دخل النظام الجمهوري طور الاضمحلال في السنوات العشر التي سبقت ثورة 25 يناير 2011م، ثم ازدادت معدلات الاضمحلال في السنوات العشر المظلمة 2013 – 2023م.
1 – في الاضمحلال الأول: كان الرئيس قد لبث في موقعه ثلث قرن من الزمن باستفتاءات وانتخابات تعبر عن رغبته في البقاء ولا تعبر عن إرادة الشعب في التغيير . ولما لبث الرئيس في موقعه ثلاثين عاماً ضاقت قمة الحكم حتى اقتصرت على عدد أصابع اليدين من كبار المسئولين. ولما حدث هذاوذاك تلاشت مكانة الشعب في النظام الجمهوري فظن الحكام أنهم فقط هم الموجودون، هم يحكمون إذن هم موجودون، الشعب لا حس له ولا خبر إذن هو غير موجود.
وترتب على كل ما سبق ظهور فكرة التوريث من الرئيس إلى نجله الأصغر، توريث الدولة وتوريث الشعب وتوريث الجمهورية وتوريث المليون كيلو متر مربع برها وبحرها وجوها. وهنا اضحلت تماماً فكرة الجمهورية حتى لم يعد يبقى منها غير اسمها، إذ يتربع عدد محدود جداً من أهل الحكم فوق قمة دولة انفصل فيها القاع عن القمة، وانعزلت القيادة عن القاعدة، واتسعت الفجوة بين الحكام والمحكومين بالقدر الذي يصعب ردمه أو تقريبه أو سده.
وقد عبر هذا الاضمحلال الأول عن نفسه في شكلين: أولهما التحول من نظام الاستفتاء على مرشح واحد فقط يرشحه البرلمان إلى نظام الانتخاب بين مرشحين متعددين متنافسين 2005م، وهو لم يكن غير تحول من نظام ديكتاتوري صريح مكشوف إلى نظام ديكتاتوري ملتوي يختبيء خلف قناع ديمقراطي غير حقيقي، كان استفتاءً على شخص واحد في حقيقته، لكن كان انتخابات ديمقراطية في شكله، إذ تم الاتفاق- في الغرف المغلقة- مع عدد من المعارضين وكذلك عدد من المؤيدين لتمثيل دور المرشحين المنافسين للحاكم. هذه الانتخابات الرئاسية الأولى والأخيرة قبل ثورة 25 يناير 2011م كانت مؤشراً على بدء سقوط النظام ثم على تحلل النظام الجمهوري ذاته . وثانيهما كان انتخابات البرلمان 2010م ، وقد ضاق صدر النظام بحيث تم تقليص الهامش الديمقراطي الذي كان يستوعب أطيافًا واسعة من المعارضة داخل حزام لا يتجاوز ربع عدد النواب. بعد هذه الانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية كان سقوط النظام حتماً مقضياَ.
2 – ثم جاء الاضمحلال الثاني 2013 – 2023م من خطأ في التصور وقع فيه حكام ما بعد 30 يونيو 2013م، ثم ترتب على الخطأ في التصور أخطاء في الحكم انتهت بالبلد كله إلى حائط مسدود. أما التصور الخطأ الذي ملأ أدمغة حكام ما بعد 30 يونيو فهو أن ما حدث في يناير 2011م كان نتاجاً لعدة أمور : ضعف الدولة، زيادة المعارضة، السماح للشعب بهوامش للتعبير والحركة. لم تفهم دولة 30 يونيو أن ما حدث كان بسبب العكس تماماً، كان بسبب تسلط الدولة وليس ضعفها، وهوامش الحرية التي كان يتمتع بها الشعب لم تكن منحة من الدولة وإنما كانت نتاح نضال الشعب عبر عقود من الزمن.
بدأت دولة 30 يونيو من نقطة خطا تماماً فانتهت إلى اضمحلال سريع في عشر سنوات، بدأت من نقطة ذات وجهين: الوجه الأول تقوية الدولة والمقصود به رفع مستوى تسلط الدولة إلى حدود من القسوة والشدة غير المسبوقة في القرنين الأخيرين.
