نشرت مجلة ذي إيكونوميست، مجموعة مقالات، وتحليلات حول الحرب على غزة، كان ضمنها هذا التحليل، لسلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، والذي يتناول وضع القضية الفلسطنية فى ظل الانقسام، وتراجع منظمة التحرير الفلسطنية عن تمثيل القوى السياسة.
كان الهجوم الذي قادته حماس على نطاق غير مسبوق أو متوقع، واضحاً بأنه مسبوق بتخطيط محكم، ولم يفاجئ التنفيذ إسرائيل فحسب، بل أربكها بطريقة، لم تشهدها من قبل، وربما طوال الصراع العربي الإسرائيلي.
ركزت معظم التحليلات حتى الآن، على دوافع العملية، لكن حماس كحركة سياسية، دوافعها وتطلعاتها أمر مفهوم، لكن خلف قرارها بالتصعيد، مجموعة من المظالم، أن لم يتم التعامل معها بمحمل الجد، سيؤدي ذلك إلى عواقب كارثية أكثر بكثير، مما رأيناه حتى الآن، وهذه المظالم لا تشعر بها حماس وحدها؛ إنها مظالم فلسطينية حقيقية، ومنتشرة على نطاق واسع.
هناك مصاعب، ومهانة العيش في ظل احتلال شديد التقلب والقمع، احتلال أكثر ترسيخا تحت وطأة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.
وبجانب الاستيطان فى الضفة الغربية، ارتفعت أعمال العنف من قبل المستوطنين، بجانب أعمال الإرهاب الصريح، ضد الفلسطينيين، منذ بداية هذا العام، ومرت تلك الجرائم، دون عقاب إلى حد كبير، فضلا عن خطاب الكراهية غير المسبوق من قبل المسؤولين الإسرائيليين،
ولم تخلف كل هذه الممارسات عواقب سلبية ذات معنى على إسرائيل على المستوى الدولي.
وفى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ 2007، فإن الحديث عن تحسين الظروف المعيشية بعد الجولات الخمس السابقة من التصعيد العسكري، انتهى إلى لا شيء.
وبشكل أكثر عمومية، تخلى الفلسطينيون، ليس فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل في جميع أنحاء العالم عن الوعد بإقامة الدولة التي ظنوا، أنها قد تأتي مع ما يسمى بعملية السلام قبل ثلاثة عقود من الزمن.
كما تعززت خيبة الأمل، من خلال اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها إسرائيل مع أربع دول عربية في عام 2020، وكان من شبه المؤكد، أن اتفاق التطبيع مع السعودية لن يتضمن مكوناً فلسطينياً له أي أهمية.
إضافة إلى تقويض تفاهمات الوضع الراهن في المسجد الأقصى، بما فى ذلك مخاوف الفلسطينيين من إمكانية تقسيم الأقصى، أو ما هو أسوأ من ذلك، كتعرضه للتدمير، ونظراً لحساسية هذه القضية، ليس فقط بالنسبة للفلسطينيين، ولكن بالنسبة للعرب والمسلمين في العالم، فليس من المستغرب أن تطلق حماس على عمليتها في 7 أكتوبر اسم “طوفان الأقصى”.
وكل هذا يشير، إلى أن الهدف الذي أعلنته إسرائيل الآن، وهو تدمير حماس، من غير المرجح، أن يزيل احتمالات عدم الاستقرار، والصراع في المستقبل. وباعتبار حماس حركة سياسية، بالأيديولوجية والأفكار التي تقف عليها، لا يمكن تدميرها.
وبالتالي، فإن نية إسرائيل تحويل غزة إلى “جزيرة مهجورة”، مع كل ما قد يترتب على ذلك من مضاعفة القصف، ناهيك عن العملية البرية، والتى من المرجح، أن تؤدي إلى آلاف الضحايا الآخرين، وإلى الدمار والبؤس والعنف والنزوح، هناك الاحتمال الواضح، بأن يؤدي هذا إلى مزيد من التصعيد، واندلاع صراع على مستوى المنطقة.
إذا كان هناك إجماع، بأن إسرائيل عانت من فشل استخباراتي، وأمني كبير يوم السبت الماضي، فإن منظمة التحرير الفلسطينية كانت تعاني، منذ عقود من الزمن من فشل عقائدي كبير.
إن هيئة صنع السياسات (منظمة التحرير) التي من المفترض، أن تكون مظلة لجميع الجماعات الفلسطينية، وتعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، لم تقم بإجراء أي تعديلات تقريبًا، سواء على برنامجها السياسي أو على عضويتها.
ومن الجدير بالذكر، أن مقامرة المنظمة في عام 1993، استناداً إلى الوعد الذي تضمنته اتفاقيات أوسلو بإقامة الدولة الفلسطينية، قد باءت بالفشل، ومع ذلك، لا تزال منظمة التحرير ملتزمة، وتقف على نفس البرنامج السياسي.
، والأمر الأكثر شذوذاً، هو استمرار غياب الفصائل الفلسطينية، مثل حماس، عن منظمة التحرير، حيث عارضت منذ البداية “عملية السلام”.
وبنفس القدر من الأهمية، فقد أصبح برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، يفقد شعبيته لدى الجمهور الفلسطيني، لقد حان الوقت؛ لكي يتبنى الفلسطينيون برنامجاً سياسياً جديداً.
وأن يتخذوا خطوات ملموسة؛ لإشراك الفصائل غير الأعضاء في منظمة التحرير، كما ينبغي توسيع عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة؛ لتشمل تمثيلا كاملا، وفعالا لكل القوى السياسية .
ما هي المبادئ التي ينبغي أن تقوم عليها المنصة الجديدة؟
باختصار، ينبغي لها، أن تلزم نفسها بأي من الخيارين (المتناقضين). الأول هو دولة واحدة، مع المساواة الكاملة لجميع المواطنين المنصوص عليها في الدستور، وحظر أي تمييز على أي أساس كان.
والثاني، هو حل الدولتين عن طريق التفاوض، ولكن فقط مع إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على كل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية. ولكي ينجح هذا الأمر، فإن عملية السلام لا بد، أن يسبقها اعتراف إسرائيل والمجتمع الدولي بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، وبموجب القانون الدولي، الحق فى العودة وتقرير المصير.
وفي مراحل مختلفة خلال العقد الماضي، ربما كانت حماس منفتحة للنظر في مثل هذا السيناريو (حل الدولتين) فهل لا يزال الطريق قابلاً للتطبيق للمضي قدمًا؟
إن السبيل الوحيد لمعرفة ذلك، ليس من خلال عقد آخر غير مجد لاجتماع لرؤساء الفصائل الفلسطينية، يتناول العموميات، ولا يحقق سوى القليل – كما كان الحال، عندما اجتمعوا آخر مرة قبل بضعة أشهر في مصر – بل من خلال السعي إلى تحقيق ذلك.
أي التوصل إلى اتفاق بين الفصائل، بما في ذلك حماس، على مبادئ مثل تلك المبينة أعلاه كأساس؛ لتحقيق الوحدة الوطنية.
لقد أصبح إيجاد طريقة؛ لإنهاء الانقسام والتشرذم الذي ابتلي به النظام السياسي الفلسطيني أكثر أهمية من أي وقت مضى، منذ استولت حماس على السلطة في غزة قبل ستة عشر عاماً.