تشكل الحافلات الكهربائية ” الأتوبيس الأخضر” جزءاً من مشروع البنك الدولي فى مدينة القاهرة الكبرى، والذي يستهدف مواجهة تلوث الهواء وتغير المناخ، وجعل القاهرة  مدينة أكثر خضرة وقابلة للعيش.

على مدار السنوات الماضية، اتخذت مصر إجراءات عدة لمعالجة أزمة الطرق والموصلات، ذلك عبر تدشين طرق أسرع ومواصلات أقل تلويثا للبيئة.

وفي السياق قال نيكولاس بلتيير ثيبرج، المختص في اقتصاد وسائل النقل بالبنك الدولي، أن تجربة الحافلات الكهربائية، التي تبدأ بأسطول يضم مائة حافلة إلكترونية هي خطوة أولى في التحول نحو نظام نقل عام حديث ومستدام في جميع أنحاء القاهرة الكبرى.

ويستهدف البنك الدولي من المشروع “المساعدة في تحفيز وتحديث نظام نقل جماعي يسير بالكهرباء”.

وستلعب وسائل النقل العام الكهربائية دورًا كبيرًا في الحد من التلوث، حيث تعد وسائل النقل الحالية ثاني أكبر منتج لانبعاثات الغازات الدفيئة في مصر.

ومن شأن الحافلات الإلكترونية الحديثة أن تشجع الركاب على التحول من السيارات إلى الحافلات، مما يقلل بشكل كبير من انبعاثات وسائل النقل.

وتشكل مستويات الجسيمات الدقيقة في القاهرة، أكبر خطر على الصحة، وهي أعلى بعدة مرات من المستويات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية.

2 مليون بالعاصمة يعانون أمراضا تنفسية تزيد أعباء الموازنة

 

تلوث الهواء
تلوث الهواء

ويعد تلوث الهواء إحدى أكبر مشكلات الصحة البيئية بالعاصمة، تشير الإحصائيات أن هناك مليوني شخص يقبلون على العلاج الطبي في مشكلات تتعلق بالجهاز التنفسي، وهذه الأمراض ترتبط بشكل خاص بسوء نوعية الهواء في القاهرة.

يحمل التلوث موازنة الدولة تكاليف اقتصادية باهظة، تعادل حوالي 1.4 % من الناتج المحلي الإجمالي لمصر كل عام.

إبراهيم الدجاني، مدير الممارسات بقطاع النقل في منطقة الشرق الأوسط بالبنك الدولي تحدث عن أثر النقل العام الحالي على الصحة والبيئة قائلاً: “في القاهرة الكبرى، للنقل العام تأثير كبير على الصحة العامة والظروف البيئية”.

 

22 مليون شخص يستخدمون المواصلات العامة
22 مليون شخص يستخدمون المواصلات العامة

مشيرا إلى أن حوالي 63 % من 22 مليون رحلة يقوم بها سكان القاهرة بالسيارات يوميًا تتم بواسطة وسائل النقل العام، وبينها الحافلات “الأتوبيسات” العامة في القاهرة، والتي تعمل بوقود الديزل منخفض الجودة.

ويكمل: “يمكن للحافلات الكهربائية، التي لا تطلق أي انبعاثات مباشرة في الغلاف الجوي، أن تقطع شوطا طويلا في معالجة أزمة تلوث الهواء في المدينة”.

السلامة الشخصية للنساء

وستعمل الحافلات الجديدة أيضًا على تحويل رحلات الركاب اليومية نحو ظروف أكثر إنسانية ومراعاة للصحة  من خلال خدمة متوفرة وموثوقة ومريحة. ستحتوي الحافلات على مكيف هواء، وخدمة الواي فاي-بحسب ما أعلن عنه- وإن كان هناك مستخدمون قالوا أنهم لم يلمسوا وجود خدمة الواي فاي.

وسيتم تركيب كاميرات أمنية داخل وخارج الحافلات، إلى جانب أكشاك الطوارئ. وستكون هذه التحسينات مفيدة بشكل خاص للنساء والفتيات، اللاتي غالباً ما يشرن إلى السلامة الشخصية باعتبارها مصدر قلق رئيسي عند استخدام وسائل النقل الجماعي.

تعزيز الاقتصاد

 

مشروع الأتوبيس الأخضر
مشروع الأتوبيس الأخضر

أظهرت دراسة للبنك الدولي صدرت في مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ، والذي عقد العام الماضي بشرم الشيخ، أن أسعار السيارات الكهربائية أعلى من سعر المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي، لكنها تحقق وفورات طويلة الأجل في الصيانة والوقود تعوض التكلفة الأولية المرتفعة.

إضافة إلى الفوائد البيئية والصحية المترتبة على استخدام الكهرباء بدلا من الوقود، ذلك يعزز الحالة الاقتصادية.

