تتسابق البنوك حاليًا، على طرح شهادات ادخارية بفائدة مرتفعة؛ لتقدم سلسلة من الإغراءات؛ لجذب العملاء على طريقة الإعلانات التجارية.

بدأت البنوك الحكومية هذا التسابق، ثم طرحت بعض البنوك شهادات بفائدة مجمعة 40 %، للثلاث سنوات ومدفوعة مقدمًا، بجانب عروض تضمنت سحب على أداء العمرة.

يطرح هذا المشهد الجديد، أسئلة عدة حول كيفية توظيف تلك الأموال بشكل استثماري، يدر العائد المرتفع الذي يحصل عليه العملاء من البنوك، وما علاقة هذه الشهادات بالأزمة الاقتصادية، واستثمار البنوك في أدوات الدين الحكومي.

مؤخرا، قرر بنك فيصل الإسلامي المصري زيادة العائد التراكمي المتغير على شهادات الادخار السباعية “نماء”؛ لتبلغ 135% عند انتهاء مدتها بعد 7 سنوات من شرائها، مع منح صاحب الشهادة 50 % من العائد المُجمع لها بعد مضي 4 سنوات.

منح البنك حق الشراء للمصريين والعرب والأجانب، دون حد أقصى، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات، كما سمح بالشراء بأسماء الغير، والقصر مع إمكانية استرداد قيمة الشهادة، وأرباحها بعد مرور عامين من تاريخ الإصدار، ذلك وفقًا لجداول الاسترداد الخاصة.

كما أعلن بنك فيصل عن فرص أداء العمرة في السحب الذي يجريه مرتين في العام على ألا يقل الرصيد عن 5000 جنيه.

40 % مقدم.. إغراء لأصحاب الملايين

البنك العربي الإفريقي الدولي، أصدر هو الآخر شهادة ادخار جديدة بالجنيه المصري، مدتها ثلاث سنوات، بعائد تراكمي 40 % يصرف مقدمًا، ولا يمكن كسر الشهادة قبل مرور 6 أشهر.

إغراء الشهادة في العائد التراكمي المقدم، فمن يحصل على مليون يمكنه الحصول على 400 ألف جنيه، في أول يوم إيداع، ما يمكنه من إعادة الاستفادة بها في شهادات جديدة من الفئة نفسها، أو إعادة وضعها في ادخار ثلاثية بعائد 19.25 % يصرف سنويا.

البنوك الحكومية بدأت المعركة

ورفع بنكا الأهلي ومصر العائد على الشهادات الثلاثية “استحقاق 3 سنوات” إلى عائد سنوي 9 %، يصرف مقدما، بما يعادله بالجنيه المصري عن الفترة كلها بواقع 27 % من قيمة الشهادة، ولا يجوز الاقتراض بضمانها، كما تسترد الشهادة في تاريخ الاستحقاق بالدولار، مع عائد سنوي 7 % يصرف ربع سنويا، ويمكن الاقتراض بضمانه.

وقبلها، أعلن البنكان عن شهادات ثلاثية بسعر عائد 19.5 %، بدورية صرف ربع سنوية بحد أدنى لشراء الشهادة ألف جنيه ومضاعفتها.

بينما، وفر البنك المصري الخليجي شهادة بمعدل العائد ثابتًا خلال السنة الأولى عند 23 % سنويًا، على أن يكون متغير في السنة الثانية والثالثة، ليساوي سعر الإيداع المعلن من البنك المركزي المصري.

كما طرح بنك التنمية الصناعية شهادة ادخار جديدة بعائد 39 %، وهي شهادة ثلاثية، ويصرف سعر الفائدة مقدما في ثاني يوم للشراء بنسبة 39 %، ويصل الحد الأدنى لإصدار الشهادة بدءًا من 50 ألف جنيه، يستحق العميل الفائدة بالكامل مقدما، دون انتظار دوريات صرف العائد.

