يشكو مجمعو السيارات في السوق المحلية، حاليًا من نقص حاد في مستلزمات الإنتاج، وتعثر فتح الاعتمادات المستندية من قبل البنوك التي تسمح لهم باستيراد المزيد، ووصلت تداعيات الأزمة إلى وقف خطوط الإنتاج بنسبة 70 %، فيما هناك تحذيرات من التوقف تمامًا خلال أيام.
بينما لدى الحكومة مخططات؛ لتوطين صناعة السيارات محليا، بما في ذلك منح إعفاءات ضريبية وجمركية، كلما ارتفعت نسب المكونات المحلية في التصنيع ذلك بجانب حوافز على السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة.
لكن مع أزمة توفير اعتمادات مالية، وشح الدولار في السوق، يواجه سوق السيارات، سواء مصانع التجميع أو تداول قطع الغيار، أزمة ضخمة، ستنعكس آثارها على خطط توطين صناعة السيارات، وخفض الإنتاج وتضرر العمالة.
تعطل بعض المصانع وخفض الإنتاج
مؤخرا، توقفت مجموعة الأمل لتصنيع وتجميع السيارات التي تتولى إنتاج سيارات “بي واي دي الصينية” و”لادا” الروسية محليًا، عن إنتاج سيارة “بي واي دي” الصينية فئة الأوتوماتيك، وأعلنت المجموعة، أن محتويات مخزونها تكفي لإنتاج فئة “المانيوال” فقط ولأيام قليلة.
تعتبر سيارات “بي واي دي”، هي الأكثر حضورًا في مبادرة الحكومة؛ لإحلال السيارات المتقادمة التي مر على إنتاجها 20 عامًا، بأخرى جديدة، تعمل بالغاز الطبيعي والتي تستهدف منها تقليل نسبة التلوث، بجانب اشتراطات قانون المرور الجديد الذي يمنع ترخيص سيارات التاكسي التي مر عليها 20 عامًا.
يقول عمر سليمان، رئيس الشركة: التي تعمل بالمنطقة الصناعية بمدينة العاشر من رمضان، نعتمد على 55 % من مكونات محلية، ونستورد الباقي من الخارج، وعلى مدار الشهور الأخيرة، تجري محاولات مع البنوك؛ لفتح اعتمادات مستندية، لكن دون جدوى، ما اضطرها إلى تقليل العمل إلى أربعة أيام فقط أسبوعيًا، والعمل بـ 30 % فقط من قدرتها.
مبادرة إحلال السيارات المتقادمة المتضرر الأول
بلغ عدد طلبات الإحلال المقدمة على الموقع الإلكتروني للمبادرة منذ إطلاقها في مارس/ آذار 2021، حتى مايو/ أيار 2023 نحو 40436 طلبًا.
تم الانتهاء من تخصيص 26817 سيارة جديدة بنسبة إنجاز 66.5 %، وتوجد طلبات انتظار على جميع الشركات المشاركة، منذ شهور، لم يتم حسمها حتى الآن؛ بسبب عدم توافر السيارات أو إحجام الشركات في بعض الشهور عن تقديم عروضها للأسعار.
ما تعاني منه شركة “الأمل” ليس حالة فردية بعدة ما أكدت رابطة الصناعات المغذية للسيارات، تراجع الطاقة الإنتاجية بالمصانع بنسبة تصل إلى 70 %؛ نتيجة الصعوبات التي تواجهها، وأبرزها صعوبة تدبير العملات الأجنبية من البنوك، بغرض استيراد المواد، والأجزاء المستخدمة في عمليات التصنيع.
خطط إنتاج السيارات في مصر تحت وقع الأزمة
يقول سليمان، إن الشركة تبذل محاولات حاليا؛ لحل المشكلة من أجل العمل بدلاً من التوقف التام، خاصة أن شركة «أفتوفاز» الروسية أعلنت عن خطة؛ لاستئناف إنتاج سيارات لادا في مصر، والتي توقفت منذ الحرب الروسية الأوكرانية.
وأعلن مكسيم سوكولوف: رئيس “أفتوفاز”، خلال قمة سان بطرسبورج الأخيرة، عن عودتها للإنتاج في مصر قريبًا، بعدما صادفت مشكلات في توفير مكونات الإنتاج المستوردة من الخارج؛ بسبب الحرب، وتمكنها حاليا من إيجاد البدائل من السوقين المحلية والصينية واعدا بتحويل مصر إلى مركز لصناعة السيارات؛ لأغراض التصدير لإفريقيا.
