تعقد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية اجتماعها الدوري خلال أيام، ومن المنتظر، وفي ظل تصاعد التضخم، وأزمة الكهرباء، أن تحدد اللجنة أسعار البنزين والسولار وفقًا لمتغيرات السوق.

أمام اللجنة خياران: أما تثبيت الأسعار، أو رفعها، وخيار ثالث، هو الأقرب للنفاذ، وهو تثبيت بعض المنتجات ورفع أسعار منتجات أخرى، وفي كل الأحوال، فإن رفع الأسعار في هذه المرة؛ سيحمل أعباء كبيرة، وهو احتمال وارد، يشير اليه خبراء

في الاجتماع السابق للجنة، 4 مايو الماضي، اتخذ قرار زيادة سعر السولار جنيها للتر، ليصبح سعر البيع 8.25 جنيهات، مع تثبيت أسعار البنزين بأنواعه عند 8.75 جنيهات لبنزين 80، و10.25 جنيهات لبنزين “92”، و11.50جنيها لبنزين”95″.

يأتي الاجتماع في ظل ارتفاع مستوى التضخم العام إلى 35.7 % خلال يونيو، وتعقد أزمة الكهرباء، والتي دفعت الحكومة إلى تخفيض الأحمال، وكذلك العودة لاستيراد المازوت من الخارج مجددًا، بعدما توقفت عن استيراده في إبريل الماضي.

مقياس تحديد الاسعار

ترتبط قرارات لجنة التسعير التلقائي بشكل غير مباشر بالتضخم، إذ تبحث ثلاثة عناصر أساسية: أولها، متوسط أسعار خام برنت لمدة ثلاثة أشهر سابقة، بجانب متوسط سعر صرف الدولار، مع ضرورة الالتزام بالحد الأقصى للزيادة، أو الخفض الذي وضعته منذ تدشينها بنسبة 10 %.

مؤشرات الثلاثة أشهر الماضية، تشير إلى تراجع أسعار النفط عالميًا بنسبة تتجاوز 5 % في المتوسط، علاوة على استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الرسمية خلال الفترة من (مايو_يوليو)، ما يميل نحو إمكانية أن يكون قرار اللجنة نحو التثبيت.

مصدر بوزارة البترول قال، إن المؤشرات كلها تميل نحو التثبيت، لكنه لم يستبعد إمكانية إرجاء اجتماع اللجنة إلى مطلع سبتمبر، في ظل أزمة الكهرباء الحالية، وعدم إلقاء المزيد من الأعباء على القطاع الصناعي، خاصة مع ارتفاع أسعار المازوت عالميًا.

المازوت والبنزين مرشحين للزيادة

يقول المصدر، إن رفع تكاليف السولار أمر مستبعد من قبل لجنة تسعير المنتجات البترولية، وكذلك البنزين، ولكن الشق القابل لإمكانية التعديل هو “المازوت”؛ للأغراض التي لا ترتبط بإنتاج الكهرباء أو الصناعات الغذائية، وربما يكون قرار الرفع بهدف تقليص استخدامه صناعيًا لفترة مؤقتة (45 يومًا) حتى ينتهي فصل الصيف.

وأعادت الحكومة إمدادات الغاز الطبيعي إلى مستواه المعتاد لمصانع الأسمدة، بعد أن خفضتها بمقدار الخمس لعدة أيام، لبعض المصانع المنتجة لليوريا؛ لتوفير المزيد من كميات الغاز لصالح أنشطة إنتاج الكهرباء.

بينما يرى الدكتور صلاح فهمي، أستاذ الاقتصاد بتجارة الأزهر، أن اللجنة ربما تتجه لرفع الأسعار بنحو 25 قرشًا على مختلف المنتجات البترولية.

ويرجع ذلك؛ لتحقيق هدف الحكومة في توفير جزء من المبالغ الموجهة؛ لشراء البنزين والسولار إلى شراء المازوت لأغراض توليد الكهرباء.

