تعطل مستوى التقدم الذي تحقق سابقاً في ردم فجوة النوع، يرجع ذلك نتيجة؛ تأثير جائحة COVID-19، ثم أزمات اقتصادية وجيوسياسية.

ووفقاً لأحدث تقرير صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي “الفجوة بين الجنسين في 2023”، وهو يقيس الفجوة عبر أربعة أبعاد رئيسية: هي، المشاركة الاقتصادية والفرص، والتحصيل العلمي، والصحة والحياة، والتمكين السياسي.

كما يوفر التقرير أداة؛ لتتبع  الفجوة في المجالات الاقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية، وبدأ إطلاق المؤشر منذ عام 2006.

حسب التقرير الأخير، هناك تقدم بطئ، وما زالت الفجوات كبيرة بين الجنسين، وهذا يخلق حالة ملحة؛ لاتخاذ إجراءات لتحسين النتائج، بما يعزز القدرة على النمو.

مستويات التكافؤ أوروبا في المقدمة والشرق الأوسط الأقل مساواة

تفوق التكافؤ بين الجنسين في أوروبا؛ حيث تصل نسبته إلى (76.3٪)،  بينما في أمريكا الشمالية تصل  نسبتها (75٪)، وحسب التقرير من المتوقع، أن تحقق أوروبا التكافؤ بين الجنسين في 67 عامًا.

تحتل منطقة إفريقيا، جنوب الصحراء المرتبة السادسة (68.2٪)، أي أقل بقليل من متوسط الدرجة المرجحة العالمية (68.3٪).

كما تفوقت منطقة جنوب آسيا (63.4٪) على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (62.6٪)، والتي تذيلت القائمة عام 2023؛ حيث بلغ معدل التكافؤ 62.6٪.

وحققت الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل والبحرين أعلى تكافؤ في المنطقة، في حين المغرب وعمان والجزائر تتأتي في  المرتبة الأدنى، وسجلت الدول الثلاث الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة – مصر والجزائر والمغرب – انخفاضًا في درجات التكافؤ، و في ظل معدل التقدم الحالي، سيتم تحقيق التكافؤ الإقليمي الكامل خلال 152 عامًا.

الفجوات في سوق العمل:

وفقاً للتقرير لا تزال حالة التكافؤ بين الجنسين في سوق العمل تمثل تحديًا كبيرًا، ولم يقتصر الأمر على تراجع مشاركة المرأة في سوق العمل على مستوى العالم في السنوات الأخيرة فحسب، بل إن المؤشرات الأخرى للفرص الاقتصادية أظهرت تباينات جوهرية بين النساء والرجال.

دخلت النساء (من جديد) إلى القوى العاملة، بمعدلات أعلى قليلا من الرجال على مستوى العالم، حيث ارتفع التكافؤ في معدل مشاركة القوى العاملة من 63٪ إلى 64٪. مما أدى إلى انتعاش طفيف في التكافؤ بين الجنسين في معدل المشاركة في القوى العاملة منذ 2022.

يشير التقرير إلى، أن النساء ما زلن يواجهن معدلات بطالة أعلى من الرجال، حيث يبلغ معدل البطالة العالمي بين النساء حوالي 4.5٪ للنساء و4.3٪ للرجال.

الاقتصاد غير الرسمي

يرجع جزء كبير من الانتعاش في التوظيف منذ عام 2020، إلى العمالة غير الرسمية، حيث من بين كل خمس وظائف تم إنشاؤها للنساء، توجد أربع وظائف داخل الاقتصاد غير الرسمي، أما بالنسبة للرجال، النسبة هي وظيفتان من كل ثلاث وظائف.

  المناصب القيادية:

من خلال عينة غطت 163دولة، تمثل النساء 41.9٪ من القوى العاملة في عام 2023، ومع ذلك، فإن حصة النساء في المناصب القيادية العليا بلغت 32.2٪ في عام 2023.

وينخفض تمثيل المرأة إلى 25٪ في وظائف ” المديرين التنفيذيين” في المتوسط، وهو ما يزيد قليلاً عن نصف التمثيل في مناصب المبتدئين، بنسبة 46٪. وتظهر الصناعات المختلفة أنماط مختلفة، عندما يتعلق الأمر بمناصب عليا.

وضع أفضل

لكن، تتمتع النساء بوضع  أفضل نسبيًا في صناعات مثل، خدمات المستهلك، وتجارة التجزئة، والتعليم، والتي تسجل نسب المديرين التنفيذيين 64%، مقابل تمثيل على مستوى المبتدئين بنسبة 68٪.

ويوضح التقرير صعوبة الظروف داخل شركات الإنشاءات، والخدمات المالية والعقارات للقيادات النسائية الطموحة، حيث تقل نسبة تمثيل المديرين إلى تمثيل المبتدئين عن 50٪.

وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، كانت نسبة النساء المعينات في مناصب قيادية تزداد باطراد بنحو 1٪ سنويًا على مستوى العالم.

مستقبل الفجوة:

تعتبر مهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مجموعة مهمة من الوظائف ذات الأجر الجيد، ويتوقع  أن تنمو في المستقبل، وتُظهر بيانات “لينكد” الخاصة بالملفات الشخصية الوظيفية للأعضاء، أن تمثيل النساء لا يزال ناقصًا إلى حد كبير في هذه المهن.

