر تقريرًا، يوضح أن أن 97٪ من شوارع مصر ليس بها إشارات مرور، وأن 78٪ من تلك الشوارع ليس بها أرصفة للمشاة، مما يعرض المواطنين للخطر المتكرر وحوادث الطرق.
توضح البيانات رقمًا صادمًا، ففي محافظة أسيوط تزداد إصابات الأطفال الأقل من 5 سنوات، حيث يصاب يوميًا 4 أطفال أقل من خمس سنوات بسبب حوادث السيارات بإجمالي إصابات سنوية 1498 طفلاً.
الدقهلية الأكبر في الإصابات
في شهر نوفمبر الماضي لقي نحو 24 مواطنًا، حتفهم إثر سقوط حافلة في ترعة بمحافظة الدقهلية، ووفقًا للبيانات تصدَّرت محافظة الدقهلية قائمة المحافظات التي شهدت أعلى معدل إصابات حوادث الطرق خلال عام 2021، وهي تبلغ 11 ألفًا 630 إصابة.
محافظة الدقهلية شكلت ما نسبته 22.5% من إجمالي الإصابات على مستوى الجمهورية، ذلك بإجمالي 11630 حالة إصابة من أصل 51511 مصابا، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وشكلت إصابات المشاة بها 40 % من إصابات إجمالي المشاة على مستوى الجمهورية، بإجمالي 5132 من أصل 12948 مصابا من مشاة الطريق. كما شكلت إصابات السائقين ما نسبته 26% من إجمالي السائقين المصابين على مستوى الجمهورية بإجمالي 2415 من أصل 9193 سائقا مصابا .
وحتى 30/6/2020، نفذت الهيئة العامة للطرق والكباري 153 “كوبري للسيارات” و 5 “كباري” للمشاة، وفي نفس الفترة نفذت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة 5 “كباري” للسيارات و 3 “كباري” للمشاة، وثمانية “كباري” للمشاة فقط في محافظة الدقهلية.
وبلغ عدد المصابين في الدقهلية 11630 خلال عام 2021 فقط، الرقم الذي يقلل منه البعض في التصريحات الإعلامية، فيما لو قسمناه على عدد أيام السنة، معناه أن محافظة الدقهلية يصاب بها 32 مواطنًا يوميًا.
وكانت أشهر الطرق التي شهدت حوادث بها هى طريق “كفر صقر – السنبلاوين” و”ديرب نجم – المنصورة” و”بنها – المنصورة” وميت غمر – الزقازيق” و”الغربية – المنصورة” و”المنصورة – دمياط الشرقي” و”سندوب – الدولي الساحلي”.
يشاع أن الحوادث تحدث فقط على الطرق السريعة، لكن لا يخلو أي طريق سواء كان سريعا أو بداخل المدن أو بطئيا من الحوادث، وتوضح البيانات الخاصة بالحوادث، أن المركبات ذات الإطارات الثلاث (التوك توك) هي أكبر الأسباب في غالبية الحوادث الخاصة بمحافظة الدقهلية، وهو ما يشير إلى غياب فعالية المرور في هذه المحافظة.
الأوسطي حادث يتبعه حادث
طريق تفوح منه رائحة الموت، هكذا تحول الطريق الأوسطي من مشروع ضخم، لطريق تطلق عليه وسائل الإعلام المصرية طريق الموت، طريق ذهاب بلا عودة وفي خلال السنوات الأخيرة شهد العديد من الحوادث المفجعة والمؤلمة.
و من أبرز هذه الحوادث، توقف ثلاث عشرة سيارة على جانب الطريق؛ لإنقاذ مصابين من حادث آخر، وفجأة قامت شاحنة كبيرة “تريلا كانت آتية من ملف تصعب فيه رؤية السيارات وفقًا لبيان النيابة بالتصادم معهم، وأدى الحادث إلى حريق كبير وإلى تفحم 10 سيارات، ووفاة مهندس بترول لديه 4 أطفال بينهم رضيع عمره 4 أشهر وإصابة 8 آخرين بإصابات خطيرة.
