حقوقيون وسياسيون يطالبون بالعفو ويذكرون بوعود “الحورا الوطني”.

في تطور جديد لقضية باتريك جورج، أصدرت محكمة أمن الدولة طوارئ المنصورة، حكما بالسجن ثلاث سنوات ضمن القضية رقم 1086 لسنة 2021 والمتهم فيها باتريك بنشر أخبار كاذبة.

ويستند الحكم الصادر ظهر أمس الثلاثاء 18 يوليو، على مقال نشره باتريك عام 2019 في موقع درج، ويعرض خلاله بعض وقائع التمييز والعنف ضد الأقباط، لكن وبسب المقال، يواجه باتريك تهمة بث ونشر أخبار كاذبة.

وفي تعليقه على الحكم قال حسام بهجت، مؤسس المبادرة “هذا استخفاف بالعدالة لكنه شائع جدا للأسف.. ندعو الرئيس إلى إلغاء هذا الحكم فورا، بينما قال مصدر قضائي”إن المدة التي قضاها باتريك في الحبس الاحتياطي ستحتسب ضمن مدة العقوبة.

أحداث القضية

تعود أحداث القضية قبل ثلاث سنوات، حين تم احتجاز باترك من مطار القاهرة، في 7 فبراير2020، بعد عودته من إيطاليا حيث يدرس في جامعة بولينا، وخضع باتريك للاستجواب عن أسباب وجوده في الخارج، ونشاطه في مجال حقوق الإنسان.

وفي يوم 8 فبراير أمرت النيابة باحتجازه مدة 15 يوما على ذمة التحقيقات ووجهت له تهم “نشر أخبار كاذبة” و “التحريض على الاحتجاج” بعد ذلك تم تمديد فترات بقائه قيد السجن الاحتياطي لتبلغ 22 شهرا.

تضامن واسع

 

البرلمان الأوروبى
البرلمان الاوروبى

لاقت قضية باتريك اهتماما من زملائه في الجامعة بجانب عدد من نشطاء حقوق الإنسان، وطالب نحو 200 ألف مواطن إيطالي خلال عريضة بمنح باتريك الجنسية الإيطالية ودعمه حتى يحصل على حريته.

كما ووجه 26 عضوا إيطاليا في البرلمان الأوروبي رسالة إلى السفير الإيطالي بالقاهرة، جيامباولو كانتيني، يطالبونه فيها بالتعهد والمساعدة من أجل الإفراج عن باتريك.

وربما صدى القضية لم يكن متوقعا، حيث غادرت دائرة الحقوقيين وتوسعت إلى مجتمع الجامعة ومنها إلى المجتمع الإيطالي، ساهم في ذلك حملة الدعاية التي قاربت بين قضية باترك وقضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني،.

وريجينى كان باحثا مهتما بالحركة العمالية، وكانت النقابات موضوع دراسته، لكنه قتل في القاهرة عام 2016، وبعد تحقيقات واتصالات لجمع المعلومات، ووجه لادعاء الإيطالي اتهامات بتورط 4 ضباط يعملون في أجهزة الأمن المصرية بقتل ريجينى، لكن نفى مسؤولون مصريون تلك الاتهامات بشكر متكرر.

المنع من السفر

قبل أسبوع حصل باتريك على درجة الماجستير بدرجة امتياز من جامعة بولونيا بإيطاليا، ذلك بعد انعقاد لجنة المناقشة عبر جلسة “فيديو كونفرانس” نظرا لاستمرار منع باتريك من السفر

القضية ضمن سياق حقوقي

قضية باتريك واحدة من القضايا التي سجن فيها مصريين، وتكررت خلالها الاتهامات بنشر أخبار كاذبة، وتعرض بسبها مواطنون مصريون لأحكام بالسجن أو الحبس الاحتياطي، وطالت مواطنين من خارج مجتمع لسياسة والحقوقيين والباحثين.

ينسف مصير باتريك وغيره من المتهمين ضمن قضايا الرأي الآمال حول ما يروج عن مسألة حدوث انفراجة سياسية، وكذلك ما أعلن في الحوار الوطني من وعود تتصل بمناخ الحريات بشكل عام.