حيث تشكل النساء ما يقرب من النصف من إجمالي العمالة عبر المهن غير المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا، والهندسة والرياضيات (49.3%)، ولكن فقط 29.2٪ منهن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وتظهر الأرقام الخاصة بدمج خريجي جامعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في سوق العمل، أن الاحتفاظ بالنساء في هذه المجالات حتى بعد عام واحد من التخرج، يشهد انخفاضًا كبيرًا.

وعندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فقد ارتفع توافر المواهب بشكل عام، حيث زاد ستة أضعاف بين عامي 2016 و2022، ومع ذلك، فإن تمثيل الإناث في الذكاء الاصطناعي يتقدم ببطء شديد، حيث تبلغ النسبة اليوم حوالي 30٪، أي أعلى بنحو 4 نقاط مئوية مما كانت عليه في عام 2016.

المهارات

يوفر التعلم عبر الإنترنت المرونة، وإمكانية الوصول والتخصيص، مما يمكّن المتعلمين من اكتساب المعرفة بطريقة تناسب احتياجاتهم، وظروفهم الخاصة. ومع ذلك، لا يتمتع الرجال والنساء حاليًا بفرص متساوية، والوصول إلى هذه المنصات عبر الإنترنت؛ نظرًا للفجوة الرقمية المستمرة.

تشير البيانات من كورسيرا (احد منصات التدريب والتعلم) إلى، أنه اعتبارًا من عام 2022، باستثناء دورات التدريس والتوجيه، أن هناك تفاوت في التسجيل.

الفجوات بين الجنسين في السياسية:

كما هو الحال في حالة تمثيل المرأة داخل سوق العمل، لا تزال الفجوات بين الجنسين في القيادة السياسية مستمرة. على الرغم من حدوث زيادة في عدد النساء اللائي يشغلن مناصب صنع القرار السياسي في جميع أنحاء العالم، إلا أن تحقيق التكافؤ بين الجنسين لا يزال هدفًا بعيد المنال والتفاوتات الإقليمية كبيرة.

وفقاً للتقرير اعتبارًا من 31 ديسمبر 2022، يعيش ما يقرب من 27.9 ٪ من سكان العالم، أي ما يعادل 2.12 ملياري شخص، في بلدان ترأسها امرأة.

بينما شهد هذا المؤشر ركودًا بين عامي 2013 و2021، ولكن لوحظ في عام 2022 زيادة كبيرة، هناك اتجاه إيجابي آخر في الآونة الأخيرة، فيما يتعلق بنصيب المرأة في البرلمانات.

في عام 2013، كان 18.7٪ فقط من أعضاء البرلمان على مستوى العالم من النساء من بين 76 دولة، لديها بيانات متسقة، وبحلول عام 2022 ارتفع هذا الرقم بشكل مطرد إلى 22.9٪.

وتمتلك منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضًا ثاني أقل تكافؤ إقليمي في التمكين السياسي بنسبة 14٪. استنادًا إلى عينة البلدان التي تمت تغطيتها باستمرار منذ عام 2006، حيث انخفض التكافؤ في المؤشر الفرعي للتمكين السياسي بمقدار نقطة مئوية واحدة منذ العام الماضي.

الفجوات بين الجنسين في الصحة:

يعرض المؤشر الفرعي أعلى مستوى من التكافؤ بين الجنسين على مستوى العالم (بنسبة 96٪)،  وتظهر ستة وعشرون دولة – معظمها من أوروبا وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي وإفريقيا جنوب الصحراء – أعلى درجة بنسبة 98 ٪ من التكافؤ.

في حين، أن قطر وفيتنام والبلدان المكتظة بالسكان مثل، أذربيجان والهند والصين جميعها تحت علامة 95٪، يأتي الترتيب العام المنخفض لدولة قطر مدفوعًا؛ بانخفاض التكافؤ نسبيًا من حيث متوسط العمر المتوقع الصحي. رغم أنه في معظم البلدان تميل النساء إلى تجاوز عمر الرجال.

مؤشرات  مصر:

تبلغ نسبة التكافؤ في مصر 62.6٪، وتحتل المرتبة 134. وتقدمت مصر نحو التكافؤ بين إصدارات 2017 (60.8٪) و2021 (63.9٪)، قبل أن تتراجع لعام 2022 اللاحقة (63.5٪) والإصدار الحالي.

منذ عام 2021، كان هناك انخفاض بمقدار 3 نقاط مئوية في التكافؤ في المؤشر الفرعي للتحصيل التعليمي، بسبب التراجع الطفيف في التكافؤ في الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي. عند 96.8 ٪ من التكافؤ.

وتظل  مؤشرات  الصحة دون تغيير تقريبًا. ومع ذلك، فيما يتعلق بالمشاركة الاقتصادية والفرص، هناك زيادة قدرها 6.8 نقاط مئوية في حصة النساء في تولي مواقع المسئولية.

كما أن هناك زيادة فى حصة النساء في المناصب الفنية (35.1 ٪)، وتم تعزيز  التكافؤ في المؤشرات الفرعية، كما تولت مواقع قيادية، وزيادة عدد البرلمانيات والوزيرات، ويزيد مؤشر التكافؤ في التمكين السياسي عن17%.

ويأتي ترتيب مصر في مؤشر الفجوة بين الجنسين في الصحة، والحق في الحياة في المركز (90)، وتصل نسبة التكافؤ فيه إلى 96.8% بين الجنسين.