شاهد حادث على الطريق الأوسطي من هنا
يلاحظ في الفيديو غياب سيارات الإسعاف والإطفاء والمرور عن الحادث، وقالت النيابة إن الطريق شهد تكرار وقوع الحوادث المرورية بمحل الواقعة إذ سبق تلقيها إخطارات بوقوع حوادث في ذات المكان، نتيجةَ حجبِ زاوية الرؤية في المنحنى الذي وقع عنده الحادث. وهذا السبب مكرر في عدد من تصميمات الطرق.
لا توجد بيانات رسمية عن حوادث الطريق الأوسطي، لذلك أنشأنا قاعدة بيانات رصدت حوادث الطريق وأعداد المصابين، والوفيات والسيارات المتضررة وأبرز أماكن وقوع الحادث .
من خلال تجميع وتجريف الأخبار المنشورة في موقع اليوم السابع، إذ قمنا بتنقيح الأخبار واستبعاد المكرر منها، ورصدنا 148 حادثا خلال آخر 3 سنوات، منذ بداية دخول الطريق للخدمة وبلغ عدد المصابين 697 مصابا، وبلغت حالات الوفاة 132، وكان عدد المركبات المتضررة 146 أغلبها من السيارات الملاكي. وكانت أبرز أماكن وقوع الحوادث على الطريق بالقرب من حلوان تليها البدرشين، يليها نطاق مدينة 6 أكتوبر.
غياب التخطيط
منذ أيام توفي مواطن مصري على فراش مستشفى، متأثرًا بجروحه وإصابته من انهيار لافتة إعلانية ضخمة أعلى “كوبري” 6 أكتوبر بالقرب من منطقة الدمرداش، والتي أصابت 5 آخرين في حادث مأساوي.
وانشغل المصريون في الأيام الأخيرة بالتغريد عن إهمال وسائل السلامة المرورية، والبشرية وغياب المعايير الهندسية في تصميم اللافتات الإعلانية.
ليست اللافتات الإعلانية فقط التي تظهر غياب التخطيط والعيوب التصميمية، إذ تعاني العاصمة من سوء تخطيط واضح، مع موسم هبوط الأمطار الذي يغرق القاهرة في شبر مياه حسب التعبير الدارج، وقد يظن البعض أن “غرق” القاهرة، هو تراكم سنوات من سوء التخطيط، إلا أن “غرق” المدن الجديدة والطرق الحديثة المؤدية إليها والأنفاق، وتسببها في شلل تام لمرور القاهرة كاشف لذلك، ومع أن الأمر يتكرر سنويًا، لكن المحافظة والمحليات تقف عاجزة.
تتحول شوارع التجمع الخامس والقاهرة الجديدة ومدينة نصر ومصر الجديدة، إلى بركة من المياه، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة والمبالغ التي تنفقها على تطوير وبناء الطرق و”الكباري”، لكن دائمًا هناك مشاكل وإغفال عن تصريف مياه الأمطار، ما يتسبب في الحوادث والاختناق المروري.
أيضًا، من ضمن مظاهر سوء التخطيط نقص أعمدة الإنارة في العديد من الطرق، ففي حادث على محور 26 يوليو، حصل تصادم بين سيارة نقل وأتوبيس في مايو من العام الماضي، لم ينتج عنه إصابات لكن غياب الإنارة كان سببًا في هذا الحادث، كما يظهر في الفيديو.
في إبريل الماضي شهد طريق “شرم الشيخ ـ دهب” انهيارا في طبقة الإسفلت على امتداد الطريق في الاتجاهين، نتيجة سقوط أمطار غزيرة وسيول على مناطق متفرقة من المحافظة، وذلك بعد افتتاحه بـ4 شهور فقط.
وجرفت الأمطار صخوراً متوسطة الحجم من الجبال المحيطة بالطريق، ما أسفر عن تعرض بعض السيارات لأضرار بالغة.