وبعد مرحلة تجريبية، فإن توسيع أسطول الحافلات الكهربائية في القاهرة، إلى جانب الانخفاض المتوقع في أسعار البطاريات (الكهربائية المستخدمة للتشغيل) يمكن أن يجعل هذه الحافلات اقتصادية بدرجة أكبر.

سيتطلب كهربة أسطول حافلات القاهرة تخطيطًا وتنسيقًا واسع النطاق، تتضمن الخطوات الأولى، تصميم وشراء الحافلات الإلكترونية، وتعديل مستودعات الحافلات، وتخطيط مسار تشغيل الحافلات.

وستحتاج القطاعات الحكومية المختلفة إلى العمل معًا لمعرفة كيفية تنظيم السيارات الكهربائية، وتخلق كهربة النقل روابط قوية بين قطاعي الطاقة والنقل، مما يوجد فرصا وتحديات، وسوف سيدفع المشروع فى ظهور نماذج عمل جديدة واستخدام التكنولوجيا المبتكرة .

وفقاً لتصريح سوزان ليم، خبيرة النقل بالبنك الدولي بمصر: “عندما يبدأ الاستثمار في التنقل الكهربائي، عليك أن تفكر ليس فقط في المركبات نفسها ولكن أيضًا في البنية التحتية الداعمة، مثل نظام الإمداد الكهربائي ومحطات الشحن”.

“وبينما نستعد لإطلاق الحافلات الإلكترونية في القاهرة، فمن الضروري أن يقوم قطاعا النقل والطاقة بالتنسيق بشكل وثيق للنظر في كل هذه القطع معًا وضمان التنفيذ السلس.”

ويجري حاليًا تنفيذ العديد من المبادرات الأخرى للمساعدة في تغيير النمط الذي يتنقل به سكان القاهرة. وتستثمر الحكومة بكثافة في البنية التحتية للنقل الجماعي، بما في ذلك تجديد نظام مترو الأنفاق المزدحم بالمدينة وتوسيع خط مترو القاهرة الثالث.

وهناك مشروع طموح للسكك الحديدية الخفيفة في طور التشكيل، حيث تنقل المرحلة الأولى بالفعل الركاب بين القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة.

وأدت إصلاحات دعم الوقود الأخيرة فرقا كبيرا أيضا، حيث خفضت عدد السيارات على الطريق بنسبة تقدر بنحو 14 % منذ عام 2016.

وتساهم هذه البرامج المتنوعة، التي تتناول العديد من أشكال النقل العام المختلفة، في تحقيق نفس الرؤية المتعلقة بقاهرة أقل تلوثا.

تعد القاهرة واحدة من أكثر المراكز الحضرية ازدحاما في العالم، لذا فإن التحرك نحو الحافلات الإلكترونية وغيرها من أشكال النقل الجماعي المستدام سيعطي المدينة فرصة لإعادة تجديد نفسها.

ولدى القاهرة -بحسب دراسة البنك الدولي- رؤية جريئة في ذلك، لكن من الصعب المبالغة في تقدير تأثيرها المحتمل على المناخ، وعلى الاقتصاد، وعلى حياة الناس اليومية.

تاريخ المشروع

 

البنك الدولى
البنك الدولى

خلال سبتمبر 2020 وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على المشروع الذى  يتكلف 200 مليون دولار،

وقال البنك حينها أن المشروع يستهدف مساندة جهود  الحكومة المصرية فى تقليص انبعاث ملوثات الهواء والمناخ،  وسيُركِّز على خفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري من  مركبات النقل، بينما أعلنت وزارة التعاون الدولى عن اتفاق  القرض أول أكتوبر والذي وقع بحضور ممثلي وزارة البيئة والصحة والنقل والخارجية والتنمية المحلية.

وأعلنت الحكومة ان القرض ضمن خطة حكومية تتضمن قروضا وسندات خضراء طرحتها مصر، وعرض الاتفاق على لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، ووافقت على القرض خلال يناير 2021 لكن لم تعلن تفاصيل حول الفوائد وطرق السداد .

واعلن البنك الدولى أول مارس خلال بيان له عن تقديم منحة بقيمة 9.13 ملايين دولار من صندوق البيئة العالمية لتوسيع نطاق مشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى.

وقال البنك: من شأن هذه المنحة أن تعزز المنافع البيئية للمشروع الأصلي، على المستويين المحلي والعام على حد سواء، من خلال تحسين إدارة النفايات الإلكترونية ومخلفات الرعاية الصحية.

ويساند المشروع الأصلي- الذي تمت الموافقة عليه في عام 2021- جهود الحد من  التلوث في القاهرة الكبرى، مع التركيز على خفض انبعاثات المركبات.