أضاف تخفيض موديز للتصنيف الائتماني لمصر تبعات، تزيد أزمة الاقتصاد، يأتي ذلك في ظل عجز في التمويل، واحتياج إلى دفع فاتورة ديون مرتفعة.
تأثيرات عدة طالت قطاعات من تخفيض التصنيف الائتماني، في مقدمتها البورصة، والتي خسرت 55 مليار جنيه، خلال يومين فقط.
بينما ارتفع العائد على السندات المصرية نظرا؛ لزيادة المخاطر، علاوة على انخفاض سعر صرف الجنيه، أمام الدولار في العقود الآجلة لمستوى قياسي.
الأسبوع الماضي، خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني لمصر من “B3 إلى “Caa1″، وهو أول مراحل المضاربة العالية التي تتضمن Caa2 وCaa3 وCa وC، مرجعة ذلك لأسباب أبرزها، مخاوف من قدرة الاقتصاد على تحمل الديون فاتورة الديون.
وارتفع العائد على سندات اليورو المصرية المستحقة عام 2025، بينما بلغ متوسط العائد على أذون استحقاق 182يومًا، 25.74% وأذون الخزانة 364 يومًا، 25.99% في جلسة عطاءات الأوراق المالية الحكومية الأحد الماضي.
عجز في التمويل وضعف الاستثمارات
بحسب بنك مورجان ستانلي الأمريكي، فإن مصر لديها احتياجات تمويلية متضخمة تبلغ 24 مليار دولار في العام المالي الحالي (حتى 30 يونيو 2024)، في مقابل ذلك، لديها حصيلة ليست كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما تسبب في فقد الجنيه نحو 50% من قيمته.
إجراءات حكومية للسيطرة على نقص العملة
لتخفيف النقص في العملات الأجنبية، أوقفت البنوك المصرية استخدام بطاقات الخصم بالجنيه المصري خارج البلاد التي تقول البنوك، إنه يُساء استعمالها في استيراد منتجات؛ لأغراض تجارية بسعر الدولار الرسمي بالبنوك، وبيعها بسعر السوق السوداء.
بيع الأصول
وتستهدف الحكومة جمع نحو 1.9 مليار دولار من عائدات مبيعات الأصول في محاولة؛ لجمع العملة الأجنبية؛ لدعم الجنيه الذي يتعرض؛ لضغوط منذ أكثر من عام، ضمن خطة طموحة، رفع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65%.
بحسب وزارة الملية، فإنه تم تنفيذ صفقات؛ لتخارج الدولة بقيمة 2,5 ملياري دولار ضمن برنامج «الطروحات»، خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، ما ساعد على زيادة تدفقات النقد الأجنبي، ووفر جزءًا من التمويل الأجنبي المطلوب؛ لتغطية احتياجات الاقتصاد المصري.
تخفيض الجنية وارتفاع التضخم
يؤكد صندوق النقد والبنك الدوليان، والعديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية، أن الجنيه ما زال في حاجة؛ لمزيد من التخفيض رغم فقده أكثر من 50% من قيمته، لكن الحكومة تؤكد في المقابل، أن تلك الخطوة؛ من شأنها التأثير على مستوى معيشة الطبقات الفقيرة.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن التضخم السنوي العام بلغ 38% لشهر سبتمبر 2023، مقابل 15% للشهر ذاته من العام السابق.
جاءت هذه المعدلات؛ بسبب ارتفاع أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 73.6%، نظرا لتغير أسعار مجموعة الحبوب، والخبز بنسبة 45.8%.
بينما ارتفعت نسب مجموعة اللحوم والدواجن 92.8% والأسماك، والمأكولات البحرية 80.2%، والألبان والجبن والبيض بنسبة 70.8%، وأسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 70.9% والخضراوات بنسبة 114.6%.
أزمة السيولة والصدمات الخارجية
يقول الخبير المصرفي، محمد عبد العال، في تصريحات لـ”مصر 360″ إنه نادراً ما تُخفض وكالة تصنيف دولية التصنيف الائتماني لدولة ما مرتين، خلال أقل من عام، لكن هذا ما فعلته وكالة “موديز”، وتعرضت له بعض الدول الناشئة التي تعاني، منذ الحرب “الروسية ــ الأوكرانية”.
أضاف، أن مبررات “موديز” تروجها باقي وكالات التصنيف الائتماني الأخرى، من انخفاض حجم الاحتياطى النقدي من العملات الأجنبية، وارتفاع فجوة السيولة بالنقد الأجنبي، ما يقلل قدرة الدولة على امتصاص الصدمات الخارجية.