عيوب تصميمية وفنية
هذا الطريق لم يكون الأول الذي يشهد هذا الانهيار فهناك عشرات الحوادث المتكررة بسبب السيول، وفي فبراير 2016 أيضًا شهد انهيار كوبري “الكوامل” الواصل بين مدينتي سوهاج القديمة والجديدة، رغم أنه لم يمض على افتتاحه سوى ثمانية أشهر، كما سبق ذلك انهيار جسر على طريق المنصورة الذي أنشئ قبل الانهيار ببضعة أشهر، وهو ما أدى إلى انقلاب عدد من السيارات وإصابة راكبيها.
وفي عام 2016، شهد كوبري “محلة روح” بمحافظة الغربية -الذي تم تشغيله بشكل مبدئي بعد أسابيع منى الانتهاء من إنشائه – هبوطا جزئيا وشروخا في الحوائط المساندة في مطالعه ومنازله.
وفي تقارير للجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية، شاركت فيها اللجان الفنية التابعة لهيئة الطرق والكباري في محافظة الغربية، كشف عن تهالك البنية التحتية لـ 45% من “الكباري” المنشأة حديثاً فى المحافظة، يبين التقرير وجود تصدعات وتشققات وشروخ وانحرافات في مسار رصف الإسفلت، نتيجة تسليم الأعمال الإنشائية قبل موعدها الرسمي إلى الجهات التنفيذية وفقًا للتقارير.
حجم العمل الكبير ومحاولة إنجاز الطرق في أقل وقت، دفع الهيئات المسئولة إلى إسناد هذه المشاريع إلى شركات صغيرة من الباطن، تعمل بطريقة المستخلص”الدفع لاحقًا بعد الانتهاء”، وأشارت التقارير، إلى وجود عدد من الانحرافات فى مسار رصف الإسفلت الرئيسي، نتيجة عدم الالتزام بالمواصفات القياسية، التي تكفل حق الحفاظ على أرواح المواطنين، وعدم تعريض حياتهم لخطر الموت.
الطريق الذي تم إنشاؤه، القاهرة أبوحماد الزراعي، عانى من وجود بعض الحفر والمناطق غير المتساوية، خاصة قبل دخلة قرية العباسة الكبرى، التي شهدت الكثير من الحوادث؛ بسبب تصميمها بشكل غير جيد ويستطيع أي شخص إدراك الخلل في تصميم الطريق بسهولة بعيدًا عن لجنة فنية من الأساس.
غياب الصيانة
وفي بيان لوزارة النقل قالت فيه، أن 40% من “الكباري” تخطى عمرها نصف قرن وبحاجة للصيانة، ووضح البيان أن د. سعد الجيوشي وزير النقل الأسبق قبل عام ونصف، وهو رئيس لهيئة الطرق والكباري، كان قد حذر وأعلن عن وجود 700 “كوبري” معرضين للانهيار؛ بسبب الحمولة الزائدة وإهمال الصيانة كما قال، إن 75 % من الطرق تحتاج إلى صيانة حيث أنها معرضة للانهيار.
وأشار الدكتور أيمن إسماعيل، أستاذ الهندسة الإنشائية بمركز بحوث الإسكان والبناء، في تصريحات سابقة، إلى أن مشاكل “كباري” المشاة فى مصر هي مشاكل تراكمية، حيث إنه لا توجد إدارة خاصة للإشراف عليها فبمجرد تسليم “الكوبري” إلى الإدارة المحلية ينتهي دور الهيئة، والمجالس المحلية ليس لديها ما تقدمه من أعمال صيانة، ومتابعة لحالة “كباري” المشاة، خاصة لوجود مشاكل تراكمية على أجساد “الكباري” فى مصر والأقاليم خاصة فى الفواصل، وبلاطات الجزء العلوي وبعض الكمرات، وتتأثر بدرجة أكبر “الكباري” في المناطق الساحلية نتيجة لعوامل الطقس المتغيرة والأمطار.
ويظهر الفيديو وجود حفر ونتوءات في طريق مصر إسكندرية الزراعي اتجاه شبرا والقاهرة في منطقة “أسفل الدائري” التي من الممكن، أن تسبب حوادث رغم أن أعمال التطوير قد تمت على هذا الطريق.
طرق بحاجة إلى رفع الكفاءة
في شهر مايو الماضي لقى 17 شخصا مصرعهم، وأصيب 29 آخرين؛ جراء اصطدام حافلة ركاب بشاحنة نقل على طريق الخارجة / أسيوط بمحافظة الوادي الجديد وفق بيانات وزارة الصحة.