الحرية الأكاديمية

وتحتل مصر أدنى فئة في تصنيف مؤشر الحرية الأكاديمية، إلى جانب السعودية وتركيا والصين، وخلال حكم حسني مبارك الذي استمر ثلاثة عقود (1981-2011) قيدت حريات المثقفين، لكنها تراجعت بشكل أكبر منذ عام 2014..

وفقًا لمؤسسة حرية الفكر والتعبير، قامت أجهزة السلطة بحملة قمع استهدفت شخصيات سياسة وبعض الأكاديميين والصحافيين والفنانين والمحامين والنقابيين، واعتقل خلالها المئات منذ عام 2013 بسبب أفكارهم، وسُجن عشرات الباحثين بسبب عملهم.

من جوليو ريجيني إلى أيمن هدهود

 

جوليو ريجيني
جوليو ريجيني

جوليو ريجينيفي عام 2016، أثارت قضية الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي عُثر على جثته مشوهة في القاهرة، القلق في الأوساط البحثية في مصر، كان الطالب الملتحق بجامعة كامبريدج، يجرى أبحاثا عن النقابات العمالية، وهي قضية سياسية حساسة للغاية، حيث تحرص السلطة إلى قمع الحراك العمالي والسياسي.

وفي عام 2022، أثارت وفاة الاقتصادي المصري أيمن هدهود في الحجز غضب واسع، حيث احتجز في القسم ومستشفى الأمراض العقلية وتم إخفاء مكان حجزه حتى توفي.

 

مشاركون في الحوار الوطني يجمدون عضويتهم

 

نجاد-البرعي
نجاد البرعي

دفع الحكم شخصيات حقوقية إلى الانسحاب من “الحوار الوطني” الذي أطلقته الحكومة لمناقشة القضايا الخلافية قبل أقل من عام على الانتخابات الرئاسية، وضمنها قضية الحريات.

وقال المحامي نجاد البرعي في تغريدة أن “الحكم جعل وجودي في مجلس أمناء الحوار الوطني بلا جدوى، اعتذر عن الفشل” بينما دعت المحامية ماهينور المصري وهي سجينة سابقة إلى الانسحاب مما سمته “مهزلة الحوار الوطني”.

بينما أعلن الصحفي خالد داود “تجميد المشاركة، وقال في تغريدة له” لا يمكن أن نزعم أننا في حالة حوار في ظل صدور مثل هذه الأحكام “.

واعتبر عضو هيئة حقوق الإنسان بالحوار الوطني، المحامي أحمد راغب، أن الحكم الصادر بحق زكي “يثبت فشل محاولتنا للمشاركة في الحوار الوطني” مضيفاً “لذلك اعتذرت عن الاستمرار”.

كما أرسل الكاتب الصحفي عبد العظيم حماد برسالة إلى مجلس أمناء الحوار الوطني معلنا تضامنه مع باتريك جورج، وانضمامه إلى المطالبين بالإفراج عنه ضمن عفو رئاسي.

وقال حماد في رسالته إنه يميل لتجميد عضويته في مجلس أمناء الحوار، أو الانسحاب الكامل منه، ولكنه وبحكم تمثيله للحركة المدنية داخل مجلس أمناء الحوار، فإنه سيواصل التشاور مع ممثلي وقيادات الحركة المدنية لاتخاذ موقف، ورحب حماد بالتطمينات التي يقال إن لجنة العفو الرئاسي تلقتها حول قضية سجن باتريك.

غير أن حماد أشار إلى أن القضية تمثل قطرة في بحر ملف المسجونين، الذين نطالب بالإفراج والعفو عنهم.

أقرا أيضا:مقال صحفي عن الأقباط يقود باتريك جورج إلى محاكمة استثنائية

رشوان: نناشد السيسي باستخدام صلاحياته الدستورية

 

منسق الحوار الوطني ضياء رشوان
منسق الحوار الوطني ضياء رشوان

وأصدر منسق الحوار الوطني ضياء رشوان بياناً باسم المنتدى، ناشد خلاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإفراج الفوري عن باتريك جورج.

وأشار رشوان إلى أن اتخاذ هذا القرار سيضيف تأكيدا جديدا على حرص “السيسي” المستمر على توفير مزيد من عناصر المناخ الإيجابي لنجاح الحوار الوطني “وقال رشوان إن مجلس أمناء الحوار ناشدوا السيسي استخدام صلاحياته الدستورية للإفراج عن باترك على الفور.

