في نشرته اليومية “ازى الحال”، يركز “مصر 360” على أصداء الحكم الجديد بسجن الباحث الحقوقي والباحث باتريك جورج.. فقد أدانت منظمات حقوقية عدة هذا التطور الجديد، فيما تباينت ردود أفعال مشاركين في “الحوار الوطني” ما بين المطالبة بالعفو والانسحاب من فعاليات الحوار.. بينما طالبت منظمات معنية بالحقوق والحريات بوقف انتهاك الحريات في مصر.
منظمات حقوقية تدين ومشاركون في الحوار الوطني بين المطالبة بالعفو والانسحاب
حُكم على الباحث المصري باتريك زكي أمس الثلاثاء بالسجن ثلاث سنوات، وذلك على خلفية اتهامه بنشر أخبار كاذبة، وجاء الحكم غير قابل للاستئناف، مستندا على نشر باتريك مقال يناقش بعض أوجه التمييز بحق الأقباط.
قُبض على باتريك والذي عمل باحثا في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قبل ثلاث سنوات من مطار القاهرة، وهو عائد من إيطاليا حيث يدرس في إحدى جامعاتها، وقضى باتريك بعد القبض عليه نحو عامين في السجن الاحتياطي قبل أن يفرج عنه في ديسمبر 2021.
وفي تعليقه على الحكم قال حسام بهجت، مؤسس المبادرة “هذا استخفاف بالعدالة لكنه شائع جدا للأسف.. ندعو الرئيس إلى إلغاء هذا الحكم فورا، بينما قال مصدر قضائي” إن المدة التي قضاها باتريك في الحبس الاحتياطي ستحتسب ضمن مدة العقوبة.
الحوار الوطني
دفع الحكم شخصيات حقوقية إلى الانسحاب من “الحوار الوطني” الذي أطلقته الحكومة لمناقشة كل القضايا الخلافية قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية.
وأعلن المحامي نجاد البرعي في تغريدة أن “الحكم جعل وجودي في مجلس أمناء الحوار الوطني بلا جدوى، اعتذر عن الفشل” بينما دعت المحامية ماهينور المصري وهى سجينة سابقة إلى الانسحاب مما سمته “مهزلة الحوار الوطني”.
وأعلن الصحفي خالد داود “تجميد المشاركة”، وقال في تغريدة له “لا يمكن أن نزعم أننا في حالة حوار في ظل صدور مثل هذه الأحكام”.
وفي ذات السياق، اعتبر المحامي أحمد راغب، عضو هيئة حقوق الإنسان في الحوار الوطني أن الحكم الصادر بحق زكي “يثبت فشل محاولتنا للمشاركة في الحوار الوطني” مضيفاً “لذلك اعتذرت عن الاستمرار”.
وفي رسالة لمجلس أمناء الحوار الوطني قال الكاتب عبد العظيم حماد، أنه “يتضامن مع باتريك جورج، وينضم إلى المطالبين بالإفراج عنه ضمن عفو رئاسى” وأضاف حماد أنه يميل لتجميد عضويته في مجلس أمناء الحوار، أو الانسحاب الكامل منه، ولكنه وبحكم تمثيله للحركة المدنية داخل مجلس أمناء الحوار، فإنه سيواصل التشاور مع ممثلي وقيادات الحركة المدنية لاتخاذ موقف.
ورحب حماد بالتطمينات التي يقال إن لجنة العفو الرئاسي تلقتها حول قضية سجن باتريك، وإن كانت “يقصد التطمينات” قطرة في بحر ملف المسجونين، الذين نطالب بالإفراج والعفو عنهم.
مطالبات بالعفو
وأصدر منسق الحوار الوطني ضياء رشوان بياناً باسم المنتدى ناشد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإفراج الفوري عن الناشط الحقوقي باتريك جورج، مضيفا أن اتخاذ هذا القرار “سيضيف تأكيدا جديدا على حرص سيادته المستمر على توفير مزيد من عناصر المناخ الإيجابي لنجاح الحوار الوطني”.
وقال رشوان إن مجلس أمناء الحوار ناشد السيسي استخدام صلاحياته الدستورية للإفراج عن زكي على الفور.
«كتلة الحوار» تناشد الرئيس إصدار عفو
الدكتور باسل عادل رئيس “كتلة الحوار”
أعلن الدكتور باسل عادل، رئيس “كتلة الحوار”، انضمامه لنداء مجلس أمناء الحوار الوطني وبيانهم الذي ناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإصدار عفو رئاسي عن الناشط الحقوقي باتريك جورج، وناشد «عادل» رئيس الجمهورية، إصدار عفو رئاسي عن باتريك وكل مسجوني قضايا الرأي الصادر بشأنهم أحكام، كما ناشدت “كتلة الحوار” النائب العام إطلاق سراح كافة المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي.
بينما قال النائب محمد عبد العزيز، عضو لجنة العفو الرئاسي، إن هناك تطمينات وصلت إلى لجنة العفو الرئاسي بشأن الباحث باتريك جورج زكي وآخرين.
وأضاف عبد العزيز: إننا منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وانطلاق الحوار الوطني نلمس روحا إيجابية ونثق دائما في حرص السيد الرئيس على استخدام صلاحياته الدستورية للصالح العام وتوفير المناخ الديمقراطي للحوار الوطني.
مناخ الاستبداد:
انقذوا حرية الصحافة
تحتل مصر أدنى فئة في تصنيف مؤشر الحرية الأكاديمية، إلى جانب السعودية وتركيا والصين، وخلال حكم الرئيس الراحل حسني مبارك الذي استمر ثلاثة عقود (1981-2011) تم تقييد حريات المثقفين لكنها تراجعت أكثر منذ تسلم الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014.
وقامت أجهزة السلطة بحملة قمع لا هوادة فيها تستهدف شخصيات سياسة وبعض الأكاديميين والصحفيين والفنانين والمحامين والنقابيين، واعتقل المئات من الطلاب والأكاديميين منذ عام 2013 بسبب أفكارهم، وسُجن عشرات الباحثين بسبب عملهم، وفقًا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.
ونددت مبادرة “أنقذوا حرية الرأي” بالمفوضية المصرية الحكم بحبس الباحث باتريك جورج 3 سنوات، بعد محاكمته على خلفية مقال رأي عام 2019.
وطالبت بعدم التصديق على الحكم وإسقاط كافة الاتهامات الموجهة إليه، خاصة وأن تهمته الوحيدة هي “التعبير عن الرأي” من خلال مقال.
من ريجيني إلى هدهود
الطالب الإيطالي جوليو ريجيني
في عام 2016، أثارت قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عُثر على جثته مشوهة في القاهرة، القلق في الأوساط البحثية في مصر، كان الطالب الملتحق بجامعة كامبريدج، يجرى أبحاثا عن النقابات العمالية المصرية وهي قضية سياسية، حيث تحرص السلطة على قمع الحراك العمالي والسياسى.
وفي عام 2022، أثارت وفاة الاقتصادي المصري أيمن هدهود في الحجز غضبا واسعا، حيث احتجز في القسم ومستشفى الأمراض العقلية وتم إخفاء مكان حجزه حتى توفي.
ردود أفعال دولية
وأصدرت عدة منظمات حقوقية بيانا حول الحكم الصادر بحق باتريك جورج زكي، وأدان البيان الذى نشرته منظمة هيومن رايتس الحكم الصادر ضد باتريك بسبب كتاباته التي تسلط الضوء على المشقة والتمييز الذي يعانيه الأقباط.
وأشارت المنظمات إلى أن هناك العديد من الانتهاكات الإجرائية والقانونية بالقضية، وفي سبتمبر 2021، علم المحامون بخبر إحالته لمحكمة أمن الدولة طوارئ بزعم نشره إخبارًا كاذبة، على خلفية مقال نشره عام 2019 لموقع «درج» الإعلامي المستقل، بعنوان «النزوح والقتل والمضايقات: أسبوع في يوميات أقباط مصر» يناقش فيه تجربته كأقلية دينية مسيحية قبطية.
وفي 7 ديسمبر 2021، بعد 22 شهرًا خلف القضبان، أمرت المحكمة بالإفراج عنه على ذمة المحاكمة، وفرضت عليه حظر سفر. واستمرت محاكمته حتى صدور الحكم والذي أعاده إلى السجن مرة أخرى.
وطالب الموقعون على البيان وضمنهم منظمة هيومن رايتس والعفو الدولية بالإفراج فورًا دون تنفيذ العقوبة بانتظار قرار سلطة التصديق، ووفقًا لهذا البند، ينبغي قانونًا أن يبقى باتريك حرًا لحين نظر الرئيس في التصديق؛ ويعد احتجازه من جانب السلطات المصرية حاليًا انتهاكًا واضحًا لهذا التعميم.
وقال البيان: يأتي هذا الحكم في ظل انتهاك السلطات المصرية المتواصل للقوانين المحلية والالتزامات القانونية الدولية، ويرسل رسالة واضحة بأن الحكومة المصرية ليست جادة في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لحقوق الإنسان أو إدارة حوار وطني ذي جدوى.
ودعا الموقعون على البيان وبينهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عدم التصديق على الحكم الصادر بحق باتريك زكي، وإسقاط جميع التهم الموجهة ضده، وإغلاق القضايا المثارة بحقه، فضلًا عن رفع حظر السفر المفروض ضده.
وطالب البيان جميع الشركاء الدوليين والأطراف المتعددة في مصر للضغط على الحكومة المصرية لإطلاق سراح باتريك، ووضع حد للقمع الممارس ضده لمجرد ممارسته حقه المحمي قانونًا في حرية التعبير وعمله الحيوي في مجال حقوق الإنسان.