على وقع أزمة شح الدولار، وارتفاع مصروفات المسافرين بالخارج، خلال عام مضى،  واصل البنك المركزي المصري محاصرة استخدام البطاقات الائتمانية التي تم اعتبارها، المتهم الرئيس في تسريب الدولار للخارج.

وتتعرض مصر لضغوط وأزمة فى النقد الأجنبي، نتيجة ارتفاع الديون وفاتورة الاستيراد، وهذا يجعل البطاقات الائتمانية، تمثل ضغطا على طلبات العملة الصعبة في البنوك المحلية.

وكعادة البنك المركزي، منذ تولى حسن عبد الله مسئوليته، تم إصدار تعليمات شفهية للبنوك بتقليص الحد الأعلى؛ لاستخدام “بطاقات الائتمان” في المعاملات بالعملة الأجنبية عند 250 دولارًا، مع ضرورة تقديم، ما يفيد السفر للخارج فعليًا للبنك المُصدر للبطاقات.

ثم عاد البنك، وأصدر بيانًا صحفيًا، مساء الثلاثاء، أكد فيه إساءة استخدام بعض المضاربين لتلك البطاقات؛ من خلال إجراء سحوبات نقدية من الخارج، دون السفر فعليًا.

وبناء على ذلك التصور، قرر البنك تفعيل الحد الائتماني الأقصى الممنوح للبطاقة الائتمانية؛ للاستخدام في الخارج بمجرد قيام العميل بالتواصل مع مركز خدمة العملاء بالبنك المصدر للبطاقة، وإخطاره بسفره للخارج وفق الإجراءات التنظيمية المطبقة لدى البنك.

أضاف المركزي في بيان، أنه لحين تلقي البنك المصدر إخطارًا من العميل؛ لتفعيل الحد الائتماني للبطاقة وفق ما تقدم، فسوف يكون هناك حد أقصى شهريًا؛ لاستخدام البطاقة الائتمانية وفقًا لما يقرره كل بنك.

مبلغ واحد مهما كانت البطاقات

كان البنك الأهلي أكثر تحديدًا حينما، قال إن العملاء حاملي بطاقات الائتمان الحاليين، والجدد داخل مصر وكذلك الموجودين خارجها لغير أغراض التعليم أو العلاج، والذين لم يتقدموا بالمستندات التي تدل على سفرهم، يمكنهم استخدام بطاقاتهم الائتمانية بالعملة الأجنبية وفقًا للحد الأقصى 250 دولاراً، للمشتريات أو السحب النقدي معًا، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية الأخرى.

وحدد البنك الحد الأقصى لمبلغ الحركة الواحدة في المشتريات بالعملة الأجنبية، هو الحد الائتماني للبطاقة كاملاً، بما لا يزيد على المحددات الخاصة لكل بطاقة.

أما في حال امتلاك العميل أكثر من بطاقة ائتمانية، يكون الحد الأقصى الشهري لمجموع استخداماته بالعملة الأجنبية لكل بطاقاته الائتمانية، هو الحد الأقصى الشهري لأعلى بطاقة بحوزته.

تكون عمولة الاستخدام لجميع البطاقات بالعملة الأجنبية 10%، ويتم احتساب كافة المعاملات التي يتم إجراؤها باستخدام خاصية تحويل العملة الديناميكي، ضمن محددات استخدام البطاقات بالعملة الأجنبية، وبالتالي يتم احتساب عمولة تدبير العملة على كافة تلك المعاملات.

بطاقات الخصم المباشر قاصرة على السوق المحلية

قبل أسبوع، أوقف البنك المركزي استخدام بطاقات الخصم المباشر للعملاء بالخارج، ووجه شفهيًا القطاع المصرفي على قَصر استخدامها على السوق المحلية فقط.

وفوجئ ملايين من عملاء البنوك برسائل نصية قصيرة على هواتفهم، تفيد باتخاذ البنك قرار بإيقاف المعاملات بالعملات الأجنبية عند استخدام بطاقات الخصم المباشر.

وخلق القرار ارتباكا، واستياء لدى العديد من العملاء، خاصة الذين يعتمدون على حساباتهم فى عملهم التقني، أو شراء بعض السلع من الخارج .

و تسمح بطاقات الخصم  بالمقاصة بين البنوك المحلية والأجنبية، بحيث يمكن الشراء باستخدامها خارجيًا، على أن يتولى البنك المصدر لها التسوية، وأورد الأسباب ذاتها.

وقال مسئول بالبنك المركزي لـ”مصر 360″، إن  قرارات «المركزي» جاءت، بعدما تلاحظ تزايد سوء استخدام البطاقات في أغراض تجارية كإدخال بضائع غير أساسية، وترفيهية كالذهب والهواتف المحمولة، والضغط على الدولار المتوفر في البنوك المصدرة لتلك البطاقات في عمليات التسوية.

