وسط أزمة كبيرة فى توفير النقد الأجنبي، ومع تعثر في خطط بيع بعض الأصول، وضغوط من رأس المال الخليجى، تبنت الحكومة توجهًا جديدًا؛ لحل أزمة نقص النقد الأجنبي من الدولار عن طريق بيع الأصول.

حيث طرحت بيع حصص بشركات محلية؛ لمستثمرين مصريين، بشرط  دفع الجزء الأكبر من الصفقة بالدولار،  وشملت عمليات البيع، قطاع الحديد والصلب والبترول، وفنادق سياحية. وقطاع الاتصالات، ويهدف هذا التوجه إلى سداد أقساط، وفوائد الديون وتمويل الموازنة، عبر زيادة الموارد الدولارية. ويمثل التوجه للقطاع الخاص الداخلي مسعى نحو تخفيف حدة الانتقادات بشأن عسكرة الاقتصاد، كما يحمل في طياته محاولة لاسترضاء كبار المستثمرين المصريين في الداخل والذين أبدوا قدرا من عدم الرضى من سيطرة الجيش على الاقتصاد المصري.

قبل أيام، كشفت وزارة المالية عن سداد 52 مليار دولار، أقساط وفوائد للتمويلات المستحقة عليها، خلال عامين كديون خارجية، بينما تستمر اقساط الديون، وفوائدها لمدة عشر سنوات قادمة.

ومع عملية طرح بيع الأصول لمصريين مقابل الشراء بالدولار، استحوذ رجل الأعمال أحمد عز، مؤخرا، على حصة الحكومة بشركة “العز الدخيلة للصلب- الإسكندرية” مقابل 241 مليون دولار.

سيدفع عز، 60% من الصفقة بالدولار، ونسبة 40% بالجنيه المصري، مع تقديم عرض شراء باقي حصص المساهمين الأفراد  بالشركة، مقابل 1250 جنيهًا للسهم.

كانت الحكومة قبل الصفقة، تمتلك 31.1% من شركة عز الدخيلة للصلب، وتتوزع تلك النسبة بين عدة بنوك هي: الاستثمار القومي، والأهلي المصري، ومصر”، بجانب الهيئة العامة للبترول، وشركتي مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة، وللعاملين بالقطاع الحكومي.

بينما كانت حصة أحمد عز 64.1%، والباقي “4.8%” لمستثمرين أفراد اشتروا حصصا من الشركة عبر أسهمها في البورصة.

قبلها بأيام قليلة، اشترت الشركة العربية للاستثمارات الفندقية، والسياحية “أيكون”، إحدى شركات رجل الأعمال طلعت مصطفى، حصة مؤثرة في ملكية، وحقوق الإدارة لفنادق مملوكة للشركة المصرية العامة للسياحة “إيجوث”.

وهي: سوفيتيل أولد كتراكت أسوان، ومنتجع موفينيبيك أسوان، وفندق سوفيتيل وينتر بالاس الأقصر،  وفندق شتايجنبرجر التحرير، وشتايجنبرجر سيسل الإسكندرية.

هذا إضافة إلى فندق ماريوت مينا هاوس، وماريوت القاهرة، وكازينو عمر الخيام.

حسمت مجموعة طلعت مصطفى الصفقة بنحو 700 مليون دولار، وبإتمامها ارتفعت الفنادق التي تستحوذ عليها المجموعة إلى 15 فندقًا، بما يزيد عن 5000 غرفة فندقية متضمنة المشروعات قيد الانشاء والتطوير.

كما ستساهم أيضا عملية الاستحواذ في تحقيق إيرادات مستقبلية للمجموعة بالعملة الصعبة.

ومع إتمام الصفقة، أعلنت المجموعة عن عملية تطوير، وتحديث للفنادق السبعة بغرض؛ رفع كفاءتها التشغيلية، مما يمكنها من اجتذاب نوعية أعلى من السياحة الوافدة لمصر، وبالتالي زيادة أسعار بيع الغرف بها مقارنة بمستويات الأسعار الحالية.

مستثمرون محليون يقتنصون الصفقات الحكومية

وتأهلت شركة طاقة عربية، إحدى شركات مجموعة القلعة القابضة، للمرحلة الثانية ضمن قائمة الشركات المتقدمة؛ للاستحواذ على حصة بالشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية “وطنية”.