وضمن ردود أفعال على الحكم، قال النائب البرلماني محمد عبد العزيز، عضو لجنة العفو الرئاسي، إن هناك تطمينات وصلت إلى اللجنة بشأن قضية باتريك جورج وآخرين.

وأضاف عبد العزيز: إننا منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي وانطلاق الحوار الوطني، نلمس روحا إيجابية ونثق دائما في حرص السيد الرئيس على استخدام صلاحياته الدستورية للصالح العام، وتوفير المناخ الديمقراطي للحوار الوطني.

“كتلة الحوار”: نطالب بإصدار عفوا رئاسيا عن كل سجناء الرأي

 

وفي سياق ناشدت «كتلة الحوار» السيسي برئاسة باسل عادل إصدار عفو رئاسي، منضمة إلى نداء مجلس أمناء الحوار الوطني وبيانهم الذي بإصدار عفو.

وناشد «عادل» رئيس الجمهورية، إصدار عفوا رئاسيا عن كل سجناء  قضايا الرأي الصادر بشأنهم أحكام، كما ناشد النائب العام إطلاق سراح كافة المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا رأي.

أقرا أيضا|محاكمة باتريك جورج إلى 6 أبريل.. ماذا عن ردود الفعل؟

مواقف حزبية

وأصدر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، اليوم الأربعاء، بيانا يطالب بالإفراج الفوري عن الباحث باتريك جورج، وجميع المحكوم عليهم في قضايا الرأي والمحبوسين احتياطيا في قضايا سياسية، مطالبا بتنفيذ تعهدات الحوار الوطني.

وأكد الحزب على ضرورة وقف حبس وإحالة الحقوقيين والسياسيين والمواطنين إلى المحاكمة على خلفية قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير .

وكذلك أعلن حزب العدل والمحافظين، وقيادات من احزاب الدستور والتحالف الشعبي بضرورة اطلاق سراح باترك جورج

ردود أفعال  حقوقية محلية ودولية

أصدرت 45 منظمة حقوقية أمس الثلاثاء بيانا حول الحكم الصادر بحق باتريك جورج زكي، وادان البيان الذي نشرته منظمة هيومن الحكم، وأشار البيان إلى وجود عدد من الانتهاكات الإجرائية والقانونية بالقضية.

وطالب الموقعين على البيان وضمنهم منظمة هيومن رايتس والعفو الدولية بالإفراج فورًا دون تنفيذ العقوبة، وقالوا ينبغي قانونًا أن يبقى باتريك حرًا لحين نظر “سلطة التصديق”؛ ويعد احتجازه من جانب السلطات المصرية حاليًا انتهاكًا واضحًا لهذا التعميم.

وقال البيان: يأتي هذا الحكم في ظل انتهاك السلطات المصرية المتواصل للقوانين المحلية والالتزامات القانونية الدولية، ويرسل رسالة واضحة بأن الحكومة المصرية ليست جادة في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لحقوق الإنسان أو إدارة حوار وطني جاد.

كما دعي الموقعين على البيان وبينهم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بإسقاط جميع التهم الموجهة ضد باتريك، وكذلك طالبوا بإغلاق القضايا المثارة بحقه، فضلًا عن رفع حظر السفر المفروض ضده.

وطالبت المنظمات الموقعة على البيان من الشركاء الدوليين والأطراف المتعددة في مصر للضغط لإطلاق سراح باتريك، ووضع حد للقمع الممارس ضده لمجرد ممارسته حقه المحمي قانونًا في حرية التعبير وعمله الحيوي في مجال حقوق الإنسان.

وفي ذات السياق نددت مبادرة “أنقذوا حرية الرأي” بحبس الباحث باتريك جورج 3 سنوات، بعد محاكمته على خلفية مقال رأي، وطالبت المفوضية المصرية بعدم التصديق على الحكم وإسقاط كافة الاتهامات الموجهة إليه، خاصة وأن تهمته الوحيدة هي “التعبير عن الرأي”.

أقرا أيضا : ورقة موقف مركز دام