الحد من المضاربة

البطاقات الائتمانية
البطاقات الائتمانية

وضمن حالات اعتبرتها الحكومة، تعبر عن سوء الاستخدام للبطاقات،  كشف العاملون بالجمارك بالإدارة الثالثة بمطار القاهرة الدولي عن ضبط مسافر، أثناء عودته من الخارج بحوزته سبائك ذهبية، بجانب ما يزيد على 70 كارت ائتمان، استخدمها في حدودها القصوى، لسداد ثمن بضائع، يقوم بإحضارها أو يشحنها لمصر.

وقبلها بشهور، وعبر الجمارك أيضا، تم توقيف راكب بحوزته، ما يزيد على 300 كارت ائتمان، مخبأة بين طيات ملابسه داخل الحقائب، وداخل جيوبه وعلى جسمه، يتم استخدامها للأغراض ذاتها.

ويقول المصدر الذى تحدث إلى مصر 360، إن لكل بنك الحق في تقدير السقف الأعلى لاستخدام بطاقات الائتمان لديه، وفقًا لما يتوفر لديه من العملة.

مشيرا إلى أن البطاقات الائتمانية لم يتم وقفها كبطاقات الخصم المباشر، لوجود حاجة ملحة لها من قبل بعض العملاء، لكن الهدف هو تنظيم الاستخدام، بعدما تبين جمع البعض البطاقات قبل السفر للاستفادة من الحد الأقصى.

لكن بعض البنوك مثل، “الأهلي المصري”، كررت الأمر ذاته مع بطاقات الائتمان، وقررت إيقاف استخدام البطاقات المصدرة عند بعض المتاجر من فئات معينة على سبيل المثال، حركات شحن المحافظ الإلكترونية بالعملة الأجنبية، ومتاجر المجوهرات، وذلك بهدف استمرار البنك بإتاحة الاستخدام بالعملة الأجنبية للبطاقات في باقي المعاملات، سواء المشتريات أو السحب النقدي.

عدد البطاقات وحجم المصروفات فى الخارج

البنك المركزي
البنك المركزي

ويبلغ إجمالي عدد بطاقات الائتمان الصادرة عن البنوك العاملة في مصر 5.4 ملايين بطاقة حتى يونيو الماضي.

وحسب بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي المصري، يبلغ  عدد بطاقات الخصم 24.4 مليون بطاقة، وهناك 30.3 مليون بطاقة مسبقة الدفع.

وذكرت مصادر مصرفية للشرق الأوسط،  أن مجموع مصروفات المصريين في السفر  تضاعفت خلال العام المالي الماضي 2022 – 2023، المنتهي في يونيو وقاربت على 5 مليارات دولار، مقابل 2.5 ملياري دولار قبل عامين سابقين.

وقف استنزاف العملة الصعبة

 

هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي
هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي

يقول هاني أبو الفتوح، الخبير الاقتصادي، إن قرارات البنك المركزي تستهدف وقف استنزاف العملة الصعبة، مع استخدام بطاقات الخصم المباشر؛ لإجراء عمليات شراء كثيفة لبضائع مرتفعة القيمة في الخارج أو السحب النقدي المتكرر، و استخدام بطاقات متعددة، والتي يتم التعامل عليها بسعر صرف 31 جنيهًا للدولار.

لكن أبو الفتوح يرى، حسبما أوضح لـ “مصر 360″، أن التنظيم أفضل من وقف جميع بطاقات الخصم المباشر، حتى لا يتضرر الأشخاص الذين يحتاجونها في سداد الالتزامات الخاصة عليهم، لا سيما مجال الرقمنة والتكولوجيا والدعاية والتسويق والسفر للخارج. ويقترح أبو الفتوح استخدام حلول تكنولوجية، تحول دون إساءة استخدامها في غير أغراضها الأصلية.

خاصة وأن القرار، يعطل عمل العديد من الشركات، بينها بعض شركات التكنولوجيا، والتي تعتمد على البطاقات في تجديد خدمات الدومين والاستضافة.

وكذلك تعتمد على البطاقات شركات الإعلانات التي يعتبر التسويق على مواقع التواصل الاجتماعي مثل، “فيسبوك” أحد المجالات الهامة لها.

بجانب ذلك، وبشكل أساسي، يعتمد البعض عليها في الإنفاق، خلال السفر للخارج، خاصة الذين يقومون بزيارات قصيرة، ولا يتمكنون في ظل ارتفاع الدولار بالسوق السوداء على توفيره، وفي ذات الوقت، يضع البنك حدودا على السحب، وتوفير الدولار للمسافرين للخارج.