أضاف فهمي، أن الرفع سيؤثر على معدلات التضخم، لكن في الوقت ذاته سيوفر على الدولة المبالغ التي تحتاجها؛ لاستيراد المازوت البالغ 300 مليون دولار، هذا في ظل أزمة العملة الصعبة الحالية، وارتفاع أسعار المازوت.

واعتبر فهمي، أن المشروعات القومية الخاصة بالنقل مثل، المونوريل مع اكتمالها ستكون البديل الأول للمواطن، وربما تغري الكثير بترك سيارتهم الخاصة والاعتماد عليه.

الوقود.. محرك أساسي للأسعار

تلعب أسعار الوقود دورًا كبيرا في تسعير المنتجات الغذائية، بداية من تكاليف الزراعة من الحرث والحصاد والري علاوة على تكلفة النقل، تؤثر بشكل مباشر على مستويات أسعار السلع، والبضائع بكل أنواعها وبالتالي، فإن رفع الأسعار يعني التأثير بصورة مباشرة على معدل التضخم في البلاد.

ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر من 35.7 % في مايو إلى 32.7 % في يونيو، كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41.0 % مقابل 40.3 % في الفترة المقارنة ذاتها، وجاء ذلك مدفوعا بارتفاع واسع النطاق في أسعار معظم بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين.

كانت أسعار الطعام والشراب المحرك الأساسي للتضخم العام بإجمالي 64.9 %، خصوصًا البروتين الحيواني، إذ ارتفعت اللحوم والدواجن بنسبة (92.1 %) والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة (83.6 %).

أما الألبان والجبن والبيض، فارتفعت بنسبة (67.0 %)، ووصلت نسبة زيادة الزيوت والدهون إلى (31.1 %) كما ارتفعت الفاكهة بنسبة (36.5 %)، والخضراوات بنسبة (53.6 %)، والسكر والأغذية السكرية بنسبة (35.5 %) والحبوب والخبز بنسبة (58.9 %).

مخاطر التضخم

تسعى الحكومة إلى خفض معدلات التضخم خلال الربع الثالث من العام (يونيو ـ سبتمبر)؛ لمساعدة البنك المركزي في ضبط مستويات التضخم.

وأكدت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها، الخميس، أنها لن تتردد في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة؛ بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية؛ لخفض معدلات التضخم.

وتستهدف، أن ينخفض التضخم إلى7 % (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2024 و 5 % (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

صناعات تعتمد على المازوت

خلال اجتماع مايو الماضي، قررت اللجنة تثبيت سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء، والصناعات الغذائية عند 6000 جنيه للطن.

والمازوت هو زيت وقود ثقيل، ومنخفض الجودة، يستخدم في محطات التوليد والتطبيقات المماثلة، وهو بقايا تقطير أجزاء النفط؛ لاستخراج البنزين والكيروسين والسولار.

وأعلنت الحكومة أخيرا، عن استيراد مازوت بقيمة ما بين 250 و300مليون دولار من أجل؛ عبور شهر أغسطس بأقل قدر ممكن من تخفيف الأحمال، بعد 3 أشهر من وقف الاستيراد؛ اعتمادا على كفاية المنتج المحلي لاحتياجات محطات الكهرباء، والقطاع الصناعي.

يعتبر المازوت عصب صناعة الطوب الأحمر في مصر التي تعتمد عليه بنسبة 100 %، ويمثل % 40 من إجمالي التكلفة الإنتاجية لسعر الألف طوبة.

ورغم تقديم الحكومة تسهيلات من أجل؛ تحويل أصحاب المصانع إلى العمل بالغاز الطبيعي، لكنها لم تشهد إقبالاً بسبب ارتفاع تكلفة التحويل التي تصل لـ 10 ملايين جنيه.

كما تعتمد مصانع الأسمنت على المازوت بنسبة 40 % كوقود ثانوي، وحال رفع أسعار المازوت بقيمة ألف جنيه للطن، ترتفع معها تكاليف الإنتاج بنحو 100 جنيه لطن الأسمنت، بحسب تقديرات شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية.