حذرت الأمم المتحدة من وضع غير إنساني، يتجه إليه قطاع غزة مع نزوح، ما يقرب من مليون شخص عن بيوتهم، وانقطاع احتياطيات الوقود في المستشفيات، مضيفة أن وضعاً “غير إنساني” قائما في فلسطين.
وأعلنت هيئات الأمم المتحدة عبر تصريحات وتقارير عن خطورة الوضع الإنساني في غزة، وكان القصف رفع من التهجير الجماعي؛ ليصل إلى 25 بالمائة من السكان يوم 11 أكتوبر، بما يزيد عن 400 ألف مهجر، اتخذ ثلثهم مدارس وكالة غوث، وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة “الأونروا” كمأوى.
وخلال يومين، ارتفع عدد المهجرين إلى ما يقارب مليونا، حسب ما أعلنت يوم الأحد (أونروا) وقالت الوكالة: “يستمر نهر من الناس في التدفق جنوباً. لا مكان آمن في القطاع”، مشيرة إلى أن “غزة بدأت الآن تنفد منها أكياس الجثث”.
وفي وقت سابق أفادت الوكالة بنزوح ما لا يقل عن 40 ألف شخص إلى مدارس أونروا، ومبانيها في غزة، قائلة: “يُحرَم كبار السن والأطفال والنساء الحوامل والأشخاص ذوي الإعاقة من كرامتهم الإنسانية الأساسية. هذا عار كامل”.
وسجلت 9 حالات موت لموظفي الأمم المتحدة، منذ بدء القصف على غزة، بينما قالت الأونروا، إنها فقدت 14 من موظفيها كانوا معلمين ومهندسين، وأطباء ومهندسين وحراس أمن وإختصاصيين نفسيين. ومعظم موظفي الأنروا الذين يبلغ عددهم 13 ألفا، أصبحوا نازحين أو خارج منازلهم.
نفاد المياه والوقود
وحذّرَت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من خطورة الوضع “اللا إنساني” غير المسبوق في غزة، ونفاد الإمدادات الأساسية، وقالت في بيان، إن المياه المتوفرة لدى المنظمة الأممية؛ لمساعدة السكان ستنفد، حيث ما زال الماء مقطوعاً، وما نحتاج إليه، هو استئناف إمدادات المياه؛ لملء الآبار، على الأقلّ في جنوب غزة ”
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في بيان على منصة إكس، إن احتياطيات الوقود في جميع مستشفيات قطاع غزة من المتوقع، أن تكفي لنحو 24 ساعة فقط، وأضاف المكتب، أن توقف المولدات الاحتياطية سيعرّض حياة آلاف المرضى للخطر.
وخلال تقرير عن الحرب صادر قبل يومين، قال مارتين جريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ: “كان أسبوعًا مروعًا. ينبغي أن تسود الإنسانية” مشيرا إلى الدمار، مضيفا أخشى، أن الأسوأ لم يحلّ بعد.
فجانب القصف والنزوح والدمار في غزة، تشهد الضفة الغربية، عنفا متصاعدا وفي لبنان، يشكل خطر امتداد دائرة النزاع مصدر قلق رئيسي.
وطالب المكتب بالسماح للمدنيين في غزة بالمغادرة إلى مناطق أكثر أمنًا، بوصول الإمدادات والخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية، دون عوائق، كما طالب الدول ذات النفوذ، أن تسعى لضمان احترام، قواعد الحرب وتجنب أي تصعيد آخر.
الأسبوع الماضي اختبار للإنسانية، والإنسانية تفشل في هذا الاختبار.
وقال جريفيث، إن شبح الموت يخيم على غزة، “ودون ماء وكهرباء وغذاء ودواء، فإن الآلاف سيموتون”.
وأضاف، خلال مؤتمر صحفي “فيما أتحدث إليكم تنفد المياه والكهرباء من غزة. إن غزة تُخنق، ويبدو أن العالم قد فقد إنسانيته”.
القطاع الصحي على وشك الانهيار
وحذرت منظمة الصحة العالمية، من أن النظام الصحي في قطاع غزة على حافة الانهيار، وأن الوقت ينفد؛ لمنع وقوع كارثة إنسانية، إذا لم يتم توصيل الوقود والإمدادات الصحية والإنسانية المنقذة للحياة بشكل عاجل إلى القطاع، خاصة مع زيادة أعداد المصابين والقتلى؛ بسبب القصف الجوي.
