وافق مجلس الوزراء على إصدار وزارة المالية سندات “ساموراي” بالسوق اليابانية بقيمة 500 مليون دولار لمدة خمس سنوات، يأتى القرار قبل أيام من موعد سداد 240 مليون دولار لصندوق النقد الدولي، خلال سبتمبر الجاري، ضمن الشرائح المستحقة لاتفاقية الاستعداد الائتماني البالغ قيمتها 5 مليارات دولار.
وتواجه الحكومة جدول ديون، سيستمر لعشر سنوات مقبلة، يتضمن سداد اقساط، وخدمة الدين بما فيها من فوائد، وكلما لم تمتلك الحكومة سيولة، لسداد مستحقات قسط من الديون القديمة، تقترض مجددا لسداد “القسط”.
إضافة ديون جديدة.. ما المبررات؟
“السامواري” هي سندات دولية مقومة بالعملة اليابانية، يقوم مُصدِروها من خارج اليابان بطرحها وبيعها بالين، سبق لوزارة المالية طرحه “الساموري” لأول مرة في مارس 2022، وتم تبرير تلك الخطوة حينها بتنويع الأسواق الدولية، والعملات والمستثمرين؛ لتمويل الخزانة العامة، وإطالة متوسط عمر الدين؛ لتقليل العبء على الموازنة.
يأتي ذلك، بينما لم تُحدد “المالية” موعدًا لإصدار “سندات باندا” بالسوق الصينية بنحو 500 مليون دولار، بينما تخطط وزارة المالية لإصدارها خلال الربع الثالث من السنة المالية الحالية.
البنك الإفريقي للتنمية كضامن
“الباندا” هي سندات دولية مقومة بعملة اليوان، يقوم مُصدروها من خارجها بطرحها، وبيعها بتلك العملة الصينية، وأعلن “البنك الإفريقي للتنمية”، أخيرًا، موافقته على ضمان ائتمان جزئي بقيمة 345 مليون دولار، لطرح سندات الباندا في خطوة تسهل عملية الطرح وتعطي جاذبية لها.
وضمان الائتمان، هو التزام مُقدم من إحدى هيئات ائتمان التصدير؛ لتعويض المُقرض، إذا تخلف المقترض عن السداد، ومقابل ذلك يحصل على رسوم.
جدول سداد مزدحم في الربع الأخير من 2023
من المقرر أن تسدد الحكومة 1.6 مليار دولار، خلال الثلاثة أشهر المقبلة، بينها 240 مليون دولار لصندوق النقد الدولي، خلال سبتمبر لسداد شريحة من اتفاقية الاستعداد الائتماني البالغ قيمتها 5 مليارات دولار، والتي أبرمتها عام 2020.
كما تسدد مصر أيضًا 1.45 مليار دولار، للصندوق خلال شهري نوفمبر وديسمبر، وتتوزع المبالغ التي من المتوقع سدادها في آخر شهرين من العام الحالي بين 333 مليون دولار فوائد على حقوق السحب الخاصة المُقترضة، بجانب 217.9 مليون دولار؛ لسداد شريحة من اتفاق التسهيل المُمدد الذي أبرمته مصر عام 2016، بقيمة 12 مليار دولار، و338 مليون دولار؛ لسداد شريحة من برنامج التمويل الطارئ البالغ قيمته 2.7 ملياري دولار، والذي أبرمته أثناء جائحة كورونا. هذا بجانب شريحتين من برنامج التسهيل الممدد بقيمة 158.4 مليون دولار لكل منهما، و240.1 مليون دولار من برنامج الاستعداد الائتماني.
مديونية مصر حتى 2032
بحسب صندوق النقد، فإن مصر ستسدد خلال العام المقبل نحو 6.46 مليارات دولار، على نحو 36 شريحة، ما بين فوائد وأقساط تمويلات.