وأيضاً زيادة صافي مراكز الالتزامات على الدولة، ومخاوف حول قدرة الدولة على خدمة الدين الخارجى، وعدم مرونة سعر الصرف.
يوضح عبد العال، أن الحكومة تراهن على السير قدما في برنامج الإصلاح الهيكلي، وتحوله الى نموذج مستدام؛ لتوليد تدفقات رأسمالية مستدامة من العملات الأجنبية، بما يساعد على مواجهة متطلبات خدمة الدين الخارجي.
بجانب التأثير الإيجابى المتوقع؛ لاستمرار تنفيذ برنامج الطروحات، والذي يحتاج بعض الوقت.
بحسب وزارة المالية، فإن «موديز» قد ترفع التصنيف السيادي لمصر، إذا تم زيادة القدرة على جذب المزيد من التدفقات بالعملات الأجنبية للاقتصاد المصرى، باعتبار ذلك موارد إضافية.
وقال أحمد كجوك، نائب وزير المالية، أنه يمكن تحقيق تلك الموارد؛ بالإسراع ببرنامج «الطروحات»، ما يعزز قدرة الدولة على تغطية احتياجاتها التمويلية والخارجية، خلال العامين المقبلين، ويسهم في تعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
يضيف كوجك، إن ذلك سيحد من الاحتياج؛ للاقتراض الخارجى، ومن ثم خفض فاتورة خدمة الدين، ما يزيد ثقة المستثمرين، والمؤسسات حول قدرة الاقتصاد على التعامل مع المديونية الخارجية.
أكد عبد العال، أن الاقتصاد المصري يحتاج للتوازن بين أربعة أمور هي: ارتفاع تكاليف الاقتراض المحلي، وظروف التشديد في أسواق رأس المال العالمية (رفع الفائدة)، وأيضًا احتياجات الدعم الاجتماعي، وأخيراً هدف الحكومة في تحقيق فوائض في الموازنة العامة.
ارتفاع عائدات السياحة
وأوضح، أن السياسة النقدية شديدة التقييد “رفع الفائدة ” التي تستهدف؛ السيطرة على التضخم مع تجنب احتمالات ظواهر للركود الاقتصادي عن طريق دعم قطاعات الصناعة، والزراعة بأسعار فائدة مميزة؛ للقطاع العائلي تحدث توازنا بين العرض والطلب.
ويرى عبد العال، أن الاحتياطي لا يزال في الحدود الآمنة، وفقا للمقاييس العالمية، كما أنه ارتفع بشكل بسيط، خلال الثلاث عشر شهرًا الأخيرة، هذا مع استقرار نمو معظم مصادرنا التقليدية من النقد الأجنبي، وارتفاع عائدات السياحة.
قفزت إيرادات مصر من السياحة إلى 13.6 مليار دولار في العام المالي الماضي (2022-2023)، بزيادة 26.8%، حيث تشهد البلاد ازدهارا في القطاع المدر للعملة الصعبة، مع تعافي القطاع من تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية ـــ الأوكرانية.
خسائر البورصة
في أولى جلسات البورصة بعد التخفيض، تراجعت السوق بشكل عنيف؛ بضغوط مبيعات المتعاملين المصريين والأجانب، وخسر رأسمالها السوقي 31 مليار جنيه؛ ليغلق عند مستوى 1.322 تريليون جنيه يوم الأحد الماضي.
وفي اليوم التالي “الاثنين” خسر رأس المال السوقي 23 مليار جنيه، ليغلق عند مستوى 1.299 تريليون جنيه، مع شطب شركة العز الدخيلة للصلب بالإسكندرية، بعد بيع الحكومة حصتها بها لرجل الأعمال أحمد عز.
لكن المحلل المالي محمد جاب الله يرى، أن خسائر البورصة يوم الأحد ارتبطت بحالة من الهلع في السوق بعد حادث الإسكندرية الذي قتل فيه سائحان إسرائيليان، مضيفًا أنه في ظل ظروف عدم اليقين، يجب اتباع إجراءات احترازية، ومنها تخفيف “المارجن” و”الكريديت”، للحد الأدنى، والاحتفاظ فقط في الأسهم القوية ماليًا؛ لحين استباب الأمور.
يضيف، أن اتجاه البورصة لا تزال صاعدة في الأجل القصير، والمتوسط والطويل على حد سواء. متوقعًا نهاية الأداء الهابط الذي سيطر على البورصات العربية، وخصوصا البورصة المصرية. مع التوقعات بعودة هدوء الأوضاع الجيو سياسية، واستقرار السوق بعد تخفيض وكالة موديز التصنيف الائتماني لمصر في نهاية الأسبوع الماضي.