نشر المجلس الأطلسي، وهو مركز بحثي معني بالسياسات الخارجية، مقالة تحليلية حول تمرد فاجنر، وانعكاساتها على الشرق الأوسط، كتب المقال الباحث مارك  كاتز، وهو  أستاذ  في العلاقات الدولية، بجامعة جورج ميسون، وعمل سابقا في عدة هيئات بحثية، وتركز كتاباته على الشرق الأوسط .

الباحث مارك كاتز استاذ فى العلاقات الدولية بجامعة جورج ميسون، وعمل سابقا فى عدة هيئات بحثية.
الباحث مارك كاتز أستاذ في العلاقات الدولية بجامعة جورج ميسون، وعمل سابقا في عدة هيئات بحثية.

يتناول التحليل آثار تمرد فاغنر على مناطق وجودها في الشرق الأوسط، وبعض الدول الإفريقية، وفرص التعاون مع المجموعة حاليا، ويعرض المقال أيضا، ما يمكن وصفه بفرص لبعض القوى الإقليمية في المنطقة منها، تركيا وإيران، وكذلك فرص عمل مجموعة فاغنر في ليبيا والسودان .

يقول التحليل: انتهى تمرد 23-24 يونيو بقيادة زعيم مجموعة فاغنر يفجيني بريجوجين – الذي كان يهدف – بحسب زعمه – إلى استبدال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو، ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف، ومع ذلك فمن المرجح أن يستمر الصدى الناجم عن هذا التمرد خارج روسيا، كما هو الحال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلاً عن المناطق الأخرى التي تنشط فيها قوات فاغنر.

وبحسب  التقرير لا يزال من غير الواضح، ما إذا كانت وزارة الدفاع الروسية ستنجح في تأكيد سلطتها على فاغنر  في أوكرانيا، أم أنها ستبقى موالية لبريجوجين، كذلك  هناك قدر أكبر من عدم اليقين فيما يتعلق بقوات فاغنر العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فمن الممكن لموسكو أن تجلب الجيش الروسي وقوات أمن الدولة؛ لمواجهة الموالين لفاغنر بريجوجين في مسرح أوكرانيا. لكن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد لا يكون هذا ممكنًا.

كانت فاغنر بجانب القوات المسلحة الروسية النظامية – البحرية والجوية في سوريا ؛ منذ أن أرسلت موسكو قواتها هناك لأول مرة عام 2015. كما تم نشر قوات فاغنر في ليبيا في عام 2018، وفي العديد من الدول الإفريقية الأخرى، بما في ذلك جمهورية إفريقيا الوسطى، جمهورية مالي،  والسودان، وبوركينا فاسو في تلك الفترة.

ويصعب التأكيد على سيطرة وزارة الدفاع الروسية بقوة على قوات فاغنر العاملة في سوريا، وبقية الشرق الأوسط، إذا قررت الأخيرة المقاومة. علاوة على ذلك، قد يكون من المستحيل تأكيد السيطرة في ليبيا، وأماكن أخرى في إفريقيا؛ حيث لوجود فاغنر أكبر بكثير من أي وجود عسكري روسي منتظم.

يقول التحليل، إن هناك حوافز لتمرد فاغنر في الشرق الأوسط وإفريقيا، ذلك من أجل  حماية الدخل الذي يدرونه من “حماية” الحكومات وأمراء الحرب، لذا يخشى مرتزقة فاغنر في كل من الشرق الأوسط وإفريقيا أيضًا، إعادة الانتشار في أوكرانيا؛ حيث ادعى بريجوجين في مايو أن عشرين ألفًا من مقاتلي فاغنر؛ لقوا حتفهم في معركة باخموت وحدها هذا العام..

قد يتعاطف الديكتاتور السوري بشار الأسد مع أي جهد،  يبذله الرئيس الروسي بوتين؛ لتأكيد سيطرته على قوات فاغنر المتمركزة في بلاده. السيطرة الدكتاتورية المركزية هي، في النهاية، مبدأ يسعى لتطبيقه في بلده. ومع ذلك، لن يرغب الأسد في رؤية صراع بين القوات المسلحة الروسية النظامية وقوات فاغنر؛ لأن هذا قد يشجع العديد من معارضي الأسد على إحياء معارضتهم لنظامه.  لذا فربما سيحاول تقليد الزعيم البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو بمحاولة التوسط بين القوات الروسية المتنافسة.