وتقدمت النائبة رغدة نجاتي، عضو مجلس النواب عن محافظة الوادي الجديد، بطلب إحاطة بشأن تكرار الحوادث، تقول نجاتي، إن الطريق يحتاج للتطوير، نظرا لوجود منحنيات وعرة”.
غياب المرور والرقابة على الطريق
اتبعت نشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء منهجية جديدة فى آخر إصدارين، حيث اعتمدت على رصد الحوادث عبر البيانات التي تسجلها وزارة الصحة، بينما في الإصدارات السابقة كانت تعتمد على إدارة المرور بوزارة الداخلية .
البيانات التي أصدرتها الإدارة العامة للمرور التابعة لوزارة الداخلية خلال الأعوام من 2016 حتى عام 2019، سجلت فقط 13% من إجمالي المصابين الذين سجلتهم وزارة الصحة المصرية في نفس الفترة.
بينما سجلت 54% من إجمالي الوفيات التي سجلتها وزارة الصحة في نفس الفترة، وهو ما يعني أن وزارة الداخلية تقريبًا غابت عن أكثر من 50% من الحوادث التي حصلت في هذه الفترة.
نقص سيارات الإسعاف
وفي طلب إحاطة قدمه النائب محمد عبد الله زين الدين وكيل لجنة النقل في مجلس النواب عام 2019، قال: ” يوجد عدد من القرى تخلو من سيارات الإسعاف، أو تبعد عنها مئات الكيلومترات، مشيرًا إلى أن أبرز المشكلات تتمثل في أن الإسعاف لا يتحرك، إلا إذا ضمن تجهيز المكان والطبيب والمعدات قبل نقل المريض إلى المستشفى”.
ويكمل: هناك عدد كبير من نقاط الإسعاف المُغلقة حاليًا، وأن عدد السيارات بمصر أقل بكثير عن المُعدل العالمي، مما يسبب ضغطًا كبيرًا على المتواجدين بالفعل، موضحًا أنه في حالة انشغال المسعفين بحوادث، أو حالات أخرى يضطر المريض إلى الانتظار لأكثر من ساعة ما يهدد حياته”.
ووفقًا لأحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في يوليو عام 2022، بلغ عدد سيارات الإسعاف 2886 و1567 نقطة إسعاف.
ورغم زيادة عدد سيارات الإسعاف إلى 3100 سيارة، وفقًا لتصريح وزير الصحة خالد عبد الغفار، إلا أن هناك العديد من المحافظات التي تعاني من نقص في عدد سيارات الإسعاف، فهناك سيارة إسعاف واحدة لكل 100 ألف مواطن وهي الإسكندرية والقليوبية، يليهما محافظة البحيرة بواقع 1.6 سيارة.
يقول أحمد وهو شاهد عيان على حادثة وقعت على طريق أبوحماد الزقازيق في محافظة الشرقية، راح ضحيتها مواطن صدمته سيارة ولاذت بالفرار “طلبنا الإسعاف ولم تأت إلا بعد 4 أو 5 محاولات من أشخاص مختلفين، تأكيدًا للواقعة مع أن جميع من طلبوا الإسعاف أدلوا ببياناتهم كاملة، فعملية الإدلاء هذه رغم غثارتها لقلق أصحابها، إلا أن حالة الرجل الذي صدمته السيارة كانت مثيرة للشفقة، ومع أن موقع الحادثة لا يبعد أكثر من 5 كيلوات عن مستشفى أبو حماد المركزي، إلا أن الإسعاف لم تأت إلا بعد نصف ساعة، جاءت الإسعاف ولكن الرجل كان يلفظ آخر أنفاسه “.
وبقيت هذه الجهود التي تبذلها الدولة المصرية محل انتقادات كثيرة، سواء بسبب حجم الإنفاق عليها، أو لأنها لا تتسم بالجودة في بعض الأوقات، وإهمالها قواعد سلامة المشاة، وتسببها في هدم المنازل وقطع الأشجار.