 ما الهدف من تلك الشهادات؟

وجدت البنوك العاملة بالسوق حاليا في الفائدة المدفوعة مسبقا حلاً؛ للحفاظ على حصتها في سوق المدخرات من إغراءات البنوك الحكومية مع توجه بعض العملاء لسحب ودائعهم، وإعادة توظيفها بفائدة أعلى، لكن يبقى التساؤل عن كيفية التوظيف بعائد أعلى في ظل الركود الحالي؟.

أدوات الدين الحكومية كلمة السر

بحسب مسئول ببنك فيصل، فإن شهادة “نماء” الجديدة أجلها طويل “سبع سنوات”، ما يمنح البنوك فرصة لتمويل عمليات استثمارية طويلة الأجل تدر عوائد مرتفعة، ما يعطي ميزة لأصحابها في الحصول على معدل عائد أعلى من الأوعية الادخارية الأخرى؛ نظرا لثبات واستقرار الموارد المالية لها.

تراهن البنوك حاليا على الاستثمار بأدوات الدين الحكومية التي سجلت ارتفاعات قياسية، فطروحات وزارة المالية التي يجريها البنك المركزي ارتفعت قيمتها الأسبوعية إلى 80 مليار جنيه، وارتفع العائد في أخر الطروحات إلى 24.706 %، للأذون استحقاق 364 يومًا و24.921 % استحقاق 182 يومًا.

تستهدف وزارة المالية في العام المالي الحالي عجزا كليًا بقيمة 824.44 مليار جنيه بنسبة 6.96 % في العام المالي المقبل، انخفاضا من 8 % متوقعة خلال العام المالي الجاري، وهذا العجز سيتم سد الجانب الأكبر منه عبر الاقتراض من البنوك.

شهادات بطريقة الإعلانات التجارية

يقول أحمد العطيفي، الخبير المالي والاقتصادي، إن البنوك تصدر أوعية ادخارية بطريقة الإعلانات التجارية والتسويق، فحال حساب الفائدة، سنجد أنها قريبة من الفائدة الطبيعية.

ضرب العطيفي مثالاً بعميل اشترى شهادة بقيمة 100 ألف جنيه، وحصل على عائد مع أصل المبلغ يساوي 234750 جنيها بعد 7 سنوات، وحال توزيعها سنجد، أن الفائدة التي يحصل عليها العميل 12.96 % نهاية كل عام، ويتم إعادة استثمار أصل المبلغ مع الفائدة.

الدكتور محمد عصام، الخبير الاقتصادي، يعيد التأكيد على الفكرة ذاتها، بضرب مثال بشهادة البنك العربي الإفريقي فحال شرائها بمليون جنيه، وإعادة ربط جميع الفائدة المقدمة عليها بشهادات أخرى سيكون العائد السنوي 22 %.

يقول عصام: لو اشترينا شهادة بمليون جنيه سيكون العائد المقدم 400 ألف جنيه، وثم إعادة الشراء بالمبلغ الأخير، فسنحصل على عائد 160 ألف جنيه مقدمًا.

ثم إعادة الشراء بالمبلغ السابق (160الف) سيدر 64 ألف جنيه، ومع توظيفه نحصل على فائدة 25.6 ألف جنيه، وبتوظيفه نحصل 15.240 ألف جنيه، ومع إعادة توظيف المبلغ الأخير، نحصل على 4.96 آلاف جنيه مقدمًا، ولا يمكن إعادة التوظيف لأن الحد الأدنى 5 آلاف جنيه.

حال إعادة التوظيف المتكرر للفائدة على المليون جنيه في شهادة الـ 40 % مقدمًا، سيحصل العميل في النهاية على فائدة مجمعة بقيمة 669.8 ألف جنيه، وحال تقسيمها على 3 سنوات، يصبح العائد السنوي 223.2 ألف جنيه، بما يناهز 22 % من المبلغ الأصلي.