حسب التحليل، الوضع مختلف في ليبيا والسودان،  يعتمد الجنرال خليفة حفتر في ليبيا ومحمد حمدان دقلو – المعروف أيضًا باسم حميدتي – في السودان بشكل أكبر على دعم فاغنر.

انفجارات عنيفة في جنوب العاصمة السودانية الخرطوم
انفجارات عنيفة في جنوب العاصمة السودانية_ الخرطوم

 في إبريل، كشفت “شبكة سي إن إن” أن فاغنر كان يسلح قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في حربها ضد الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي تقيم معه موسكو علاقات جيدة،  في ليبيا المجاورة أي شيء يضعف أو يقلل من قدرة فاغنر على دعم حفتر وحميدتي، سيكون غير مرحب به خاصة، وأنهم لا يملكون أي ضمانات؛ بأن وزارة الدفاع الروسية ستنتقل من حيث توقفت قوات فاغنر.

ونظرًا، لأن مجموعة فاغنر قد لا تعتمد على التمويل من موسكو في العديد من الأماكن – وفقاً لمصادر الدخل المحلية، مثل درجة معينة من السيطرة على الموارد الطبيعية – فقد تتمكن الحكومات المحمية من فاغنر، أو قادة المعارضة الذين يسيطرون على أجزاء من البلدان؛ لمواصلة التعاون مع رؤساء فاغنر المحليين دون إشراك موسكو التي تشتت انتباهها عن قضايا الوطن الداخلية.

ومع ذلك، يجب ملاحظة أن أزمة فاغنر الأخيرة لا تؤثر فقط على دول الشرق الأوسط التي لها وجود فيها، ولكن جميع حكومات دول الشرق الأوسط المتعاونة مع روسيا.

فرص القوى الإقليمية.

بداية، فإن تمرد قوات الأمن التي اعتمد عليها بوتين بشدة، ليس شيئًا، يريد العديد من القادة الاستبداديين في الشرق الأوسط رؤيته يتكرر في بلدانهم. بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة لجميع حكومات الشرق الأوسط التي أصبحت تعتبر روسيا شريكًا أمنيًا فعالاً،  ويثير  تمرد فاغنر تساؤلات حول قدرة بوتين على التصرف خارج روسيا؛ لأن الأمور الداخلية هي بالضرورة محور تركيزه المباشر.

بالنسبة للبعض، بالطبع، قد يوفر هذا فرصًا، فقد تنتهز تركيا على سبيل المثال هذه الفرصة؛ لممارسة قدر أكبر من الحرية في الأماكن التي تدعم فيها روسيا وتركيا أطرافًا متعارضة (مثل سوريا وليبيا والصراع الإقليمي بين أرمينيا وأذربيجان حول كاراباخ). وقد ترى إيران في احتمال تراجع التركيز الروسي على سوريا أكثر من مجرد فرصة؛ لزيادة نشاطها في سوريا، وأنه من الضروري القيام بذلك؛ خوفًا من أن يبدأ نظام الأسد في الانهيار بطريقة أخرى، كذلك، فإن زيادة النشاط الإيراني هناك، سيزيد من مخاوف إسرائيل، بشأن النشاط الإيراني في سوريا، ويمكن أن يؤدي إلى صدام بينهما.

في أماكن أخرى، قد يؤدي تركيز بوتين على الشؤون الداخلية، والحرب في أوكرانيا إلى تسريع الاتجاه بين حكومات الشرق الأوسط – بما في ذلك تلك الموجودة في الخليج الغني بالنفط – بالنظر إلى الصين، وليس روسيا، على أنها قوة موازنة للولايات المتحدة.

ربما أكثر من أي شيء آخر، فإن تمرد فاغنر سيجبر حكومات الشرق الأوسط؛ على خفض توقعاتها حول ما يمكن لروسيا بوتين أن تقدمه لهم، وتعديل سياساتهم الخارجية وفقًا لذلك.