أما الوجه الآخر فهو إسكات الشعب سكوتاً لا همس فيه ولا صوت معه. ثم بتسلط الدولة مع صمت الشعب تم انتاج نموذج مثالي للحكم الفردي المطلق. هذا الحكم الفردي المطلق قام على قاعدتين: الأولى، أي مواطن يزعج الحكام فمكانه السجن حتى توسعت السجون بما لم يحدث في تاريخ مصر ذي السبعة ىلاف عام. الثانية ، أي مشروع يعجب الحكام نأتي له بقروض من الداخل ومن الخارج وننشئه بأسرع ما يكون بغض النظر عن هو مشروع مدروس أو غير مدروس ، وبغض النظر عن هو أولوية للشعب أم لا وبغض النظر عن هو مربح أو غير مربح، وبغض النظر عن هل تستطيع الأجيال المقبلة سداد هذه الديون أم سوف تعجز عن أعبائها، حتى وصلت الديون وأعباؤها إلى أرقام لم تبلغها من قبل، وأكثرها إنفاق امبراطوري باذخ غير ذي صلة بأولويات الشعب. وقد اتخذ الاضمحلال الثاني عدة أشكال: 1- تشبع السعة الاستيعابية للسجون فلم تعد تستوعب المزيد ولم تعد تؤدي الغرض منها وهو إسكات الشعب ، فقد سكت الشعب ، ورغم ذلك “باظت” البلد بسبب سياسات الحكام .
2- تعثر السداد وتعثر الاستمرار وتعثر المشروعات وصعوبة المزيد من الاقتراض فخزائن الدولة على البلاطة والاستثمار الداخلي والخارجي محلك سر.
3- إعادة انتاج انتخابات الرئاسة والبرلمان بالطريقة ذاتها التي جرت في الاضمحلال الأول في السنوات العشر التي سبقت ثورة 25 يناير ، حيث الرئاسة محجوزة مسبقاً للرئيس ثم يجري الاتفاق من وراء ستار مع من يمثلون دور المنافسين وهم لا يجرؤ أحد منهم أن ينظر في عين الرئيس ولا يجرؤ أحد منهم أن يفتح فمه في حضرة الرئيس، ثم البرلمان في الاضمحلال الثاني تجري هندسته كما في الاضمحلال الأول، مع مراعاة أن الاضمحلال الأول كان يراعي بعض شكليات الاحترام .
4 – تسلط الدولة لم ينفعها وسكوت الشعب لا دوام له، فقد خرج بعض من الشعب لاستصدار توكيلات انتخابية لمرشح شاب رأى الناس فيه خروجاً عن الصمت المذعور الذي التزمته وجوه كثيرة من الطبقة السياسية المخضرمة ، ثم خرج بعض من الشعب في 20 أكتوبر 2023م يرفض تفويض الرئيس بشأن ما ينبغي عمله بصدد الحرب في غزة، وقد هتف هذا البعض” دي مظاهرة بجد ،،، مش تفويض لحد” ، كما هتفوا ” تفويض إيه يا عم ،،، فلسطين أهم”.
الاضمحلال الثاني هو إعادة انتاج الاضمحلال الأول مضروباً في مائة، الاضمحلال الأول كان يترك وراءه فرصة لمن يأتي بعده حتى يتمكن من انقاذه، الاضمحلال الثاني جعل مهمة من يأتي بعده شاقة وصعبة وعسيرة إلى حدود المستحيل، الاضمحلال الأول نتج عن تخليد الحاكم ثلث قرن، الاضمحلال الثاني نتج عن سياسات الحاكم نفسها، وهي سياسات فردية لم يؤخذ فيها رأي خاص ولا عام، لا مشورة فيها للخبراء ولا للشعب، هي سياسات من صلب الطريقة التي يفكر بها الحاكم والتي يؤمن بها ويقتنع بها إلى حد الزهو والفخر، وبعد عشر سنوات الكل يعاني من سياسات الحاكم، يعاني منها البشر والشجر والحجر، لكن الحاكم واثق فيها مستمر عليها فلا يرى فيها خطأً ولا برى فيها ما يستشعر المراجعة لها أو الرجوع عنها .
كلاهما الاضمحلال الأول والثاني مؤشران على عمق الأزمة، الأزمة ليست في الرئيس بشخصه، لكن في طبيعة النظام الجمهوري ذاتها، النظام الجمهوري كفيل بأن يصنع من الملاك الوديع اللطيف ديكتاتوراً نموذجيا بل مثالياً تُضرب به الأمثال في تاريخ الديكتاتورية.
طبيعة النظام الجمهوري منذ تأسست الجمهورية 18 يونيو 1953م تسمح للرئيس بالسيطرة على السلطة التنفيذية، ثم تسمح للسلطة التنفيذية بالسيطرة على السلطة التشريعية، ثم ينتج عن هذا وذاك أن تكون سلطة القضاء تحت الحصار. فإذا كانت السلطات الثلاث في متناول يد الحاكم الفرد بات الحديث عن الديمقراطية أو دولة القانون أو دولة الدستور مجرد لغو فارغ لا طائل من ورائه. لماذا ؟ لأن هيمنة رئيس الجمهورية على السلطات الثلاث تجعل من الدستور ورقة منسية في جيب البدلة القديمة في دولاب غرفة نوم الرئيس، يستطع الرئيس- بالذات بعد أن سحق عبدالناصر الطبقة السياسية القديمة سحقاً كاملاً – أن يشكل المجال السياسي على هواه وبما يتوافق مع تفضيلاته ويعبر عن تحيزاته واختياراته الشخصية، هكذا فعل السادات، ثم هكذا فعل مبارك، ثم هكذا فعل السيسي. في كل عهد تنطبع الدولة- بكاملها – بطباع الرئيس ما دام هو حي يرزق وجالس على الكرسي. الفرق بين أوائل العهد الجمهوري وأواخره مهم في التفرقة بين لماذا العشر سنوات التي سبقت ثورة 25 يناير اضمحلال للجمهورية؟ ولماذا السنوات العشر التي أعقبت 30 يونيو اضمحلال ثاني؟ولماذا لايقال مثل ذلك على عهدي عبد الناصر والسادات والثلثين الأولين من عهد مبارك؟.
في عهد عبد الناصر- بكل طغيانه- كان للجمهورية مشروع ورسالة والتزام، لم تكن السلطة غاية ذاتها، ولم تكن الدولة نفياً للشعب، كانت تستبعده من السياسة، لكن كانت ملتزمة به في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية، لقد أجهد البلد وأنهك قواها في حروب غير مدروسة، لكنه فتح أبواب الحراك الاجتماعي لطبقات عاشت الدهور والعصور مقفولاً عليها أبواب الأمل، ولو لم يترك عبد الناصر غير السد العالي لكان كافياً.
ثم السادات كان له مشروع مضاد، لكنه في النهاية مشروع، وقد أخذ البلد في طرق التبعية الصريحة للأمريكان، لكنه- في النهاية- حارب وانتصر وفاوض واسترد سيناء .
ثم مبارك – في المقام الأول – مقاتل حقيقي ، احترف القتال ، بما لم يحترفه سلفه السادات ومن قبله عبد الناصر، ثم هو منح البلد استقراراً افتقدته ثلاثين عاماً من الحروب، ثم هو في عشرين عاماً الأولى أعاد بناء بنية تحتية كانت نفقات الحروب تحول دون بنائها ، لكنه في الثلث الأخير من عهده بات ملكاً حقيقياً، مخلداً في سلطانه يملك ويحكم، توج نفسه بعد طول مكث في الحكم ملكاً يستريح بعد طول عناء، مكافأة نهاية خدمة، أضحت السلطة لذاتها، تخلت الدولة عن رسالتها وعن مشروعها، سقط الشعب من قعرها، وقفز أرباب المصالح إلى ذروتها، تسلل الترهل إلى كافة مؤسسات الدولة، كثير ما تعانيه مصر من مشكلات حتى يومنا هذا – خريف 2023م – له جذور في العشر سنوات الأخيرة من حكم مبارك بما في ذلك استقواء الموقف الأثيوبي بصدد مياه النيل، وبما في ذلك تخريب التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، وبما في ذلك تجاوز المعايير – أي الفساد- في تطبيق القانون.
أما دولة 30 يونيو فهي – مثل كل أحقاب الجمهورية – الرئيس يسيطر على السلطات الثلاث والدستور ورقة منسية في درج مكتبه القديم مثل كل الرؤساء، لكن دولة 30 يونيو زادت على كل من سبقها من عدة زوايا: الأولى أنها تعتبر نفسها الحل الأول والأخير لكل مشكلات مصر فلا تسمع لغير نفسها.
الثانية: أنه ثبت على وجه القطع واليقين أنها- في حد ذاتها- مشكلة وليست حلاً، بل ربما، أو بالفعل، هي أكبر مشاكل مصر في هذه اللحظة.
الثالثة: أن دولة 30 يونيو تعتبر نفسها المستقبل والأخطر أنها تصادر أي فكر للمستقبل غير فكرها.
الرابعة: التناقض الأشد في دولة 30 يونيو أنها كانت وما زالت تتصرف بثقة مطلقة على أنها نهاية التاريخ وأنها الإجابة الصحيحة على ما تطرحه اللحظة من تحديات على مصر وعلى الإقليم والعالم.
الخامسة والأخيرة: أن دولة 30 يونيو لا تدرك أنها- بالفعل- قد انتهت، انتهت قدرتها على إقناع المصريين أن مستقبلهم مضمون معها وتحت حكمها.
مستقبل المصريين غير مضمون مع دولة 30 يونيو أو ما يسمى الجمهورية الجديدة، مثلما كانت وجهة القافلة الوطنية غير مأمونة في السنوات العشر قبل 25 يناير 2011م، فلم يثبت شيء خلال السنوات العشر 2013- 2023م يدعو المصريين للاطمئنان على حاضرهم أو مستقبلهم معها، وهذا يعيد طرح مستقبل النظام الجمهوري ذاته.
يزداد التساؤل عن مستقبل النظام الجمهوري أهميةً مع ملاحظة أن: الاضمحلال الثاني لا يشمل اضمحلال الحكم فقط، لا يشمل اضمحلال دولة 30 يونيو أو الجمهورية الجديدة فقط، لكنه اضمحلال شامل حيث: اضمحلال المعارضة القديمة التي يمثلها حزب عريق تأسس في أتون ثورة 1919م، وأحزاب تأسست بعد عودة الحياة الحزبية في عهد السادات، وأحزاب تأسست في زخم وعبق ثورة 25 يناير 2011م ، كل ذلك اضمحل، ولم يعد له صوت يسمعه الشعب، منعزل عن الشعب مثلما السلطة منعزلة عن الشعب، أضف إلى ذلك اضمحلال كافة الأصوات الحرة في النقابات والجامعات والصحافة والإعلام والمجتمع المدني.
لا يشذ عن ذلك الاضمحلال الشامل غير بوادر الشباب الذين يرفضون مصادرة المستقبل والذين يتشبثون بالأمل تحت ضباب كثيف تنعدم فيه الرؤية للمستقبل ولو لعدة خطوات، هذا الشباب رؤي أمام مكاتب الشهر العقاري، كما سُمع صوته في 20 أكتوبر 2023م يرفض تفويض رئيس الجمهورية.
1 – في الاضمحلال الذي سبق ثورة 25 يناير 2011م كان رئيس الجمهورية مكث في السطة منفرداً دون منافس ولا منازع ثلاثين عاماً، أي ما يساوي عهدي عبد الناصر والسادات معاً، أو ما يساوي نصف العهد الجمهوري إلى ذاك الوقت، وهو الثاني في طول المكث بعد محمد علي باشا.
2 – وفي الاضمحلال الثاني الذي رافق مسيرة دولة 30 يونيو جاء رئيس الجمهورية للرئاسة من خارج المجتمع السياسي، من خارج الطبقة السياسية، بغير خبرة سابقة في العمل السياسي أو الحكم المدني. مبارك عمل نائباً لرئيس الجمهورية عدة سنوات، تم تكليفه خلالها لا لكثير من المهمات والملفات.
السادات عمل نائب رئيس جمهورية مع عبد الناصر، كذلك ترأس مجلس الأمة (البرلمان)، وقبل ذلك ترشح وانتُخب عن دائرة تلا منوفيه ثلاث مرات.
السيسي يشبه عبدالناصر ويختلف عنه، يشبه عبدالناصر في أن كلا الرئيسين جاء للرئاسة من الجيش مباشرةً، مع فارق أن عبد الناصر قبل أن يصبح رئيساً في 1956م كان قد زاول العمل السياسي بكثافة أربع سنوات عمل فيها وزيراً للداخلية ونئب رئيس وزراء ورئيس وزراء، بينما كانت خبرة السيسي وزيراً للدفاع مع الرئيس مرسي ثم مع الرئيس المؤقت عدلي منصور. أما وجه الاختلاف بين عبد الناصر والسيسي أن عبد الناصر كان يرى الدولة وسيلة لغاية هي الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، أما السيسي فالدولة عنده هي الغاية وكل شئ غيرها وسيلة تؤدي إليها ، بناء الدولة عنده هي الأولوية الأولى والأخيرة حتى لو أدى ذلك بالشعب أن يجوع فلا يأكل وأن يعطش فلا يشرب، قال الرئيس في 2018م كلمته الشهيرة: ” نأكل من جوعنا، ونشرب من عطشنا، ونصبر على صبرنا “، وقال في 2023م ” أوعو يا مصريين تقولوا ناكل ونشرب وبلاش بناء الدولة”.
3 – لأجل تفادي الاضمحلال الأول كان الرومان هو أول من حدد – بحسم وحزم- مدة بقاء الحاكم في موقعه، ولأجل تفادي الاضمحلال الثاني كان الرومان- كذلك- يشترطون على رأس الدولة أن يكون قد خدم قبل ذلك في التدرج الوظيفي للدولة. ولأجل تفادي الاضمحلال عموماً كانوا يصرون على أن يكون مجلس الشيوخ- وليس الجيش- هو من يختار الحاكم .
لهذا رفضوا ثلاث أفكار: فكرة التخليد في السلطة لفترات زمنية طويلة، ثم فكرة القفز على السلطة من خارج الطبقة السياسية، ثم فكرة أن يكون الجيش هو مرجعية السلطة وصاحب القرار في حسم اختيار من يحكم .
السؤال: كيف يمكن إعادة النظر في مسار النظام الجمهوري؟
الجواب: يلزم أن نتوافق أولاً على ماذا نعني بالجمهورية؟ ما هي قيم النظام الجمهوري؟ مالذي يدعونا للتمسك به؟ لماذا يلزم إصلاحه أو إعادة بنائه؟
بروتس الأول الذي قاد ثورة على النظام الملكي الروماني عند رأس المائة الخامسة للميلاد، كان ابن شقيق الملك، وكان شاهد عدل على مظالم الملك، ولما نجحت ثورته كان أول قنصل في النظام الجمهوري، أي أول رئيس، ثم تصادف أن قامت ثورة مضادة تستهدف استعادة النظام الملكي وإسقاط النظام الجمهوري، ثم لما تم إخماد هذه الثورة المضادة بدأت محاكمة المتورطين فيها، ثم اكتشفوا أن اثنين من أبنائه ضمن المتورطين في الثورة المضادة، وقد أصدر مجلش الشيوخ قراراً يسمح لرئيس الجمهورية بالعفو عن نجليه الاثنين، لكنه رفض ، وأصر على محاكمتهما مثل غيرهما، وصدر قرار بإعدامهما، وتم تنفيذ حكم الإعدام فيهما، وتم حمل الجثمانين إليه في بيته، استلمهما وهو يقول: “هذه هي قيم النظام الجمهوري أو هذه هي أخلاق الجمهورية”.
ماذا تعني الجمهورية؟
هذا هو مقال الأربعاء المقبل بمشيئة الله تعالى.