مشكلات العمالة
تنعكس مشكلات تجميع السيارات على العمالة بشكل كبير، باعتبارها من الصناعات كثيفة العمالة، فالسيارة الواحدة تحتاج من 4 إلى 6 عمال كعمالة مباشرة لتصنيعها، سواء في الإنتاج النهائي أو الصناعات المغذية لها.
ويؤكد أصحاب المصانع، أنهم يعملون بنظام التبادل بين العمال حاليًا، بحيث يعمل كل منهم عددا معينا من أيام الأسبوع في ظل عدم عمل خطوط الإنتاج بطاقتها الكاملة.
أزمة قطع الغيار
مع أزمات إنتاج المركبات، تفاقمت مشكلة قطع الغيار بالسوق، وتزايد نسبة العجز بها إلى 40 % مع تحذير شعبة السيارات بالغرفة التجارية من تضرر حركة أسطول النقل البري.
تستورد مصر 95 % من احتياجاتها من قطع غيار السيارات بداية من الصمامات، وحتى الجوانات، و5%، يتم الاعتماد على قطع الغيار المنتجة محليًا مثل، تيل الفرامل والزيت الباكم، وسبيكة الموتور.
لجأ وكلاء عدد من العلامات التجارية إلى تخزين السيارات بالمناطق الحرة، وبيعها بشكل فردي للراغبين في الشراء بالدولار الأمريكي، مع مطالب بتكرار الأمر ذاته مع قطع غيارها في تلك المناطق التي يشترط التعامل داخلها بالعملة الأجنبية إلى جانب سداد الرسوم بالجنيه المصري للإفراج عنها.
يقول أسامة صادق، وكيل شعبة قطع غيار السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن نقص قطع الغير يتفاقم بالسوق، وانتقل من القطع غير الأساسية إلى مكونات لا بديل عنها، الأمر الذي خلق سوقا؛ لتدوير القطع المستعملة، وتقطيع السيارات الخردة واستخدامها.
يتوقع تجار السيارات استمرار نقص قطع الغيار حتى الربع الثاني من عام 2024 المقبل، فدورة الاستيراد تستغرق نحو 3 أشهر، منذ بدايتها حتى الوصول إلى التجار أو المعارض، وذلك كله مقرون بتوفير العملة الصعبة اللازمة، سواء من السوق الرسمية أو السوداء.
وحذر صادق من خطورة الاعتماد الكبير على قطع الغيار المستعملة في السوق، فبعض تلك القطع يمكنها تهديد حياة قائد المركبة، خاصة ما يتعلق بأنظمة الحركة مثل الفرامل.
توطين السيارات.. خطط طموحة تصطدم بالأزمة الدولارية
يوجد في مصر 80 مصنعا، ينتج صناعة مغذية لصناعة السيارات، وجميعها منتجات أصلية، تلك المصانع تغطى 45 % من صناعة السيارات في مصر، بينما كان خط تجميع سيارات جنرال موتورز الوحيد الذي وصل بنسبة المكون المحلي إلى 70%، باستيراد المحرك فقط من الخارج، وباقي مدخلات الإنتاج تصنع محليًا.
أعلنت الحكومة عن خطة، لتوطين صناعة السيارات، تعتمد على 4 محاور رئيسية لتحفيز الإنتاج، يشمل الأول عدد السيارات المنتجة والثاني، نسبة المكون المحلي في السيارة المنتجة، ثالثًا: حوافز للاستثمارات الضخمة والمحور الرابع، يتضمن حوافز للسيارات الكهربائية والصديقة للبيئة.
تتضمن الإستراتيجية زيادة تدريجية في نسبة الحوافز، لمن يستخدم المكونات المحلية في التصنيع، فمن يستخدمها بنسبة من 20 إلى 30 % يحصل على 30 % خصم من الضريبة الجمركية.
وحال رفع نسبة المكون المحلي من 31 إلى 40 % ،يزيد الخصم الضريبي إلى 44 %، أما من يستخدم المكون المحلي بنسبة من 41-50 %، فيحصل على 50 % خصم، وفي حالة استخدام 60 %، وأكثر من المكونات المحلية في التصنيع يرتفع الخصم إلى 80 %.
لكن العاملين في مجال السيارات حاليًا، سواء تجار أو مصنعين “تجميع” يقولون، إن الحل قصير الأجل لأزمة الإنتاج حاليًا، هي توفير الدولار للاستيراد، ذلك مع تحرك عاجل؛ لإنشاء مصانع قطع غيار محلية؛ لتوفير احتياجات السوق على المدى المتوسط.