وستنافس بذلك  “أدنوك” الإماراتية، و”إينوك” الإماراتية و”بترومين” السعودية.

ودعت الشركة التي يرأس مجلس إدارتها الدكتور أحمد هيكل “نجل الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل”،  للبدء في إجراءات الفحص النافي للجهالة لـ”وطنية” في صفقة لم يتم تقديرها رسميا، لكن مصدر حكومي مسئول قال لـ “بلومبرج”، إنها ستتراوح بين 250 و280 مليون دولار.

وأكد مسئول بوزارة التخطيط، لـ”مصر 360″، أن الدولة تستهدف تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار، وضخ الأموال، والتوسع، ولا تفرق بين المستثمر المحلي والأجنبي، وتحديد عملة البيع، سواء بالجنيه أو العملة الصعبة، مرهون بطبيعة كل صفقة.

وأضاف، أن تلك السياسة تنطبق على بيع حصة الحكومة في بنك الإسكندرية التي تبلغ 20%، وهي نسبة تستهدف مجموعة انتيسا سان باولو الإيطالية الحصول عليها، واستحوذت المجموعة على  80% من رأس مال البنك.

وكان رد الحكومة واضحا، بأن امتلاك تلك النسبة، لا يعني”أننا مجبرون للبيع لها.. وسيتم التقييم بالسعر العادل، والبيع وفق أحسن العروض”.

كانت مجموعة بنك انتيسا سان باولو الإيطالية، قد استحوذت على 80% من بنك الإسكندرية، منذ عام 2006 في صفقة، قدرت حينها بـ 1.6 مليار دولار، وأثارت جدلا حول  عملية التقييم، والأصول التي يملكها البنك الذي كان يصنف كرابع أقوى بنك حكومي بعد الأهلي، ومصر والقاهرة.

ويرى خبراء، أن التوجه الجديد للحكومة هدفه تسريع وتيرة صفقات الاستحواذ التي تأخرت بسبب؛ الخلاف بين الحكومة وبعض المؤسسات الخليجية على سعر الصرف، وتخوف المشترين من إمكانية قيام البنك المركزي بتحريك سعر الجنيه مستقبلا.

فضلاً عن رغبة الحكومة في حل أزمة العملة الصعبة التي كانت ضمن أسباب ارتفاع التضخم.

من يحكم سوق الصفقات؟

وبدأت الحكومة مفاوضات مع مستثمرين استراتيجيين؛ لبيع حصة المصرية للاتصالات في شركة فودافون مصر التي تبلغ 45%. وبنهاية سبتمبر، انتهت فترة الفحص النافي للجهالة للمؤسسات الراغبة في شراء المصرف المتحد.

وتقول حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن الأولوية بالنسبة للحكومة هي الجدية، والعرض الأفضل من ناحية السعر، وإذا توافرت تلك الشروط في المستثمر المحلي، فستكون الأفضلية له باعتبار، أن إثارة اللغط بشأن بيع الأصول، سيكون  بدرجة أقل.

ويعتبر بعض الاقتصاديين ذلك التوجه أفضل من البيع لرأس مال أجنبي، فالمستثمر المصري بالنسبة لهم أفضل حالا في قدرته على توفير الدفع بالدولار، علاوة على أن الأرباح التي تحققها الشركة لن يتم تحويلها إلى الخارج، وستظل في السوق المحلية.

وأضافت رمسيس: لـ”مصر 360″، أن الحكومة حاليًا تُخضع  الصفقات لتقييم حيادي، فإذا كان البيع في البورصة يكون بمتوسط سعر السهم في آخر ٣ شهور، أما حال البيع عبر الصندوق السيادي لمستثمرين استراتيجيين؛ فيكون بناء على تقييم للمؤسسات المالية المعروضة التي عينتها الحكومة سواء محلية أو أجنبية.

وكانت الحكومة، قد عينت بنك الاستثمار المصري سي.أي كابيتال؛ لتسويق “وطنية”، بينما تولت المجموعة المالية “هيرمس” دور المستشار المالي في صفقة الفنادق التي حصلت عليها مجموعة طلعت مصطفى.

كما تولى بنك باركليز، و”سي. آي كابيتال” لعب دور المستشار المالي؛ لإنهاء صفقة تخارج البنك المركزي من مساهمته في رأسمال المصرف المتحد المملوك له بنسبة 99.9%.