ويفاقم الوضع الصحي أيضا، نقص الإمدادات الطبية، بما يحد من قدرة المستشفيات- التي تعمل فوق طاقتها- على الاستجابة؛ لعلاج المرضى والجرحى.
هذا بجانب تعطل توفير الخدمات الصحية الأساسية، بما في ذلك الرعاية المرتبطة بالولادة، والأمراض غير السارية مثل، السرطان وأمراض القلب، إذ تُضطر المنشآت الصحية إلى منح الأولوية؛ للرعاية الطارئة المنقذة للحياة.
50 ألف امرأة حامل دون رعاية صحية
بجانب نقص الوقود والكهرباء وأعمال القتل، تتردى الأوضاع الصحية، ومن جانبه كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن وجود 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، لا يستطعن الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.
وأكد الصندوق، أن هؤلاء النساء “يحتجن إلى رعاية صحية وحماية عاجلة”، وحث جميع الأطراف على “التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
بينما أعلنت وزير الصحة الفلسطنية، مي كيلة، أن هناك 1400 مريض بحاجة إلى غسيل كلى، يتعذر وصولهم إلى المستشفيات بجانب افتقار مرضى السرطان إلى الحصول على العلاج، بجانب 5500 حامل، ينتظرن وضع موالديهن هذا الشهر من أصل 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة.
قصف للمستشفيات
وثّقت المنظمة وقوع 34 هجوما على الرعاية الصحية في غزة، منذ 7 أكتوبر وحتى 12 أكتوبر، بجانب مقتل 1 من العاملين الصحيين، وإصابة 16 وإلحاق أضرار بـ 19 منشأة صحية، و20 سيارة إسعاف.
وصفت المنظمة مساء السبت الإجلاء القسري لآلاف المرضى من شمال غزة، إلى مؤسسات صحية مكتظة في جنوب القطاع “بمثابة حكم إعدام”. وأكدت أن حياة العديد من المرضى المصابين بأمراض خطيرة، وحالتهم هشة، أصبحت الآن “على المحك”.
ورفضت كثيرا من المستشفيات في قطاع غزة الخضوع؛ لتهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتكررة بالإخلاء، في حين، يستمر القصف الإسرائيلي؛ باستهداف المرافق الصحية وسيارات الإسعاف والطواقم الطبية.
الاعتداء على الأطقم الطبية
وقالت الصحة الفلسطينية، إن 23 مركبة إسعاف تعرضت للقصف، منذ بدء العدوان، فيما بلغت الاعتداءات على الكوادر الصحية 76 اعتداء.
وحسب تقارير، رفض كل من المستشفى الكويتي وسط مدينة رفح، والمستشفى الأهلي، الإخلاء رغم تضرر الأخيرة من القصف، وكذلك رفض المستشفى الأردني الميداني في غزة، الإخلاء أول أمس السبت، كما تلقى مستشفى العودة إنذارا بالإخلاء.
وأدى القصف المستمر على مدار أسبوع؛ لإخلاء الكثير من مستشفيات القطاع التي تعرضت؛ للتضرر والهدم؛ جراء استهداف قوات الاحتلال للمؤسسات الصحية.
هذا في وقت، يحاصر فيه بعض السكان بين الأنقاض، وآخرون أسفلها، كضحايا، لم تستطع قوات الدفاع إنقاذهم بعد تعرض مناطق غزة إلى آلاف الضربات الجوية، والمدفعية وأطنان من المتفجرات.
وفى هذا السياق، قالت وزيرة الصحة الفلسطنية، مي كيلة، أن هناك عددا كبيرا من الضحايا، ما زالوا تحت الأنقاض، وأن الصحة الفلسطنية جهزت مستلزمات صحية وأدوية؛ من أجل إدخالها إلى قطاع غزة، إلا أن سلطات الاحتلال تمنع دخولها .
خطر الاوبئة
وحذرت وزيرة الصحة الفلسطينية من إمكانية انتشار الأوبئة والأمراض؛ نتيجة نقص المياه والاكتظاظ السكاني الكبير، مناشدة المجتمع الدولي التحرك الفوري؛ لحماية المؤسسات والكوادر الصحية، والضغط على سلطات الاحتلال من أجل إدخال الأدوية والمستلزمات الصحية.