وفي 2025، تقل المبالغ واجبة السداد إلى 5.3 مليارات دولار، على أن تبلغ 2.7 ملياري دولار في 2026، و1.8 مليار دولار في 2027، فضلاً عن سداد 1.05 مليار دولار في 2028، ونحو 692 مليون دولار في 2029.
ونحو 204 ملايين دولار في 2030، و201 مليون دولار في 2031، وخلال 2032 ستسدد مصر آخر جزء، من قروض صندوق النقد الدولي بنحو 198 مليون دولار.
ارتفاع الموارد النقدية هل يلبي أعباء الاقتراض؟
بحسب مسئول بوزارة المالية، فإن إيرادات مصر من النقد الأجنبي ارتفعت؛ لتتخطى 100 مليار دولار في المتوسط بفضل تحسن السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات ودخل قناة السويس.
هذا يدفع المصدر للقول “لا توجد أي مخاوف من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، أو توفير العملة الصعبة”.
ارتفعت إيرادات مصر من القطاع السياحي بنسبة 25.7%؛ لتسجل نحو 10.3 مليارات دولار، خلال أول 9 أشهر من العام الحالي، وشهد العام المالي 2021/2022، أكبر زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 71.4% لتسجل نحو 8.9 مليارات دولار.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أخيرًا، أن العديد من المؤسسات الدولية شككت في قدرة الدولة على الالتزام بالأقساط الموجودة عليها، لكنها لم ولن تتخلف عن سداد أي التزام دولي عليها. وقال رئيس الوزراء الذي شهدت حكومته أكبر معدلات اقتراض منذ 1952، إن التزامات الحكومة بالسداد جزء من ثوابت في العقيدة المصرية.
نقترض لنسدد الديون
رفض المصدر الربط بين طرح الساموراي، واستحقاق ديون لصندوق النقد الدولي، مؤكدًا أن الوزارة تتبع نهجًا، منذ سنوات بإطالة عمر الديون من قصيرة الأجل لطويلة الأجل؛ لتجنب الضغط على الموازنة.
يضيف المصدر “تعتمد على تنويع مصادرنا، ولذلك نطرح الباندا، والساموراي والسندات الخضراء”.
أبرمت الحكومة، في يوليو الماضي قرضًا مع صندوق النقد العربي، عبر اتفاقية توفر نحو 616 مليون دولار؛ لدعم برنامج إصلاح يعزز كفاءة القطاع المالي والمصرفي المصري.
تكاليف التأمين على القروض
بعدما أعلنت الحكومة عن تطورات برنامج الطروحات الذي من المتوقع، أن يُدر حصيلة دولارية كبيرة، سجلت كلفة التأمين أدنى مستوياتها منذ 4 أشهر ماضية.
وقال الدكتور صلاح فهمي، رئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، إن الاقتراض يحل مشاكل الاقتصاد على المستوى قصير الأجل.
يشير فهمي إلى أن الحلول طويلة الأجل تعتمد في المقام الأول على التصنيع والتصدير، وهما الحل لمشكلات الاقتصاد من المنبع.
أي هدف للاقتراض؟
وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المستندة لإحصاءات البنك المركزي، ارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.361 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي.
وتمثل نسبة زيادة الديون 1.5%، أو ما يعادل 2.43 ملياري دولار، مقارنةً بالربع الأخير من عام 2022، عندما سجل الدين 162.928 مليار دولار.
فى هذا السياق، يقول فهمي، أن الاقتراض يجب أن يكون من أجل مشروعات تنموية تدر عائدًا في المقام الأول، مشيرا إلى أن التفكير يجب أن ينصب على نقل التكنولوجيا والتنمية والتصدير.
يضرب مثالا حول الاستفادة من الانضمام للبريكس عبر الإنتاج، لكن هذا لم يتم، حيث تم تصديره حكوميًا في صورة الاقتراض من بنك التنمية التابع للبريكس، الذي يمنح قروضًا مُخفضة.